"كيف سنتمكن من تخمين خدعة العدو؟!"
فأجابه الأكبر:
"أولًا أتقنا الهجوم وحاولا أن تسيطرا على القتال من البداية، ولا تنسيا الحفاظ على الزخم حتى لا تنقلب الطاولة عليكما، وأثناء ذلك، توقعا أي حركة فجائية للخصم، وكونا على أتم الاستعداد لصد كل هجماته"
"وكيف يمكننا توقع هذا؟! هنالك العديد من الخدع"
"عليك أن تكون شديد الملاحظة وذو ردة فعل سريعة، قد تحتاج في بعض المواقف لإخراج سلاحك أيضًا كرد فعل، فتوقع كل كبيرة وصغيرة من عدوك، حلل وضعية جسده، راقب عينيه بحذر كيف تنظران وإلام تنظران، ثم قرر حركتك ونفذها"
فسألت نوريس:
"كل هذا في أجزاء من الثانية؟!"
أومأ الأكبر ثم وجه سؤاله لدارون:
"أتذكر كيف أخبرتك المرة الماضية عن هذا؟ كل لحظة مهمة، قد تنقلب الموازين بسببها سلبًا أو إيجابًا، فلا تضيع أية فرصة"
أومأ الاثنان متفهمان فقال:
"والآن، تقاتلا فيما بينكما، سأراقب من بعيد"
بالفعل بدأ تدريب الاثنان والآخر يراقب موجهًا بعض التعليمات لهما حتى خارت قواهما فقال بينما يلتفت مستعدًا للرحيل:
آدائكما تحسن بعض الشيء، لكنكما سيئان للغاية في هذا، سأستمر بالوصاية عليكما حتى تتقناه"
حدّق الإثنين به بتعب ليغادر فقالت نوريس:
"ما عدتُ أريد القتال"
ضحك دارون فابتسمت له وقالت:
"لنأخذ قسطًا من الراحة قبل أن تأتي لنا مهمة من حيث لا ندري"
أومأ الصغير فاتجه الاثنان للباب الرئيسي ليجدا كريستوفر يستعد للخروج رفقة فيكتور فسألاه:
"إلى أين؟!"
نظر لهما بهدوء وقال:
"سأسمح لكما بالراحة في فترة غيابي، لكني لا أضمن استمرارها بعد عودتي، فاستعدا"
حدّق الإثنان بتعابير مضحكة به ينفيان برأسيهما أنهما لا يريدان هذا لكنه تجاهلهما وغادر مع رفيقه.
ارتمت نوريس بجسدها على سريرها تفكر في كل ما جرى مؤخرًا، حتى خطرت على بالها مذكرة رين التي أعطاها إياها دارون في زيارتها الأولى لمنزله.
بحثت في حاجياتها بعض الوقت لتخرجها أخيرًا. جلست على سريرها ثم بدأت تقلب بها بهدوء، لتجد أعلى صفحاتها مكتوب اليوم والتاريخ وأسفلها بخط كالطباعة تسرد أحداث وقصص.
"كان هذا لقائي الأول به بعد اعترافه، كان الأمر محرجًا للغاية، لكني كنت سعيدة. دعاني لمنزله وأخبرني بكل أسراره، صعقت في البداية من خلفيته التي لطالما أخفاها عني بكونه وريث مافيا الكوبرا، لكني لم آبه لهذه الحقيقة حين التمست الصدق بعينيه."
"اليوم تقدم لطلب يدي، وبعد قضائنا للوقت معًا، أتاه اتصال عاجل من والده ليذهب لمهمة ما، أرجو أن يعود سالمًا"
"اليوم تم تسليمه المافيا ليكون زعيمها، كنتُ سعيدة جدًا لأجله، لكن قلبي يعتصرني ولا أعلم السبب، كأن خطرًا موشكًا علينا، أرجو أن يظل سالمًا"
"فهمتُ كل شيء اليوم، لم تخلّى عنه بعض الحلفاء ولم عادوه وحاولوا قتله، إنها أنا، أفكر بالهرب بعيدًا لحمايته، رغم أنه يستنكر كلامي هذا، ولا يريد الإبتعاد عني، لكني أعلم أنه يمرّ بوقت عصيب بسببي، لا أريد أن أغدو عائقًا له لمجرّد أنني بلا نسب للمافيا"
توقفت نوريس عند هذه الجملة وفكّرت مطولًا، أيعني هذا أنه ممنوع عليه الزواج إلا ممن نسبها الأصلي يعود لمافيا؟ منذ متى هذه القوانين موجودة؟!
تابعت قراءة المذكرة حتى وصلت لنهايتها:
"وضعت مولودي الأول اليوم، نظرات كريستوفر له لا أريد أن أنظر لشيء بعدها لتبقى الصورة الوحيدة بخيالي، ابتسامته وضحكه من قلبه على هذا أسرتني حتى النخاع، ليتني استطيع اختطافه وابعاده عن هذا البؤس المحيط به كله"
أغلقت نوريس المذكرة وحدّقت بالسقف بصمت لساعات أطول مما استغرقته لقراءة المدونة، إذًا فقد فعلا المستحيل ليظل كليهما معًا، لكن حتى القدر أبى ذلك.
..
ليلة مقتل رين، كانت قد ودّعت كريستوفر بقبلة منه على جبينها لطمأنتها حين خفق قلبها بعنف كأنه ينذرها مما هو قادم، لكنه ابتسم لها وحاول تهدئتها بقوله أنه لن يتأخر وسيعود لها بأسرع وقت طالبًا منها أخذ قسط من الراحة.
خرج كريستوفر فداعبت هي الصغير لتخرج الأفكار السوداوية من مخيلتها حتى غفى متعبًا بين يديها. وضعته على السرير واستلقت جواره تنوي النوم هي الأخرى قبل أن تزورها تلك الهواجس الشيطانية المزعجة مجددًا، لكن انفجار قوي أيقظها بفزع فنظرت للصغير لتجده لا يزال نائمًا.
اقتربت من النافذة لتفهم أنه قد تم خداع كريستوفر وأنها في خطر محدق، فقد تم اقتحام منزلها.
أسرعت للصغير تحمله فدخل عليها حارسها يخبرها بالوضع الراهن ثم استأذنها ليبتعد عن الغرفة ويساند رفاقه في ردع العدو من الوصول لهنا فوافقت بسرعة. أقفلت الباب خلفه ثم اقتربت من الخزانة تنوي وضعه بها لكي لا يعثروا عليه فينجو هو على الأقل، وقبل أن تفعل، تم خلع باب غرفتها فعاودت حمل الرضيع وبدأت بالتراجع للخلف.
"هذه هي إذًا، سنقضي عليه الليلة باستغلالها"
حاولت الوصول لهاتفها لكن الآخر صفعها فسقطت أرضًا ليبدأ الصغير بالصراخ والبكاء. أخذت تحاول تهدأته بينما الأقوى يقترب منها ممسكًا فكها ويقول:
"خسارة قتلك بصراحة، لم يخب لاختياره عاهرة مثلك"
بصقت بوجهه وقالت:
"لا تستهن بي يا هذا، لست بضعيفة ستبكي وتترجاك لتركها"
أمسكها من شعرها جاذبًا إياه بعنف فصرخت متألمة تزامنًا مع انفجارات عنيفة في الخارج، ليقوم الآخر بجرّها حتى منتصف الغرفة ثم تركها. اعتدلت بجلستها تضم الصغير أكثر ناحيتها وسط ذلك الظلام بعد انقطاع التيار الكهربائي، ليركلها رجل آخر على خاصرتها فصرخت وجثت تاركة الصغير جوارها تتقلّب بألم. سعلت بضع مرات ليقول الأول ساخرًا:
"هل ستموتين من ركلة؟ ألم تقولي بأنك لست بضعيفة؟!"
فهمست بحنق وألم:
"وتضربني بمناطق كهذه؟ لو كنت رجلًا بحق، انتظر وصوله فقط"
كان على وشك أخذ الصغير لكنها سارعت لحمله وأبت اعطائه إياه رغم أنه جذبه بعنف تحت صرخات الصغير المتألمة، فما كان من شريكه إلا أن يطلق عليها النار.
سقطت فعلًا بعد أن ترك الآخر الرضيع الذي أبت تركه حتى النهاية، ليصرخ:
"ماذا فعلت يا أحمق؟ كان علينا أخذها رهينة"
رجف الآخر بخوف وقال:
"ما كنت لتنجح، لنغادر الآن، سدّدنا ضربة موجعة ستقتله"
كانا على وشك الخروج حتى عاد الأقوى موجهًا سلاحه لها مطلقًا عليها بضعة طلقات أخرى تاركًا الصغير يقول:
"سيتحسر لموتك ويكره الصغير الذي ضحيتِ بنفسكِ لأجله، ليكن الشوكة في حلقه طوال حياته"
خارجًا من هناك. وضعت يدها فوق الصغير تربّت عليه بهدوء تحاول تهدئته، لكنه أبى. لم تستطع الاعتدال بجلوسها أو حمله، لتذرف عيناها الدموع وهي تقول بتعب:
"أعتذر يا بني، أنا حقًا آسفة، أتمنى فقط وصول والدك قبل خروج روحي فأمنعه عمّا يهدفون"
بينما تلتفظ أنفاسها الأخيرة، أتاها كريستوفر مصعوقًا يقف أمام الباب بأنفاس متقطعة. اقترب منها بخطوات غير ثابتة حتى جثى قربها يرفع رأسها له واضعًا إياه على قدميه. ابتسمت وسط نزيف فمها وقالت:
"كريس، لم تخيب ظني يومًا، كنتَ دائمًا سندي وقوتي، لم تترك يدي أبدًا، رغم كل ما يجول حولك، لم تتوانى في التضحية من أجلي. هنالك مطلبين صغيرين أريدهما منك لا غير"
أوقفها واضعًا سبابته على فمها بينما يقول وسط دموعه التي انهمرت فجأة:
"لا تتفوهي بأكثر من هذا، سيصل طبيبك في أية لحظة، لا ترهقي نفسك حتى وصوله ليعالجك بسرعة"
ابتسمت واضعة يدها بضعف على وجنته فأمسكها مغمض العينين لتبتسم وتقول:
"فلتعش بسعادة مع دارون، لا تكرهه ولا ترمه بعيدًا عنك مهما قال العدو ووجه التهم له بموتي، كن سنده دائمًا واحفظه"
"أعدك، أعدك، فقط اهدأي الآن ولا تتفوهي بحماقات أكثر، سأحقق مطلبك فتكونين الثالث معنا، لن نعيش اثنان فقط"
اتسعت ابتسامتها أكثر وهمست:
"أحبك"
لتسقط يدها من كفه مغلقة العينين منقطعة النفس. حدّق بجثتها بعض الوقت دون استيعاب لما حصل، نادى باسمها عدة مرات محاولًا هزّها راجيًا إياها فتح عينيها، دون جدوى.
..
طرق خفيف على الباب أخرجها من شرودها الذي طال فسمحت للطارق بالدخول.
"دارون؟ ماذا تفعل هنا؟!"
اقترب منها بابتسامة وقال:
"أراكِ قرأتِ المذكرة"
نظرت جوارها لتجد أن المذكرة لا تزال هناك فابتسمت وقالت:
"أجل فعلت"
ضحك الصغير بخفة وقال:
"أتريدين الخروج؟ والدي لم يعد بعد فاستأذنت إلياس فأخبرني أنه مشغول، آندرو وروبينا منغمسان بالتدريب، ما كنت أنوي طلب هذا منكِ بعد تدريب والدي، لكن، ما رأيك؟!"
قرصت وجنته بلطف وقالت:
"وكيف لي أن أرفض طلبك هذا؟! لكن أين سنذهب؟"
ابتسم دارون مجيبصا:
"مدينة الملاهي"
عاد كريستوفر وقت الغروب، بحث عن الاثنين حين علم بمغادرتهما ليرى إن كانا قد عادا، لكنهما ليسا هنا.
اتصل عدة مرات بنوريس، طوال الوقت وجد هاتفها يرن ويرن لكنها لا تجيب. عاد لسؤال البقية فأخبروه أنهما غادرا من فترة.
"كيف لم تفكروا بالاتصال بهما حتى بعد تأخرهما؟ أين مسؤوليتكم؟! ولم لم يذهب أحد معهما؟!"
فأجابه آندرو:
"هي من طلبت الخروج للترفيه وحدها، ثم انها ليست بالضعيفة ليرافقها أحدهم طوال الوقت"
نظر كريستوفر له بحدة وقال:
"رغم ذلك معها طفل، ألم تفكر أنه سيمثّل عائقًا لحركتها وتركيزها إن تعرضا للخطر؟! سنغادر للبحث."
خرج بالفعل ورجاله ليرده رسالة من إلياس عن خبر انفجارات في مدينة الملاهي وتحتها رسالة أنه سمعهما يتحدثان حول الذهاب لها.
تفرّق الجميع وسط الانفجارات العنيفة هناك وهروب الناس فزعين الذي أعاق تقدمهم لفترة حتى خلت الساحة تقريبًا.
"هل رأيتهما يخرجان؟!"
كان هذا كريستوفر يسأل إلياس عبر سماعاته لينفي الآخر بقوله:
"كلا، لم يخرجا بعد"
تابع البحث كالمجنون هنا وهناك يركض بلا وجهة محددة، حتى تغلغل لمركز الانفجارات فصرخ به إلياس:
"ماذا تفعل؟ فلتغادر فورًا، لا يمكننا توقع الإنفجار"
لم ينصت الأقوى له وتابع تقدمه تحت صرخات الآخر ليرى جسدين بتهاويان تحت إطلاق رصاص عشوائي خلفهما وانفجارات متعددة. سقط الجسدين ثم وقفا مجددًا ليمسك الأطول يد الأصغر ويعاود الركض اتجاهه، ثم حمله وتابع ركضه بشكل أسرع بينما يحاول حمايته.
اتضحت رؤيته ليتأكد أنه هذا الخيال ليس سوى نوريس ودارون فأسرع لهما مخرجًا سلاحه يطلق على ما خلفهما بدقة حتى وصل لهما. كادت تسقط فأسمكها بإحكام بينما يسألها قلقًا:
"أنتما بخير؟!"
بينما لا يزال يطلق على ما هو خلفها ليجدها تضع دارون أرضًا تتفحصه بسرعة وقالت:
"لم تصب صحيح؟ أنت بخير أليس كذلك؟!"
أومأ دارون بسرعة وقال:
"بخير"
حدّق كريستوفر بها متعجبًا وسألها بلا وعي:
"لم تهتمين لأمره بشدة؟!"
لم تجبه ليسمع الصغير يقول:
"رأيتك تصابين وأنتِ تحمينني، هل إصابتك بليغة؟!"
عاد كريستوفر لإطلاق النار ثم قال:
"سأتولى الأمر، إلياس ينتظركما والبقية خارجًا، سيأخذكما للمقر بسرعة، سألحق بكما حين أتأكد من أن أحدهم لم يتبعنا"
عادت لحمل الصغير وركضت للخارج تحت دهشة الأكبر حتى أتته لحظة إدراك للوضع الراهن فعاد لمهمته.
قضى على الثلاثة الذين حاولوا قتل الإثنين ثم غادر بسرعة يشتمهم بنفسه. التقى بفيكتور وروبينا اللذان يركضان اتجاهه فسأله عن آندرو ليخبره:
"لقد غادر رفقة إلياس والاثنين الآخرين يحمل نوريس التي لم تكن اصابتها بالسهلة بعد أن انفجرت قنبلة قرب البوابة."
صعق من قوله فسأل برجفة:
"ماذا عن دارون؟!"
فأجابه مجددًا:
"لم يصب بخدش واحد"
عادوا مسرعين للمقر ليجدوا إلياس قد أنهى علاج نوريس ويتحدث مع آندرو ودارون يطمئنهما على وضعها. انتبه دارون لوالده الذي يقترب بسرعة منهم فركض له ليحتضنه الأكبر ويسأله:
"أنت بخير؟ هل أصبت بأي أذى؟!"
شدّ دارون عناقه على والده وأجاب:
"أنا بخير، لكن نوريس …"
تنهد كريستوفر بثقل وقال موجهًا حديثه للبقية:
"اجتماع طارئ"
سبقه الجميع لقاعة الإجتماعات فربّت على رأس الصغير وقال:
"تنوي خوض الإجتماع معنا؟ سأقرر بخصوص ما سنفعل مع ما جرى اليوم"
شعر بالصغير يومئ فحمله واتجه به للقاعة.
"سأختصر الأمر قدر المستطاع فجميعنا متعبون. هذه الضربة لم تكن موجهة لنا بشكل مباشر ولا تمت لنا بصلة رغم الإصابات التي تعرضنا لها، وقد جمعت أدلتي لأؤكد هذا قبل انسحابي، لكننا لسنا المتضررين الوحيدين، فأبرياء غيرنا لم ينجوا منها، فهل أنتم مستعدون لخوض تحقيق أشمل حول حقيقة الأمر والإنتقام فندخل بمتاهة نحن بغنىً عنها؟ أم نتغاضى عن الموضوع ونكتفي بتهديد؟!"
فكر البقية لبرهة حتى قال آندرو:
"من وجهة نظري، لا نحتاج تهديدًا حتى. في النهاية، لو كان هدفهم الملاهي، لن يدققوا في من دخل وخرج وضحاياها وسيأبهون بدمارها فقط"
فأجابه إلياس متدخلًا:
"المتضرر الوحيد منّا هو نوريس، لا أعتقد أن لنا الحق في اتخاذ قرار كهذا دون استشارتها على الأقل"
نفى كريستوفر برأسه وقال:
"ليست المتضرر الوحيد، لكن الأكبر"
أومأت روبينا موافقة وقالت:
"رأيي من رأي إلياس، لننتظر حتى تصحو ونرى ما ستقرر، الانتقام أو التغاضي"
أنهى كريستوفر الاجتماع بهذا القول طالبًا من الجميع أخذ قسط من الراحة حتى استيقاظ الأخرى.
ابتسم دارون لوالده وقال:
"أنت بخير؟!"
نظر له كريستوفر بهدوء فتابع:
"يداك ترتجف"
رمش كريستوفر عدة مرات مستغربًا قول الصغير رافعًا يديه لأعلى يحدّق بهما فقال دارون ضاحكًا:
"حدث هذا حين ظننت أن نوريس سقطت من الجرف، فرغم أن معظم إصاباتك كانت دقيقة، لكنك أخطأت بعضها، وأخبروني أيضًا أنك كنت ترتجف حين حضنتها وحتى بعد فقدانك الوعي"
أغلق الأكبر فم الصغير المبتسم بحرج وقال:
"من أخبرك بهذا؟!"
أبعد دارون يد والده ممسكًا إياها وقال:
"ستخرسه ولن أحصل على قصص مشوقة كهذه، فلن أخبرك"
ثم انفجر ضاحكًا تاركًا والده في حيرة مغادرًا المكان.
استيقظت نوريس بعد بعض الوقت لتجد إلياس يقوم بفحصها بينما كريستوفر يقف بالخلف متكئًا على الحائط. استذكرت ما جرى فاعتدلت بجلستها بسرعة وسألت بقلق:
"أين دارون؟!"
حدّق الإثنان بها بصمت فسألت مجددًا والقلق بادِ عليها أكثر من صمتهما:
"أين دارون؟ أهو بخير؟!"
ابتسم كريستوفر بهدوء مجيبًا:
"إنه بخير، الفضل كله لك، أشكرك، لن أنساها لك"
حدّقت به متعجبة وإلياس ثم قالت:
"هلّا طلبت منه الحضور؟!"
خرج بالفعل من هناك تحت صدمة الاثنين فقال إلياس:
"كيف فعلتها؟!"
نفت برأسها وقالت:
"لا أعلم، صدّقني لا أعلم، رغم أـنها ليست المرة الأولى .."
فصرخ الآخر قائلًا:
"وليست الأولى أيضًا؟"
ضحك على سذاجتها وهي تحدق بيديها كأنها ألقت تعويذة سحرية ليحضر دارون بعد لحظات فاحتضنها لتبدأ بمداعبته بعد أن اطمأنت عليه ليقترب كريستوفر منهما ويقول:
"بعيدًا عن لعبكما الآن، الوضع حسّاس جدًا. عقدنا اجتماعًا بينما كنتِ فاقدة للوعي، الأمر برمته يعود لكِ تحت إجماع الجميع، أتريدين التحقيق حول من كان خلف الأمر وإبادته أم نتجاهله على أنه حادثة عرضية لم يكن لها نية خفية بإيذائك؟!"
فقال إلياس ممازحًا:
"واضح كوضوح الشمس أنك ترجّح الفكرة الأولى"
نظر له كريستوفر ببرود فضحك إلياس ودارون بخفوت لتفكر نوريس بعض الوقت ثم قالت:
"لا أظن أنها خطة أعدائنا، فقرار ذهابنا للملاهي كان خلال لحظات ولن يتمكن أحد من ترسيخ كل تلك القنابل بهذا الوقت القصير، فلم ندخل أنفسنا بمتاهة كهذه نحن بغنى عنها؟!"
ضحك إلياس بسخافة وقال:
"انتهى النقاش، سأغادر وأعلم البقية"
غادر بالفعل فتمتم كريستوفر بضعة كلمات غير مفهومة بينه وبين نفسه ليسأل دارون:
"لكن يا أبي، كيف لنوريس ألا تكون المتضرر الوحيد لكن الأكبر؟!"
تمتم كريستوفر أمورًا أخرى غير مفهومة بينما يحدّق بالصغير الذي بات خطرًا عليه وقال:
"نوريس واحدة من أعواني قبل أتباعي، ثم انها شخص غالٍ بالنسبة لك صحيح؟!"
أومأ دارون فبعثرت نوريس شعره بسعادة ليتابع الأكبر بينما يهمّ بالرحيل:
"وكلّ غالٍ عندك، غالٍ لديّ"
تشنّجت نوريس تحدق بالفراغ بلا استيعاب تام لما قاله كريستوفر بوجه محمر فانفجر دارون ضاحكًا بينما يقول:
"سمعته؟ سمعته صحيح؟ لم تخنني أذناي صحيح؟َ أخيرًا"
حاولت تهدأته بقولها بحرج:
"اهدأ اهدأ، سمعت، لقد سمعت ما قال"
ابتعد الفتى بضعة خطوات للخلف وقال:
"إذًا لا يزال هناك بعض الأمل"
نظرت نوريس له بتعجّب وقالت:
"ماذا تقصد ببعض الأمل؟!"
لم يجبها على سؤالها بل غادر يدندن فرحًا بعد أن قال:
"سأتركك تنالين قسطًا من الراحة، تحسني بسرعة"
ثم غادر الغرفة.
بعد عدة أيام، وبينما يعقد كريستوفر اجتماعًا آخر بخصوص مهمته الكبرى مع أعضائه المميزين، سمعوا صوت جلجلة فأسرع إلياس للنافذة يرى ما يجري ثم قال:
"دخيل"
حمل كلٌّ منهم سلاحه وأسرعوا للخارج، فابتعد الرجال فاتحين المجال لكريستوفر بالعبور.
أخفض سلاحه فور رؤية وجه الآخر وإدراك هويته فصاح:
"كارلوس؟!"
أومأ الآخر دون أن يرفع رأسه فاقتربت نوريس من إلياس تسأله:
"من يكون هذا؟!"
نفى إلياس رأسه فنظرت للبقية ليشيروا لها أن لا علم لهم ولا حتى دارون الذي أتى بعد أن أدرك أن الموقف آمن.
احتضنه كريستوفر فبادله الآخر الحضن ليسأله:
"متى انتهيت؟ ولم لم تخبرني أنك عائد؟!"
ابتعد الأقصر عنه وقال:
"أنهيت مهمتي على أكمل وجه والجميع يحسبون ألف حساب لاسم الكوبرا، لكن طوال الوقت كنت مراقبًا حتى عودتي للبلاد، لذا لم أتمكن من التواصل معك أبدًا"
فسأله الآخر:
"ولم لم تبدهم؟!"
تدخلت نوريس وسألته ساخرة:
"ألا تجيد إلا الإبادة؟! فكر بشيء آخر يصب لصالحك، ككسبهم لصفك مثلًا؟!"
°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°
انتهى🖤✨
أنت تقرأ
كوبرا | Copra
Actionوضع حاجزًا مهولًا بينه وبين معنى الحياة منذ زمن طويل، لا يهوى أو يسعى إلا للانتقام. فهل سيكون هناك من يكسر هذا الجدار؟ أم سيبقى حبيس الماضي والذكريات؟