كنتُ أمْشي شَاردة الذِهن في باحةِ القصر، كانَ الحُزن يعتمرُ قلبي، لمَ؟ حقًا أنا لا أعلم.
لكني مِن ذلِك النوع الذي حَالما ينتهي مِنْ قراءة كتاب سَلبَ عقلة وقلبة، حَبسَ أنفاسة، جعلهُ يغوص في أعماقه متناسيًا ما حوله، وسافر كيانه في عوالِمه وسطوره، يصابُ بالحزن، أنا مِنْ الأشخاصِ الذين عِندما يَصلونً للفصلِ الأخير، الصفحةِ الأخيرة، السّطر الأخير، والكلمة الأخيرة يُصيبهم ذلِكَ الشّعور العَصِي على الوَصف، أنا منْ أُولَئِكَ الذينَ عِندما ينتهونَ منْ قِراءةِ كتابْ تبقى روحَهم محبوسة بين دفتيه.وهَل أعنْي بهذا الكَلام أيُّ كِتاب؟
حَتْمًا لَا...
بِهذاَ يمكنكَ أنّ تعرفْ أنّ الكاتِب إذا اِستطاعَ إيصال مَن يقرأ ما خَطتهُ يداه لِهذه المرْحَلة، اِستطاعَ تَحقِيقُ الهَدف وتخليّد اِسمه في قُلوبِهم وَحياتهم.
رُبما لأنني اِنتهيتُ مِن هَذه السّلسِلة المَلحَمية والتي أصبحَ كاتِبُها المُفضل لديّ وبلا شَكْ، بدأت الهموم والأحزَان بالتسَاقُط عليّ كَحباتِ المَطر.
أنا حَزينة، رُوحي تتعذبْ وكأنّها في الجَحيم السابِعة، أنَا لا أُبالِغ حقًا، رُبما لنّ يُصدْقني أحدْ سِوى مَن مَر بِنفسْ الشّعور.
سَمِعتُ صَوتَ شِجارٍ قادِم مِنْ خَلفِ شَجرة البَلوط القَريّبة لقَلبي...
إنّها أصواتُ آرَابِيلآ وغَيث وياسَمين وَريم ووَدقْ، تقدمتُ نحوَ شجرةِ البَلّوط وابْتسَمتُ عِندما سَمعت آربي تقول: أنَا ساحِرةُ النّار وسوفَ أقْضِي عَليكُنَّ.
فَتَتالتْ أصواتُ البقيّة قائِلات:
أنّا سَاحِرةُ الظْلآم، أنَا سَاحِرةُ الألبَابْ، أنَا سَاحِرةُ العَرَب، أنَا سَاحِرةُ القِدر...غَـيـث باِسّتدْراك: سَاحِرةُ القِدر!!. مَا هذا يا عَقْلي، أولم تَجِد كَلِمةٍ أَفْضلْ؟
ثُمَّ تَعَالت أصواتُ الفَتيات مُقهقِهَات على غَيث.
دونَ شُعورٍ مِنّي تقدمتُ وصِحت: في الحَقيقة هذا ليسَ مُضحِكً، هَذا اللّقب خاصٌ بالقَيقَبون وهوَ جَميل، عَجوز القِدر خَاصَتي، اِشتقتُ لها.
ثُمَّ تَنهدتُ بِأسّى.نَظرنَ الفَتيات ليّ بِتعجُّبْ، فَقُلت: حَقيقة شِجَاركُنّ هَذا فَتَحَ جُرح قَلبي.
ثُمَّ وضعتُ كَفَّ يدي على يَسار صَدري بِحركةٍ درامِية، وسَقطتُ على رُكبتيّ.
ضَحِكتْ الفَتَيات عليّ، ثُمَّ قُلنَّ: ومَنْ هي هَذِه عَجوز القِدر التي جَعلتكِ تسْقُطين هكذا؟ بالتأكيد أنهيتِ أحَدْ الروايات كَعادتِك وسَنضطَر لنواسيكِ دونَ أيّ فائدة.
أنت تقرأ
نَسِيجُ الأحرُفِ.
Mystery / Thrillerلكلِّ كتابٍ أو روايةٍ أو حتَّى أقصوصةٍ جوانبٌ تختلفُ من شخصٍ إلى آخر، بحسبِ وجهةِ كلِ واحدٍ، فتعال معنا نأخذكَ إلى وجهةٍ لم تكن تراها في كتابٍ قرأتَه، أو تتعرّفَ على جوانبِ كتابٍ لم تقرأْهُ بعد، فلا تدري لعلّنا نشدُّكَ إليه. هنا حيثُ لا قيود للرأي،...