الفصل الثالث

51 4 1
                                    

استمر البحث عن إلياس ونوريس ساعة كاملة دون جدوى، أين ذهبا يا ترى؟! فتح كريستوفر كاميرات المراقبة ليفهم أخيرًا ما جرى، فقال بنبرة هادئة تحمل في طياتها نية القتل:
"كيف غفت عيونكم عن دخولهم الى هنا واختطاف اثنين؟! هل عميت عقولكم قبل عيونكم؟! أريدهما هنا خلال أربع وعشرين ساعة سالمين غانمين، لو لم يحدث هذا، أقسم أنني لن أترك أحدًا منكم حيًا!"
وإن كانوا أصدقاءه، آندرو، روبينا وفيكتور يعلمون جيدًا أنه لا يمزح وقد يقتل أحدهم أيضًا! لذا باشروا البحث بكل قواتهم عن الرهينتين.
مرت عشر ساعات ليأتي آندرو راكضًا نحو كريستوفر بينما يقول:
"عثرنا على مكانهم، لكننا سنحتاجك لتترأسنا"
أطفأ سيجارته ثم قال:
"لو كان إلياس لوجد المكان خلال دقائق"
تخلى آندرو عن روحه وقال:
"لا نملك عقله! على الأقل لا يزال هناك متسع من الوقت قبل نهاية اليوم"
نظرة كريستوفر المتعطشة للدماء باتت واضحة ليسير بخطوات ملؤها الثبات نحو الخارج.
أعطاه آندرو العنوان فانطلقوا بسرعة وداهموا المكان.
استيقظ إلياس أخيرًا ينظر حوله متسائلًا عن مكانه، ليرى الأخرى تستيقظ بجانبه أيضًا. حاول الاعتدال بجلسته لكنه مقيد. اقترب منه أحد الرجال وأبعده عنها ليصرخ به:
"هيي دعني وشأني!"
لكن الآخر رماه بعيدًا، ليدخل شخص من هالته يبدو أنه زعيمهم. اقترب من نوريس ثم قال:
"ليست بالجمال الذي وصفوه! لكنها ستفي بالغرض لتكون ضربة موجعة له ما دام يهمه أمرها"
حملها ووضعها أعلى السرير لتقول بغصة وخوف واضح في عينيها:
"ماذا تفعل؟!"
ليحاول الآخر الاقتراب منها فجن جنون الذي معها ليصرخ بهم:
"لا تقترب منها أيها الوغد، أنا من اخترقتك، حسابك معي"
نظر له الأقوى بملل ثم قال آمرًا رجاله:
"أخرسوه بعض الوقت لأجلي!"
فضربه أحدهم على مؤخرة رأسه ليسقط أرضًا مغشيًا عليه. صرخت نوريس باسمه ليضع الآخر يده على فمها ويقول:
"لا يجدر بفتاة لطيفة مثلك أن تصرخ بهذه الطريقة! كوني هادئة"
أيعاني من خطب ما في دماغه؟ فكرت. أطبقت عينيها بقوة تستنجد بأي أحد مع علو مستوى تنفسها، ليُسمع صوت توقف سيارات يتبعها اطلاق نار وتحطيم في الخارج. فتح أحد الحرس الباب ليستفسر ما يجري وإلا برصاصة تخترق دماغه.
ظهر كريستوفر أمامها بوجه لا يفسّر بل تقشعر له الأبدان، ثم قال بحنق:
"أتظن أنك ستنجو بعد أن لمست اثنين من أهم أعضائي؟! وفوق هذا تتخذ وضعية كهذه يا عديم الحياء؟!"
وقف الآخر من مكانه ثم قال:
"ضربتي نحوك لم تكن بهدف شخصي، ثم أنك من بدأت أولًا، ألا يعني هذا أنك مستعد لتكبد كل الخسائر؟!"
ابتسم كريستوفر بطريقة مخيفة ثم قال:
"هذا يعنيني وحدي، لمست شيئًا يخصني وستدفع الثمن!"
قهقه الآخر بقوة على كلامه ثم قال:
"أنت مسموح لك الاعتداء على ممتلكات الآخرين، في المقابل ممنوع لهم الاقتراب منك!"
ليجيبه كريستوفر محاولًا استفزازه:
"تمامًا! أنا شخص مهووس بتدمير ألعاب الآخرين والحفاظ على ممتلكاته سليمة، وأنت اقتربت منهم وستدفع الثمن غاليًا"
ليوجه الاثنين سلاحيهما نحو بعضهما فقال كريستوفر:
"تعالي!"
لم تتمكن من الوقوف بسبب تقييد قدميها ويديها فأشار كريستوفر لآندرو الذي أتى بالذهاب اليها. فك قيدها ليقف متصنمًا مكانه بينما يناولها علبة دوائها ثم قال:
"أ .. كريستوفر!!"
حول كريستوفر نظره نحوه ليراه يشير إلى شيء ما، فقال:
"ابتعد من هناك!"
موجهًا كلامه للعدو ليبدأ الآخر بالتحرك يمينًا بعد أن علم أنه في موقف لا يسمح له بالمعارضة. اقترب كريستوفر من آندرو والأخرى لينتبه لجسد إلياس ورأسه المغطى بالدماء جراء إصابته، ففرغ سلاحه دون تفكير في جسد الواقف أمامه ليسقط جثة هامدة.
اقترب بسرعة من إلياس متفحصًا إياه ليتنهد ثم قال:
"سنعالجه في المقر، انقلوه للسيارة"
ليفعل رجاله ثم ساعد آندرو على جر الأخرى التي تراخى جسدها.
ركبوا سياراتهم لتسمع نوريس صوت انفجار فالتفتت للخلف لترى أن المكان نسف عن بكرة أبيه مما بعث رعشة في جسدها ليقول آندرو:
"هذا أقل ما يستحقونه، أظن أن فيكتور قد فعل هذا بباقي مقراتهم بالفعل الآن"
تنهدت حتى وصلوا مقرهم. ترجلت لتسير بثقل حتى وصلت غرفتها دون التحدث مع أي أحد. رمت ثقل جسدها على السرير حتى غفت.
استيقظت صباح اليوم التالي على صوت طرق باب غرفتها. فتحت عينيها بصعوبة ثم سمحت للطارق بالدخول، فلم تكن إلا روبينا التي أحضرت لها الفطور بينما تقول:
"ظننت أنك ستكونين متعبة لذا أحضرت الفطور إليك هنا"
تشكرتها نوريس لتتناول الصينية منها ثم باشرت بتناول وجبتها.
قطعت الصمت السائد بسؤالها:
"كيف وصلتم إلينا؟!"
ابتسمت روبينا وقالت:
"بعد بحث دام عشر ساعات، تمكنا من استقبال إشارة من إلياس، فخرجنا مباشرة دون تفكير، وإلا لقتلنا جميعنا! يقشعر جسدي حين أتذكر نظرات كريستوفر!"
توقفت نوريس عما تفعل ثم قالت بخفوت:
"عشر ساعات؟ أوه، هذا صحيح، إلياس، كيف حاله؟!"
أخفضت روبينا رأسها للأسفل ثم قالت:
"بصراحة، استيقظ قبل عدة ساعات، اصابته ليست بالخطرة لكن…"
أبعدت نوريس الصينية من أمامها ثم سألتها:
"لكن ماذا؟! ماذا حصل؟!"
تنهدت الأخرى ثم قالت:
"لم يتفوه بأي حرف، صدمته فاقت التوقعات، لا يتفاعل مع أي أحد، يبدو كما لو أن عقله في عالم آخر"
قطبت نوريس حاجبيها بقلق أكبر ثم قالت متسائلة:
"كيف ذلك؟! ماذا تقصدين بالضبط؟!"
تنهدت روبينا مرة أخرى بشكل أعمق ثم قالت:
"حسنًا أظن أنني سأحدثك عن طفولته التي سمعتها من كريستوفر. توفي والده وهو لا يزال صغيرًا، أو بالأصح، قتل أمام ناظريه من قبل إحدى عصابات المافيا، ثم تم الاعتداء على والدته أمامه أيضًا، لكنها لم تحتمل وتوفت مباشرة، وعلى ما يبدو، أن ما جرى معك أعاد احياء ذاكرته للأمر لذا.."
نوريس غير قادرة على تصديق ما سمعت، لتقول:
"أيمكن لهذا أن يحدث حقًا؟!"
ضحكت روبينا ساخرة وقالت:
"هذا أبسط ما قد يحدث، لم تتعمقي بالأمر بعد ولا يزال هناك ما هو اسوأ من ذلك بكثير!"
رمشت نوريس عدة مرات بعدم استيعاب لهول ما تسمعه، لطالما ظنت أن ما حدث لها هو الأسوأ على الاطلاق، لكن لا يزال هناك ما هو أعتم من ذلك.
"كيف بإمكاننا مساعدة إلياس في الوقت الراهن؟!"
تساءلت، لتجيبها روبينا بعد أن نظرت أخيرًا لها:
"فكرنا أن نعطيه بعض الوقت حتى يصحو لوحده، لا نريد الضغط عليه فيزداد وضعه سوءًا!"
أبعدت نوريس الغطاء عن قدميها ثم قالت:
"سأتحدث معه"
حاولت روبينا إيقافها لكنها استمرت بالسير نحو غرفته دون الالتفات للأخرى أو الرد عليها، لتجد كريستوفر والبقية لا يزالون هناك. التفتوا لها ليسألها كريستوفر بينما يضم يديه لصدره:
"ما الذي تفعلينه هنا؟!"
نظرت بثقة نحوه ثم أجابت:
"جئت للاطمئنان على إلياس، أيمكننا البقاء وحدنا؟!"
نظر كريستوفر نحوها بهدوء، يبدو أنه يفكر بالأمر، حتى وضع آندرو يده على كتفه وقال:
"لنخرج"
أومأ كريستوفر ليخرج بصحبة كل من آندرو، فيكتور وروبينا من هناك.
تنهدت نوريس ثم اقتربت من إلياس لتجلس على كرسي كان متموضعًا بجواره، لم يلتفت لها أو يبدي أية ردة فعل على أنه يشعر بوجودها. تحمحمت لكنه لم ينظر لها، نادته دون فائدة حتى وضعت يدها على كتفه بينما تهزه بهدوء وتناديه. نظر لها لكن من الواضح أنه لا يزال شاردًا بشيء ما، فقالت:
"إلياس .. هذه أنا .. نوريس .. أفق وركز معي!"
رمش عدة مرات ليخرج من شروده أخيرًا فسألها:
"نوريس؟! ما .. ما الذي تفعلينه هنا؟!"
ابتسمت له ثم ابتعدت عنه وقالت:
"سمعت أنك مصاب لذا أتيت للاطمئنان عليك بصفتك شريكي"
أخفض إلياس رأسه للأسفل ولم يشعر ببنت عينه إلا وهربت منه دون قدرته للسيطرة عليها ثم قال:
"أنا .. أنا آسف! لأنني بجسد ضعيف لا يقاتل، اضطررت لخوض تلك التجربة الفظيعة. أنا المسؤول. من المستحيل علي تعويضك، ومهما فعلت، أنا سبب ندبتك هذه، أنا .. أنا الأسوأ. لم أستطع حمايتها قبل فوات الأوان ولا حتى أنتِ، لولا تدخل كريستوفر في الوقت المناسب لكنتِ …"
أسكتته بقولها:
"هل ستعطيني مجالًا لأتحدث؟!"
نظر لها بعينيه الدامعتين فابتلعت ريقها بعد أن تمكنت منها غصتها وقالت:
"أنت لم تخطئ! حاولت ونجحت، بقيت صامدًا للنهاية وتمكنت من إنقاذ كلينا. أنا لم أصب بأذى بسبب فطنتك وطلب المساعدة في الوقت المناسب. تراخت عضلاتي عند رؤيتي للبقية وسقطت فعلًا، لكني كنت واثقة من كوني بخير طالما الجميع معي. حتى لو أصابنا مكروه، ما كنت لأضع اللوم عليك! أنا لم أتمكن من فهمك في البداية، ظننتك غريب أطوار مهووس حواسيب، لكنني سعيدة بالتعرف عليك وثقتي بك، ما حدث، حدث بالماضي ولا يمكن محوه أو تغييره، لا أطلب منك النسيان، لكن لا يزال عليك التخطي والمضي قدمًا"
انفجر الآخر باكيًا فاحتضنته بينما تقول في محاولة لتلطيف الجو:
"وأنا التي ظنت أني لن أرى إلا أشخاصًا متجردين من مشاعرهم، لم أكن أعلم أنك شخص حساس بكّاء!"
ضحكت مع نهاية قولها فابتعد عنها ثم قال بعبوس:
"شكرًا لك"
ابتسمت مجددًا متفاجئة ثم تابعت قولها:
"حاليًا أنا تحسنت أسرع منك وصرت أقوى، لذا تعافى وتخطى الأمر حتى تجاريني ونكمل السباق بعدل ولنرى حكم البقية حول وضعنا"
فقال لها بينما يمسح دموعه:
"هذا غش، إن كنت أنا انسانًا طبيعيًا فأنتِ من فولاذ"
قهقهت على قوله لتجيبه بينما تنوي الخروج من هناك:
"إذًا تحول لفولاذ وتعال واجهني!"
خرجت من هناك لتغلق الباب خلفها، نظرت للا شيء ثم تنهدت بثقل وقالت:
"علي التخطي والمضي قدمًا أنا الأخرى، هذا التمثيل لن يفيدني!"
لتسمع صوتًا يقول لها:
"وأنا الذي بدأت أتأثر بكلامك ليتضح أنه ليس إلا تمثيلًا؟!"
نظرت بسرعة للذي تحدث وقالت:
"كريستوفر؟! ليس من الآداب الاستماع خفية على محادثات البقية!"
نظر لها بملل بينما يقترب منها ثم قال:
"أستغرب مفهوم الأدب لديك، قتل ونهب وتقطيع وسرقة أمر عادي طالما أنه من مافيا، لكن اختراق السمع يعد خارجًا عن الآداب؟!"
نظرت له بملل ثم قالت:
"هل ستحاسبني على كل كلمة أقولها؟!"
ابتسم ساخرًا ثم رحل من هناك.
اتجهت للخارج وعلى غير العادة، الرجال يملؤون المكان. تنقلت في الارجاء لتجد الجميع منهمكين في عمل ما، ترى، ما الذي يجري؟ اقتربت من فيكتور لتسمعه يقول:
"جهزوا السيارات بسرعة، لا تنسوا السيارات التنكرية لا يجب تسريب معلومات مكان وجوده، على جميع المجموعات الإسراع في تنفيذ مهامها وإياكم وارتكاب أي خطأ قد يعرض حياته للخطر!"
نظر لها أخيرًا بينما يسألها:
"ماذا هناك؟!"
فركت وجنتها باصبعها بينما تسأل:
"ما الذي يجري هنا بالضبط؟ يبدو الجميع مشغولًا جدًا"
لكنه انطلق من مكانه بينما يقول:
"اتبعيني!"
تبعته دون نقاش بفضول حول ما يريد قوله، ليصلا إحدى غرف المقر التي تبدو كقاعة اجتماعات. طلب فيكتور من الجميع الخروج عدا آندرو وروبينا اللذان نظرا له بتعجب لتتبدل ملامحه مئة وثمانون درجة نحو الاستياء بينما يقول:
"ألم تخبروها عن الوضع بعد؟!"
لتسأل روبينا متفاجئة:
"تقصد أنها لا تعرف! مستحيل!!"
رمشت نوريس عدة مرات ليتنهد آندرو ثم اقترب منها بخطوات ثابتة وقال:
"السيد الصغير على وشك الوصول من سفره، علينا حمايته ولو كلفنا هذا حياتنا، مهمتنا تتمحور حول اصطحابه من المطار الى هنا"
لتسأله بغية معرفة هوية هذا السيد:
"أهو أخ أصغر لكريستوفر؟!"
تعابير آندرو لم تتبدل وقال ببساطة:
"بل ابنه"
ليقول فيكتور في مقاطعة لحديثهما:
"كريستوفر سيكون معنا صحيح؟!"
أومأ آندرو لتتابع روبينا:
"علينا عدم إثارة الشكوك، سنركب مع كريستوفر، السيارة المخادعة ستتجه للمقر الثاني في النقطة سي"
أومأ الاثنين الآخرين موافقين لتصرخ نوريس:
"ابنه؟؟؟!"
انتفض ثلاثتهم كرد فعل على صراخها ليقول آندرو:
"هل استوعبت الأمر لتوّك؟ ما خطبك؟! هذه ليست بخيانة على أية حال!"
فهمت مقصده من حديثه هذا فأجابته بملل:
"لا تفكر بهذا حتى، أنا هنا حتى أسدد ديني لا أكثر. رغم هذا، كانت هذه صدمة حقيقية، ما الذي يعنيه هذا؟ كم يبلغ الطفل من العمر؟"
لتجيبها روبينا:
"أظنه أتم عامه الحادي عشر قبل شهرين"
رمشت مرات عدة غير مصدقة لما سمعت ثم قالت:
"لم؟ كم يبلغ كريستوفر من عمر؟!"
انفجر ثلاثتهم ضاحكين على ردة فعلها ليسألها فيكتور:
"مالك مصدومة هكذا قبل معرفتك للجواب حتى؟! أتم الثلاثين وعامين آخرين بالفعل"
فكها يكاد يصل أخمض قدميها بينما تقول:
"وأنا التي ظنت أنه في نفس سني"
ليسألها آندرو لاستفزازها:
"لم كم عمرك؟!"
نظرت له وقالت ببلاهة:
"بلغت الخامسة والعشرين بالفعل"
ابتسم بخبث ثم قال:
"سبع سنوات فقط، ليست بشيء يذكر"
رمت أحد الملفات المتموضعة أمامها عليه بينما تقول:
"ألن تغلق فمك؟!"
ليقاطع حديثهم دخول كريستوفر بينما يدخل أزرار أكمام قميصه ومعه إلياس ليقول:
"علينا التحرك"
ليسأل آندرو بسرعة:
"إلياس؟ أليس عليك أن ترتاح؟!"
نفى إلياس برأسه يمنة ويسرى ثم قال:
"أنا بخير، سأساعدكم"
وهنا سألت نوريس مستفسرة:
"ماذا عني؟!"
نظر كريستوفر لها بينما يغلق زر كمه الثاني وقال:
"بإمكانك القدوم معنا"
فكرت روبينا قليلًا ثم قالت:
" في هذه الحالة، نوريس ستركبين مع الطفل في السيارة التي سيستقلها"
أومأت لها موافقة لينطلق الجميع من هناك مستقلين السيارات حسب ترتيبهم، ثم انطلقوا بانتظام بينما السيارة التي يركبها كريستوفر ومن معه والسيارة التي تستقلها نوريس متموضعتان في المنتصف.
أنظار كل من في المطار اتجهت نحوهم، كلها يملؤها الخوف والتعجب، ما الذي تفعله الكوبرا هنا؟! انتبهت نوريس لمجموعة رجال تقترب منهم يتوسطهم جسد صغير يخفي ملامح وجهه ويكاد لا يظهر بسبب عدد الرجال حوله، فسألت:
"أليس هذا ملفتًا للنظر؟ سيكون من السهل على أي أحد معرفة أنه شخص مهم للكوبرا"
ليجيبها إلياس:
"هذا سبب اخفاءه لوجهه، لذا فإن أحدًا لا يعلم هويته الحقيقية عدا رجال الكوبرا"
أمالت رأسها قليلًا ثم قالت:
"ماذا لو علم العدو عن موعد طيارته وحاول الاقتراب منه في موقف كهذا بينما هو واضح للجميع؟!"
ليجيبها الآخر بخفوت:
"طالما هذا العدد من الرجال موجود هنا، فبالتأكيد هناك أضعاف مضاعفة خلف الستار، لذا لن يجرؤ أحد على الإقتراب إلا الانتحاري، وإلا فإن مجزرة بحق الجاني والأبرياء ستنشأ هنا. بيد أنه من المستحيل عليهم معرفة أية سيارة سيستقل والمطار لا يسمح بدخول الأسلحة، لكن الكوبرا لها طرقها دائمًا وقت الشدة"
صمتت لتجد الجميع يتراجع ثم استقلوا السيارات. ركبت بالفعل صحبة الطفل والسائق لتجلس معه بالخلف بينما تفكر:
"توقعت لقاءًا مؤثرًا، هل يسود البرود على علاقتهما يا ترى؟!"
لم ينبس أحدهم ببنت شفة طوال الطريق، رفم شعورها بنظرات الطفل خلف قناعه لها. ترجّلوا من سياراتهم وانتظروا حتى وصول السيارات المخادعة، لتجد كريستوفر واقفًا مع آندرو يحادثه في أمر ما. لكن جسد الصغير راح يركض صوبهما بعد أن خلع تنكره كله لينحني الأكبر لمستواه مستقبلًا إياه بين ذراعيه. أسرتها تعابير ونظرات كريستوفر الحنونة هذه التي تراها للمرة الأولى منذ قدومها، وبالطبع، آندرو لن يفوّت هذه الفرصة فقال:
"ما لي أراك شاردة الذهن هكذا؟!"
ركلته بقوة ثم قالت:
"توقف عن تلميحاتك السخيفة هذه وإلا فإني سأقتلك حتمًا"
لكنه صرخ بها متألمًا:
"سحقًا لكِ! وما أدراك ما قصدي؟ تفكيرك يجرفك"
ويجيد الكذب أيضًا، فكرت وهي تحاول الإقتراب منه لضربه مجددًا فأمسكتها روبينا بينما تضحك وتقول:
"لا تفعلي! اعتادي على هذا، ستواجهينه كثيرًا لذا تجاهلي فقط"
ليقول الفتى الصغير:
"من هذه؟ رغم أنها اصطحبتني إلى هنا إلا أنها مرتي الأولى التي أراها في الأرجاء"
أنزله كريستوفر أرضًا بينما يقول:
"انضمت لنا حديثًا، أتريد التعرف عليها؟!"
لمعت عيناه الصغير ثم أومأ عدة مرات بينما يقول متحمسًا:
"بالطبع! أخيرًا وجدت شخصًا ثالثًا يساعدنا في عملية التخلص منه، فيكتور يقف بصفه دائمًا وإلياس حيادي، وبهذا سنكون ثلاثة ضد اثنين!!"
ضحك كريستوفر مع حماس الأصغر ثم اقترب من نوريس بينما يمسك يده وقال:
"مبارك لك آنسة نوريس"
°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°
أعتذر على التأخير🖤

كوبرا | Copraحيث تعيش القصص. اكتشف الآن