الـمـحـاولـة الرابـعـة والثلاثـيـن

4.9K 288 83
                                    

بقلم بوفارديا
أتمنى لكم قراءة ممتعة.

* * * * * * * * * * * * * * * * * *

الجلسة العشائرية كان مقرر إقامتها في منتصف الشهر الثاني، ليتم وضع كافة الشروط وحل كل ما يريده اي فرد من القبيلتين، ولهذا لم يستعجلوا في إقامتها، بل أعطوا الفرصة لكلا الطرفين أن يحاولوا تقبّل فكرة الصلح.

فقد نشأ الخلاف الذي بين بني خالد وبني صخر قبل أن تنشأ هذهِ الأجيال حتّى، وهذا جعل داخل كل منهم فكرة العداء تنمو مع نمو الشخص وتزداد حتّى باتت فكرة الصلح شيء استحالي، بل استنكاري من الجميع.

لم يتم ذكر علاقة جبّار وجمان، وهذا جعلها تفقد الأمل في العودة، وتحاول تقبّل فكرة الإنفصال، وما جعلها تتقبل هو عدم محاولة جبار في استعادتها.

لم يجرب الإتصال عليها رغم احتفاظها بالهاتف الذي اعطاه لها، كانت تجلس على سريرها، وعينيها تنظر لشاشة الهاتف طويلاََ، لساعات كثيرة، لكن يغلبها النوم من الأمل في اتصاله!، تنام ثمّ تستيقظ لتأخذه من جانبها، تسارع بفتحه، تتفقد سجل الإتصالات، ويخيب ذلك الأمل حين لا تجد أي اتصال من جبّار.

ذات يوم، اغلقت الباب على نفسها، واخذت الهاتف وبعد تردد طويل، اتصلت على رقم خديجة، كانت تجلس على السرير، تعصر يديها بقوّة وهي تستمع لرنين الإتصال.

:- جمان!.

جاء صوت خديجة إليها، متفاجئة من الإتصال، فقالت جمان وابتسامة ارتسمت على شفتيها.
:- كيف حالكِ؟.

:- الحمدلله، انا بخير، أنا لا أصدق!، لقد حاولت الإتصال بكِ كثيرًا، لكن لم يجيب أحد، فظننتُ أنكِ لا تريدين التحدث معي.

تنفست جمان أنفاس متقطّعة من الألم الذي يجثم على صدرها، وابتلعت الغصة التي في حلقها، وهي تقول بصوت أجوف.
:- جبار.... كيف هو؟، هل هو بخير؟.

:- جبّار ، يعني، أنا لا أراه كثيرًا، هناك أشياء كثيرة حصلت في غيابكِ، لقد افتقدناكِ جميعًا، حتّى أن أبي في الأمس كان يقول لي، جمان كل يوم عند الفجر تبدأ حركتها في المنزل، المكان هادئ بغيابكِ.

ضحكت جمان ثمّ قالت بمرارة.
:- بسبب شجاراتي مع جبّار، كنتُ أزعجكم كثيرًا.

:- بالعكس، وجودكِ كان سعادة لنا، وسعادة لجبار.

اخفضت جمان عينيها، مجرد سماعها لاسمه وكأنه جرح في أعماقها، وكأنه نصل في وسط قلبها يُغرز بلا رحمة، ذلك الحب، الحلو، المؤذي، الذي يضحك القلب، ثمّ يدميه، من فرط الوجع!.

:- عندما كنتِ بالمستشفى، حين مات الطفل، لقد ذهبت لغرفة جبّار، كان منهار!، لأول مرّة أرى جبّار، ذلك الرجل الذي يكون جبلاََ عند المصاعب، انهار خوفًا من فقدانكِ، والله لا أقول هذا من أجل أي مصلحة، فأنا أعرف أن ما بينكما صعب، وهناك قبيلتين بالكامل تقف بينكما، لكن إعلمي أن جبار يحبكِ، وليس حبًا عاديًا، بل حب عظيم، بعِظم  العداء بين بني خالد وبني صخر، بل وأعظم.

محاولات لقتل إمرأة لا تُقتلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن