الفصل الثالث والعشرون

24 4 9
                                    

تأخر كريستوفر بالعودة على غير العادة حتى كاد ينتصف الليل، فاتصل آندرو به ليجيبه:
"ما الأمر؟!"
"أكل شيء بخير معك؟ آمل أنني لم أعيقك"
فأجابه الآخر نافيًا:
"كلا، أنا في طريق عودتي أساسًا، أعادت نوريس ودارون؟!"
"أجل من فترة طويلة، ألم يخبرك أحد؟!"
"اجمعهم في قاعة الإجتماعات وأخبرهم أنني أحتاج توضيحًا حول كل ما جرى"
"حاضر"
ثم أغلق الخط ليقول آندرو:
"يا ويلتي، قضي علينا، إنه غاضب"
"أخشى أن هذا لن يفلح لتهدئة أعصابه"
كانت هذه روبينا فأجابت نوريس:
"لا تقلقوا، حتى لو غضب في البداية، سيتفهم الأمر بالنهاية"
فأجابها آندرو:
"أحتاج ربع هدوئك فقط. على أية حال، لنشرع بمهمتنا"
أومأوا موافقين ثم أغلقوا كل الأنوار واختبأ رجاله خارج مواقعهم ليصل أخيرًا.
ترجل عن دراجته متعجبًا قلقًا نحو كل هذا الهدوء والظلام:
"ما الذي يجري؟!"
سار مسافة لا بأس بها متقدمًا للأمام حتى أضيء كل شيء حوله مما دفعه لإغلاق عينيه بيد بينما يرفع سلاحه بالأخرى ثم سمع صوتهم:
"عيد ميلاد سعيد"
فتح عينيه بدهشة مبعدًا يده عنها فقال فيكتور ممازحًا:
"حتى في هذا لا يرخي دفاعه، مباشرة رفع سلاحه"
"ما الذي يجري؟!"
ركض دارون له بينما يصرخ:
"عيد ميلاد سعيد أبي"
حمله الآخر وقال مبتسمًا:
"شكرًا لك"
احتضنه الأصغر فقال بينما بحملق بهم بجدية:
"خطة من هذه؟!"
تراجع الجميع للخلف بقلق عدا نوريس التي رمشت عدة مرات وابتسمت بهدوء وقالت:
"أنا. لا تقلق هيبتك لم تقل فقد أرسلنا الرجال بعض الوقت للمقرات الثانية ووضعنا خططنا لخداع العدو بأن كل شيء في مكانه"
"بحق الإله، أكل هذا من أجل ما هو تافه كهذا؟!"
منزلُا دارون أرضًا بعد أن طلب ذلك:
"تافه؟! لا تقل هذاؤ أنت تدمر تعبنا بكلمة"
"ألهذا كنتم تتصرفون بغرابة منذ عصر اليوم؟!"
أومأت ليقترب دارون منه واضعًا يديه خلف ظهره وقال:
"افتح يدك"
امتثل كريستوفر لطلب الآخر فوضع هدية مغلفة بيده وقال:
"انخفض قليلًا"
فجلس القرفصاء ليصفع دارون وجهه بقطعة حلوى كانت بيده الآخرى وقال ضاحكًا:
"عيد ميلاد سعيييييد"
لم يبد كريستوفر ردة فعل، يبدو أن استيعابه تأخر بعض الوقت فركض دارون لنوريس ضاحكًا لتفتح ذراعيها لاستقباله ثم ضربت كفها بكفه وقالت:
"اكتملت المهمة، أحسنت"
"سحقًا لكماااااااااااااااااا!"
صرخ الأقوى بهما فهربا من هناك ضاحكين ليسخر البقية من حاله فقال إلياس:
"هذا غير معقول، كيف تجرأت على اقتراح وتنفيذ فكرة كهذه؟!"
مسح كريستوفر ما على وجهه بمنديل وقال:
"سأريهما كيف يكون اللعب"
نظر الاثنان له من النافذة ليسمعا صوت صراخه:
"وأنتم موافقون ببساطة على تفاهة كهذه؟ أتعون الخطر المحدق بنا؟ لو تسربت معلومة أننا بدون قوانا بأي طريقة كانت، ألن يهاجمنا الجميع؟! نحن هالكون لا محالة من أجل لعبة أطفال"
"بؤسًا، الأمور تأخذ منحنًا آخر"
كانت هذه نوريس التي جرّت دارون ونزلت راكضة للأسفل بينما تقول:
"ماذا يجري؟! كانت مجرد مزحة"
"وتقولين مزحة؟! أتعين ما تفعلين؟! يبدو أنك اكتسبت ثقة زائدة بنفسك لأنني أأتمنك على ابني"
اقتربت من البقية ووقفت أمامهم وقالت:
"هلا توقفت عن الصراخ؟! أخبرتك أننا حسبنا حساب كل كبيرة وصغي…"
وإذا بآندرو يقيدها بينما روبينا تقيد الصغير فابتسم كريستوفر بانتصار وقال:
"حان دوري للانتقام"
"ماذا؟! ماذا يجري؟!"
ثم صفعها ودارون بقطعتي كعك لينفجر ضاحكًا والبقية بينما يقول فيكتور:
"أشكالكما لا تعوّض"
ملتقطًا لهما صورة وقال:
"كان علي فعل هذا مع كريستوفر"
فشعر بنظرات كالرصاص تخرق جسده ليقول دارون:
"ماذا؟!"
فتساءلت نوريس:
"ماذا جرى للتو؟!"
ليزداد ضحك البقية حتى صرخت:
"أكانت هذه خطتك من البداية؟! شكرًا اتسخنا"
فقال لها مستنكرًا:
"كما لو أنك لم تفعلي بي؟!"
مسحت ما على وجهها وقالت:
"أنا المخطئة لأنني نويت اسعادك"
فوضعت روبينا قطعتي حلوى أمام الاثنين وقالت:
"حسنًا حسنًا هذا يكفي. لعبتما بما يكفي بالكعك والآن تناولاه"
أمسك كل منهما حصته كطفل مطيع ليتابعوا احتفالهم.
أنهت استحمامها وخرجت من غرفتها بعد أن لم تشعر بالنعاس. التقت بكريستوفر يجلس خارجًا يحدق بالسماء بهدوء يدخن هليونه.
وقفت جواره وقال:
"هل انضم لك؟!"
نظر لها بهدوء وقال:
"كما تشائين"
جلست جواره وقالت:
"ألن تطفئها؟!"
نظر لها باستغراب ثم رماها تحت قدمه وداسها فابتسمت وقالت:
"أكاد لا أصدق أنك ذات الشخص الذي أتى لمنزلي لأخذي رغمًا عني"
ابتسم بهدوء وقال:
"شكرًا لكِ"
نظرت له بتعجب وسألت:
"علامَ؟ عيد الميلاد؟! أأنت جاد؟!"
ثم ضحكت بقوة فالتفت لها وأجاب:
"على كل شيء، مذ قدومك لهنا تغير كل شيء حولنا. أتعلمين؟!"
هدأت فتابع:
"آخر مرة احتفلنا هكذا كان يوم وُلِد دارون"
تلاشت ابتسامتها بالكامل فقال:
"أرجوكِ، لا تضعي هذا التعبير"
أدارت وجهها للأمام وقالت:
"آسفة لم أقصد"
التفت هو الآخر وقال:
"دائمًا ما تفاجئينني، أنت حتمًا مميزة"
ارتبكت من كلامه وسألته:
"م..ماذا؟ كيف يكون هذا؟! لست سوى فتاة عادية"
فأجابها ساخرًا:
"يال تواضعك"
عبست بتململ وقالت:
"لن أجادلك"
ضحكة خفيفة ساخرة هربت من فاهه فقال:
"لا يوجد ما نتجادل عليه. على أية حال، لم حضرتك هنا؟!"
فأجابت اوتوماتيكيًا:
"لا أشعر بالنعاس"
"مع أنك أبدعت اليوم، هذا غريب، ألم تتعبي؟!"
"أظن أن جسدي يؤلمني بعض الشيء لكني لا أستطيع النوم"
"وأول ما فكرت به كان الخروج وشعرك مبلل؟!"
وضعت يدها على رأسها بدهشة فتابع:
"أتنوين أن تسقطي طريحة الفراش؟!"
وقفت بسرعة وقالت:
"إن لم تكن تنوي أن أبقى هنا فقط قلها بشكل مباشر لا تلف ولا تدور، تصبح على خير"
ضحك بقوة عليها فابتسمت دون أن يراها وغادرت ليقول:
"وأنتِ من أهله"
استيقظت نوريس صباح اليوم التالي على ضوضاء سيارات عدة تتحرك خارجًا. استقامت من نومها لتبدل ثيابها وتغسل وجهها ثم نزلت تتفحص ما يجري.
"أكان هذا كريستوفر؟!"
سألت آندرو ليجيبها:
"أجل، يبدو أنهم لن يصمتوا بعد ما فعل الليلة الماضية، طلبوا حضوره للتفاوض حول كل شيء"
أومأت متفهمة وقالت:
"هكذا إذًا، ألم يذهب أحد معه؟!"
"إن كنت تقصدين أحدنا نحن الخمسة فلا، لكن عددًا ليس بقليل من الرجال بصحبته"
"هذا غريب، على أية حال، ماذا لدينا اليوم؟!"
"لا شيء حتى عودة كريستوفر، يمكنك فعل ما تريدين"
"أنتدرب معًا؟!"
ابتسم بجانبية وأومأ موافقًا ليبدأ نزالهما فورًا.
بعد فترة، جلس الاثنين بتعب أرضًا معهما روبينا وفيكتور اللذان انضما سابقًا، ليأتيهم دارون:
"هل سيتأخر والدي؟!"
اعتدلت نوريس بجلستها وقالت:
"لا نعلم هذا، ألديك ما تريده منه؟!"
نفى دارون برأسه ثم قال:
"لا شيء مميز"
"أتنوي التدرب معنا؟!"
لمعت عيناه وأشرق وجهه ليجيب:
"أيمكنني؟!"
"حسنًا، لكن لا تخبر كريستوفر، فقد طلب أن يكون تدريبك تحت إشرافه فقط"
أومأ الصغير بحماس فبدأت بتدريبه مع روبينا بينما يحدق الإثنان الآخران بهم من بعيد.
مرّ بعض الوقت ليأتيهم إلياس بينما يسأل:
"يا رفاق، أوصل أحدكم أخبار من كريستوفر؟!"
نفى الجميع فقالت نوريس:
"أظنه تأخر بالفعل، لكن، لربما واجهته بعد العقبات في الإتفاق"
"أخشى أن الأمر أكبر من هذا. وردتني إشارة بالخطر لكنها سرعان ما اختفت، لذا لست واثقًا إن كان الأمر بالخطأ من أحد الرجال أم أن مكروهًا أصابهم"
فقال آندرو:
"لننتظر بعض الوقت ولنراقب الوضع، لو تأخر أكثر من هذا، سنتحرك"
أومأ الجميع له مؤيدًا فتفرقوا لتحضير أنفسهم، فقد يتحركون في أية لحظة.
سيارات مسرعة توقفت في الأسفل وضجيج عالِ يصدر من عدة رجال وصراخ. خرج الجميع ليفهموا ما يجري فما كان إلا أنهم مغطين بدمائهم، يحملون كريستوفر المصاب بشدة الفاقد الوعي بينما يصرخون:
"الزعيم مصاب بشدة، إلياس فلتسرع"
للحظات، لم يستوعب أحد ما يجري ولم هو بهذه الحالة، حتى تحرك إلياس أخيرًا وأحضر سريرًا لنقله ثم راح يركض به وبعض الرجال للداخل بينما يصرخ بروبينا ونوريس لتجهيز عدته فورًا.
طلب من الجميع الخروج ليبقى بمفرده حتى يركز على عمله، ليقف الجميع خارجًا فصرخ آندرو:
"ما الذي جرى واللعنة؟! كيف أصيب بهذه الطريقة؟!"
اقترب أحدهم بينما يخفض رأسه للأسفل وقال:
"كان الأمر مخططًا من البداية، لم يريدوا الصلح أبدًا. رغم أن الزعيم حذرنا مرارًا وتكرارًا إلا أننا وقعنا بفخاخهم التي نصبوها، ولأنهم كانوا موقنين من أنه لن يقف صامتًا وسيحمي رجاله، تمكنوا من غدره وتفجير لغم به، تمكن من التحرك أبعد قليلًا عنه لكنه لم ينج"
صعق آندرو مما قال الآخر ليقول:
"نوريس، أرجوك أخبري إلياس بهذا، سيساعده"
أومأت وركضت للداخل تخبر الآخر بما لديها فقال:
"جيد أنه أدرك الأمر وتحرك بسرعة، وإلا لبترت أطرافه، مع ذلك، لن يكون علاجه سهلًا"
صعقت الأخرى من قوله وقالت:
"ماذا تعني؟! كيف؟!"
تنهد بثقل بينما لا يزال يحاول التعامل مع جراح جسد الأقوى وحروقه وقال:
"مهما بلغت صلابة جسده، سيترك هذا أثرًا دائمًا عليه. سأحاول ما بوسعي لتقليله، أرجوك أخرجي ودعيني أنهي عملي"
أومأت بهدوء وخرجت بينما تفكر ليستوقفها آندرو:
"ماذا جرى؟!"
"أخبرني أني أخرج، حاله ليس بالسهل"
أومأ آندرو متفهمًا فتابعت:
"أليس من الأفضل لو يحضر معه مساعدين؟! على الأقل لحالة كهذه، ألن تكون فرصة النجاة أكبر؟!"
نفى آندرو برأسه وقال:
"لا أظن هذا، ثم أنه إن استيقظ كريستوفر وعلم أن شخصًا غير إلياس عالجه سيقتله فورًا. وأحد الأسباب هو مدى تضرر جسده من كل إصاباته السابقة"
"لم يعرض حياته للخطر هكذا؟! ألا يمكنه تجاهل الماضي فقط؟!"
"كيف يمكنك قول هذا؟!"
عادرت لرشدها وقالت:
"آسفة لم أقصد، لا أعلم كيف تفوهت بهذا ولم أفكر به أصلًا"
"لا عليك، لكن إياك وقول هذا أمامهما"
"نوريس"
بتر حديثهما صوت دارون الفزع فالتفتا له ليقول:
"ماذا حلّ بأبي؟!"
أطبقت شفاهها بقوة وأخفضت رأسها ليقول آندرو:
"تعال ولنتحدث"
آخذًا إياه بعيدًا عن الأخرى وقال:
"لن أخفي عنك شيئًا لألّا تتفاجأ في النهاية، لكن إصابة والدك ليست بالسهلة، علينا توقع الأسوأ منها"
"ماذا تعني؟! لا تقل لي…"
ثم انفجر باكيًا ليحتضنه الأكبر ويقول:
"لا أعلم، صدقًا لا أعلم. أملنا الآن إلياس فقط"
شدّ الصغير قبضته على قميص آندرو ليربّت الآخر على رأسه بهدوء.
كانت نوريس تراقبهم من بعيد لكنها عادت للجلوس أرضًا أمام الغرفة التي يعالج بها إلياس كريستوفر. أتاها فيكتور وروبينا بعد بعض الوقت لتسألها روبينا:
"ماذا تفعلين هنا؟!"
نظرت لها ونفت برأسها ثم قالت:
"لا شيء بالتحديد. أنتظر خروج إلياس فقط"
"ألم يسمح لك بالدخول؟!"
"طلب مني الخروج وألا نسمح لأحد بالدخول حتى ينتهي ليركز في عمله"
أومأت الأخرى متفهمة ثم وقفت تنتظر الأخبار.
بعد عدة ساعات، خرج إلياس أخيرًا بينما ينزل كمامته من على وجهه ويخلف الكفوف من يديه.
أسرعوا نحوه يسألونه حال الآخر فأجاب:
"تخطى مرحلة الخطر، لكن وضعه ليس بالسهل"
تنهدوا براحة فتابع:
"أنا ذاهب لأرتاح، لا تزعجوني إلا في حالة طوارئ"
"شكرًا لك إلياس، على كل شيء"
بدر هذا منهم فالتفت إليهم بريبة وقال:
"أأنتم مصابين بالحمى؟! اعتقوني، أشعر بالتعب"
ضحكوا بهدوء على كلامه فابتسم وغادر.
تناوبوا حراسة كريستوفر يومين آخرين، وفي فترة تبديل المناوبة بين نوريس وآندرو فتح كريستوفر عينه بهدوء فخرجت نوريس راكضة تنادي إلياس.
أتى مسرعًا والبقية ليتفحص وعي الآخر حتى تنهد كريستوفر بملل وقال:
"هلّا أوقفت هذا؟!"
"علينا التأكد من كل مؤشراتك الحيوية، ألا تدرك الخطر الذي أحدق بك؟!"
لكنه حاول الاعتدال بجلسته فصرخ به إلياس:
"ماذا تفعل؟! جراحك لم تلتئم كما يجب بعد"
قلّب الأقوى عينيه بملل ثم قال:
"أين دارون؟!"
فأجابته نوريس:
"أظنه في غرفته"
تظنين؟!"
أومأت وتابعت:
"لم أره منذ الصباح لأنني كنت هنا، كنت أنوي الذهاب للاطمئنان عليه لكنك فتحت عينيك"
"أحضريه"
أومأت ثم خرجت من هناك مسرعة فقال إلياس:
"أحقًا هو أول ما فكرت به؟!"
"أظنني حلمت حلمًا مزعجًا وهو ما جعلني أستيقظ"
"حلم؟!"
"رأيت أطرافه مقطعة حولي بينما أحمل ما تبقى من جسده بيدي"
اقشعرّت أبدانهم فأتى إلياس اتصال ليلقي نظرة على الاسم:
"نوريس؟!"
°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°
انتهى🖤✨

كوبرا | Copraحيث تعيش القصص. اكتشف الآن