محاط بالمرضى النفسيين

24 4 0
                                    

ابتسمت وأنا أنظر لتسجيل مرئي معين على حاسوبي، دق باب غرفتي فأعطيت الإذن للداخل أن يدخل، لم أركز حقا على هويته إلا عندما أصبح خلفي وانحنى ليرى ما أشاهده ثم سأل

«ما هذا؟»

ابتسمت وأنا أقول

«هل يمكنك إخباري عن شعور الزوجين هنا؟»

ابتسم بدوره وهو يقول

«حسنا، إنه يحتضنها، وكلاهما مبتسم، إذا هما سعيدين»

ضحكت بخفة سألني بفضول

«ماذا تفعلين؟»

«أتعلم عن قراءة لغة الجسد، وأعتقد حقيقة أن الرجل هو من يحتضنها، وهذا لأنه في موضع قوة، أنظر إلى وضعية قدميه وابتسامته، وهي غير مرتاحة، تقوم بحركة اسمها احتضان الذات، اخترق الرجل منطقة راحتها وهي غير راضية، وحقيقة أستطيع توقع نوع العلاقة بينهما، الزوج متحكم وعصبي، والسيدة منزعجة لكنها تطيعه»

قلت هذا وأنا أنزل في الموقع لأتاكد من صحة كلامي، فابتسمت وأنا أقرأ كل ما سردت فسأل مندهشا

«كيف لها أن تستمر في علاقة كهذه!»

تنهدت وأنا أقول

«في هذه المرحلة، لا أعتقد أنها تعرف، أرجح أن الرجل مختل نفسيا وأرجح أن شخصيتها خضراء وأن الرجل أحمر»

عقد حاجبيه باستغراب وهو يقول

«تعنين مختل عقليا؟ وماذا أخضر وأحمر؟»

هززت رأسي برفض وأنا أقول

"لا مختل نفسيا، أو سايكوباثي بصيغة أخرى، وأحمر وأخضر تصنيفات مخطط ديسا»

عقد حاجبيه باستغراب فأغلقت الحاسوب وأنا أتجه للمكتبة، أخرجت كتابا وأنا أقول

«مخطط ديسا هو مخطط قائم على تقسيم البشر بناء على الألوان، الأحمر المهيمن، الأصفر الملهم، الأخضر المتزن، والأزرق التحليلي»

مددت له الكتاب فضحك وهو يقول

«أنت تملكين كتابا لكل موضوع، حسنًا عن ماذا يتحدث هذا الكتاب؟»

ابتسمت وقلت

«حسنا، تقوم فكرة الكتاب على تعريفنا بتقسيم الشخصيات بناء على مخطط ديسا، ثم يشرح عن الاختلال النفسي، ويقوم بربطه بأنواع الشخصيات، كيف يحاول المختل التلاعب بالشخصية، وكيف تتصد له الشخصية»

رفع حاجبه وهو يقول

«لكن المختلين يمثلون فعليا نسبة أقل من ١% من سكان الأرض، ومعظمهم في السجن بالفعل»

ابتسمت مرة أخرى وأنا أقول

«وهنا عرض الكاتب نقطتين، أولا نسبة المختلين نفسيا في العالم تتراوح ما بين 2-4% (لاحظ أننا نتحدث عن ٧ مليار بشري) والمشكلة هنا أنهم لا يؤثرون على نفسهم فقط، بل يؤذون غيرهم، هذا يعنى أن نسبة المتضررين منهم أضعاف نسبتهم، عزيزي، المختلين أذكى من هذا، من يدخل السجن منهم هم هؤلاء الذين لم يستطيعوا التحكم بمشاعرهم وتصرفاتهم، ولم يجدوا حلًا للوصول لما يريدون سوى العنف.

ثانيًا، ذكر الكاتب مثالًا جميلًا جدًا حيث قال: ( إذا كنت راعيًا ولديك ألف من الغنم وسمعت أن هناك ذئبين يحومان في الجوار، أيهما ستتبع أخباره راغبا في معرفة المزيد عنه؟ الغنم أم الذئاب؟ بالتأكيد ستريد تتبع أخبار الذئبين، حتى إذا لم يكن عدد الذئاب كبيرًا، وحتى إذا لن يتسببوا في مقتل كل الأغنام التي ستقابلهم، سيظل من الأفضل أن تعرف كيف يفكر الذئب، وكيف تتعرف إليه عندما تراه. لأنه بمجرد أن يقرر الهجوم، سيكون الأوان قد فات على أي رد فعل، وعندها سيحصل الذئب على كل ما يريد.) لذا، هل ندرس الخرفان أم الذئب»

ابتسم وأخذ الكتاب دون أن يسألني قائلا

« أراهن أنك قرأته عشر مرات بالفعل، سأستعيره»

ضحكت، ثم مرر يده على الغلاف قائلا

«محاط بالمرضى النفسيين، مثير للاهتمام»

-إيلين

نَسِيجُ الأحرُفِ.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن