لقد أسعدني للغاية كيف صارت زبونة وفية لمقهانا ، و هذا جعلني أتطلع شوقا لعملي هذا ، بعد أن كنت أخطط للاستقالة مجددا.
و أسعدني أيضا أننا لم نعد غرباء كالسابق بعد أن صرت أحجز طاولتها المفضلةَ القريبةَ من المكتبة ، لذا كانت تشكرني دوما ببعضِ الشوكولا الداكنة.
و كان ذلك الموقف يصنع يومي حقا
.
.أوقفتني في أحد هذه المرات بهمسها بعد أن أحضرت طلبها و كنت بصدد الرحيل
'ششششش'
تلفت نحوها و أنا أشعر بدقات قلبي تقرع في حلقي ، أشرتُ لنفسي إن كنتُ من تقصده لتومأ بنعم ، ثم أردفت بعد أن اقتربتُ من طاولتها
' ما اسمكَ يا فتى '
أجبتها و أنا أحاول إخفاء كم المشاعر المتضاربة بداخلي
'جوشوا ، يمكنك مناداتي ب جوش'
ابتسمت بإشراقٍ و هي تُظهر صف أسنانها اللؤلؤية المرتبة بعنايةٍ ثم أخرجتِ يدها من جيبها لتصافحني
'تشرفت بمعرفتك ، أنا روز'
وددت بشدة إخبارها أن اسمها يليق بها جدا ، لكني لم أستطع ... لم أرد أن أجعلها تشعر بعدم الراحة في حديثنا الأول ، لأكتفي فقط بمصافحتها مبادلا إياها الابتسامة بسرور .
بعد ذلك صرنا ندردش قليلا حين أحضر طلبها لكننا لم نكن مقربين كفاية لنسأل بعضنا أسئلة شخصية ، لذا لم أستطع معرفة طبيعة عملها ، حالتها الاجتماعية و حتى عمرها الحالي، لكني رغم ذلك كنت مكتفيا بأحاديثنا الصغيرة تلك .
أحببتها من بعيد ، لم أتنفس عطرها أو أحظى بشرف لمسها و لكن لطالما احتضنتها عيناي كلما رأيتها
.
.
.
في أحد المرات أتت إلى مكان جلوسي لتسألني عن كتاب أرشحه لها ، و أنا ناولتها ذاك الكتاب الذي لاحظت أن أغلب زبائننا مولعون بقراءته ، لأني اعتقدت أنها من مفضلي الروايات العاطفيةلكنها صدمتني بعد أن قرأته بكلامها هذا
" ما ذلك الكتاب الرديئ الذي رشحته لي"
قهقهت بخفة و أن أتساءل
" لم يعجبكِ ؟ اعتقدت أنه سينال إعجابكِ فقد لاحظت أنه قد راق لأغلبية زبنائنا "
ردت بتأنيب
" كوني فتاة ، لا يعني بالضرورة أني أفضل الروايات العاطفية "
اعتذرت بلباقة
" أنا آسف ... "
" ليس بالشيء الكبير ، لست أنتقد التصنيف العاطفي لكني أكره روايات العصر الڤكتوري "
تساءلت و أنا أراقبها باهتمام
" لم ؟ "
تنهدت وهي تعقد حاجبيها بحنق
"أكره كيف أن النساء في ذلك الوقت كانوا كشموع الزينة ، ليس لهن أي دور فعال في المجتمع عدى أدوارهن التقليدية كالزواج وتربية الأطفال ، لا يتحصلون على أي تعليم أو تثقيف لأن العلم آنذاك كان حكرا على الرجال فقط . و مجرد التفكير بهذا أجد نفسي منفعلة فما بالك بقراءة رواية بأكملها تتبنى نفس المعتقد "
حاولت تهدأتها قائلا
"أفهم تماما مشاعرك ، لكننا لا ننكر أيضاً أنها في الحقيقة تعكس فقط الواقع الاجتماعي و الثقافي لتلك الفترة ، ربما تكون أداة قوية لفهم التطور الاجتماعي و الفكري ... "
اتجهت نحو رف الكتب و أنا أبحث عن كتاب ما ، لأبتسم بخفة بعد أن وجدته أخيرا
" علاوة على ذلك بعض هذه الروايات قد تتضمن نقدا غير مباشر لتلك القيود ، كهذا مثلا "
راقبتني بابتسامة و هي تسأل
"أ سبق و أن قرأته أم زبنائكم من فعلوا ؟ "
قهقهت بخفة و أنا أنفي ب كلا
" أثق في أنه سينال إعجابكِ ، فأنا أملكُ ذوقا صعب الإرضاء"
ابتسمت بإشراق و هي تمسك الكتاب من يدي ، و أنا بعدها عجزت عن التحكم بنبضات قلبي السابقة.
أ تدرك أن ابتسامتها هذه تشعل أملا زائفا في قلبي ...
يتبع ...
![](https://img.wattpad.com/cover/353928873-288-k571088.jpg)
أنت تقرأ
مَشَاعِرٌ وَرَقِيَّة
Short Storyأَظل أحلم بكِ و أستيقظُ على واقعِ أنكِ لستِ هنا ~ ذات فصول قصيرة جوشوا روز