البنت التي لا تحب اسمها

10 1 0
                                    

كان مسار الحوار مختلفا هذه المرة، لم نتحدث عن القتل، أو الدماء، أو المصائب أو الاختلالات النفسية، بل كان حوارنا هذه المرة عن القصص الرمزية، وكنا قد اجتمعنا في صالة المقر، تحدثت والحماس ينهمر من صوتي 

«قرأت قصة رمزية خلال الفترة السابقة، اسمها الفتاة التي لا تحب اسمها»

عقدت ميري حاجبيها باستغراب وهي تقول 

«كيف لشخص أن لا يحب اسمه؟»

ابتسمت وأنا أقول

"يحكي الكتاب عن فتاة صغيرة، في الحادية عشر من عمرها، تهوى القراءة حتى الصبابة، وتعاني من تصرفات البالغين حولها، وكان جواب السيدة خيال عندما قالت لها أنه لا يعجبها اسمها إن أغلقت الموضوع في وجه الصغيرة»

ابتسمت خيال لرؤية اسمها يطرق أبواب القصة، ثم سألت بفضول 

«ما اسم الصغيرة؟»

فابتسمت بدوري وأنا أقول 

"اسمها زهرة السردوينا، وهو اسم مركب، اسم زهرة يكون لونها ابيضا أو ورديا، أو أصفرا، أو أحمر، وطنها إفريقيا الجنوبية، وتنبت في الإصيص"

هززت رأسي وأنا أقول 

"دعينا من جيناتي الجاحظية الآن قبل أن أخرج عن الموضوع، تحكي زهرة السردوينا عن سفر لأهلها، فذهبوا وتركوها عند جدتها قبل هذا، كانت قبل سفرها قد وجدت مجسما غريبا للكرة الأرضية، يحتوي على ٨ قارات، حملته معها أثناء سفرها، وعندما وصلت، قابلت زهراء وآصوتاي، القادمين من القارة الثامنة، قارة أفهِما، حيث سيأخذانها لتخوض رحلة عجيبة في قارة أعجب"

ابتسمت بحماس وأنا أركض لغرفتي أحضر الكتاب، ثم قلت لهم 

-من أجمل أقول الكاتبة في هذا الكتاب، الحوار بين زهرة السردوينا والساحرة 

يَعْنِي أَنَّكِ في الأَصْلِ لا تُريدينَ القِيامَ بِذلِكَ بِنَفْسِكِ، بَلْ لِأَنَّهُ يَتَوَجَّبُ عَلَيْكَ فِعْلُهُ، لا غَيْرُ. هَلْ هَذا ما قَصَدْتِهِ ؟!

اخْتَلَطَ عَقْلُ السَّاحِرَةِ. وَبَعْدَ أَنْ فَكَرَتْ قَلِيلًا، هَزَّتْ رَأْسَها، وقالَتْ:

نعَمْ

هذا هراءُ. حَتَّى وَلَوْ كُنْتِ ساحِرَةً يُمْكِنُكِ أَنْ تَتَغَيَّري. فَإِنْ كُنْتِ تَرْغَبِينَ في الأَمْرِ يُمْكِنْكِ أَنْ تَكوني امْرَأَةً لَطِيفَةٌ».

امْرَأَةٌ لَطِيفَةٌ؟ أَنا أَكُونُ امْرَأَةً لَطِيفَةٌ؟ إِذا أَصْبَحْتُ امْرَأَةً لَطِيفَةٌ أَكُونُ قَدْ تَخَلَّيْتُ عَنْ شَخْصِيَّتِي، فَالسَّاحِرَاتُ سَيِّئَاتُ

لِأَنَّ السَّاحراتِ الأُخْرَياتِ سَيِّئَاتُ، فَهذا لا يَعْنِي أَنْ تكوني أنتِ أَيْضًا سَيِّئَةٌ مِثْلَهُنَّ. أَنْت شَخْصٌ مُخْتَلِفٌ، وَتَمْلُكِينَ عَقْلًا وَتَفْكِيرًا مُخْتَلِفَيْنِ»

قلبت الصفحة وأنا أقول

«وكذلك قول الكاتب على لسان البطلة

أَدْرَكَتْ ساردونيا حِينَها أَنَّهُ لَيْسَ الْأَوْلَادُ فَقَطْ الَّذِينَ يَشْعُرُونَ بِالوَحْدَةِ، بَلْ يُمْكِنُ أَنْ يَغْلُبَ هذا الشُّعُورُ الطُّيُورَ والأسماك والتنين، وحتى الساحرات. كانَتْ حَياةُ الجَميعِ صَعْبَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ، وَالكُلُّ لَهُ قِصَّةٌ وَحِكَايَةٌ.

أَدْرَكَتْ ساردونيا أَيْضًا أَنَّه لَيْسَ هُناكَ طَريقٌ سَهْلٌ فِي هَذِهِ الحياة. مهما حاوَلَ الإِنْسانُ أَنْ يَخْتارَ طَرِيقًا سَهْلًا، فَإِنَّهُ لا بُدَّ مِنْ أَنْ يُواجِهَ عَقَبَاتٍ وَصُعُوبَاتٍ نَعَمْ، فِي كُلِّ دَرْبٍ مِنْ دُرُوبِ الحَياةِ امْتِحَانُ يَجِبُ اجْتِيازُهُ في الحَقِيقَةِ، لا يُعْتَبَرُ هذا الأَمْرُ سَيِّئًا إلى هذا الحَدِّ المُهِمَّ أَنْ تَقُومَ بِمَا يَنْبَغِي لَكَ فِعْلُهُ عَلَى أَكْمَلِ وَجْهِ. كَمَا أَنَّه لا يَجِبُ الفَوْزُ دائمًا، فإذا كانَ التَّعَلَّمُ نجاحًا، فَهذا يَعْنِي أَنَّ الإِنْسَانَ مَعَ خَسَارَتِهِ فِي شَيْءٍ ما، هُوَ ناجِحٌ فِي شَيْءٍ آخَرَ، وَهُذَا يَعْنِي أَنَّ وَرَاءَ كُلِّ خُسْرَانٍ فَوْزًا وَنَجَاحًا خَفِيَّيْنِ»

ابتسمت برضى وأنا أقول 

«لا أعتقد هذه المرة أني أملك نسخا للكل لكن سأحرص على البحث عنها»

-إيلين

نَسِيجُ الأحرُفِ.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن