18

13 6 1
                                    

طلبت طبق شريحة لحم بقري بالصلصة البيضاء و الفطر ، و قد رافق هذا الطبق بطاطس مشوية و بعض الخضراوات المطهية.

كنت قد طلبت من روز أن تأخذ نفس طلبي لأني متأكد أنه سينال إعجابها ، لكنها قد صدمتني بخبر أنها لا تحب تتناول اللحم.

سخرت منها بخصوص هذا ، فقد كنت أعتقد أنها  نباتية لكنها أخبرتني بعد ذلك أنها تتناول باقي اللحوم الأخرى. لذا هي طلبت طبق الريزوتو بالفطر، مع البعض الكولا .

كنت أراقبها بتركيز وأنا أشاهدها تتناول الطعام بهدوء . لاحظت كيف أنها تأخذ قطعة صغيرة من الفطر ثم تقطعها بشوكتها بدقة. كانت تأخذ وقتها في الاستمتاع بكل لقمة وكأنها تستكشف نكهات جديدة في كل مرة. أحياناً كانت تسرق قطعة من البطاطا من صحني ثم تضعها على خاصتها بابتسامة خفيفة على وجهها.

أنا شخص لا يحب الريزوتو كثيرا لكن شيء ما بداخلي قادني إلى محاكاة فعلتها تلك، و لكن قبل أن تصل شوكتي إلى صحنها هي دفعتها بعيدا عنها ، ما جعل الجميع يركزون بأنظارهم علينا بسبب ذلك الصوت المرتفع الذي خلقه تصادم شوكاتنا.

حاولت كتم قهقهاتي بصعوبة ثم التفت إليها فوجدت أن حالها ليست أفضل من حالي.

" حسنا ، إذا لنكن جديين قليلا " قالت بعد أن استجمعت نفسها

" أنا أسمعك "

" من أنتَ يا جوش "

" جوش بريستون "

"كم عمرك ؟"

"سبعة و عشرون سنة "

راقبتني بغير تصديق مجددا

" أ تودين رؤية بطاقة هويتي " قاطعتني و هي تنفي بكلا " لا يمكن أن تكون أكبر مني بعامين ، هذا مستحيل"

ابتسمتُ بعد أن علمت أني قد استطعت تقدير عمرها الحقيقي في لقاءنا الأول

" أنتَ من عائلة ثرية ؟ "

" كلا ، عائلتي تعيش في مزرعة "

" إذا ماذا تعمل ؟ "

" تداول العملات "

" تمزح ، صحيح؟ وااو " ملامحها المندهشة قد جعلتني أنفجر ضحكا لتضيف " أتذكر أني تسجلت بدورة لأجل هذا و قد قمت بجميع دراساتي بخصوص ذلك  ، لكني قد خسرت حوالي 500 دولار ، لذا تركت كل شيء بعد ذلك .... أتذكر أني اكتأبت بعد ذلك بغرفتي لمدة أسبوع"

انتظرتها أن تكمل الحديث ثم أجبت " أنا أيضا تعرضت لخسائر كثيرا سابقا لدرجة أني لا أستطيع عدها الآن ، لكني بفضلها استطعت تعلم استراتيجياتي الخاصة في العمل ... إن كنتِ لا زلتِ مهتمة بذلك يمكنني أن أفيدك بخبرتي المتواضعة "

قوست شفتاها و هي ترفع حاجبيها رافضة" لا شكرا ، لا أعتقد أني سأستطيع المخاطرة مجددا "

ابتسمت رادا ب" أنتِ أدرى "

سألت مجددا" ما هو التخصص الذي تدرسه في الجامعة "

" الأمن السبيراني "

" لم هذا التخصص بالضبط؟"

"أنا مهتم بأي شيء يخص الحواسيب " صمتت طويلا وهي تبحث عن أسئلة أخرى

"أ انتهى تحقيقك  ؟  "

قاطعتني" لم تعمل إذا ؟ "

أجبتها بمزاح " لقد كنتِ محقة في هذا ، كنت أبحث عن حبي الحقيقي ، و لحسن حظي أني قد اصطدمت بكٌ "

" أرجوك توقف عن المزاح بهذه الطريقة ، ستجعلني أصدق هذا "

" من قال أني أمزح  ؟ "

"أرجوك جوش فلتكن جديا و لو لمرة واحدة "

دفعت رأسي للخلف و أنا أقهقه باستمتاع ، ثم رفعت رأسي لكي أنظر إلى تعابير وجهها في تلك اللحظة ... فإذ بي أمسكها و هي تطيل النظر إلي بشرود ، لتقطع تلك اللحظة بسرعة قبل أن أبدأ بإغاضتها مجددا

"لم تخبرني بعد لماذا تعمل رغم أنك لا تحتاج المال؟"

ابتسمت ثم قلت: "لأني أحب الكتب و القهوة "

قهقهت بقوة " كان هذا أغبى سبب للعمل سمعته بحياتي "

" أنا جاد، فالعمل هناك يتيح لي الفرصة لمقابلة أشخاص يشاركونني نفس الاهتمامات. مثلكِ مثلا"

"فهمت،" أجابت بانبهار. "إذاً، فعملك هو شغفك الخاص."

"بالضبط،" قلت و أنا أمسح فمي بذاك المنديل"كل يوم هناك هو تجربة جديدة بالنسبة لي. أستمتع بمساعدة الزبائن في اختيار كتبهم المفضلة وأحب الأجواء الهادئة التي يوفرها المقهى."

"هذا يبدو رائعاً،" قالت معترفة. "أنا حقا أحترمك ، فليس كل شخص يملك الشغف تجاه عمله بهذه الطريقة، فمثلا أنا ، أدخل إلى مكتبي و أنا أعد الساعات و الدقائق و الثواني منتظرة بفارغ الصبر متى فقط يصل موعد خروجي لأعود إلى سريري الدافئ"

"أفهم تماما ما تقصدينه ... لكن كل ما يمكنني قوله لك هو حاولي أن تجدي شغفكِ الخاص ... "

كانت ستجيبني لكن رنين هاتفها باسم زميلها قد قاطعها ، لتستقيم بسرعة " إلهي لقد تأخرت جدا ، كان من الجميل رؤيتك يا جوش ، إلى اللقاء "

اتجهت نحو المحاسبة لتدفع ثمن وجبتها ثم هرولت بعيدا و هي تلوح إلي مودعة إياي ، حاولت جعلها تقتنع بفكرة أن أوصلها لمكان عملها ، لكنها رفضت لأنها لا تود إشاعات بمكان عملها في هذه الفترة الحساسة .

يتبع...

مَشَاعِرٌ وَرَقِيَّةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن