بوصلة ضائعة

68 9 1
                                    


في وسط الصحراء المظلمة، لا تعلم أين تتوجّه، وعدم معرفتك هذه
تعني الموت المحتّم، لأنك بلا زاد ولاراحلة، وفجأة تجد شعوراً ملحًّا
يأمرك أن تتجه إلى اتجاه معيّن، ليس لديك معرفة بالنجوم، وبوصلتك
ضائعة، ورفاقك سبقوك! فتتجه إلى ذلك الاتجاه، وبعد تلاعب كثبان
الصحراء بك، وإذ بعينيك تلمحان بصيص نور، إنهم رفاقك هناك،في
آخر نقطة من الحياة ينتظرونك بلهفة!

الان حدثني عن ذلك الشعور ؟ ما هي المعادلة التي جعلته يبزغ في تلك
اللحظة؟ ولماذا جاء؟ وكيف كان دقيقًا إلى هذه الدرجة؟

لقد كان الله في تلك اللحظة يبصر اضطراب الرعب في قلبك، لقد
كان يسمع وجيف فؤادك، لقد علم تمثّل الموت عطشًا في نفسك، فأذِنَ
لوميض داخليّ أن يشتعل لتحس بالطريق، وتصل بسلام،

لاتعلّق بحرفيّة التجربة، فقد لا تكون عشتها،  ولكنّك ولا شك عشت أنت
أو من تعرفه أجواء قريبة من تلك الأجواء، والسؤال الأهم من جميع
التفاصيل : من الذي قذف الهداية في روحٍ قلقة، محتاجة إلى بصيص؟
إنه الهادي سبحانه .  .

وإذا العناية لاحظتك عيونها
                   
                                  نم فالحوادث كلهنّ أمانُ

في وسط تلاعب الموج بسفينتك، يأمر الريح فتكون شماليّة في تلك
الساعة لأن جزيرة النجاة في الجنوب منك ستتمزّق أشرعة سفينتك لولا
تلك الرياح التي قدّرها الهادي سبحانه.

يخرج ابن تيمية من بين البيوت وقد ازدحمت الأقوال في رأسه حول
تفسير آية، يقرأ عنها عشرات التفاسير، فلا تخلصه تلك التفاسير من
ضوضاء الحيرة، فيمرّغ وجهه بالتراب ويبكي ويقول:<<يا معلّم داوود
علمني ويا مفهّم سليمان فهّمني>> فيعود وقد تحددت الأقوال الراجحة في
عقله بنور الهداية الربانيّة !

إذا لم يكن عون من الله للفتى
         
                                  فأوّل ما يقضي عليه اجتهادهُ




                           

لِأَنــَّكَ اللَّه || رحـلة الى السـماء السابعـة  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن