29

11 5 1
                                    

وصلت إلى المستشفى بعد رحلة شعرتها بها طويلة للغاية، وعندما دخلت، قابلني عالم آخر هناك ، فقد كانت وجوه جميع من أقابلهن مليئةً بالتوتر و هذا قد فاقم من حالتي السيئة تلك.

ومع ذلك، استجمعت نفسي بسرعة و أنا أبحث فقط عن وجه أمي. وجدتها أخيرا و هي جالسة هناك بشرود، تبدو مرهقة للغاية وكأنها تحمل العالم على كتفيها. ركضت نحوها و أنا أناديها بهلع .

حين رأتني، لم تستطع إلا أن تنهض وتحتضنني إليها . كان الحضن طويلاً وصامتًا، ولكنني شعرت بكل الألم والقلق الذي كانت تحمله في تلك اللحظة.

نظرت حولي، فرأيت أخي الأكبر واقفًا بجوار باب المستعجلات، ووجهه جامد وكأنه يحاول التماسك أمام الجميع.

لم يتكلم كثيرًا عندما رآني، فقط أومأ برأسه، وعيناه تحملان كل القلق الذي يحاول إخفاءه. أختي كانت تجلس بجوار أمي، عيناها محمرتان من البكاء، ولكنها حاولت الابتسام بوجهي عندما اقتربت منها. ضغطة يدها تلكَ على يدي كانت كافية لتخبرني بما تشعر به.

كل شيء كان يبدو مشوشًا و كأني داخل كابوس. التفكير في أن والدي خلف تلك الأبواب جعل قلبي يثقل كثيرا.

لم أكن أعلم ماذا أقول أو أفعل. لاشيء يمكنني فعله سوى الانتظار معهم و لوم نفسي على إهمالي لهم ... ثم تمني خروج والدي سليما من هنا .

سألت عن شقيقي الصغير، و أجابتني شقيقتي بأنهم تركوه نائمًا في بيت الجارة. كانت تلك أفضل فكرة؛ هو لا يزال صغيرًا ولا يحتاج لتحمل كل هذا الآن.

الانتظار كان لا يطاق، وكل دقيقة تمر كانت تزيد من شعورنا بالعجز. كنا نراقب كل من يخرج من تلك الأبواب، نأمل أن يأتي أحدهم ليخبرنا شيئًا، أي شيء، عن حالة والدي. لكن الجميع كانوا مشغولون بإنقاذه.

خرج الطبيب بعدها و هو يطمئننا عن حاله بعد أن كنا نترقب ذلك طوال الوقت ،ليقول بصوت هادئ ومطمئن:

"لقد تعرض المريض لنوبة قلبية حادة، لكن بفضل السرعة التي تم فيها نقله إلى المستشفى، تمكننا من استعادة استقرار حالته."

تنفس الجميع بعمق ثم أضاف: "لا تقلقوا هو الآن في حالة مستقرة، لكننا سنحتاج إلى مراقبته بعناية خلال الساعات القليلة القادمة. سنقوم بإجراء بعض الفحوصات الإضافية للتأكد من عدم وجود مضاعفات أو انتكاسات."

سألت والدتي " متى يمكننا رؤيته يا حضرة الطبيب ؟ "

أجابها قائلا "من المهم أن يكون في راحة تامة، لكننا سنسمح لكم برؤيته بعد فترة وجيزة."

تنفس الجميع الصعداء و نحن نشكر الرب على تعافيه... اقتربت والدتي إلينا و هي تجمعنا في حضن جماعي بينما دموع فرحها قد بللت قميصي.

حملت هاتفي بعد أن أحسست باهتزازه دلالة على وصول رسالة و قد كانت من روز' أنا لم أستطع النوم بعد ذهابك ، طمأني عن حال والدكَ حال رؤية رسالتي "

أجبت و ابتسامة خفيفة تعلو وجهي:" أ لم تنامي بعد ؟ "

انتظرت أن تجيبني لكنها فاجأتني باتصالها "مرحبا "

" أهلا ، لم أكن أريد الاتصال و إزعاجك بأسئلتي ، لكني لم أستطع ذلك ، كيف أصبح والدك ؟"

أجبت " لا بأس ، تعرض لنوبة قلبية حادة و حالته الآن مستقرة "

تنفست بعمق مجيبة " الشكر للرب ، يجب أن تقيموا حفلا بمناسبة ذلك "

قهقهت و أنا أجيب " أ ستتكلفين بتنظيمها "

" بكل سرور ، يكفي أن تطلب ذلك"

" حسنا ، ليتحسن قليلا و لنقم بتنظيمها معا ، ما رأيك؟"

"موافقة"

"حسنا ، فلتخلدي إلى النوم الآن لقد تأخر الوقت كثيرا "

"معك حق ، إلى اللقاء ، فلتعتني بنفسك جيدا "

"أنتِ أيضا"

يتبع ...

مَشَاعِرٌ وَرَقِيَّةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن