لا تندهش!

50 7 2
                                    


     والغفور يغفر دائما، ويغفر بكرم، ويغفر ما لا يغفره البشر،
ويغفر بإدهاش!

     يغفر دائمًا:
     فيغفر ما بين الصلاة والصلاة وما بين العمرة والعمرة وما
بين رمضان ورمضان وما بين الحج والحج إذا ما اجتُنبت الكبائر!
     فصارت بذلك حياة العبد كلها ما بين مغفرة ومغفرة، وعفو
وعفو، وتجاوز وتجاوز!
     تخيّل: تصلّي الفجر، ثم تذهب إلى عملك فتندّ منك تجاوزات
وذنوب _دون كبائر _ ثم تحسن الوضوء لصلاة الظهر وتصلي
صلاة تامّة فما تقول: السلام عليكم ورحمة الله إلا وقد انغسلتَ
من ذنوبك كلها، وهكذا صلاة بعد صلاة ! ماذا كنا سنفعل لو
لم يكن ربّنا غفورًا؟

     ويغفر بكرم:
     فيغفر كل الذنوب بصيام يوم واحد في السنة !
     ويغفر كل الذنوب بأن تقول: سبحان الله وبحمده .  . مئة
مرة! أي في دقيقتين تتساقط عنك ذنوب سبعين سنة! أفي الكرم
مثل هذا؟

     ويغفر ما لا يغفره البشر :
     فيغفر ذنوب بغيّ كل حياتها ذنوب ومعاصٍ بأن سقت كلبًا
ماء!

     ويغفر بإدهاش:
     فمن ذلك ما حصل لمن حضر غزوة بدر فقد اطّلع عليهم
ربّهم وقال لهم: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم !
     كل الذنوب التي عملوها أو سيعلموها: مغفورة!
    
     وكان ممن اطّلع الله عليه في غزوة بدر حارثة بن سراقة،
غلام خرج معهم مساعدًا لا مقاتلًا، فكان في المعركة من النظّارة
الذين يشاهدون المعركة من بعيد، فقام إلى حوض الماء ليشرب
فأتاه سهم غَرْب (طائش) أصاب نحره فقضى عليه، فلما عاد
النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة استقبلته أم حارثة فقالت
له: يا نَِبيَ الله ألا تُحَدّثنِي عَن حَارثةَ فَإِن كَانَ فِي الجَنّة صَبَرْتُ، وَ إِن
كَان غَيْر ذَلِك اجتَهَدْتُ عَليهِ فِي البُكَاءِ، فقَالَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم
: <<يَا أمَّ حَارِثَة إِنّهَا جِنَانٌ فِي الجَنَّةِ، وَإِنّ ابْنَكِ أَصَابَ
الفِرْدَوسَ الأَعْلَى>>

     قال ابن كثير: وفي هذا تنبيه عظيم على فضل اهل بدر، فإن
هذا الذي لم يكن في بُحيحة القتال، ولا في حومة الوغى، بل
كان من النّظارة من بعيد، وإنما أصابه سهم غرب، وهو يشرب
من الحوض، ومع هذا اصاب بهذا الموقف الفردوس الأعلى
. . . فما ظنّك بمن كان واقفًا في نحو العدو >>.

     

لِأَنــَّكَ اللَّه || رحـلة الى السـماء السابعـة  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن