1

181 8 31
                                    

* تنبيه قبل أن نبدأ ، الرواية من وجهة نظر البطل "

اليوم هو ذلك اليوم من السنة  الذي تشعر فيه ببرود ديسمبر حين ترتدي ملابس خفيفة ، و بمجرد أن تغيرها إلى أخرى دافئة تشعر بتغير الجو بسرعة إلى جو شهر يونيو الحار ، لكن رغم هذا ، فقد كان جليا أن المطر سيهطل بسبب تلك الرياح الباردة المحملة برائحة الأمطار القادمة.

في زاوية الشارع الرئيسي ، قرب أحد الأكشاك يتواجد مقهى الكتب الذي أعمل به " اقرأ و ارتشف "، تزينه أضواء تلك المصابيح العالية و الأشجار الصناعية التي أضفت للمكان جوا رومانسيا و شاعريا.

عرجت إلى المقهى بمزاج معكر تماما ، أخذت طلبات الزبائن بابتسامة واسعة ، لكن في داخلي أتمنى لو أنني الآن بمنزلي أتوسد أريكتي المفضلة و أنا أقرأ من أحد كتبي مرتشفا كوب القهوة بين الفينة و الأخرى.

عدت إلى مكان جلوسي لأكمل قراءة كتابي الذي ظلت رفيقتي بالجامعة كاثرين تنصحني بقراءته ، رغم أنني لست من مفضلي الروايات العاطفية لكني أجبرت نفسي على قراءته لأنها أكثرت الحديث عنه مؤخرا ، و قد كان تافها كسائر الكتب التي ظلت توصيني بقراءتها

•||كنت أجلس بهدوء أراقب هطول الثلج من نافذة المقهى الذي أعتاد ارتياده ، فقد شعرت برغبة مفاجئة في الجلوس هنا رغم أني لا أنتظر أحدا .

لا أصدق أني سأشهد أول هطول للثلج وحيدا مرة أخرى

فجأة ، عيناي اتجهت نحو المدخل حين دخول آنسة جميلة ، اقْتَعَدَت كرسي الطاولة المجاورة لي بعد أن ألْبَسَت كرسيها معطف الفرو الذي كانت ترتديه.

كانت ذات ملامح بسيطة ومسالمة و وجهها مزين بتبرج خفيف يكاد لا يظهر بتاتا ، كانت تدفئ يديها بفنجان القهوة الذي طلبته سابقا بملامح طغت عليها لمحة الشجن، لأفهم من تلك النظرات التي توجهها نحو المدخل في كل مرة يدخل أحدهم للمقهى أنها تنتظر أحدهم .لذا أنا شعرت بضيق خفيف بصدري بعد أن خمنت أنها تنتظر رجلا .

حَمَلَت هاتفها بعد أن وصلتها رسالة لتبتئس ملامحها أكثر مما كانت عليه ، يبدو أن الشخص الذي كانت تنتظره لن يحضر .

و قبل أن تستقيم من مكانها وجدت نفسي أمامها و أنا أراقب عينيها المحمرة قائلا

أ تؤمنين بالحب من النظرة الأولى يا آنسة ؟ ||•

أغلقت الكتاب و أنا أعكر ملامحي مرددا باستخفاف

'حب من نظرة أولى ، هراء '

وضعت الكتاب فوق المنضدة بعد أن سمعت صوت جرس الباب يدل على دخول أحد الزبناء و أنا عازم على أن أشاهد ملخصا للكتاب باليوتيوب لأني موقن أن كاثرين ستستجوبني لاحقا عن أحداثه.

كانت الزبونة امرأة لن أبالغ إن قلت أنها تملك جمالا آسرا ، دخلت بهالة مشعة تحيط بها و ابتسامة واسعة جعلت من غمازاتها تظهر بوضوح ، كانت ترتدي ملابس رسمية بسيطة بينما خديها زينهما احمرار طفيف بسبب برودة الطقس ، رغم كل هذا كان ظاهرا أنها لا زالت في منتصف عشرينياتها .

لا أدري حقا لم أبت عيناي أن تشيح بنظراتها عن كيانها ، فأنا لم أستطع التوقف عن مراقبتها و هي تمسح معطفها الجلدي من المطر الذي بلل كتفيها بعد أن وضعت المظلة بالمكان المخصص لها ، ثم اتجهت نحو إحدى الطاولات بثقة متأبطة حاسوبها المحمول و صوت كعبها يطرق بالأرضية .

كانت مثالا حيا للرقي و البساطة

تصنمت بمكاني و أنا لا أزال أناظرها مستشعرا دفءَ المشاعر التي حاوطتني آنذاك

لقد تم تغيير وجهة نظري في الحب بعد أن أبصرتها بثلاث ثوان ؟

دق قلبي بعنفٍ بعد أن حولت أنظارها الهادئةَ نحوي بأعينها الرماديةِ المسحوبةِ مشيرة لي لأن آتي لأخذ طلبها .

عادةً أنا لا أهتم بالحياة الخاصة للزبائن ، لكنها كانت استثناءً بالنسبةِ لي فقد وجدت نفسي بعد ذلك فضوليا اتجاهها بشكل أعجز عن السيطرةِ عليهِ

كانت تلك النظرة كافية لتوقظ في قلبي مشاعر لم أعهدها ، و كأن قلبي قد وجد موطنه أخيرا

يتبع ...

مَشَاعِرٌ وَرَقِيَّةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن