تحت سماء الصّمت العميقة حكاية "المريضة الصامتة"

137 16 4
                                    


في سماء اللّيل المظلمة، تتلألأ النّجوم ببريقها الساحر كألوان الأمل البعيد الّتي تَنثر سحرها في كلّ زاوية. تتراقص أشجار الصّمت برقة، وترافقها همسات الرياح اللّطيفة. في هذا المكان السّاحر، الذي يجذب الأرواح المشتاقة للتّعبير والتّفاهم، تستقرّ شابّةٌ في عقدها الثّاني على شرفة غرفتها تتأمّل قبّة السّماء اللّامعة.

الصّمت يعمّ المكان، ويبدو كأنّه اِكتسب شكلًا ملموسًا للألم يعكس حزنًا عميقًا كأن المكان يترقّب بفارغ الصبر، مرحبًا بحكاية فريدة من نوعها. إنّها حكاية (المريضة الصامتة).

صوت طرقٍ على الباب قطع تأمّل الشّابّة، لم تهتمّ بالرّدّ فالطّارق قد دخل بالفعل دون سماع ردها، خطواته تردّدت على مسامعها، وبدون أن تلتفت لتعرف هويّة المقتحم كان صوت خطواته وحده يكفي لتَعرف مَن يكون .

_«في زيارتك لنا يا أختاه، والليل قد اِنتصف، ما الذي دفعك لتأتي إلينا؟»
توجهت الشابة  بنظرتها نحو أختها التي وصلت لتَنْضم إليها على الشرفة.

رفعت الأخرى طرف شفتيها بابتسامة ساخرة لتنبس : «وأصبحتِ شاعرة الآن؟»

لم تتلقى ردًا من الصغرى، شاهدتها تستند بلطف على الدرابزين تتأمل النجوم وتستنشق عبير الهواء اللَّيلي. بقيت الكبرى تُحدّق بها وبعد لحظاتٍ مِن الصمت الساحر قررت قطعه بحديثها المفاجئ:
«اليوم صادفتني حالة غريبة

بفضل الكلمات، أثارت فضول الشابة المستغرقة في التأمل، كانت تعلم أنّ أختها معالجةٌ نفسيّة ماهرة، وكان من الطبيعي أن تصادف بعض الحالات الغريبة في مهنتها فلم تتردد في طرح سؤالها بفضول:
«ما هي تلك الحالة الغريبة اّلتي صادفتها؟»

«ميهان، مِن فضلك اِستديري لنتحدث، كيف تريدين منّي الحديث وأنتِ في عالم آخر؟»
بتعبير يدل على الانزعاج طلبت الكبرى.

دون أن تنطق بكلمة، استدارت ميهان بصمت، وقابلت شقيقتها وهي مستندة على الباب تنظر لها بجدية، فتأخذ أختها نفسًا عميقًا ترجو الصبر وقالت بصوت هادئ: «صادفت شخصًا يعاني من حالة صمت غير عادية، هو شابٌ يأتي إليَّ في جلسات علاجٍ منذ فترة، وبالرغم من إجراءات العلاج المكثفة لم يتكلم حتى الآن. يبدو كمَن يحمل أسرارًا عميقة داخله، وأنا مصممة على مساعدته في التعبير عنها وتخطي هذا الصمت القاتل

نَسِيجُ الأحرُفِ.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن