الخامس عشر ♡ حب في الحرب ♡ صابرين شعبان

815 53 16
                                    

الفصل الخامس عشر

وضع نور على الأرض و أعطاه أحد ألعابه و توجه لغرفته بصمت ليغلق الباب خلفه في رسالة ممنوع الدخول و كأنها ستفعل و تدخل، و لكنها تريد أن تعرف ما حدث هناك، تريد أن تعرف كيف وافق والدها على عودتها لمنزل العائلة، هل أخبره بما فعله بها، لكن من أين يعلم و هو لا يتذكر شيء، الغريب هو مجيء المعتصم لمنزلهم في هذا الوقت و كأنه يعرف بحضورها، وعمها ممدوح، من أخبره بدوره؟؟؟؟؟ الكثير من التساؤلات تدور بخلدها و لن تستريح إلا إذا علمت ما حدث بالضبط في اثناء بقائها مع صافية بالداخل، وضعت نورسين بجانب شقيقها و توجهت بحزم تطرق بابه بقوة قائلة "أريد الحديث معك الأن"
لم يأتيها جواب لتعود لطرق الباب من جديد، فتح ضياء الباب و هو يتمسك به كمن يدعم جسده به قائلاً بفتور
" ماذا تريدين نغم "
" أريد الحديث عن كل ما حدث في منزل أبي، أريد معرفة ما قيل في عدم وجودي "
نظر إليها بتمعن و هو يأخذ عدة أنفاس ليهدأ لعل هذا النبض برأسه يذهب " أخبريني عن معتصم نغم، لم تخشينه "
حدقت إليه بصدمة " ماذا تقصد "
عاد لغرفته و توجه لسريره و صعد إليه ليستلقي نصف جالس يريح رأسه على وسادة ناعمة من الفايبر لعلها تريح ألم رأسه، دخلت خلفه بغضب " أنا أتحدث معك "
" و أنا سألت سؤال و أنتظر جوابه "
كان يتحدث ببطء و عيناه تكاد تغلق، سألته بقلق " هل أنت مريض "
أشاح بيده بوهن " صداع فقط "
" سأتركك الأن إذن و لكني أريد معرفة كل شيء "
" و أنا أيضاً "
ألتفتت إليه بحدة " لا شيء أخبرك به، المعتصم ابن عمي و لا شيء زائد "
" بل أنتِ تخشينه و أنا أريد معرفة لماذا، رأيت كيف انكمشت خائفة و أنتِ تقتربين مني "
" لا يخصك هذا و إن كنت أفعل، فأنت وجودك بحياتي مؤقت و لا شيء يربطنا غير الولدين مفهوم "
أومأ برأسه لتتشنج ملامحه و قد زاد نبض رأسه
" نعم "
خرجت غاضبة و رغم ذلك شعرت بالقلق هل ألم رأسه بسبب معرفته لشيء أزعجه، ألم تتذكر حديث الطبيب أن لا يخبروه بما يزعجه عن ذكرياته الماضية، هل والده تحدث أمامه عن ذلك الذي قال يعرفه، هل يعرف حقاً ما حدث قبل سفره، لا مستحيل، حتى لو علم لن يقول شيء كهذا لوالدها و شقيقها. كانت تقطع الردهة بعصبية عندما رن هاتفها لتجده رقم غريب لتسرع و تجيب
" نعم، من معي "
قابلها صمت من الجانب الأخر لتقول بغضب " ليس لي مزاج لسماجة مزاحكم "
أغلقت الهاتف و قامت بحظر المتصل، ذهبت لتبدل ملابسها و عادت لتعد الطعام لطفليها و ذلك القابع خلف الباب، تبا له متى ستتخلص منه، قامت باعداد الطعام بعقل شارد ثم سكبت للولدين و جلست تطعمهم و عيناها تذهب في رحلات منتظمة لبابه المغلق تنتظر خروجه و لكنه لم يفعل حتى أسدل الليل ستاره، و كانت تستعد للنوم مع طفليها اللذين أفتقدا والدهم ليظهر ذلك في ضيقهم و صراخهم على غير العادة، وجدته يخرج من الغرفة و قد ذهب عن وجهه الشحوب و الارهاق "مساء الخير"
هلل الولدين لرؤيته فابتسم بحنان و قال يحمل كلاهم بين ذراعيه و يقبل كل منهم بحنان " هناك من اشتاق لبابا على ما يبدو "
لم تجيب و هى تراقب عبث طفليها بوجهه و كل منهم يحاول جذب انتباهه إليه، دمعت عيناها بحزن و تألم قلبها لعلمها أنه سيأتي يوم و يتركهم و يذهب ليعيش حياته ليتزوج و ينجب غيرهم. رفع رأسه لينظر إليها بهدوء " ذاهبة للنوم "
" ماذا ترى فالوقت تأخر بالنسبة للولدين، أم تريد أن أعلمهم عادة جديدة و هى السهر للصباح "
" لا أريد ذلك بالطبع، حسنا لم لا تذهبي بهم للفراش ليغفو و أنا سأعد كوبين من الشاي و أنتظرك بالخارج، أريد الحديث معك "
" ستخبرني بما حدث بمنزل أبي "
" سأخبرك بكل ما يريحك نغم، صدقيني لم أعد أريد شيء غير راحتك "
يريد راحتها، أم التخلص منها فقط ليريح ضميره تجاهها، حسنا و هى لا تريد شيء غير نزعه من حياتها لتعود هادئة، ذهبت لتعد الولدين للنوم و بعد نصف ساعة عادت لتجده ينتظر كما أخبرها أمام المنزل على أحد المقعدين الهزازين، جلست على الأخر بصمت و كان يحتسي الشاي الساخن بينما كوبها على الطاولة بينهم و لم يخبرها أن تأخذه فهو يعلم برفضها لذا أثر الصمت، تنهدت داخلها و أمسكت بالكوب لترفع عنه الطبق الذي كان يضعه عليه حتى لا يفقد حرارته بسرعة، وجدته ما زال ساخن لتعلم أنه لم يعده منذ وقت طويل، تناولت منه القليل لتبدأ بسؤاله " أخبرني "
وضع الكوب بجانبه بعد أن أنتهى ليقول بهدوء " أخبريني بما تريدينه نغم، هل ما زلت تريدين الطلاق "
ردت بعصبية " هذا لا يحتاج لجواب "
تمتم " حسنا، إليكِ ما سيصير منذ الأن، أولاً سنظل في منزل واحد لأجل غير مسمى حتى يتأكد الجميع أن زواجنا بخير و نحن نعيش كأسرة سعيدة، سنذهب لرؤية والدك في منزلكم من وقت لأخر ليعلم الجميع أن علاقتك مع عائلتك بخير و أنهم سامحوك على ترك براء و الزواج بي "
قاطعته بحدة " و بعد ذلك، ماذا سيكون "
رد بفتور " سأسافر لا شيء أمامي غير هذا، يمكن أن نطيل فترة زواجنا بهذا، لن أعود لأوقات طويلة لذا ربما يكون هذا السبب حجة مناسبة لكِ لطلب الطلاق و إن سفري الطويل هو سبب ذلك "
" قلت أنك لا تريد السفر "
" قلت هذا من أجلك و سأفعل هذا من أجلك أيضاً "
" لا تفعل شيء من أجلي، ما الذي تريده أنت في الحقيقة، و لا تتخذني حجة لذلك، أنت تريد العودة لحياتك بالخارج و تدعي فعلك هذا من أجلي لتريح ضميرك "
" لو كنت تريدين معرفة ما أريده حقاً، فهو البقاء هنا معكم، أريد أن يكبر ولدي أمامي، أريد حياة كالجميع منزل و زوجة و أولاد، إذا خسرت المنزل و الزوجة بفعلتي، لا أريد خسارة الحياة مع أطفالي،و لكن يبدو أنه علي خسارتهم أيضاً ليكون جزاء عادل لم فعلته "
لفهم الصمت لبعض الوقت يعطيها الوقت للتفكير لذا و بعد بعض الوقت قالت نغم بمرارة " لن يمنعك أحد عن رؤيتهم ستظل والدهم، من طلب منك الابتعاد "
" لا أريد أن أكون مصدر دائم لألمك "
" هل علمت حقاً بما حدث أم كنت تكذب لتصلح الأمور مع عائلتي "
" لا أكذب "
دمعت عيناها بحزن و صمتت تفكر ببؤس، أنها أيضاً لا تريد أن يبتعد عن طفليه و لكن الحياة بينهم مستحيلة.
" كيف أقتنع أبي بعودتي للمنزل "
" أخبرته بكل شيء "
أتسعت عيناها بعدم تصديق " كل شيء مثل ماذا "
" كل شيء تعني كل شيء نغم، كل شيء مررت به منذ ليلة زفافنا "
خرجت شهقة صدمة لتضع يدها على فمها تكتم تأوه حاد من الخروج " أنت لم تقل هذا حقاً "
" بلى، كان معاذ يريد قتلي و لكنه تركني فقط من أجلك، لا يريد أن يتسبب لكِ بالأذى مجدداً ، لذا كان هذا قرارهم و هو البقاء لحين يكف الجميع هنا عن اللغو بحقك و تعودي لحضن عائلتك بسلام "
" و تعود أنت لتسافر "
لم يجيب فنهضت من جانبه بكرب " سأذهب للنوم تصبح على خير "
أومأ برأسه بصمت و عاد يتطلع بشرود للباب الكبير المغلق بإحكام...

  الزواج  تأديب و تهذيب و إصلاح    ( جميع الاجزاء  في نفس القصة) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن