فجرٌ هادِئ..وسماءٌ بدأ الظلامُ يهربُ منها، وأراضٍ تستعدُ للقائها بخصلاتِ الشمسِ الذهبية. أثناءَ إعدادي لِقهوتي الصباحية بعد صلاةِ الفجر، سمِعتُ أصواتًا في الممر، ظننتُ أن إحدى الفتيات تأخرت عن الصلاة ونهضت لتوِها، فتجاهلتُ الأمر وأنهيتُ إعداد قهوتي متجِهةً للجلوسِ على حافةِ النافذة، نسيمٌ باردٌ ولطيف تلاعبَ بخصلات شعري المُموج، خلالَ تأملي للسماء، أُرددُ تهويدةً كلِماتها:
-"نام.. نام..
فأنتَ في حضنِ الهمام
من قتل لأجلِك سبعونَ جان..
في بحرٍ يملؤهُ الجفاف
لوثته دماء العمام
فمن همام.. ومن عمام..
أسيادُ المكان"أثناء ذلك، شعرتُ هذه المرة بأحدٍ خلفي اِلتفتُ لأرى (اِيري) تقفُ بإستعدادٍ لمحاولة إخافَتي.
"كيف شعرتِ بي بهذه السرعة!"-قلتُ لها ضاحكة:
-"كنتِ أنتِ من أصدر تلك الأصوات إذًا!"أردفت بخيبة:
-"فشلتُ في إخافتكِ هذه المرة.."-"لِم لَم تذهبي لإكمال نومكِ كالبقية؟"
-"حاولتُ لكنَّ يبدو أن النوم قد خاصمني مع الأسف،
ماذا عنكِ لمَ ما زلتِ مستيقظة؟!"-"لم أنم منذ البداية."
أردفت (اِيري) باستغراب:
-"ما زلتِ مستيقظة للآن؟ مالذي كنتِ تفعلينه؟"أجبتُ بفخر:
-"سهرتُ الليل مبتغيةً إنهاء الرواية التي بدأتها عِند منتصف الليل! وفعلت! "-"أيُّ روايةٍ هذه قد سحرتكِ لتُفرطي بساعاتِ نومكِ لأجلها؟"
أجبتُ مبتسمةً بهدوءٍ، استذكِرُ أحداثًا أمضيتُ ليليَّ معها:
-"جمرة.."
-"روايةٌ بها جنٌ وشياطين مجددًا صحيح؟ ما قصة
تلك التهويدة التي كنتِ ترددينها؟ أهي منها؟"
رددتُ ضاحكةً بخفة:
-"كل ما قلتهِ صحيح، ويبدو أنكِ تعرفينني جيدًا"أجابت مبتسمةً بنشاطها المعتاد:
-"بالطبع! فنحن توأمٌ في النهاية~، هيا حدثيني عن قصة تلك الرواية، لديّ فضولٌ كبيرٌ لها! "
-"أأنتِ واثقة أنكِ لا تودين قراءتها بنفسكِ؟ "
أجابت وهي تومئ برأسها:
-"أجل! فالقصصُ عندما ترويها انتِ تكونُ مشوقة أكثر!"
أبتسمتُ مُتأملةً الخيوط الذهبية التي بدأت بإحتضانِ المدينة منذ ثوانٍ قليلة، ثم ألتفتُ قائلةً:
أنت تقرأ
نَسِيجُ الأحرُفِ.
Mystery / Thrillerلكلِّ كتابٍ أو روايةٍ أو حتَّى أقصوصةٍ جوانبٌ تختلفُ من شخصٍ إلى آخر، بحسبِ وجهةِ كلِ واحدٍ، فتعال معنا نأخذكَ إلى وجهةٍ لم تكن تراها في كتابٍ قرأتَه، أو تتعرّفَ على جوانبِ كتابٍ لم تقرأْهُ بعد، فلا تدري لعلّنا نشدُّكَ إليه. هنا حيثُ لا قيود للرأي،...