بقلم بوفارديا_66
أتمنى لكم قراءة ممتعة* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *
كان عثمان يقود السيّارة، معه ليلى وميسون وزوجة أخيه، ووالده ووالدته بالسيارة الأخرى، لم يقل لوالديه أن الذي سيحاولون التعرف عليه جُثة حتّى لا ينهاران.
يداه ترتجف بينما ميسون بجانبه تتحدث معه وهو غير مركز معها، قلبه يرتعش كارتعاشة جسده ويردد بداخله.
:- يا الله لا يكون جواد، يارب لا تدعه يكون جواد.ليلى تحتضن حفصة التي لم تتوقف عن البكاء أبداً، والده ووالدته قد أصبحوا ورائهم الآن، تلك اللحظة لا يمكن أن يدرك أحد مدى صعوبتها على العائلة، لا أحد يعرف ماذا يعني ذهابك لترى جثة هامدة إن كانت تخص شخص عزيز عليك أم لم تكن، لا أحد يدرك صعوبة ذلك الموقف والألم الذي كانوا يحسون فيه.
قبل أن ينزلوا من السيّارة قال عثمان.
:- زوجة اخي لا تبكي أمام أبي وأمي الآن، أمي لن تحتمل الموقف.خرج عثمان من السيارة ووقف في ذلك الصباح الباكر أمام المستشفى، صامت وعيناه محمرتان كجحيم مستعر، وقف ينتظر سيارة والده التي اصطفت بجانب سيارة عثمان وخرج منها والده الذي أرجف قلبه من مظهره، كان يتعثر، ممسك بطرف ثوبه وكأنه لا يدري ما يدور حوله، ووالدته خرجت بعبائتها السوداء كأنها مصدومة وكأن ما يحدث الآن لا يستوعبه عقلها، بل وكأنها هي خارج العالم .
اسند والده ومشى معه بينما الفتيات ذهبن مع ام جواد، وحفصة يا الله ماذا فعلت حفصة طوال الطريق، تضع يدها على فمها إذا ما أحست أن بكاءها الصامت أصبح له صوت، تكتم شهقاتها، ولا تتوقف عن البكاء أبداً بشحوبها ذاك.
بل وحين سمعت خبر حملها في الأمس، كانت ليلى طوال الليل عندها خائفة أن يصيبها شيء، بكت بلا توقف حين اخبرتها لبيبة عن حملها.
المستشفى في ذلك الصباح الباكر كانت فارغة، والهواء كان صقيعي، والسماء ملبدة بغيوم سوداء تنذر بعاصفة قريبة، راح عثمان يتحدث مع طبيب التشريح وترك العائلة تقف في الممر الذي يؤدي لغرفة الثلاجة... ثلاجة الموتى!.
:- جئنا للتعرف على الجثة.
الجثة، التي فيها احتمال كبير أنها جثّة جواد، إذ أن السيارة التي وجدوها هي سيارة جواد، إلا أن عثمان لم يحدث عائلته عن هذهِ التفاصيل التي أخبروه بها الشرطة، لو علموا ما قالته الشرطة لما استطاعوا المجيء، هو أخبر أبيه وأمه أن هناك مريض بالمستشفى كان مشتبه به أنه جواد، لكن حين وقفوا أمام غرفة ثلاجة الموتى لم يحتج ذلك لذكاء ان يعرفوا أنهم جاؤوا للتعرف على جثة وليس شخص مازال حياً.
دخلوا خلف الطبيب الذي اتجه إلى الثلاجة، وسحب منها أحد الأدراج، الشهقات لم تتوقف، لأن مظهر الجثة التي رأوها كان صادماً جداً، الجثة كانت متفحمة، لم يقترب أحد سوى حفصة التي تقدمت بخطى متعثرة تعض شفتيها وهي تكتم بكاءها الذي تحول لشهقات متقطعة تأبى أن تزول، وقفت بجانب الجثة، ومدت يدها إلى يده وتلمست خاتم الزواج، ورفعت عيناها إلى عثمان الذي كان كما لو أنه جماد لا يتحرك من الألم الذي أصابه، نظرت إليه بعيون محتقنة، ثم عادت تنظر للجثة ولمست القميص الذي احترق على جسده وبقيت آثاره.
أنت تقرأ
محاولات لقتل إمرأة لا تُقتل
Romance- عن قصة واقــعـيـة. حرب شرسة بين قبيلتين، دام صراعها لأكثر من خمسون عاماً حتّى شُبهت بحرب الأوس والخزرج، تموت قصص حب وتحيا أخرى في هذهِ الحرب. الحبُ ليس روايةً شرقية ، بخِتامها يتزوج الأبطال ، لكنه الإبحار دون سفينة ، وشعورنا أن الوصول محال ، هو...