أخذتها إلى البحر لتستنشق هواءه المريح للقلب لربما هذا يساعدها على التحسن فهي لم تكن تبدو بخير أبدا ، كان المكان فارغا تماما من أي شخص ، فمن المعتوه الذي سيذهب إلى البحر في هذه الساعة .
راقبتها بابتسامة و هي تحاول المشي باتزان فهي لم تستعد وعيها بعد .لتردف فجأة بعد أن توقفت على حافة الشاطئ " لم أكن أتوقع هذا "
عقدت يداي بعد أن وقفتُ بجانبها متسائلا:" و ماذا كنت تتوقعين إذن؟ "
كنت أعلم من نظراتها العميقة تلك أنها تحاول تشتيت انتباهي بأي طريقة كانت" ربما أن تأخذني إلى أحد الملاهي الليلة"
قهقهت بخفة مجيبا" لا تروقني هذه الأماكن أبدا كثيرا ... و أيضا أنتِ لستِ في حالة تسمح لك بالذهاب إلى هناك "
ردت و هي تنظر إلي و كأنها تنظر إلى روحي" ربما أنت أنضج مما أعتقد "
كلماتها هذه قد ألجمت لساني ، لذا فقد تأخرت عن الرد للحظات ، استعدت وعيي بعدها أخيرا لأسألها باستغراب" أ كنتِ ترينني طفلا إذا ؟ "
" لم تبدو منزعجا ؟ أو لستَ كذلك "
" روز ! أنا أبلغ السابعة و العشرين من عمري "
" توقف عن المزاح بهذه الطريقة ، رأسي يؤلمني و الألم يزداد إن حاولت الضحك "
" أنا حقا لا أمزح ، صدقيني "
نظرت إلي بعدم ثقة لثواني لتستهل كلامها قائلة:" فلنقل أنك صادق في كلامك ، إذا لم ما زلت تدرس ؟"
"عذرا، لكن أ هناك قانون يمنع الناس بمثل عمري من متابعة دراستهم ؟"
" كلا ، لكن فقط ... هذا غريب ، غريب جدا "
" لا أود أن أصدمك مجددا ، لكني أثرى مما تعتقدين أيضا "
نظرت إلي مجددا بنفس النظرة السابقة و هي تقهقه بقوة و كأنها سمعت أكثر مزحة مضحكة بحياتها:" لا تخبرني أرجوك أنك أمير غني ، وقد قررت أن تعيش بهذه الطريقة لتجد حب حياتك الحقيقي "
أنزلت رأسي بقلة حيلة و أنا أحاول التحكم بقهقهاتي بصعوبة " أو ربما أنت ابن عائلة فاحشة الثراء ، و قد أرسلك والدك إلى هنا لتجرب الاعتماد على نفسك ... هذا يبدو منطقيا أكثر، فقد أخبرتني سابقا أنه 'أن تنحدر من عائلة غنية ليس شيئا رائعا' ، أو ليس هذا ما يقوله الأغنياء "
عكرت ملامحي " متى قلت كل هذا ؟ "
قاطعتني على إكمال جملتي و هي تحتضن وجهي بكفيها الصغيرتين "بالنظر إليكَ الآن ، كيف لم ألاحظ أنك تملك ملامح عربية ؟ ربما أنتَ "
قاطعتها هذه المرة قبل أن تستأنف سلسلة الاحتمالات الأخرى"ربما الكحول قد جعلك تفقدين عقلكِ هذه المرة."
لمسة يدها على وجهي قد جعلتني أشعر ببرودة أطرافها، و كأن يدها كانت مغطوسة في الجليد ، احتضنتهما بين خاصتي و أنا أحاول تدفئتها بالهواء الذي أنفثه عليها.
رفعت عيناي إليها فيقابلني وجهها المبتسم إلي ، بادلتها الابتسامة ثم سألت بأكثر نبرة مراعية أملكها" أ تودين أن تخبريني بما يزعجك ؟ "
شعرت بشيء مختلف في نظراتها بعد سؤالي هذا ، لم تكن حزينة فقط ... كانت تحمل شيئا ثقيلا ، أكبر من مجرد يوم سيء ، لذا لم أضغط عليها بعد ذلك
راقبت خطواتها و هي تترك آثارا خفيفة على الرمل و كأنها تهرب من إجابتي ، لكن الأمواج تأتي بعد ذلك لتمحو تلك الآثار بهدوء و تبلل قدميها النحيلتين ...
عادت بعد ذلك لمكان وقوفنا في البداية ، جلست بجانبي و هي ترسل نظرها نحو الأفق بينما أنا اكتفيت بمراقبتها .
عيناها تحملان ثقلا لم أستطع تفسيره لكنني شعرت به في قلبي، لاحظت أيضا كيف كان شعرها يتطاير مع ذلك النسيم الخفيف ، كيف كانت الرمال تداعب قدميها، وكيف كانت تغمض عيناها بهدوء كما لو أنها تستسلم للسلام الذي يعرضه عليها البحر.
التفتت نحوي و هي تقول بصوت هادئ و مكسور : " لقد انفصلنا "
في الحقيقة كانت لدي شكوك بخصوص ذلك ، و قد تأكدت الآن .
حاولت أن أفهم ما يعنيه هذا لها ، فعلى حسب علمي ، زواجهما كان قريبا... و في الحقيقة ، بقدر ما آلمني حالها هذا بقدر ما أراحني انفصالها عن ذاك البغيض ، عديم القبول ...
أضافت بانكسار" و المشكل أني قد سبق و أن دعيت جميع أصدقائي المزيفين لأغيظهم بزواجي به، و الآن سأصبح علكة بفمهم "
أ حقا هذا ما يزعجها ؟ أليس هذا آخر شيء ستفكر فيه فتاة قد انفصلت عن حبيبها ...
يتبع ...

أنت تقرأ
مَشَاعِرٌ وَرَقِيَّة
Historia Cortaأَظل أحلم بكِ و أستيقظُ على واقعِ أنكِ لستِ هنا ~ ذات فصول قصيرة جوشوا روز