-1-

2.9K 155 120
                                    

معتقل إنفرنو "inferno"

- هيا ، هيا ، اقضي عليه ، إضربه .

ألكمه مرة أخرى .

تعالتْ أصوات المساجين ، الذين يتعاركون كل ليلة لينتهي المطاف بأحدهم ميّتا ، و مجموعة تعاني رضوضا و إصابات بليغة .

أساليب مقيتة لإرضاء السجَّانين ، و إمتاعهم مقابل الحصول على بعض المُخدرات و المهلوسات لنسيان الجحيم الذي يعيشونه في معتقلهم الرهيب بهذه الجزيرة المعزولة عن العالم .

مُعتقَل تم تشييده خصيصا ، لتجميع المحكومين بالإعدام لأغراض لا تزال مُبهمة .

يتحمَّلون فيه الجوع والبرد والقذارة والإهانات ، و لكن رعبهم الأكبر كان الجلاد مُلثَّم الوجه ، المفتول العضلات ، و المُغطى بالوشوم .

.

وما إن رآه أحد المساجين من النافذة الصغيرة التي بحجم الوجه مُقبِلًا ، جحضت عيناه ، و نطَّ إلى الداخل ليُخبر الجميع على الفور .

فرَّ كل واحد من أولئك المتمردين ، من معتقلي الرأي و السياسية ، المتورطين في الإنقلابات العسكرية ، و المجرمين و الارهابيين مضاجعهم .

حتى أن هناك من تكوَّر في سريره ، و غطى رأسه ما إن سمع صوت نعليه وخطواته السريعة ، يرافقه ثُلة من جنود الصاعقة ، رجال ضخام البنية ، بلِحِيٍّ كثيفة و وجوه تملأها الندوب .

كان كل محبوس يتوسل الخالق في سِرِّه ، بما فيهم الملحدين الذين أنساهم الرعب أنهم لا يؤمنون بوجود الرب ، ألا يكون هو من سيتم استنطاقه .

سَيطَر الذعر على الجميع ، و لكن يبدو أنه إتجه مباشرة إلى الزنزانة حيث يتواجد السجين الغامض ، الذي لا يُسمَح له بمغادرة خليته نهائيا ، حتى أن طعامه وشرابه يُقدَّمان له من تحت الباب.

رجل منطوي ، يعتنق الصمت دينا منذ أيام .

كل ما يعرفون عنه ، ما يلقِبه به الحارسين الضخمين اللذان يقفان دائما بصدورهما نصف العارية ، و أقراطهما المُنفِّرة التي تتدلى من آذانهما على باب سجنه الإنفرادي.

ففي كل مرة يرمون له الطعام أو يكسروا غفوته لتعذيبه ، يناديانه بالشيطان .

يقضي محكوميته داخل زنزانته جالسا في حجرته المظلمة رغم الضوء الأحمر الخافت المائل للصفرة ، والمؤذي للعين ، وضعوه له عمدا لإرهاقه نفسيا ، ناهيك عن إفتقارها لنافذة ، فلا يدري أي وقت من اليوم هو .

يقضي نهاره وليله مستلقيا على سرير حديدي تآكله الصدأ من شدة الرطوبة .

حتى أن قطعا منه إهترأت ، و سقطت كفتات برتقالي على الأرضية التي تفوح منها رائحه العث .

كان لصمت هذه الزنزانة صوتا مربكا ، و رائحة ممزوجة بالعفن الذي يتسرب من شقوق الجدران ، فبدا الظلام فيها مضاعفا ، و قد تلوَّنت حيطانها بالسواد المُلوَّث بحَمار دماء من مروا عليها نزلاء .

جلاّد الشيطان حيث تعيش القصص. اكتشف الآن