«إذًا أنتَ تُصرُّ على نفيِ ادِّعاءِ السيد كوبر بأن برايلين مدمن؟»
«أصرُّ حتىٰ رُمقيَ الأخير.»
«وبمَ تفسِّرُ إيجادَ أحدِ زملائكَ لهذا الشريطِ في حقيبتِكَ؟»تخشبتْ ملامحُ إدريس ما إن أبرزَ له باركر شريطًا لأحدِ المُسكِّناتِ القويةِ لآلام الانسحاب، للحظةٍ داهمه بعضُ الدوار بينما يتساءلُ عمّا يجري حولَه تحديدًا، لمَ تتهافتُ المصائبُ لتهشيمِه وتجريدِه من كلِّ عزمِه وخططه مُذ سمحَ لبرايلين بمقابلةِ كاترينا مساءَ الأمس؟ كيفَ اجتمعت عليه كلُّ النوائبِ التي توقعها ولم يتوقعها لتنالَ منه في ذاتِ الوقت تقريبًا؟
«أفسِّرُه باعتداءِ هذا الزميل على ما لا شأنَ له به من أموري الخاصة. أهذا هو الدواء الذي يفترضُ ببرايلين أن يكونَ مدمنًا عليه؟»
خلالَ ثانيتَين وجدَ إدريس نفسَه يغيِّرُ استراتيچيّتَه، عليه أن يتخلصَ من هذا الاستجوابِ فورًا لأن عقله قد بدأ بصياغةِ حلِّ الاعتراف.ألقىٰ باركر نظرةً سريعةً على الشريطِ في يمينه، وغمغم: «ليسَ تمامًا، بعدَ بعض البحثِ عرفتُ أن هذا مُسكِّنُ ألمٍ يستخدمُه الأطباءُ مع المتعافينَ من الإدمان.»
مسَّدَ إدريس حاجبَه مُدِّعِيًا التفكير، ثم تابعَ متلاعِبًا: «إذًا.. أفهمُ من ذلكَ أنك توجِّه لي أنا تهمةَ الإدمانِ ومحاولةِ التعافي داخل جدران الأكاديمية مثلًا؟ لا شيءَ آخرَ قد يفسِّرُ أن يجدَ الزميل المُسَكِّنَ في حقيبتي أنا لا في حقيبة برايلين!»
أطبقَ باركر شفتَيه دونَ أن يزحزح باصرَيه عن إدريس، وبدورِه لم تهتزَّ نظرةُ الأخيرِ ماضيًا في العبثِ بالحقائق دون أن يرفَّ جفنُه.
«لا يا إدريس، أنتَ تعلمُ أنني لا أقصد هذا. كما قلتُ قبلَ بضع دقائق، افتراضي أنّكَ قد حمَّلتَ نفسكَ مسؤولية برايلين للحدِّ الذي جعلَكَ لا تترددُ في محاولةِ علاجِه حين عرفتَ بإدمانِه، وكنتَ تحتفظُ بالشريطِ كَي تستخدمَه إن داهمتْ الفتىٰ أعراضٌ خارجةٌ عن السيطرةِ في وقتٍ أو مكانٍ خاطئ، ولم تسمح له أن يحتفظَ به في حقيبتِه هو خشية أن يسرِفَ في استخدامِه، بل إنّكَ كذلكَ قد وضعتَ خطةً ذكيةً جدًا -لا أصدِّقُ حتى أنها قد نجَمت عن عقلِ طالبِ ثانوية- كي تعالجَه دونَ احتمالِ وجودِ أي أخطاءٍ أو خطرٍ مُمكنٍ عليه.»
مع نهايةِ كلماتِه أخرجَ باركر، مرةً أخرىٰ، ملفًا تشابكَ على صفحته الأولىٰ اسمُه مع اسم رفيقه، تقاريرُ مشروع عام 2021/2022 الخاص بالطالبَين إدريس صالح تاجُ الدين وبرايلين هانز ألدوس، وموضوعُه الإدمان.«بعدما جاءني دارلي بالشريطِ قررتُ أن عليَّ فعلًا أن أركِّزَ قليلًا مع فكرةِ مشروعِكما الفريدة، خاصةً وأن هذا المُسكِّنَ أقوىٰ من استخدامِه مع عيناتِ الفئرانِ في المعمل، عوضًا عن كَون اصطحاب المواد الكيميائية الخاصة بالمشروع خارجَ المعمل ممنوعًا أساسًا، وأن لا أحدَ يستخدمُ كبسولات المُسكِّنات مع الفئران على أيةِ حال، ذهبتُ إلى السيد لوجان المشرِفِ على مشروعكما وطلبتُ منه أن يشرَحَ لي فكرةَ المشروع، أخرجَ الملفَ وأخبرَني أن أقرأَهُ وأُرجِعَه وقتما أشاء، أعطاني هذا مُتَّسعًا أكبرَ للاطلاعِ على تفاصيل تجاربكَ المُحكَمةِ جدًا، تُجرِّبُ التخفيف على خمسة كائنات حية قبلَه كي تكونَ كل الأعراض التي ستستقبلُها منه متوقعةً بالنسبة لكَ فتجهِّزَ نفسَكَ لمواجهتها، وبالطبعِ إن حدثَ وأضرَّ التخفيفُ بأحد الفئران فستشرعُ فوريًا بمحاولة التعاملِ وتغييرِ نسبة التخفيف قبل حتىٰ أن تَضطَرَّ رفيقك إلى مواجهة الضرر ذاته، خطةٌ تليقُ بعقلٍ كعقلكَ يا إدريس! ولكنَّ ما لا أستطيعُ فهمَـ...»
أنت تقرأ
جانِح | BAD BOY
Short Storyإلى الجانِحِ الذي أفسدَ حياتي وحياتَه: لستَ الشخصَ الأخيرَ في هذا العالمِ يا برايلين، لقد توقفتَ أخيرًا عن نصبِ الفِخاخِ في أيامي واعتزلتَ شنَّ حربِ النظراتِ بينَ مآقينا، ولكم يقلقُني هذا يا برايلين، لم أعتد منكَ البقاءَ هادئًا لساعتَين كاملتَين. ...