كنتُ أراقب انعكاس صورتي في مرآة غرفتي ، أبدو وسيما بهذه البدلة الرسمية لكني بدأت أشعر بالندم يتسلل إلى قلبي بعد أن رأيت نفسي هكذا .
ربما لأني بدأت أتخيل الدعوة التي ستصلني المرة القادمة ، و حين أرفض الحضور هي ستعود إلي مجددا لتجبرني على ذلك كما فعلت هذه المرة ، و أنا سأقبل مجددا رغما عني ، ثم سأجلس بين الحضور في يوم الزفاف أراقب جمالها الفتان بفستان أبيض و هي بين أيدي شخصٍ ليس أنا .
يا لها من قصة بائسة و مأساوية .
وضعت يدي على صدري و أنا أمسده بلطف فمجرد التفكير بهذا جعل من تنفسي يضيق و من قلبي يعتصر بألم .
لذا قررت قرارا لن أتراجع عنه مهما حدث ، أنا سأقطع علاقتي بها اليوم ؟
وقفت على عتبة القاعة الفخمة، وقد ارتسمت على وجهي ملامح التوتر والتردد ربما لأني لا أعرف أحدا هنا .
داخل القاعة، كان الضيوف يتبادلون التهاني والابتسامات، بينما ألحان هادئة تعزف من طرف فريق موسيقي لتعكس جو الاحتفال.
عيناي تجولتا في الأرجاء حتى وقع بصري عليها و هي ترتدي فستاناً سكري طويلاً يزينه بعض من الدانتيل الأبيض، وابتسامتها تضيء وجهها بينما تتحدث مع خطيبها المزعوم.
كان قلبي ينبض بقوة، لا أدري أ ينبض حبا أم خوفا لأني أراها تسرق أمام عيناي ؟
تقدمت نحوها بخطوات بطيئة ، وعندما وصلت نظراتنا تلاقت للحظات لتبتسم إلي بود.
"جوش ! سعيدة بحضورك اليوم." قالت بصوتها الرقيق لأبادلها الابتسامة بصعوبة
"لم أستطع أن أفوت هذا اليوم الخاص."
صافحتُ حبيبها ذاك و أنا أبارك لهما و قد لاحظت نظراته الغير المرتاحة نحوي ربما لأنه استطاع قراءة عيناي .
عدت بعد ذلك إلى الجمع محاولاً إخفاء ألم قلبي وراء قناع من الرزانة والهدوء المزيف.
صحيح أن مشاعري تتأجج بداخلي ، لكني وعدتها أني سأكون حاضراً لأجلها لذا علي التحمل فهذه ستكون آخر مرة سأراها فيه .
مضت الأمسية على خير ما يرام في أجواء من الاحتفال و السعادة . وتحت وطأة شعوري التام بالضياع، قررت أن أتجه نحوها ، بعد أن لاحظت أنها تقف وحدها للحظات .
قلت بصوت خافت لكن ثابت إلى حد ما :
"روز ، أ يمكننا التحدث لبضع دقائق؟"
نظرت إلي بفضول، وأومأت برأسها بإيجاب ، لتتبعني إلى زاوية هادئة من القاعة بعيداً عن ضجيج الموسيقى و أحدايث الضيوف.
"جوشوا ، هل هناك شيء يزعجك؟ تبدو مختلفاً الليلة." سألت بقلق و هي تدرس تعابير وجهي لأتنهد بعمق و أنا أنظر إلى عينيها مباشرةً
"روز ، أعتقد ان الوقت حان لنقطع صلتنا ببعض ؟ "
عقدت حاجبيها باستغراب متسائلة
" لماذا ؟ "
رفعت شعري و أنا أحاول إيجاد سبب بعيد كل البعد عن السبب الحقيقي ، لتقطع ذلك الصمت بعد لحظات
" أ هو راستن ؟ أ أخبركَ بشيءٍ مَا "
" لا ، هو لم لم يفعل "
راقبتني للحظات و هي عازمة على فعل شيء ما
" ليس عليكَ أن تتستر عليه ، لكني سأتحدث معه الآن ، هو لا يملك الحق ... "
قاطعتها و أنا أمنعها عن الذهاب
" صدقيني ليس ذاك هو السبب "
" و ما السبب إذا ؟ "
" لم أرد أن يكون اعترافي بهذه الطريقة ، لكن لم أعد أستطيع كتمان مشاعري بعد هذا "
لقد كانت تبدو متفاجئة و مصدومة من كلامي، ثم ردت و هي تحاول أن تلتقط أنفاسها
"جوش ... لم أكن أعلم."
ابتسمت بمرارة قائلا
"أعلم ذلك، وهذا هو السبب في أنني قررت أن أخبرك الآن، رغم أن الوقت متأخر. يجب أن أبتعد عنك لأستطيع أن أمضي قدماً في حياتي. أتمنى لكِ كل السعادة في حياتك مع خطيبك."
" مهلا ، مهلا ، لم أنا لم ألاحظ اي شيء طوال هذه المدة " نطقت بتبعثر و هي ترفع خصلات شعرها بتيه
لأبتسم بخفة قائلا:" هذا يعني أني احترفت إخفاء مشاعري "
"جوش، أ لا يمكننا أن نظل أصدقاء ، لقد اعتدتك وجودك في حياتي كثيرا "
" ربما ، حين أتخلص من هذه المشاعر "
أومأت برأسها بتعابير حزينة ثم قالت بصوت مكسور: "سأفتقدك، جوش . كنت دائماً صديقاً رائعاً."
ودعتها بنظرة أخيرة بعد أن أبصرت خطيبها يقبل إلينا، ثم خرجت من القاعة، تاركاً خلفي ذكرياتي ومشاعري الدفينة.
أحبكِ بصمت و أعاني بصمت أكبر
أنت تقرأ
مَشَاعِرٌ وَرَقِيَّة
Kısa Hikayeأَظل أحلم بكِ و أستيقظُ على واقعِ أنكِ لستِ هنا ~ ذات فصول قصيرة جوشوا روز