هزّت رأسها يمنة ويسرى ثم قالت:
"هذا يكفي، سأغادر، سأداوم بعمل ما وأعيد له ماله، لا أحتاج فضيلته علي، شكرًا لكم جميعًا!"
ثم انحنت وغادرت بهدوء، لم يجرؤ أحد على إيقافها.
لم تعد نوريس لمنزلها ولا للعيش مع والدها، أخبرته أنها ستتابع تسديد الدين بإرساله لإلياس، بينما هي ستعيش منفصلة وتعمل في منطقة على ضواحي حدود الكوبرا.
"حاضر، سأحضره حالًا!"
دخلت مسرعة للطاهي تسأله عن الطلب، ليناولها إياه ثم خرجت لتضعه أمام الزبون. بالفعل، وجدت عملًا كنادلة في أحد المطاعم، يبدو أنه مشهور جدًا، فهو يكاد لا يخلو إلا ساعات الإغلاق.
كانت لا تتهاون في تدريباتها التي كانت تقوم بها لفنون القتال التي علّمها إياها آندرو. وبعد فترة، استقر وضعها بالعمل وباتت تحصل على أجر افضل لتفانيها فيه، حتى تمكنت أخيرًا من سداد دينها كله.
في أحد الأيام، وقبيل اغلاق المطعم بساعة، دخل رجل ما وطلب حضورها. استغربت الأمر فلم يحصل هذا مسبقًا أبدًا. خرجت حاملةً دفترها وقلمها ثم ابتسمت أمام الزبون وسألت قبل أن تنظر لوجهه:
"كيف بإمكاني مساعدتك سيدي؟!"
ضحكة مكتومة خرجت من فاهه جذبت نظرها نحوه فقالت:
"أهذا أنت؟!"
بينما تشدّ قبضتها عادت للابتسام وقالت بحنق:
"كيف بإمكاني مساعدتك؟!"
لكنه أمال جسده للأمام متكئًا على الطاولة وقال:
"أحتاج لسرقة بعضٍ من وقتك للحديث بأمر مهم"
أنزلت دفترها وقالت:
"لا أزال ضمن فترة عملي، أعتذر سيدي هذا غير مقبول، أهناك طريقة اخرى أساعدك بها؟!"
يبدو أنه مصرّ، أشارت لزملائها في العمل أن يغطوا مكانها بعض الوقت ليتسنى لها الحديث معه.
"ماذا تريد؟ ولم أنت هنا؟!"
فأجابها مبتسمًا:
"لمَ أنتِ وحدكِ هنا؟! أليس من المفترض أنك تحت رعاية الكوبرا حتى تسددي دينك؟ أم أنكِ فعلتِ مسبقًا؟!"
ابتسمت بجانبية وقالت بثقة:
"سددته بالفعل فور خروجي من المافيا، لا أدين لهم بشيئ، وهم لم يعودوا مجبرين على حمايتي، عقدنا انتهى"
كان ينظر لها بطريقة غريبة وهو يبتسم ثم قال:
"هكذا إذًا. طالما أنك حرة الآن، لم لا تأتين للعمل معي؟ سأضاعف أجرك كما ترغبين"
تنهدت بثقل وقالت:
"هذا مستحيل، أشعر بالراحة في عملي هنا بعيدًا عن كل تلك التعقيدات، شكرًا لك لعرضك"
يبدو أنه سيزيل قناعه الآن ويتحدث بشكل مباشر أخيرًا:
"إذًا ما رأيك بعرض رائع؟ أعطِني كل ما لديك من معلومات عن الكوبرا، وسأحقق لك ما تتمنين، بإمكاني ايصالك لمناصب لن تقف حكومة هذا البلد أو غيرها بوجهك أبدًا"
نظرت له ببرود وأجابت:
"لا يهمني عرضك هذا .. "
أمال رأسه جانبًا وقال متعجبًا:
"ما هذا الولاء الذي لديك حتى بعد أن تخلوا عنك؟! أنت تعلمين أن بإمكاني اختطافك الآن بإشارة واحدة مني وأقوم باستخراج المعلومات منك بطريقتي صحيح؟!"
لم يرف لها جفن، بل ابتسمت بجانبية وقالت:
"لن تفعلها! خصوصًا أنه لم يعد هنالك أية علاقة تربطني بالكوبرا، وأظن أن قوانين المافيا واضحة، فحتى لو تمكنت من الهرب منهم وسداد ديني لهم، لا يمكنني البوح بأي شيء عنهم وإلا سيتم معاقبتي من قبل كل عصابات المافيا، حتى من سأزودهم بالمعلومات، سيفقدون الثقة بي وتكتمي صحيح؟!"
تعجب لدهائها وقال:
"يال العجب! أنت حتمًا …"
بتر حديثه مهاجمة إحدى المافيا الصغيرة للمطعم بحثًا عن كالفن، خصوصًا أنهم علموا تواجده لوحده والمهمة التي جاء طمعًا بها.
أخرج الآخر سلاحه بسرعة وبدأ بقتلهم واحدًا تلو الآخر، حتى أنه حماها وساعدها على الهرب معه بينما لحقت به المافيا الأخرى.
وصلا مقره بعد أن تأكدا أن أحدهم لا يتتبعهما وأعطى أوامره لأعضائه بالدفاع، فسألته:
" لم عساك تحميني؟! أخبرتك مسبقًا أن هذا لن يجدي ولن أفصح عن شيء لك"
لكنه ابتسم ساخرًا وقال:
"سنرى بهذا الشأن"
مما جعلها تسأل بشك:
"على أية حال، أنا أعتبر عدوتك حتى لو كانت المعلومات التي تريدها معي، هذا لا يعني أن تنجح باستفزازي واستخراجها مني"
لكنه نظر بعيدًا ناحية السماء وقال:
"أنتِ لستِ عدوتي، الكوبرا عدوي"
ثم نظر لها بهدوء وابتسم.
{عند الكوبرا}
"ما الذي يعنيه هذا؟!"
صرخ بجنون محطمًا كل ما كان أمامه من حواسيب وأجهزة تنصت ثم قال:
"سنستعيدها الليلة"
ثم بدأ بالتخطيط من فوره لمهاجمة الياكوزا واستعادتها. فور انتهائه من التخطيط، كان لا يزال يملك بعض الوقت لإجراء مكالمة:
"مرحبًا؟!"
"وتجرؤ على قول مرحبًا؟! على أية حال، أنصحك أن تتصل بابنتك وتودعها، وإن ظننت أن كلاكما ستلتقيان في الجحيم، فلا بأس، ستقضيان الكثير من الوقت معًا هناك على أية حال"
انتفض الأب من مكانه فزعًا وقال:
"ما الذي تقصد كريستوفر؟! هذا لم يكن عقدنا"
لكن الآخر صرخ به قائلًا:
"تحدث عن هذا لنفسك وابنتك أولًا. غدرت بي وغادرت المافيا لتتمكن من إيصال المعلومات لعدوي اللدود، أهذه فكرتكما من البداية؟!"
أصرّ الأب على وجود سوء فهم وأن ابنته من المستحيل أن تغدر به حتى لو كان تعاملها معه في البداية ضدها.
"مستحيل أن تفعل هذا، في المقام الأول لن تخونك فقد تساعدتما مسبقًا على العديد من المهام. ثم انها ليست بفتاة جاهلة تعرض نفسها للخطر بسهولة، في النهاية، هي مدركة لما تعنيه "ياكوزا" وما تعنيه "كوبرا". هي مدركة أن الياكوزا عدوتي وأن الكوبرا هي من حليفتي، لن تفعل حماقة كهذه"
لكن كريستوفر قال مهددًا:
"كلامك الفارغ هذا لا يعنيني. ستعود معي رغمًا عن أنفها، وستظل تحت مراقبتي، هذا إن لم أفقد أعصابي أكثر من هذا وأقتلها فعلًا"
ثم أغلق الهاتف بوجه الآخر وانطلق في مهمته.
انقضت الكوبرا على مقر الياكوزا الذي يحتجزون به نوريس، لم يوفروا ثانية واحدة أو أية طاقة في شن الهجوم المفاجئ هذا، ليتفرق الأعضاء الرئيسيون تحت توجيهات إلياس للبحث عن مكان نوريس.
سمع كريستوفر صوت صراخ قادم من احدى الغرف، اقترب ليسمع صوت كالفن يقول:
"أيتها اللقيطة. لم أحضرك لهنا حتى تسلمي الكوبرا معلومات عني ليشنوا هجومهم، ستندمين"
لكنها أجابته بنبرة باردة:
"لم أفعل شيئًا كهذا، إنه خطؤك في النهاية لإحضاري لهنا هكذا"
أمسكها الآخر من شعرها بعنف وقال بسخط:
"ما الطرق التي استخدمتيها لتوصيل المعلومات له؟!"
لكنها أبعدت يديه عنها بالقوة وقالت:
"أخبرتك أني لم أفعل هذا، كريستوفر أتى من تلقاء نفسه، لا توجد أية علاقة تربطني بهم الآن"
لكنه أخرج سلاحه موجهًا إياه ناحية رأسها وقال:
"إذًا، فالأفضل أن تموتي هنا. سيأكل أصابعه ندمًا على أفعاله ثم سينسحب بمجرد سماعه لخبر موتك"
اقتحم كريستوفر المكان تحت نظراتها المندهشة منهالًا بالضرب المبرح على الآخر حتى فقد وعيه.
أبعدته بسرعة عنه وقالت:
"ستقتله، توقف"
فأجابها بلا اهتمام:
"هذا هدفي أصلًا"
لكنها أوقفته وسألته:
"ما الذي تفعله هنا على أية حال؟! كيف وصلت؟!"
ابتسم باتساع ونظر لها بملامح لم تعهدها من قبل على وجهه وأجاب:
"أنسيتِ أن مدة عقدنا لم تنتهِ بعد؟! سينتهي حين أقتل هذا الوغد، أأفعلها الآن وتتحرري؟!"
رمشت عدة مرات غير مصدقة لتغيره المفاجئ هذا مجددًا ثم قالت:
"لا، لا تفعل، لنبقي على حياته بعض الوقت!"
ابتسم باتساع ثم قال موجهًا أوامره للبقية:
"لننسحب"
"هل وجدتها؟!"
كان هذا آندرو ليجيبه الآخر بينما ينظر مباشرة لعينيها:
"وجدتها!ط"
خفق قلب الأخرى بغرابة من طريقة نطقه لها واحمر وجهها بلا سبب فاستدارت بسرعة وقالت بتوتر قبل أن يلحظها الآخر:
"لنذهب الآن"
رمش عدة مرات ثم أخرج غليونه المعبأ بالقنّب وخرج بصحبتها متجهين للبقية.
"أعدت لتدخين هذا مجددًا، توقف! سيفقدك مكانتك في النهاية، نجحت مهمتنا أخيرًا لذا أوقف استعماله فورًا"
لكنه نفث الدخان بوجه آندرو وقال:
"أخطط لإدمانه على أية حال"
ثم سار مبتعدًا يقود دراجته النارية عائدًا للمقر.
"ما كان هذا؟!"
فأجابها إلياس:
"قنّب، المهم هو كيف حالك؟!"
ابتسمت باتساع وقالت:
"بخير، شكرًا لكم يا رفاق"
ثم ضربت كفّها بكف روبينا وقالت:
"لنعد الآن"
طلب حضورها والأربعة الآخرين لغرفة الاجتماعات. جلسوا في أماكنهم ليقف هو وينحني لها تحت نظرات الجميع المندهشة وقال:
"أعتذر عن كل كلمة غير صحيحة قلتها سابقًا، فقداني لأعصابي أعماني حين ظننت أنك "أنتِ بالذات" قد تخونينني ولا أعلم السبب"
أسرع إلياس وروبينا يتفحصان الآخر وعلاماته الحيوية بينما قال فيكتور:
"أرجوك كريستوفر كن بخير، اصمد أكثر قليلًا بعد، لا تمت"
فصرخ الآخر بهم قائلًا:
"ماذا بكم؟!"
فقال آندرو ضاحكًا:
"آخر مرة رأيتك تعتذر بها كانت لرين .. "
استوعب ما قاله سريعًا، لكن لسبب ما، كريستوفر لم يتأثر من ذكر اسمها فقالت نوريس:
"على أية حال، لا داعي للاعتذار، لنرمي ما جرى وراء ظهورنا ولننظر نحو المستقبل الذي ينتظرنا"
هدأ كريستوفر للحظات ثم قال:
"أوّل ما سأفعله الآن، هو إعادة دارون من الخارج مع حرسه، أظنني سأبيع تلك المنطقة لمافيا العاصمة، سأبقي على دارون هنا، وأحتاج منكم أن تبدأوا على تدريبه على القتال بأنواعه والأسلحة، لن أضمه للمهام قبل أن يتم سن البلوغ، لكني أحتاج أن أعطيه بضعة مهارات أساسية للتطور لاحقًا"
اتسعت ابتسامة الجميع لتسأل نوريس بحماس:
"أهذا يعني، دارون سيبقى هنا للأبد؟!"
أومأ كريستوفر فصرخت والبقية:
"مرحى"
تعجّب أمرهم وقال:
"لست أدري سبب حماسكم هذا، لكن عليكم التحضير لمهمة عودته الآن، نوريس، ستعيدينه أنتِ إلى هنا، لن أرسل معكِ أحدًا، فعند عودتك كل رجالي هناك سيعودون معكِ، لم يعد هناك داعٍ للبقاء"
فسأله آندرو بعدم فهم:
"كيف هذا؟ لا نزال بحاجة لمناطقنا هناك"
أومأ كريستوفر مؤيدًا ثم قال موضّحًا:
"سيهتم بها رجال عصابة العاصمة تحت أوامري، سنمهّد أنفسنا وقوانا للمهمة الكبرى، سنقدّم موعدها، لكن أوّلًا، أفكر أن نضم بضعة حلفاء ونطلعهم على خطتنا لمساندتنا"
كانت كلماته أوامر أكثر من كونها توضيح، فاستأذنت نوريس وغادرت لتحضّر مستلزماتها بسرعة.
"لست أفهم حقًا سبب حماسها هي بالذات لهذا"
فقالت روبينا بلا وعي:
"أظنني أعلم هذه البدايات"
نظر الجميع لها باستغراب فقالت بتوتر:
"لم أقصد شيئًا. على أية حال، عمل طويل ينتظرنا، لنأخذ قسطًا من الراحة حتى يحين موعد الرحلة"
أيّدها البقية فانتشروا لغرفهم.
اتجه كريستوفر وروبينا مع نوريس للمطار متنكرين بعد أن طلبت نوريس ذهابها لوحدها دون حارس يرافقها.
وصلت المطار فاستقلت سيارة الأجرة بسرعة واتجهت للمنزل الذي يقطن به دارون.
اقتحمت المنزل كنوع من المفاجأة لتصدم من منظر دارون القابع في زاوية الغرفة بارتجاف.
أسرعت ناحيته بسرعة واضعة يديها على كتفيه وسألته بقلق:
"دارون؟ ماذا جرى؟! لم أنت بهذه الحال؟ وأين فيكتور؟!"
رفع رأسه بسرعة ناحيتها بعينيه الحمراوتين الدامعة فانفجر باكيًا مناديًا باسمها حاضنًا إياها وقال:
"أخيرًا عدتِ، نوريس، أريد العودة والبقاء مع والدي كظله، لا أريد هذا، جميعهم كاذبون منافقون"
لم تفهم ما يرمي إليه الصغير فقالت مربتةً على رأسه:
"اهدأ أولًا ولنتحدّث بعدها"
ابتعد عنها بجسد مرتجف وقال بينما يمسح دموعه:
"أحدهم يسرّب معلومات المافيا للخارج، فعلها بعد أن علم أن والدي لن يعيدني للبلاد ولن يأتي أحد منكم، حاول استعمالي كطعم واختطافي لكن فيكتور اكتشف أمره وها هو يلاحقه، لا أريد البقاء وحيدًا أو بعيدًا عن أبي، مهما كلّفه الأمر، هو الوحيد الذي لن يستغلّني"
احتضنته وقالت له بهدوء:
"اهدأ الآن، على أية حال، لنعد لوالدك، سنغادر للأبد ولن نبتعد عن والدك مجددًا"
شدّ قبضته على قميصها وقال:
"أرجوكِ لنفعل"
ربّتت على رأسه وقالت:
"حسنًا، على أية حال، أنا أحتاج للراحة، لنبقى هنا حتى الغد ثم نغادر، حجز لنا والدك طائرتنا بالفعل"
أومأ مؤيدًا ثم قال:
"هل سنعيش يومًا ما حياة طبيعية؟!"
ابتسمت بهدوء وقالت:
"لنقف جوار والدك حتى نتم هدفنا، وحينها سيهدأ قلبه عن فكرة الانتقام وسيتفرغ لأمور عدة أخرى"
أخفض دارون رأسه للأسفل وسألها مترددًا:
"هل يعتبرني والدي من أولوياته حتى؟ أيحبني؟!"
ربّتت على رأسه وقالت:
"لا أظن أن هناك من يكره ابنه، لكن والدك تعرّض لصدمة حقيقية غيّرت حياته، لن تعود حياته كما كانت على أية حال، وفي ذات الوقت، لن يدع الأمور تنتهي كهذا، يحتاج للانتقام ليبرّد عن قلبه ويخفف عبء ندمه لعدم مقدرته على حمايتكما. والدك دائمًا ما يفكر بك، وصدقني، كل ما يفعله هو لبناء مستقبل خالٍ من الصراع لك، لذا تحلّى بإيمانك به وثقتك بحبه لك دائمًا"
ابتسم دارون لكلامها وقال ضاحكًا:
"شكرًا لكِ نوريس. أتعلمين؟ لو فكّر يومًا والدي باتخاذ زوجة ثانية له، سأرشحك وحدك"
احمرّ وجهها وسألت بتوتر:
"ماذا؟ ما كان هذا؟!"
فأجابها بصراحة:
"لم تتسنى لي الفرصة لأتعرّف على والدتي، لكني أظنها كانت لتشبهك، دائمًا ما تحمينني وتبقين بجواري لدعمي"
ابتسمت نوريس له متفهمة وقالت:
"حسنًا، لنتناول طعامنا الآن حتى يعود فيكتور ونعلم ما الأخبار"
أيّدها الصغير فاتجها للمطبخ.
عاد فيكتور أخيرًا متنهدًا. دخل المنزل بتثاقل بينما يقول:
"الوغد، جعلني أركض كثيرًا، أشعر بالتعب"
ليسمع صوت شيء ما يتحطم في المطبخ وصراخ الاثنين فأسرع لهناك راكضًا يسأل:
"دارون! ما المشكلة؟ من هناك؟!"
لكنه تفاجأ بمنظر الاثنين ينظران لبعضهما بدهشة والطحين يغطيهما ثم انفجرا ضاحكين ليسأل:
"نوريس؟ متى؟ وكيف؟ لماذا؟!"
بدأت بنفث الطحين عن الصغير ثم قالت:
"كريستوفر طلب هذا. حسنًا، لقد عدت للعمل، حدث الكثير بالفعل، لكن كريستوفر حاليًا يطالب بعودة الجميع للبلاد، أظن بحلول الآن باع مناطقه هنا لمافيا العاصمة بالفعل، لذا، لم يتبقى لنا شيءٌ هنا"
أمال الآخر رأسه جانبًا وقال:
"ماذا تقصدين؟!"
وقفت من مكانها وقالت:
"لننظف أنفسنا والمكان أولًا، لنتحدث غدًا خلال رحلتنا"
أومأ موافقًا فأخذت الصغير لغرفته.
جلجلة تصدر خارجًا، أسرع فيكتور للخارج بعد أن ترك نوريس مع الصغير في حالة حدوث ما هو مفاجئ. شخص غامض يخرج من الظلام يكشف نفسه فسأله فيكتور:
"من هناك؟!"
فقال الآخر مخرجًا سكينًا:
"إذًا أنت من كنت تتبعه. أظن أن هنالك فريسة جديدة في الداخل، سيدفع كريستوفر ثمن أفعاله كلها، فليأكل أصابعه ندمًا طوال حياته على ما اقترفت يداه"
ثم انقض على فيكتور محاولًا طعنه، لكن الآخر تفاداه وأمسك يده بقوة فاتضحت الرؤية أمامه فقال:
"أنت؟! كيف تجرؤ على خيانته بعد كل ما فعله من أجلك؟ أنت أكثر من يعلم كم حاول تحقيق الانتقام لك"
لكن الآخر ترك سلاحه وعاد للخلف بسرعة بينما يقول:
"من أجلي؟ ينتقم؟ هو من شرّدني في الأساس، ثم مدّ يد العون كأن لا علاقة له بكل ما جرى لي، وتقول من أجلي؟!"
رمى فيكتور السكين ثم قال بعد أن انقض على الآخر وطرحه أرضًا:
"أيها الوغد، لا أعلم ما أهدافكم، فلتخبرني فورًا كم عددكم وما هي هوياتكم وإلا قتلتك. ما هدفكم من التغلغل في صفوفه وخيانته؟ أهو من أجل إضعافه فقط أم من أجل قتله؟!"
"لستُ أفهم سبب دفاعك عنه والتمسك به وأمنيته السخيفة، هو حتى لا يعير ابنه اهتمامه، أتريده أن يهتم لأمركم؟!"
كان دارون قد خرج رفقة نوريس لتفحص الأمور، لكنهما وقفا مصعوقين من كلام الآخر ليقول دارون:
"أنتَ .. تكذب .. كاذب، كاذب، كاذب!"
انفجر الصغير باكيًا فقال الآخر:
"للأسف يا صغير، هذه الحقيقة المُرة، والدك لا يسعى لشيء سوى تحقيق انتقامه، لا يأبه بأي شيء آخر"
اقتربت نوريس منه بهدوء ثم قالت:
"إن كان كلامك صحيحًا، لم أعادني لصفّه فور كشف الحقيقة؟ لم يحميني دائمًا؟ لم يكون دارون أول من يفكر به عند الخطر؟ لم يضحي بكل ما لديه من أجل مستقبل أفضل للمافيا ولابنه؟ أهذا خطأ برأيك؟ عرّض حياته للخطر بالفعل سابقًا حتى كان على شفى الموت لحماية الجميع والقضاء على أعدائكم"
"ماذا تقولين؟ الياكوزا أعداؤه هو، هو من جعل منا أعداءهم"
لكنها داست على وجهه بقوة بينما تقول:
"ما رأيك أن تخرس ولا تسمعني صوتك مجددًا؟ وإلّا فإني أقسم أن أنهي أمرك هنا. أوتعلم؟ لم لا أفعلها؟!"
أوقفها فيكتور بقوله بينما لا يزال يحكم قبضته على الآخر:
"توقفي، سنأخذه معنا ليحقق كريستوفر والبقية بأمره، قد نتمكن من استخراج بعض المعلومات منه"
فقالت بتعابير باردة ساخرة:
"هااا! يبدو أن الحظ في صفه اليوم، لكن لا بأس"
ثم أشارت لباقي الرجال بالقدوم وأخذه.
"لم أتوقع ظهورهم فعلًا، أين كانوا سابقًا؟!"
فرك فيكتور مؤخرة رأسه بانزعاج وقال:
"مكان وقوفه كان ممتازًا، لم يظهر لأحد، والجلجة في البداية كنت لأظنها حيوان ما، جيد أنني خرجت للتأكد، انه متمرس، احذرا حتى وصولنا للمطار"
°•°•°•°°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•
انتهى🖤✨
أنت تقرأ
كوبرا | Copra
Actionوضع حاجزًا مهولًا بينه وبين معنى الحياة منذ زمن طويل، لا يهوى أو يسعى إلا للانتقام. فهل سيكون هناك من يكسر هذا الجدار؟ أم سيبقى حبيس الماضي والذكريات؟