ثُم لَم يَبقَ أحدٌ

37 7 5
                                    


هدوء خيّم على أرجَاءِ المبنَى، نظرْتُ للسّاعَة فِي معصمي لأجدَها تُشير للواحِدة صباحًا

الجميع كانوا نيام بينما بقيتُ جالسة على أرجوحتي أتأمل ظُلمة السماء

رهبة واندهاش يكسوان قلبي حين أنظر للقمر، ثم أدقق النظر فيه فأشعر بالارتياح

فجأة سمعتُ وقع أقدامٍ خافتٍ لألتفتَ بفزع، من ذا الذي يقاطع خلوتِي؟

رأيتُ ظلاً يختبأ خلف أحد الأشجار لأحمل أحد الأغصان المستقرة على الأعشاب

«من هُنا!» قلتُ وأنا أشهِر بالغصن

«إنها أنا» قالتْ وهي تخرج من خلف الشجرة

«خيال، مالذي تفعلينه هنا؟» سألتها باستغراب

رفعتْ كتفاها وأجابتْ: «لم أستطع النوم، ماذا عنكِ ميري؟»

«أنا كذلك لم أستطع النوم»

اتخذتْ لها مكانًا على أحد المراجيح وظلتْ تحركها جيئة وذهابًا

عمّ بيننا الهدوء للحظات حتى بدأتُ أنشد بانسجام مع نسماتِ الهواء:

«عشرة جنود صغار خرجوا للعشاء، أحدهم شرق فمات فبقي تسعة»

نظرتْ لي باستغراب واوقفتني متسائلة: «ماذا تقولين؟»

أملتُ رأسي وابتسمتُ: «إنها أنشودة»

رمشتْ بعد فهم لأَقول مُفسّرة: «هذه الأنشودة هي جزء من رواية..»

«وعمّ تتحدث هذه الرواية؟» قاطعتني بحماس

«عشرة أشخاص لا يجمع بينهم أي قاسم مشترك، تمّ دعوتهم لجزيرة بعيدة عن شاطئ ديفون جنوب إنجلترا، وفجأة خلال تناول العشاء سمعوا صوتًا من المسجل يتهم كل واحد منهم بارتكاب جريمة وهكذا لم يلبث أول المدعوون حتى سقط ميتًا»

نظرتْ لِي بعيون يغمرها الحماس لأُكمِل:

«يتناقص عددهم واحدًا تلو الآخر حتى يدركوا أن القاتل ليس سوى واحد منهم»

«وثم؟»

«ثم لم يبق أحد» 

همستُ تزامنًا مع هبوب نسمات باردة

صمتُّ لثواني ثم عدتُ أنشد:

«تسعة جنود صغار سهروا حتى ساعة متأخرة أحدهم أخذه النوم فبقي ثمانية»

ضحكتْ خيال لتقول ممازحة: «لن أنام هذه الليلة»

ضحكتُ معها وأكملتُ أنشد:

«ثمانية جنود صغار سافروا إلى ديفون أحدهم قال أنه سيبقى هناك فبقي سبعة»

توقفتُ حين خطرتْ ببالي فكرة والتفتُّ لخيال أخاطبها:

«في رأيكِ ماذا حصل للسبعة الباقين؟»

رفعتْ حاجبيها وقالتْ: «وما أدراني؟»

«خمّني» قلتُ أحثّها على التخمين

نظرتْ للمكان حولنا بتفكير ثم التفتتْ لِي بسرعة

«هل ذهبوا للغابة؟»

كنّا نجلس وسط الأشجار وذلك ما جعلها تفكر على هذا النحو

«إقتربتِ قليلاً.. للأمر علاقة بالخشب»

«لا تنوين إخباري يا ميري؟»

نفيتُ وأنا ابتسم لتقول بتحدٍ

«سأقرأها وأنهيها في يوم واحد»

«هل نعتبره تحدٍ؟»

أومأتْ بحماس وهي تمد يدها

صافحتُها وأنا على يقين بأنها ستنفذ وعدها، فالرّواية مشوقة وهي لن تطيق صبرًا حتى تنهيها



-ميري-

نَسِيجُ الأحرُفِ.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن