"إذًا، لم شككت بنوريس سابقًا؟ حتى أنك قمت بشتمها وطردها، فما الفرق؟! حتى أنني أرى خطيئته أشنع"
_________________________________________________________________________الفصل الثلاثين:
صمت للحظات فأرادت الرحيل ليستوقفها حين بادر الاجابة:
"بصراحة، لم أشك بها يومًا"
حدّقت به الأخرى بدهشة متصنّمة بمكانها وسألت:
"ماذا؟!"
نظر لعينيها مباشرة بهدوء وقال:
"كما سمعتِ، أنا لم أشك بها يومًا، فقط أردتُ إبعادها عن كلّ هذا لحمايتها. بصراحة، وددتُ لو تمكنتُ من ردعكِ أنتِ الأخرى، لكنك لم تتيحي لي خيارًا إلّا ابقائك بجانبي"
تنهّدت بثقل وقالت:
"ماذا تريد مني بالضبط؟!"
"أريد منكِ أن تعطه مجالًا لمعاودة إثبات نفسه، لأصدقك القول، فكرة المهمة التي ذهب لها كلّها من تخطيته للإبتعاد عن هنا، وأنا مدرك لحقيقة أنه لم يتتبعه أحد كما زعم، لكنه يخشى مواجهتي، وقد رأيتِ هذا بأم عينيكِ، ثقي بي كما عهدتكِ، ولنعطه مجالًا لدعمنا بعودته بعد تحقيق خطوة جريئة ضخمة لمهمتنا وحده"
تنهدت بثقل وقالت:
"سأحاول"
ابتسم لها الأكبر بهدوء دون التفوه بشيء آخر.
نظر الإثنان للبقية يتدربون من أعلى حتى انتبها لإلياس الذي خرج راكضًا لهم فأشاروا له بالنفي فشرح لهم أمر ما ليهرعوا للداخل. أدرك كريستوفر فورًا أن أمرًا طارئًا حصل، فنزل بسرعة صحبة روبينا متجهان لقاعة الاجتماعات حين علم مكان البقية.
"ماذا جرى؟!"
سأل بينما يدخل فأجابه إلياس:
"خطتنا فشلت بالكامل. روجين أرسلت رسالة منذ قليل تخبرني أن الياكوزا أدركوا خطتنا وحاصروها بمجرد وصولها لعرينهم، تمكن من تشويشهم والهرب ببعضِ من رجالها وأرسلت لي رسالة تخبرني بالوضع"
فكّر كريستوفر قليلًا وقال:
"لكن كيف؟ تخلّصت من كل الخونة، كيف أدرك خطوتي؟!"
فأجابت روبينا:
" لم يعد الأمر مهمًا، لنرسم خطتنا بسرعة للمواجهة، لن يهدأ الأمر هذه المرة بسهولة"
فتح إلياس حاسوبه ضاغطًا أزراره بسرعة ثم طلب من نوريس أن تأتيه بشرائح التخزين التي أعطاها إياها سابقًا فركضت خارجًا.
عادت بعد بعض الوقت لتناوله إياها فقال:
"أحتاج منك أن تساندينني لإختراق قاعدتهم فورًا، لن نأبه بالنتائج وبتحركاتهم حتى نحصل على ما نريد، لذا فليستعد الجميع، أبلغوا بقية المقرّات بالأمر ولنستعد للمعركة"
خرج الجميع بسرعة يستعدون للمهمة المباغتة فقال كريستوفر:
"أريد منك أن تحصل على كل معلوماتهم بلا أي استثناء، عقودهم وصفقاتهم، مهامهم وانجازاتهم، معلوماتهم الشخصية وتاريخهم بالكامل"
أومأ إلياس ثم باشر بالضغط بسرعة على أزرار حاسوبه ليقول بعد بضعة دقائق:
"أرسلتها لك على هاتفك"
فقالت نوريس:
"لقد تحركوا بالفعل، عدد مقراتهم في المدينة وصل لخمسة عشر، تحالفوا مؤخرًا مع خمسة عصابات بلا تاريخ سابق، تتحرك أعدادهم بالآلاف في جميع أنحاء المدينة حتى أن أمن الدولة بدأ بنشر الإعلانات طالبًا من السكان البقاء في منازلهم"
"هذا ما يريده إذًا"
ثم خرج من هناك ليقول إلياس:
"سنذهب نحن أيضًا، أرسلي كل المعلومات التي حصلتِ عليها بإيجاز للبقية بسرعة وسأفعل أنا المثل، ثم سنخرج للمواجهة ودعمهم"
أومأت بسرعة وباشرت العمل لتنتهي بسرعة. أغلقت حاسوبها وخرجت من هناك تاركةً الآخر وحده ثم تناولت سلاحها وركضت لمكان تجمهر الرجال.
حضر إلياس أخيرًا يحمل قناصته ووقف جوارها ليصرخ كريستوفر:
"معركتنا الأخيرة باتت قريبة، لربما تكون هذه هي المنشودة، استعدوا وقاتلوا بكل ما أوتيتم من قوة، اعتدى العدو على رفاقكم بالفعل وأهانوا جبروتكم باحتجازهم وغدرهم، لن نصمت وسنرد الصاع صاعين ولا نأبه للأضرار"
خفق قلب نوريس بعنف غير مطمئنة لهذا الحوار، ولسبب ما، تبادر إلى ذهنها كلمات رين في مدونتها عن شعورها السيء قبل الحادثة، ليصعب عليها التنفس فقال إلياس:
"أهي نوبة؟ لم في هذا الوقت؟!"
نفت برأسها وقالت:
"لا أعلم، لم تراودني من فترة طويلة حتى أنني ما عدت أحمل علبة دوائي معي"
ركض الآخر للداخل بسرعة فانتبه له كريستوفر ليأمر رجاله بالإستعداد فورًا ثم اتجه للخمسة الباقين ليجد روبينا تمسح على ظهر نوريس بهدوء وتطلب من بقيتهم فتح مجال أمامها فسأل:
"ما الذي يجري؟!"
لم تجبه نوريس ويبدو أنها تشعر بضيق أكبر ففعلت روبينا:
"أظنها نوبة الربو .."
فسألها كريستوفر:
"ألم تنتظم لديك مؤخرًا؟! لم الآن؟!"
لم تتمكن من إجابته وبدأت بالتعرق فصرخ مناديًا إلياس:
"إلياس فلتسرع"
أتاه بعد لحظات من ارتماء الأخرى أرضًا تمسك صدرها بقوة فناولها جرعتها المناسبة لتهدأ بعد دقائق.
"سيدي، الجميع بانتظار أوامرك بالتحرك"
أومأ له كريستوفر وأمره بالذهاب وسيلحق به ثم قال موجهًا كلامه للبقية:
"سنتحرك نحن، نوريس ستبقين هنا رفقة دارون، لن أخاطر بك .."
بترت حديثه بقولها:
"كلا، سآتي معك، لن أقف الآن عاجزة بسبب شيء كهذا"
فأجابها الآخر بحزم:
"ستبقين هنا، نقطة في نهاية السطر."
عادت أنفاسها لطبيعتها فصرخت به:
"أنا أدرى بوضعي، سأشارك يعني أنني سأشارك"
فرك الأقوى مقدمة رأسه فقالت روبينا:
"لا يمكننا التخلي عنها الآن مهما كان، سنراقبها خلال المهمة، ولو حدث ما هو مشبوه، سنعيدها فورًا لهنا"
أومأت نوريس موافقة فقال الأكبر بعد هنيهة من التفكير:
"ستبقين رفقتي ولن تعصي أمري"
أومأت مبتسمة بسرعة ثم وقفت واضعة الجهاز بجيبها لينطلقوا لمهمتهم.
كشف أمرهم قبل أن يتغلغلوا بما يكفي في منطقة العدو، لتنشب معركة ملحمية بين الطرفين.
كانت نوريس رفقة كريستوفر كما تم الإتفاق يدعم ظهرهما إلياس وثلث الرجال تقريبًا، بينما اتجهت روبينا رفقة كارلوس للمقر الثاني، فيكتور وآندرو لمقر آخر، وتفرق رجال العاصمة بقيادة روجين الى أماكن متوقع احتجاز رفاقهم بداخلها.
التفت من خلف البناء تحت تعليمات إلياس بينما كريستوفر واجه مباشرة من الأمام ليبعد أنظار العدو عنها. تمكنت من الوصول للبناء الرئيسي للمقر رفقة رجال آخرين لتبدأ تصفيتهم لهم من المركز.
كان كالفن قد خرج لملاقاة كريستوفر حين وردته أنباء اقتحام نوريس للمكان، فأرسل إليها ليون ووولف ليتعاملوا معها، بينما والتر كان يحاول البحث عن مخبأ إلياس للقضاء عليه بصفته العمود الفقري للكوبرا.
كالفن وجه رسالته أخيرًا لرجاله للتشويش على الإشارة في المكان، عالمًا أن هذا لن يصب بصالحه ولن ترده أنباء بقية رجاله، لكنه خاطر بغية إنهاء أمر كريستوفر، الدماغ الآمرة للكوبرا، فينتهي أمر كيانهم ويكون قد حقق مطلبه.
وقف أخيرًا أمام كريستوفر ليتوقف الصراع بين العصابتين كلٌّ عائدٌ لخلف زعيمه، فقال كالفن:
"مالي أراك تحصل جرأة لاقتحامي أكثر من مرة؟! كاد يكون الأمر حقيقيًا المرة الماضية، أنسيت؟!"
ابتسم كريستوفر بجانبية وقال:
"من يدري ما يخبئه القدر، ثم أنك أنت من اعتدى على رجالي، فلما لا أرد؟!"
شخر الآخر ساخرًا وقال:
"اعتدائي كان على مهمة العاصمة، لم أوجه ضربتي مباشرة إليك"
فأجابه كريستوفر موجهًا سلاحه له:
"والعاصمة تحت أمري، فلم تعترض طريقي؟!"
"لأن الدولة المزعومة بصفي، أنت وحيد، وستظل وحيدًا، هذا قدرك، لا أحد يستطيع الإستمرار معك حتى النهاية .."
بتر حديثه نوريس الواقفة خلفه توجه سلاحها لرأسه تقول بهمس:
"أنا أقف خلف ظهره، فكيف يكون وحيدًا؟!"
"أنتِ مجددًا؟ ما مشكلتك؟!"
ابتسمت بجانبية وقالت:
"أنت"
انتفض بسرعة راكلًا إياها للخلف مبتعدًا عنها بينما يقول بارتياب:
"كيف وصلتِ خلفي؟!"
ضحكت ساخرة وقالت:
"سر المهنة"
بتر حديثهما كريستوفر بقوله:
"أتنوي تسوية الأمر هذه المرة للأبد؟ أم معركة مضحكة كالعادة؟"
قهقه كالفن بشدة وقال:
"للأسف، أتباعنا المخلصين لن يسمحوا بانهاء الأمر هكذا فق"
انقض الاثنين على بعضهما رامين سلاحهما أرضًا ليشتبكا بالأيدي والسكاكين فقط، بينما بدأ إطلاق النار من الجهتين في معركة دامية.
سقط الإثنان أرضًا بتعب بعد ساعة كاملة من الضرب المبرح بلا أي نتيجة تذكر، لتعود الإشارة للعمل فجأة فبلّغ إلياس كريستوفر بالآتي:
"قضيت على والتر واستعدت الإشارة، ماذا عنكما؟!"
فأجابه كريستوفر:
"لم ننته بعد"
تدخل صوت كارلوس الفزع بالمحادثة بينما يقول:
"أخيرًا تمكنت من الوصول لكم، نحتاج للدعم بسرعة، روبينا مصابة بشدة"
جحظت عينا كريستوفر يحدق بنوريس المصدومة بصدمة أكبر منها ليقول إلياس:
"فليغادر كلاكما، سأنهي الأمر هنا وأتجه للمقر، أرسلوا روبينا مع أحدهم لأعالجها بأسرع ما يمكن"
تحرك كريستوفر بسرعة ناويًا المغادرة فقال كالفن الذي بلغه الأمر من رجاله أيضًا:
"ماذا عن قولك أنها معركة أخيرة؟! هل تتراجع؟!"
فأجابه الآخر بحنق:
"صدقني، لولاها لما خرجت من هنا إلا جثة هامدة بعد قتلك ملايين المرات منهار القوى"
ابتسمت كالفن بجانبية سامحًا للآخر بالتراجع ونوريس موجهان الأوامر لبقية الرجال بتولي الأمر تحت قيادة إلياس.
وصلوا المكان المنشود ليجدوا المعركة لا تزال قائمة. بحث دام عدة دقائق تحت وصف كارلوس لمكان اختبائه مع جسد الأخرى انتهى بإيجادهما له.
اقترب كريستوفر من جسد الأخرى التي تلتقط أنفاسها الأخيرة وقال:
"لم لم تتحركوا للآن للمقر؟ سيكون إلياس بانتظاركم بالتأكيد لمعالجتها، ما الذي يؤخركم؟!"
فقال كارلوس:
"هي من رفضت الذهاب"
نظر كريستوفر للأخرى الممدة أرضًا واضعًا رأسها على قدميه مستحضرًا مشهد وفاة رين بمخيلته حتى غدرته بنت عينه قبل أن يدركها لتقول روبينا:
"ما الذي تفعله؟ أريد تحقيق انتقام شقيقتي فلا تضعف الآن"
حمل الآخر جسدها بينما تحاول هي المقاومة واضعًا إياه بين يدي كارلوس وقال:
"أسرع بها للمقر، سأتولى زمام الأمور هنا، لا تستمع لها"
أومأ الآخر راكضًا بضع خطوات ثم تباطأت وتيرته رويدًا رويدًا حتى توقف بشكل كامل يهمس باسمها:
"روبينا؟ روبينا؟ أجيبيني! ليس مجددًا! بؤسًا بؤسًا بؤسًا! اااااااه!!"
صرخ بقوة في نهاية كلامه فسأله كريستوفر بلا وعي:
"لم تصرخ؟ لم يحدث شيء صحيح؟!"
اقترب بهدوء منهما ليرى وجهها الشاحب وجسدها المتراخي ليسقط كارلوس بلا حول أو قوة أرضًا يحمل جثتها ويلطم نفسه.
فزعت نوريس مما يجري لدرجة أن نوبة الربو أتتها مجددًا فالتفت الأقوى لها ليجدها تحمل دواءها في محاولة يائسة للسيطرة على ما يجري معها.
فُصِل دماغه عن الواقع تمامًا، كل ما يجري لا يصدّق، هل سيفقد كل شيء حقًا هذه المرة؟ بدأ بكره فكرته الغبية بتوريطهم، حتى تراخى جسده بالكامل فتراجع للخلف ليصطدم بالجدار خلفه.
انتبهت نوريس لوضعه فركضت باتجاهه تسأل بعد أن أخذت جرعتها:
"كريستوفر! أنت بخير؟ ما الذي يجري معك؟!"
نظر لعينيها مباشرة وقال:
"أنا السبب في كل ما يجري، تسرعت بتهور حتى قضي عليها"
محولًا نظره لجثة الأخرى هناك ففكرت نوريس أنها الوحيدة التي لا تزال تحتفظ برباطة جأشها بينهم فقالت:
"لننهي مهمتنا، لا يمكننا التراجع. طوال الوقت أنت كنت تدعي أنك جاهز للخسائر مهما كانت"
استجمع كريستوفر قواه وقال:
"كارلوس! عد بها للمقر كما هو متفق عليه، سأتدبر الأمور هنا"
حملها كارلوس بالفعل وغادر. تنهدت نوريس بثقل وقالت بغصة:
"لنخرج لمساندة البقية الآن"
سار كريستوفر طواعية ولم يناقش، فأخبرت هي البقية بما جرى.
تمكنوا من الإنسحاب فعلًا، ليلتقوا في ساحة المقر، وجوههم شاحبة سوداء كثيابهم، لتسأل نوريس:
"أين إلياس؟!"
فأجابها آندرو بغصة:
"أليس من المفترض أنه سبق كارلوس؟!"
دخل كريستوفر دون التفوه بحرف، استقبله جسد الصغير الذي علم لتوه بالأنباء لكنه لم يصدقها ونوى سؤال والده، لكنه تراجع بمجرد رؤيته لحاله.
مرّ كريستوفر من جواره فأسرع دارون لنوريس بعد أن غدرته بنت عينه وقال:
"أهذا كل شيء؟ ألن ينتهي الأمر إلا بموت المزيد؟ لم؟!"
احتضنته الكبرى وقالت:
"لحد الآن لم يستوعب أي منا ما جرى، لم نتوقع الأمر رغم احتمالية حدوثه .."
اقترب كارلوس منهم وانحنى باكيًا معتذرًا:
"أنا آسف. ظننتُ أنه لمجرد نجاحي بمهمة كبيرة سأتمكن من الحفاظ على حياة أحدهم، كلتاهما خسرتا الحياة بسببي"
لم يجبه أحد كأنهم يؤكدون قوله وتأنيبه، فقال:
"أنا حتمًا آسف، لا أعرف كيف أواجهكم أو أواجه كريستوفر بعد هذا"
تنهدت نوريس بعمق وقالت:
"أخبرني تفاصيل ما جرى"
ابتلع الأطول ريقه مستقيمًا بجسده وقال:
"كانت المهمة تسير بسلاسة، حتى باغتنا أحدهم من خلفنا وكاد يصيبني، لكنها رمت نفسها خلفي تصد الرصاص عني. لا أعلم كيف أمكنني الوقوع بفخهم وأنا من أخبرتكم كيف تتخلصون منه قبلها بساعات فقط"
أتاهم كريستوفر بتعابير فارغة يسألهم:
"ألم يحضر إلياس بعد؟!"
نفوا برؤوسهم ليطل المذكور أخيرًا فصرخ كريستوفر به:
"لم تأخرت حتى الآن؟"
فأجابه الآخر بوجه شاحب وجسد مرهق ممسكًا بمعدته:
"تمت محاصرتي، رغم أنني كنت سألحق بكما على الفور، نجوت بأعجوبة"
كان كريستوفر على وشك الإنفجار به لكنه تدارك نفسه أخيرًا وغادر دون التفوه بحرف.
تم دفن جثمان روبينا أخيرًا، ثم تفرّق الجميع كلٌّ لغرفته، عدا نوريس التي اتجهت لغرفة إلياس الذي لم يشاركهم الأمر رفقة دارون.
كانت نوريس تجلس في قاعة الإجتماعات تفكر بصمت بكل ما جرى مؤخرُا، طرق خفيف على الباب بتر أفكارها فأذن للطارق بالدخول، فلم يكونا إلا إلياس ودارون.
"أنت بخير؟ كنت تمسك بمعدتك عند قدومك"
تنهد الآخر بثقل وقال:
"لست واثقًا مما يجري، أشعر بالغثيان"
أرادت الأخرى سكب بعض الماء وتقديمه له، لكنه باغتها بامساك ذراعها بقوة ينوي حقنها بشيء ما فصاحت:
"ماذا تفعل؟!"
أدرك ما يفعل فتركها وقال فزعًا:
"ما الذي أفعله؟ نويت قتلك للحظات، أنا؟"
تصنّمت مكانها مصعوقة بالكامل من قوله ووسألت:
"بم تهذي؟!"
"ليس لدي وقت، لن أفعلها .. "
ينفي برأسه عدة مرات خرج من هناك راكضًا تحت صرخات ونداءات نوريس ودارون. خرج البقية لتفحّص ما يجري وسبب الصراخ، ليصل جسد إلياس منتصف الساحة خلفه نوريس ببضع خطوات. وقف والتفت لها بسرعة وصرخ:
"ابتعدي"
مع دخول كريستوفر من البوابة الرئيسية، انفجر جسده متحولًا لأشلاء ملطخًا كل ما حوله بالدم.
لحظات صمت من عدم استيعاب ما جرى حلّت، حتى تساءلت نوريس:
"ها؟ ماذا جرى؟ أين اختفى؟ أين ذهب؟"
ملتفتة حولها لتنتبه لكريستوفر المصعوق بالكامل الوقف مقابلًا لها مغطًى بالدماء تحاول استيعاب المشهد أمامها.
الرجال أتوا من كل حدب وصوب جاهزين للرد، لكنهم لم يجدوا شيئًا سوى أشلاء متناثرة.
فهم كريستوفر الموقف من رسالة وضعها إلياس لتصل له فور تفجر جسده يشرح بها تفاصيل ما جرى. صرخ الأقوى بعنف متألمًا وقال:
"ما عاد للسكوت مكان. لو كنت الضحية التالية لا أبالي، سأنهي أمرهم الليلة"
انطلق من هناك على دراجته النارية ليقول آندرو الذي لم يخرج من هول الصدمة كما يجب بعد:
"لا أفهم كلَّ ما يجري، لكن لا يجدر بنا ترك كريستوفر وحده، لننطلق للانتقام"
حضرت روجين ورجالها بسرعة بعد أن أبلغها آندرو بالوضع الراهن جالبة معها عصابات أخرى تعاقدت معهم سابقًا خارج نطاق سيطرة الكوبرا، وانطلقوا معًا مجددًا لمقر الياكوزا.
صعقوا من هول ما رأوا. أعداد الجثث المتناثرة هنا وهناك لا تحصى، أكل هذا بفعل كريستوفر أم هنالك بعض الآثار من المعركة قبل بعض الوقت؟ على أية حال، كم وصلت نسبتها من أكوام الجثث الحالية؟!
وصل دعم كالفن أيضًا، فدارت ملحمة أخرى شقت نوريس طريقها من خلالها للداخل تبحث عن كريستوفر.
مرّ بعض الوقت، ولك أن تتخيل هول المنظر، لا يرى شيء ملونًا إلا بالأحمر، ولا يسمع صوت إلا اطلاق النار والصراخ، ولا تشم شيئًا إلا الدماء.
ظلّت تنادي باسمه وسط تلك المجزرة لكن ما من مجيب، حتى وصلت السطح بعد أن قادتها جثث رجال كالفن لهناك. أسرعت له حين رأت بابه مفتوح لتجد كالفن جاثٍ على ركبتيه بسبب اصابات بليغة بقدميه جراء السكين التي يحملها الآخر المصاب بيده حولهما جثث كل من وولف، والتر وليون الذي من المفترض انه خارج البلاد. أسرعت له محاولة أخذ السكين منه لكنه دفعها للخلف ثم اقترب من كالفن مجددًا وقال:
"لو لم يمت مباشرة، كان ليشعر بهذه أيضًا صحيح؟!"
ثم ضرب الآخر بسكينه بوجهه متخلصًا من احدى عينيه. أمسكه من ياقته وبدأ برسم لوحة فنية على وجهه وسط صرخات الآخر فقال ساخرًا:
"تبين لي أنك لست سوى جرذ ماكر يختبئ خلف حرسه، لو عرفت هذا مسبقًا لقتلتك، أم أن شري استيقظ لتوه؟ بئس المصير لك، لم يخرج إلا عليك، أخي العزيز"
ثم فقع له عينه الثانية ومزق فاهه تحت صرخات الآخر التي تصمّ الآذان.
أسرعت نوريس له مجددًا وقالت باكية:
"أرجوك كريستوفر توقف، أنت لست بوعيك الآن، أرجوك اسمعني وتوقف، هذا غير معقول"
دفعها مجددًا فصرخت بألم من سقطتها. التفت لها بسرعة وقال:
"نوريس؟!"
أسرع لها متفحصًا إياها بلا وعي وقال:
"أنت بخير؟ من آذاكِ؟! فقط أخبريني باسمه وسأفقع عينيه وأقطع أذنية وأمزق أشلاءه ولا أنسى أطرافه"
أمسكت وجنته ببكاء وقالت:
"أرجوك توقف، أعلم أن هذا كثير عليك، وأعلم جيدًا مقدار صعوبة صدماتك النفسية قبل الجسدية، لكن ارجوك أنصت لي، دعنا نغادر، وسنعود حين تهدأ، اتفقنا؟!"
نفى برأسه وقال:
"الخطأ الذي أخطأته قبل اثني عشرة عامًا، ظل يلاحقني ظله لليوم، لن أعذب نفسي أكثر بالصبر، ما عاد له معي اتفاق، سأنهي كل شيء الآن. غادري، فما سيحصل، لن تقوي على تحمله"
ثم وقف من مكانه عائدًا لجسد الآخر الذي حاول الهرب معاودًا تقطيع أطرافه باستمتاع مع كل صرخة تخرج منه.
تواصلت مباشرة مع آندرو عبر سماعاتها تبكي وتصرخ:
"أرجوك، أرجوك أسرع، الوضع خارج عن سيطرتي، إنه في حالة هيجان لم أرى مثلها قط. لك أن تتخيل هول ما أرى ولن تحصده، أرجوك تعال أوقفه"
ترك آندرو كل ما هو بيده وصعد للسطح حيث يقبع الإثنان الآخران، لكن يبدو، أنه تأخر بالفعل.
نوريس تحدق بكريستوفر بخوف، كريستوفر يحدق بالجثة الهامدة أمامه بلا حياة، والسطح مصبوغ بالدماء. أخبر كريستوفر فيكتور خبر قتل كالفن فنقله للجميع، ليتوقف إطلاق النار، ثم هرب رجال الياكوزا من هناك ليبقى الكوبرا بانتظار حضور زعيمهم.
°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°
انتهت وانتهى معها وتر حساس .. شعور بالوحشة يخالجني .. لكننا لم نغلق الكتاب بعد .. ترقبوا فصلا خاصا🫣🖤
أنت تقرأ
كوبرا | Copra
Açãoوضع حاجزًا مهولًا بينه وبين معنى الحياة منذ زمن طويل، لا يهوى أو يسعى إلا للانتقام. فهل سيكون هناك من يكسر هذا الجدار؟ أم سيبقى حبيس الماضي والذكريات؟