لكم الآن الحرية في تخيل ما حل في داخل قلبي وتلك الشقلبات الجنونية في معدتي، ويدي اللتين فقدت القدرة على ضبط ارتعاشهما، ملامحي الضائعة، نظراتي البلهاء بينما لا أجد ردا ولا أملك تصورا لأي فعل أقوم به.
لقد أحرجني وفاجأني من حيث لم أحتسب، طغى علي الخجل في النهاية حتى دفنت رأسي بين كفي لأخفي وجهي ثانية عنه.
- "آيلا! ليس كأنك جاهلة بطبيعة إحساسي نحوك!"
أجبته بصوت ضعيف محرج:
"أعلم! لكن أن تكتبها لضوء القمر وتلمح بها بأفعالك شيء، وأن ترميها أمامي هكذا وأنت مقابلي جسدا وكيانا شيء آخر! أرجوك أعطني دقيقة لأتأقلم"
- "حسنا كما تشائين، تسعة وخمسون، ثمانية وخمسون، سبعة وخمسون..."
- "كفى رجاء! أنت تزيد الطين بلة!"
وضعت في موقف محرج لم أتخيل يوما أنني سأتعامل معه، أعرف أنه يحبني لكن سماع ذلك من فمه مباشرة قد أشعل نيرانا في دماغي، أشعر أنني أغلي، وليس ذلك من آثار المرض، فالإحساس الآن مختلف!
- "هل أطلب من لين أن تحضر لي دلو ماء لكي تغسلي وجهك؟"
وجهت له نظرة معاتبة من بين أصابعي فلمحت استمتاعا يتربع محياه، لقد جعلت من نفسي أضحوكة له، مسحت على وجهي ثم ربتّ على خدودي بصفعات صغيرة وعدلت جلستي، حاولت أن أطبع ملامح جدية على وجهي ووجهت له أنظاري وقلت:
"حسنا... ابدأ"
كان يتأملني مستمتعا بمشاهدتي، ثم خانته ابتسامة مشرقة. زم شفتيه محاولا إخفاءها ثم رفع ظهره المنحني وهم بالحديث:
"كنت شابا يافعا، تخرجت للتو من الجامعة بشهادة دراسات عليا، هدفي كان واضحا أمامي، لم أسمح لشيء أن يعرقل مخططاتي، كان يجب أن أصبح مديرا لإحدى شركات الإعلانات في أوروبا، لذا درست بجد وابتعدت عن صحبة السوء والهمل، ولكي أحافظ على تقدمي ابتعدت عن النساء، فهن أكبر الملهيات على الإطلاق"
هل أعتبر هذه الجملة إهانة؟ لا يهم دعيه يكمل، لا تقاطعيه!
- "لكن تعرفين عادات المجتمع العربي السخيفة، إن لم تتزوج في سن مبكرة فأنت تخالف كل عرف، وخصوصا إن كنت تملك المال، فإما أنك تعاني من مشكلة أو أن بك خطبا! لذا سعت أمي جاهدة لتزويجي فكان ذلك يثير حنقي، في النهاية أجبرت بضغط من الجميع على القبول بالزواج من إحدى بنات صديقات أمي، كانت فتاة فاتنة من عائلة فاحشة الثراء، بل أنهم كانوا أشد ثراء من والديّ، بالنسبة لأي رجل كانت حلما أما أنا فلم أرى فيها شيئا يتعدى قشرة الجمال التي سحرت بها الأعين، لم تكن كما أريد أبدا"
قاطعته على الفور:
"لماذا لم يعجبك جمالها؟ الكل يرخص أمام الجمال"
أنت تقرأ
بدأت برسالة
Romanceوصلت باب المكتب وهممت بقرعه لألج داخل عرينه، وربما أستطيع وصفه بهذا التشبيه؛ حينما أفتح الباب فكأنني على وشك أن ألمح شاطئ البحر ساعة الشروق، بصفحات مائه اللامعة، قطرات الماء تتلألأ وهي تعانق وجه الشمس التي تسطع من خلف مسافات ممتدة من ذاك البحر الواس...