اجتماع مغلق سيقام بيني وبينه بعد ثوان من الآن، إنني جالسة في مكتبه متقوقعة على نفسي كالطفل الذي ضبط بالجرم المشهود على أكله الحلوى الممنوعة. وها هو يتحدث مع لين عند باب المكتب لتجهيز حصة إشغال احتياطية في حال طال اجتماعه بي.
أغلق الباب على كلينا فشعرت بنفسي أنكمش أكثر، ثم فاجأني بجلوسه إلى جانبي، توقعت أن يقف فوقي كالجلاد ويرمقني بنظراته النارية، أو أن يجلس على مكتبه بوجهه البارد الخالي من أي تعبير، لكنه عوضا عن ذلك اختار أن يكون قربي وعلى محياه ذلك الانزعاج المخلوط بالقلق. وأخيرا بادر بالحديث قائلا:
"ما الشيء المهم الذي كان يحدثك به دان حتى ترك أشغاله لأجله؟"
- "اسـ... اسأله أنت.. لست من الأشخاص الذين ينقلون الكلام"
- "هكذا إذن؟ يعني لن تعترفي إن كان قد باح بإعجابه بك سأفصله من العمل الآن!"
همّ واقفا فأسرعت بالتمسك بطرف كمه، ورجوته أن يجلس ويطرد هذه الفكرة الغبية من رأسه، وأكدت له أن مشاعره التي تسيطر عليه ليست لي بل لهند.
أتعجب من هذا الرجل، ألم ير بعينيه إصرار دان على الزواج بهند؟ كيف يشك بشيء سخيف كإعجابه بي؟ إلى متى ستبقى هذه الاحتمالات الغبية تحوم في رأسه؟
بعدما أقنعته بالجلوس عاتبته أخيرا بقولي:
"كيف تظن السوء بصديقك؟ وتصدق أنه قد يخونك يوما؟"
أجابني وهو ينظر في الفراغ:
"أنا لا أثق بأحد"
هل هذا يعني أنه لا يثق بي أيضا؟ لا أستطيع تصديق ما يهذر به! من لا يثق بمن؟ وهكذا وجدت لساني يجيبه دون تدبر كاف مني:
"أنا التي لا أثق بك!"
وجه نظره إلى متعجبا، لكنني جاهدت على تصنع القوة والحفاظ على ملامح ثابتة وأضفت:
"لماذا سجلت ألما عندي؟"
- "عدنا لموضوع ألما؟"
- "ومنذ متى انتهينا منه أساسا؟ ألم تخاصمني لأجلها خمسة أيام؟"
- "أنا لم أخاصمك بل تركت لك الخطوة القادمة لأرى ما ستفعلينه، وللأسف خاب ظني هنت عليك؟!"
إنه يحاول قلب الطاولة علي! لا تسمحي له، قاتلي حتى آخر رمق. علي أن أكون شجاعة وقوية أمامه حتى لا أسمح له بالتهامي، لكن من أخدع؟! معادلتنا هنا كالأسد والقط، هو الأقوى كونه ملك الغابة، لكن ذلك لا يعني ألا أدافع عن نفسي بشراسة!
نهضت واقفة ورفعت نبرتي وأنا أرمي اتهاماتي فهذه جولتي وعلي أن أرشقه برصاصات شكوكي التي تعبث في ذهني منذ أيام، إذا لم أبح بها فستنفجر في داخلي وسأهزم نفسي بنفسي.
أنت تقرأ
بدأت برسالة
Romanceوصلت باب المكتب وهممت بقرعه لألج داخل عرينه، وربما أستطيع وصفه بهذا التشبيه؛ حينما أفتح الباب فكأنني على وشك أن ألمح شاطئ البحر ساعة الشروق، بصفحات مائه اللامعة، قطرات الماء تتلألأ وهي تعانق وجه الشمس التي تسطع من خلف مسافات ممتدة من ذاك البحر الواس...