- صباح الخير كيف أصبحت اليوم؟ أردت الاطمئنان عليك.
أمسكت بهاتفي لألقي نظرة على رسالته التي عطر بها صباحي المغبر من مشاكل والديّ، كنت في غرفتي الصفية أقوم بتصحيح المهام الكتابية لطلبتي وقد قررت المجيء مبكرة إلى المدرسة لأهرب من سموم البيت الكئيبة.
ابتسمت بدفء لاهتمامه بحالي رغم عدم معرفته هويتي، وأجبته:
- شكرا لك بفضلك قد أصبحت بحال أفضل، كيف حالك أنت؟ ما الجديد لديك؟
- لا شيء مميز عدا عن اشتراك فريق مدرستي في مباراة لكرة القدم اليوم، تمني لنا الخير فقد أخلصت في تدريبهم.
أنا أدرى الناس بصحة كلامه، كان الأسبوع الماضي من أتعس الأيام التي تمر على فريق كرة القدم، وكنا نتأخر في المدرسة ونحن نشاهد تدريب السيد سديم للفريق، على الأقل وجدت تسلية أقوم بها بدل العيش وسط الأعاصير الهائجة في البيت.
كان السيد سديم شديدا كثيرا بالنسبة للتدريب، وكان يكثف عليهم التمارين الرياضية من جري وتسديد وتمارين الضغط وغيرها، ولم يكن يقبل بأخذ استراحات، حتى أننا كنا نتساءل كيف لا يشعر هو بالإرهاق؟ قوة تحمله ومثابرته شكلت لنا لغزا مثيرا، أصرت ماريا على أنه عاش حياة شاقة في السابق صنعت منه هذا المعدن، بينما نعتته هند بالغني المتعجرف الذي يصله كأس الماء وهو في سريره وكل ما يفعله أنه يرتاد النوادي الرياضية لمجرد التظاهر بالقوة من أجل أن يلفت الأنظار.
أما أنا فكنت أحاول جاهدة ألا أمتع بصري به، وخصوصا عند ارتدائه ملابس رياضية سوداء تلتف حول جسده برشاقة، وأركز على تدريب الفريق أكثر حتى أبعد الشكوك عن ذهن لين التي كانت تجلس بالقرب منا، وبينما كانت هند تنشغل بالتشاجر مع ماريا كنت أشعر بها تراقبني بحذر.
وكما توقعنا فقد خفف عنا السيد سديم رقابته الشديدة وانشغل بالفريق عنا، سمحنا للراحة أن تقيم في قلوبنا ولو لفترة محددة، لم نكن ننوي أن نقصر مع الطلبة في تعليمهم لكن أن تعمل في جو من الراحة والطمأنينة يختلف عن تصيد الأخطاء، لأننا بشر والخطأ يحدث، لا يمكن ليوم دراسي مليء بالدروس وغرفة مليئة ببيئات متنوعة أن يعيش أفرادها في جو من المثالية، سيتواجد الخلاف وستقع المشاكل وستحدث الفوضى فهذا طبيعي وخصوصا بالنسبة للمراحل الدنيا.
لكن بالنسبة لرجل، لم يتولى مهنة التعليم والتعامل مع الأطفال بالأخص، معتاد على أن تجري أموره على وفق مزاجه وكأن الدنيا مسطرة بخط مستقيم لا انثناء فيه فهو يظن أن البيئة الصفية المثالية هي التي يسودها جو الهدوء منذ بداية الدوام وحتى نهايته وأي خطأ أو تقصير فالملام الأول والوحيد هو المعلم.
عودة للحاضر، اليوم هو اليوم المنتظر لمباراة كرة القدم، وستعقد المباراة في ملعب المدرسة المنافسة، لذا تجهز المدير مع طلبة المرحلة الثانوية المشاركين في المباراة للانطلاق منذ الصباح الباكر. وكرد على رسالته أجبته:
أنت تقرأ
بدأت برسالة
Romanceوصلت باب المكتب وهممت بقرعه لألج داخل عرينه، وربما أستطيع وصفه بهذا التشبيه؛ حينما أفتح الباب فكأنني على وشك أن ألمح شاطئ البحر ساعة الشروق، بصفحات مائه اللامعة، قطرات الماء تتلألأ وهي تعانق وجه الشمس التي تسطع من خلف مسافات ممتدة من ذاك البحر الواس...