عسايَ قد أدركتُ إبّانَ تواجدي الدائمِ رفقةَ برايلين في الآونةِ الأخيرةِ أنني شخصٌ يرتعبُ من التفكيرِ في هَولِ ما قد يُقدِمُ علَيه لأجلِ امرئٍ يحبُّه، لقد احتلَّ هذا الفتىٰ دونَ جُهُودٍ جَلَلَةْ مساحةً عظيمةً في حياتي، ربما للقدرِ الذي يجعلُني أستثقلُ فكرةَ انتزاعِه منها، على الأقلِّ حتىٰ يتعافىٰ، ورغمَ أنني يومًا بعدَ يومٍ أزدادُ يقينًا بأن برايلين طفلٌ مُسالمٌ أُلقيَ به عن عمدٍ في مستنقعٍ يجمعُ كلَّ آثامِ الدُّنيا، وأنه لم يكن أبدًا ليصلَ إلى هذه النقطةِ لو كانَ في دُنياهُ قبسٌ واحدٌ من نور، فإنني أعلمُ كذلكَ أن برايلين قد اقترفَ الكثير، وأستمرُّ بوضعِ المبرِّراتِ الواهيةِ له دونَ كلل.ورغمَ محاولاتي العابثةِ في إقناعِ نفسي أن لا ذنبَ له في مقدارِ التشوُّهِ الذي أُلحِقَ به في طفولتِه وصِباه، إلا أنّ فكرةَ أنه قد قتلَ چوردون لا تنفكُّ تؤرِّقُني وتتغذّىٰ على قوايَ وعزمي، لا أستطيعُ أن أتصوَّرَه مذنبًا حتىٰ وإن كانَ قاتلًا، ولن أتوَرَّعَ عن مساعدتِه على التعافي حتى وإن بُرهِنَ لي أنه قد فعلَها حقًّا، ربما لذلكَ أخشىٰ أن أسألَه فيُثبِتَ لي أن ما قالَه لم يكن محضَ هذَيان، وتتفاقمُ مخاوفي من أن يأتيَ عليَّ يومٌ لا أستنكرُ فيهِ الخطأَ لأنَّ شخصًا عزيزًا عليَّ قد اقترَفَه، أو أدهسُ فيه الحقَّ لأنّ امرئًا أبغضُه قد ساندَه. هل سيصلُ الأمرُ يومًا إلى كسرِ مبادئي وتجاوزِ حدودي لأجلِه؟ هل يُعقلُ أنني أقتلُ عقلي وضميري وأتبعُ قلبي كالأعمىٰ فحسب؟
ولمّا لم تزِدني الأيامُ إلا حيرةً، فقد قرّرتُ في الفترةِ الأخيرةِ شيئًا، لقد نصَّ الاتفاقُ بيننا على أن أجاوِرَه حتى يتعافىٰ بالكامل، ثم ستكونُ تلكَ نقطةَ النهايةِ في علاقتِنا، سأقتلعُ برايلين ألدوس وتأثيرَه غيرَ المفهومِ من دُنيايَ وأمضي في حياتي الطبيعية التي لطالما عرفتُها، أنا أدري جيدًا متىٰ أوقِفُ قصةً ما ومتىٰ أُبقيها قيدَ الاستمرار. ولكنني الآنَ لن أدَّخِرَ جُهدًا في رحلةِ تعافيه، سأتوقفُ عن التساؤلِ إن كنتُ أفعلُ كلَّ ذلكَ لأجلِه أم لأجلِ سُلَيمان أم لأجلِ مشروعي، وسأتَّبِعُ خططَ العلاجِ الجسديِّ والنفسيِّ والسلوكيِّ بحذافيرِها، هوَ لا يعرقلُني إطلاقًا في هذا المسير، في الواقعِ يُبدي تجلُّدًا يثيرُ إعجابي وفخري رغم أن نوباتِ الألمِ لا ترحمُه ولو وهلةً، مع ذلكَ فإنَّه يعملُ بكلِّ جهدِه كي لا يكونَ سببًا في الإخلالِ بخِطَطي، ويقاتلُ كي لا يتدنّى مستواهُ الدراسيُّ تأثُّرًا بسَقَمِه بعدما بدأَ أخيرًا بالارتفاع، وهذا يجعلُني، مرةً أخرىٰ، شديدَ الفخر، شديدَ الحيرة والتردُّد.
إنه اليومُ الحادي والستّونَ مُذ بدَأ المشروعُ على أيةِ حال، وقد شرعنا في الدَّورةِ الثالثة لتقليلِ نسبةِ المخدَّر، وحسنًا.. الاستجابةُ ليست بهذا القدرِ من السوء، لا أنكرُ أنني شخصيًّا أصابُ بشللٍ جزئيٍ حينَ ينهارُ هوَ، إلا أنني قد بدأتُ أعتادُ التعاملَ أخيرًا، سواءً حينَ يخضعُ للألمِ نهارًا أو يخرِجُه هلاوسًا باللَّيل، لم أكُن أعلمُ أن هلوساتِه وكوابيسَه ستحفِّزُ قدراتِه الاستثنائيةَ على المسيرِ أثناءَ النومِ أكثر، مجددًا ومجددًا وبأوقاتَ أبذلُ قُصاري لأحزرَها فأؤمنُ الوضعَ بما يكفي كي لا يؤذيَ نفسه، تبعًا لذلكَ صارَ نومي أكثرَ خفةً وحساسيةً لأيِّ همسٍ أو نفَس، وهي نقمةٌ أكثرَ من كونها نعمة، ولكنها أيضًا.. بالتأكيد.. نعمةٌ قليلًا.
أنت تقرأ
جانِح | BAD BOY
Cerita Pendekإلى الجانِحِ الذي أفسدَ حياتي وحياتَه: لستَ الشخصَ الأخيرَ في هذا العالمِ يا برايلين، لقد توقفتَ أخيرًا عن نصبِ الفِخاخِ في أيامي واعتزلتَ شنَّ حربِ النظراتِ بينَ مآقينا، ولكم يقلقُني هذا يا برايلين، لم أعتد منكَ البقاءَ هادئًا لساعتَين كاملتَين. ...