نسـيمُ اللـطف

391 47 8
                                    

إذا أراد اللطيف أن ينصرك أمر ما لا يكون سبباً
في العادة فكان أعظم الـأسباب!

وإذا أراد اللطيف أن يكرمك جعل من لا ترجو الخير
منه هو سبب أعظم العطايا التي تنالك!

وإذا أراد اللطيف أن يصرف عنك السوء جعلك لا
ترة السوء، أو جعل السوء لا يعرف لك طريقاً، أو
جعلكما تلتقيان وتنصرفان عن بعضكما وما مسّك
منه شيء!

وإذا أراد اللطيف أن يعصمك من معصية جعلك تبغضها،
أو جعلها صعبة المنال منك، أو أوحشك منها، أو جعلك
تقدم عليها فيعرض لك عارض يصرفك به عنها!

وعباد الله يراقبون تلك الـألطاف من اللطيف، ويبصرونها
ببصائرهم وكأنّ كل قضاء ينالهم به بصمة لطف يدركونها
وحدهم.

عندما أراد اللطيف أن يخرج يوسف عليه السلام من
السجن، لم يدكدك جدران السجن، لم يأمر مَلَكاً أن
ينزع الحياة من أجساد الظَلَمة، لم يأذن لصاعقة من السماء
أن تقتلع القفل الحديدي، فقد جعل الملِك يرىٰ رؤيا في المنام
تكون سبباً خفيًّا لطيفاً يستنقذ به يوسف الصدّيق من
أصفاد الظلــم!

ولما شاء اللطيف أن يعيد موسى عليه السلام إلى
أمه لم يجعل حرباً تقوم يتزعّمها ثوّار بني إسرائيل
ضد طغيان فرعون يعود بعدها المظلمون إلى سابق
عهدهم، لا.. بل جعل فم موسى لا يستسيغ حليب
المرضعات! بهذا الأمر الخفيّ يعود موسى إلى أمّه بعد
أن صار فؤادها فارغاً!

ولما شاء اللطيف أن يخرج رسولنا عليه الصلاة والسلام
ومن معه من عذابات شِعب بني هاشم لم يرسل
صيحة تزلزل ظلم قريش، فقط أرسل الـأرَضَة
تأكل أطراف وثيقة الظلم وعبارات التحالف الخبيث!
فيصبحون وقد تكسّرت من الظلم العُرى، بحشرة لا تكاد
ترى!!

لــــــغيــــــرك مــا مــددت يـــــــدا

                          وغــــــيـرك لــا يــــــفــــيـــض نـــدى

ولـــــيس يــضـــيـــق بــابـــك بــــي

                          فـــكيــــف تــــرد مــــــن قـــــصـــــدا 

وركـــــنــــك لــم يــــزل صــــــمـدا

                         فـــــكـــيــــف تــــــذود مــــــــــن وردا

ولــــطـفــــك يــا خـفــيّ الـــلطـــف

                        إن عـــــــــادي(الـــشـــــرور) عـــــــــدا

إنّه اللطيف سبحانه، بأيسر الأمور يقدّر أعظم المقادير،
وتتمّ إرادته علىٰ ما شاء، وعبده غير مدرك بأن شيئًا ما
يحدث!






لِأَنــَّكَ اللَّه || رحـلة الى السـماء السابعـة  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن