فوق الأريكة تربعت فتاة في الواحد والعشرين مِنْ عمرها، يتدلى شعرها البني المجعد على كتفيها، مدت يدها لتمسك بجهاز التحكم تقلّب القنوات بملل شديد، حتى استقرت على قناة أخبارٍ.
《استشهد خمسون مواطنًا مِنْ رجالٍ ونساءٍ وأطفالٍ وكبار السن، كما بلغ عدد الإصابات إلى ثلاثٍ وثلاثين مصابًا ...》أغلقته نافخةً بضيقٍ، كم تكره الحروب.
قامت مغادرةً للمكتبة، أخذت كتابًا عشوائيًا دون رؤية عنوانه، غادرت تمشي شاردة تفكر في هذا الواقع المخيف، تنهدت بحزن بينما جلست على أرجوحة الحديقة، ثُمَّ رفعت الكتاب لتقرأه.
فتحت بداية الكتاب بشكلٍ عشوائيٍّ لتقرأ النص الذي يتوسط الصفحة المصفرّة
طبول الحَرب تُقرعاجتاحتها في هذه اللحظة جميع المشاعر التي شعرت بها في فترة قراءتها له وأخذ عقلها يعود للوراء، أطياف الشخصيات تتراقص في ذهنها والمشاهد تُعاد بصدى منخفض.
تلمّست الصفحة حتى وصلت لأطرفها ثُمَّ قلبتها للتالية، وتزامنًأ مع هذا جلست بجانبها شَفق، تزفر براحةٍ بعد أن انتهت مِنْ عملها ووضعت مرش الحديقة بجانب المقعد.
التفتت لتلك الغارقة فيما بين يديها ولم تنتبه لها حتّى الأن:
《سأخمّن مِنْ عَدم شعورك بي أنّهُ كتابٌ جيّد》التفتت الأخرى لها أخيرًا وعلى وجهِها علامات صدمة طفيفة:
《أجل، انتهيتي مِنْ سِقاية الحديقة؟》ردت الأخرى بالإجاب وهي تخلع رداء الزراعة وعينيها تجوب غلاف الكتاب في يد شيماء، ونَبست بعد أن تمكّنَ فضولها منها، شيماء لا تسرح في كتاب إلا إذا كان جيدًا، فأشارت بوجهها للكتاب:《أخبريني عَنه؟》
ردّت الأخرى متأملة بعينيها البنيتين لما بين يديها، ثم أخذت نفسًا عميقًا:
《إنّها رواية لأدهم الشرقاوي سمَّاها (نبض)》《نبض؟》نبست شَفق باستغرابٍ وفضولٍ واضحٍ.
أومأت شيماء بالإيجاب، لتتابع حديثها بشرودٍ والحزن بادٍ على محياها:
《رواية تتحدث عن الحب في زمن الحرب، شابٌ سوريٌّ أبا إلا أن يكتب عن حبيبته نبض، ذكرياتهم ونقاشاتهم عن مواضيع عدة منها أسباب الحروب...》، صمتت قليلًا《أتعلمين يا شَفق؟ أكثر ما يعجبني في هذا الكتاب تنوع موضوعاته ووصف الشاب لحبيبته.》
أنت تقرأ
نَسِيجُ الأحرُفِ.
Mystery / Thrillerلكلِّ كتابٍ أو روايةٍ أو حتَّى أقصوصةٍ جوانبٌ تختلفُ من شخصٍ إلى آخر، بحسبِ وجهةِ كلِ واحدٍ، فتعال معنا نأخذكَ إلى وجهةٍ لم تكن تراها في كتابٍ قرأتَه، أو تتعرّفَ على جوانبِ كتابٍ لم تقرأْهُ بعد، فلا تدري لعلّنا نشدُّكَ إليه. هنا حيثُ لا قيود للرأي،...