يا له من صباح روتيني ممل! ها أنا أتحضر أمام مرآتي للذهاب إلى المدرسة.
عدنا إلى الدوام من جديد، وقد انتهت العطلة الشتوية، مر علينا أربعة أيام وحتى الآن ما زلت أحاول التأقلم مع فكرة الاستيقاظ مبكرة، فلقد اعتدت السهر في العطلة، عادة سيئة علي التخلص منها!
حصل الكثير منذ ذاك اليوم وحتى الآن، دعوني ألخص لكم مجريات الأحداث، فبعد تلك المصائب المريرة التي مررت بها وحادثة ضياع ألما عدنا إلى بيوتنا كأن شيئا لم يحصل.
لم يتقدم سديم بأي شكوى ضد غزل واكتفى بتهديدها بأن يضر سمعة والديها إن أقحمت نفسها ثانية بأي شيء يخصه، وأعلم أهلها بما فعلت تاركا لهم طريقة التعامل مع الموضوع، ولا أظن أنها ستخرج منها بهذه البساطة، لأن والدها حسب ما علمت من مرح قد صب جنون غضبه عليها وهو يتوعدها بقطع المصروف عنها وحرمها من الذهاب إلى الجامعة لمدة أسبوعين.
بصراحة لم أكن أعلم أن غزل صغيرة في العمر، لقد تفاجأت فقد اكتشفت أنها تبلغ من العمر واحدا وعشرين عاما، مع أنها تبدو أكبر من سنها. فما هو العامل المشترك الذي جمعها بنانسي لتصبحا صديقتين؟ علما أن نانسي في مثل سني تماما؟
أما بالنسبة لها، فأصر سديم على توقيعها ورقة من المحكمة مفادها إن عرضت ابنتها للخطر ثانية أو استخدمتها كوسيلة للتلاعب بحياته أن تتنازل عن حضانتها له. بالطبع لم توافق وأرسلت المحامي الخاص بعائلتها للتعامل مع القضية وإلى الآن لم يتم التوصل إلى بت فيها.
قطعت تواصلي مع سديم لمدة لم تقل عن ثلاثة أيام متواصلة، كان هاتفي فيها مغلقا، لم أشأ الحديث معه أبدا، فبعد كل ما جرى نما يقيني بأن بقائي معه ربما يجرني في مزيد من المشاكل.
كان بدوره يحاول الاتصال بأمي وأختي ليصل إلي وفي كل مرة أرفض الحديث معه. صحيح أنني أشفقت على ألما وشعرت بأنها ضحية لكن جزءا ما صغيرا في داخلي لم يتمكن من الصفح عنها لسكوتها على اتهام أمها لي، لقد عشت في تلك اللحظات ما لم أشهده في حياتي كلها، كان الأمر أشبه بكابوس واستيقظت منه.
تفاجأت بزيارة مرح لنا وقد قدمت مع أمها، وأطلعتنا على تلك الأحداث السابقة، ثم فاتحتنا بموضوع سديم، تفاجأ أبي وأخي لمقاطعتي له فلم يكن عندهما علم بذلك، كانا يظنان أن المياه عادت إلى مجاريها وأنني صفحت بسرعة كعادتي.
شعرت بالإحباط تجاه الموضوع ولم أشأ التحدث فيه، كنت ما أزال مجروحة من الصميم، لماذا لا يتفهم أحد ما أشعر به؟ أعلم أنهما قلقتان على سديم وعلى حياته لكن ماذا عني؟ لقد عانيت بسبب طليقته وبدل أن ترد لي إحساني في التقرب من ابنتها ومحاولتي إعطاءها الأمان استغلت الأمر لتنتقم مني بسبب غيرتها على سديم. إن كانت تحبه إلى هذا الحد فلماذا خانته من الأساس؟! كما أنني لم أتخطى بعد ذاك العناق الحار الذي جمعهما، وقوفه مستسلما لذراعيها اللتين حوطتاه بإحكام، لماذا لم يقاومها أو يبعدها؟ إذا كان الأمر من ناحيته مقبولا فهو بالنسبة لي تجاوز البقعة المحرمة. أنت لي فماذا تفعل بين أحضان امرأة أخرى؟ حتى لو جمعكما ماض؟ فكما قلت هو ماض، أي أنه انتهى الآن!
أنت تقرأ
بدأت برسالة
Romanceوصلت باب المكتب وهممت بقرعه لألج داخل عرينه، وربما أستطيع وصفه بهذا التشبيه؛ حينما أفتح الباب فكأنني على وشك أن ألمح شاطئ البحر ساعة الشروق، بصفحات مائه اللامعة، قطرات الماء تتلألأ وهي تعانق وجه الشمس التي تسطع من خلف مسافات ممتدة من ذاك البحر الواس...