15

24 6 3
                                    

أخذتها إلى البحر لتستنشق هواءه المريح للقلب لربما هذا يساعدها على التحسن فهي لم تكن تبدو بخير أبدا ،  كان المكان فارغا تماما من أي شخص ، فمن المعتوه الذي سيذهب إلى البحر في هذه الساعة .

راقبتها بابتسامة و هي تحاول المشي باتزان فهي لم تستعد وعيها بعد .لتردف فجأة بعد أن توقفت على حافة الشاطئ " لم أكن أتوقع هذا "

عقدت يداي بعد أن وقفتُ بجانبها متسائلا:" و ماذا كنت تتوقعين إذن؟ "

كنت أعلم من نظراتها العميقة تلك أنها تحاول تشتيت انتباهي بأي طريقة كانت" ربما أن تأخذني إلى أحد الملاهي الليلة"

قهقهت بخفة مجيبا" لا تروقني هذه الأماكن أبدا كثيرا ... و أيضا أنتِ لستِ في حالة تسمح لك بالذهاب إلى هناك "

ردت و هي تنظر إلي و كأنها تنظر إلى روحي" ربما أنت أنضج مما أعتقد "

كلماتها هذه قد ألجمت لساني ، لذا فقد تأخرت عن الرد للحظات ، استعدت وعيي بعدها أخيرا لأسألها باستغراب" أ كنتِ ترينني طفلا إذا ؟ "

" لم تبدو منزعجا ؟ أو لستَ كذلك "

" روز ! أنا أبلغ السابعة و العشرين من عمري "

" توقف عن المزاح بهذه الطريقة ، رأسي يؤلمني و الألم يزداد إن حاولت الضحك  "

" أنا حقا لا أمزح ، صدقيني "

 نظرت إلي بعدم ثقة لثواني لتستهل كلامها قائلة:" فلنقل أنك صادق في كلامك ، إذا لم ما زلت تدرس ؟"

"عذرا، لكن أ هناك قانون يمنع الناس بمثل عمري من متابعة دراستهم ؟"

" كلا ، لكن فقط ... هذا غريب ، غريب جدا "

" لا أود أن أصدمك مجددا ، لكني أثرى مما تعتقدين أيضا "

نظرت إلي مجددا بنفس النظرة السابقة و هي تقهقه بقوة و كأنها سمعت أكثر مزحة مضحكة بحياتها:" لا تخبرني أرجوك أنك أمير غني ، وقد قررت أن تعيش بهذه الطريقة لتجد حب حياتك الحقيقي "

أنزلت رأسي بقلة حيلة و أنا أحاول التحكم بقهقهاتي بصعوبة " أو ربما أنت ابن عائلة فاحشة الثراء ، و قد أرسلك والدك إلى هنا لتجرب الاعتماد على نفسك  ... هذا يبدو منطقيا أكثر، فقد أخبرتني سابقا أنه 'أن تنحدر من عائلة غنية ليس شيئا رائعا' ، أو ليس هذا ما يقوله الأغنياء "

عكرت ملامحي " متى قلت كل هذا ؟ "

قاطعتني على إكمال جملتي و هي تحتضن وجهي بكفيها الصغيرتين "بالنظر إليكَ الآن ، كيف لم ألاحظ أنك تملك ملامح عربية ؟ ربما أنتَ "

قاطعتها هذه المرة قبل أن تستأنف سلسلة الاحتمالات الأخرى"ربما الكحول قد جعلك تفقدين عقلكِ هذه المرة."

لمسة يدها على وجهي قد جعلتني أشعر ببرودة أطرافها، و كأن يدها كانت مغطوسة في الجليد ، احتضنتهما بين خاصتي و أنا أحاول تدفئتها بالهواء الذي أنفثه عليها.

رفعت عيناي إليها فيقابلني وجهها المبتسم إلي ، بادلتها الابتسامة ثم سألت بأكثر نبرة مراعية أملكها" أ تودين أن تخبريني بما يزعجك ؟ "

شعرت بشيء مختلف في نظراتها بعد سؤالي هذا ، لم تكن حزينة فقط ... كانت تحمل شيئا ثقيلا ، أكبر من مجرد يوم سيء ، لذا لم أضغط عليها بعد ذلك

راقبت خطواتها و هي تترك آثارا خفيفة على الرمل و كأنها تهرب من إجابتي ، لكن الأمواج تأتي بعد ذلك لتمحو تلك الآثار بهدوء و تبلل قدميها النحيلتين ...

عادت بعد ذلك لمكان وقوفنا في البداية ، جلست بجانبي و هي ترسل نظرها نحو الأفق بينما أنا اكتفيت بمراقبتها .

عيناها تحملان ثقلا لم أستطع تفسيره لكنني شعرت به في قلبي، لاحظت أيضا كيف كان شعرها يتطاير مع ذلك النسيم الخفيف ، كيف كانت الرمال تداعب قدميها، وكيف كانت تغمض عيناها بهدوء كما لو أنها تستسلم للسلام الذي يعرضه عليها البحر.

التفتت نحوي و هي تقول بصوت هادئ و مكسور : " لقد انفصلنا "

في الحقيقة كانت لدي شكوك بخصوص ذلك ، و قد تأكدت الآن . 

حاولت أن أفهم ما يعنيه هذا لها ، فعلى حسب علمي ، زواجهما كان قريبا... و في الحقيقة ، بقدر ما آلمني حالها هذا بقدر ما أراحني انفصالها عن ذاك البغيض ، عديم القبول ...

أضافت بانكسار" و المشكل أني قد سبق و أن دعيت جميع أصدقائي المزيفين لأغيظهم بزواجي به، و الآن سأصبح علكة بفمهم "

أ حقا هذا ما يزعجها ؟ أليس هذا آخر شيء ستفكر فيه فتاة قد انفصلت عن حبيبها ...

يتبع ...

مَشَاعِرٌ وَرَقِيَّةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن