الفصل السابع والعشرون

37 5 13
                                    

تركته نوريس فعلًا فخرج من هناك ليمسك كريستوفر يد الأخرى ويحدق بها والشفرات الملصقة عليها فسألت:
"ماذا هناك؟!"
ترك يدها وقال ملتفتًا للخلف ينوي العودة:
"انسي الأمر، شكرًا على المساعدة"
احتاجت بعض الوقت لفهم ما قاله، ثم سارت جواره بعد أن أسرعت خطواتها يتبعها رجاله الباقون.
بعد عدة ساعات، أتاه إلياس يقول:
"الدولة تشن حربًا علينا تطالب بالتعويضات لما جرى في المدينة دون سابق انذار من دمار وخوف للسكان المحليين"
فسأله كريستوفر:
"من سيعوضني من أجل سياراتي؟!"
ضحك إلياس من سؤاله وقال:
"لا أظنهم سيفعلون، منذ متى وهم يعوضون أحدًا؟!"
أخرج كريستوفر حقيبة سوداء مملوءة بمبلغ مالي كبير وطلب منه مناولتها للحكومة مقابل عدم إزعاجه بالأمر مرة أخرى.
"ماذا سنفعل الآن مع الياكوزا؟!"
كان هذا آندرو الذي سأل فأجابه كريستوفر:
"عرضت عليه الهدنة مجددًا لكني لا أظنه سيستمر بها، علينا التحرك قبله والنيل منه بسرعة قبل أن يخطط لهذا أصلًا"
فسألته نوريس:
"ومتى سنتحرك؟!"
فتح كريستوفر حاسوبًا متموضعًا أمامه. ضغط على أزراره عدة مرات مديرًا إياه للبقية الذين اقتربوا بسرعة وقال:
"حددت بعض مواقعه، سنهاجم أحدها فقط بينما نوهمه أننا يائسين ونريد الحرب لمجرد أننا وجدنا أحدها فانقضضنا عليه، وليكن أكثر وضوحًا، وأنا أعني بكلامي، هذا الجزء .."
مشيرًا إلى أحد المواقع فسأل إلياس:
"لكنها منطقة جبلية، لا بد من وجود الفخاخ أو الطريق صعبة الوصول، كيف سيكون هذا أوضحها؟!"
نفى كريستوفر برأسه ثم قال موضحًا:
"صحيح أنه على قمة الجبل، لكنها منطقة معروفة حتى للعامة أنها تقبع تحت سيطرة الياكوزا، لا يجرؤ أحدهم على دخولها ولا أظن أنهم سيتوقعون منا فعلها، إلا لو تواجدت لديهم أجهزة حساسة للحركات المشبوهة، وهذا احتمال ضئيل في منطقة كهذه بسبب وجود حيوانات برية. استعدوا، سننطلق في غضون نصف ساعة"
خرج الجميع بسرعة للاستعداد للمهمة فدخل دارون على والده. طلب كريستوفر منه الإقتراب بينما يرتدي درعه وقناعه ويقوم بحشو سلاحه.
"أبي، ألستم متعبون من كل هذا؟! لم تنالوا قسطًا من الراحة من أيام"
التفت كريستوفر له بهدوء ثم جلس على كرسي قريب منه طالبًا منه الجلوس قبالته.
"القليل من الضغط ليس بالضرورة الإنهيار في النهاية، لربما يؤتي ثماره فننجح، وبجميع الأحوال، سنتقدم خطوة نحو هدفنا، وإن حالفنا الحظ، سنصل له بمجرد تخطي هذه العقبة"
"هي لعبة حظ إذًا؟!"
ابتسم كريستوفر وقال:
"ليس بالضرورة، حين تتمكن من استغلال كل فرصة بالشكل المطلوب، سيكون الحظ لعبتك أنت"
تنهد دارون بثقل وقال:
"أتظن أن هذا سيطول كثيرًا؟!"
وضع الأكبر يده على رأس الصغير مربتًا بهدوء وأجاب:
"لن أعدك بشيء، رغم أنني آمل عدم حدوث هذا أكثر من الجميع"
نظر دارون له بعبوس وقال:
"إن كنت تتمنى انتهاء الأمر، لم لا تنهيه أنت؟ لم لا تحاول تخطي الماضي وعيش اللحظة بوقتها؟!"
عبس كريستوفر متعجبًا وقال:
"ما الذي تقوله؟ أتريدني أن أتخلى عن الأمر ببساطة هكذا؟ ماذا عن والدتك؟!"
أخفض دارون رأسه للأسفل بحزن وقال:
"لو تبين لك بالنهاية أن ثمن حصولك على انتقامك هو حياتي مثلًا، ماذا ستفعل؟!"
وضع كريستوفر يديه على كتفي الصغير مجيبًا:
"من أين تخطر لك هذه الأفكار؟ لو كان الثمن حياتي، لضحيت بنفسي بكل سرور، لكن أنت؟ أنت أغلى من هذا كله"
رفع دارون رأسه لوالده وقال بعينين دامعتين:
"وأنت أغلى من هذا كله. لم تنوي التضحية بنفسك رغم أنك مدرك لما أقول جيدًا؟ أتظنني أستطيع السير على دربك ببساطة؟ أم تظنني أستطيع تتبع ظلك للأبد وحدي؟!"
ما خطب هذا الحوار الآن؟ فكر كريستوفر ثم سأل مجددًا:
"أخبرني الحقيقة! أنت بخير؟"
نفى دارون برأسه يمنة ويسرى:
"كلا، أراك تنهار أمامي كل يوم وتريد مني أن أكون بخير؟ ألا ترى جسدك كم أصبح نحيفًا؟! ربما لم تشعر بذلك بعد بسبب حماستك، لكني لا أريد رؤيتك تنهار أمامي ببساطة هكذا لمجرد تهورك"
احتضنه كريستوفر وقال:
"أعدك ألا يحصل هذا، سأنفذ هذه المهمة ونتوقف بعدها لفترة، أعدك"
فسأله الصغير:
"لن تغير الوعد حتى لو تبدلت الظروف؟"
ابتعد كريستوفر عنه وقال:
"أعدك بذلك. أما خلال مهمتنا، ستنتقل لمقر آخر وهو الأبعد حتى نرى ما سيجري بعد هذا"
كشّر الصغير ملامحه وقال:
"تنوي أن تخلف وعدك من البداية؟!"
نفى كريستوفر برأسه وقال:
"لست كذلك، لكن ما الذي يضمن عدم تتبع العدو لنا حتى نصل فيغدر بنا؟ طالما أنت بأمان، أنا بأمان، لذا، أريد منك المغادرة الآن متخفيًا مع رجل واحد آخر على دراجة نارية، ولا تعد حتى أتصل بك، تفهمني صحيح؟!"
أومأ دارون مبتسمًا وقال:
"فهمت، لتعد سالمًا"
قبله كريستوفر على رأسه خارجًا من هناك ينضم للبقية، بينما دارون ذهب للرجل الذي سيأخذه معه.
ركب كريستوفر ورجاله دراجاتهم النارية وجيباتهم الجبلية متجهين بسرعة لجبال العدو.
أخفوا وسائل نقلهم باحترافية ثم تقدموا سيرًا على الأقدام متفرقين في الأرجاء.
فور وصولهم لنقطة تخفيهم، اقترب إلياس من نوريس هامسًا شيئًا بأذنها تحت أنظار كريستوفر فأومأمت بسرعة وقالت:
"فهمت، ثق بي"
تركها وصعد ليقف في النقطة العمياء عن عين عدوه للقنص، بينما هي اتجهت للنقطة المتفق عليها حتى يحين الوقت المناسب.
انتبه كريستوفر أن المقر يطل على جرفٍ عالٍ، عاين المكان حوله بسرعة ثم أعطى اشارته لرجاله حتى ينطلقوا.
اقتحموا المكان من كل نافذة وبوابة، معلنين بدء المعركة التي غالبًا ستصب لصالحهم.
أسرعت نوريس حسب تعليمات إلياس للطابق العلوي، ثم اتخذت الممر الأيسر دربًا لها، حتى وصلت الغرفة في منتصفه.
خلعت الباب فوجدت ثلاث رجال يخرجون من تحت الأثاث فأطلقت الرصاص عليهم لتصيب أحدهم فقط، بينما الاثنين الآخرين، تمكنا من تجنبها. أعطت اشارتها لإلياس الذي يستطيع رصد الغرفة من زاويته ففجر رأس الاثنين.
أسرعت لدرج المكتب فأخرجت منه بضعة ملفات مكتوبة. قلّبت بينها بسرعة فلم تجد ما تريد.
فتحت الدرج الثاني لتجد حاسوبًا متنقلًا فأخرجته. فتحته بسرعة بينما تقول لإلياس:
"وجدت الحاسوب، لكن الأوراق عديمة النفع"
فأجابها الآخر عبر جهاز اللاسلكي:
"ممتاز، ضعي الشريحة الحمراء التي بيدك أولًا، فيها فايروس سيدمر أي حماية، وحين ينتهي التحميل، ضعي الثانية وانقلي جميع الملفات التي بداخله"
فعلت ما أُمرت بسرعة، لكن هذا سيستغرق بعض الوقت.
دخل عليها رجلين آخرين فرفعت سلاحها نحوهما بسرعة مطلقة الرصاص على أحدهما، بينما الآخر كان ينوي تدمير الجهاز بين يديها فمنعته رصاصة إلياس التي لم يتوقعها من الخارج.
أخيرًا انتهى التحميل، حطمت الجهاز بالكامل واضعة الشرائح بجيبها ثم خرجت مسرعة تنضم للبقية.
بعد مرور بعض الوقت، كانت الشمس قد غابت بالفعل. علم كريستوفر بقدوم الدعم لكالفن، فأمر رجاله بالانسحاب فورًا، وبينما هم في طريقهم للخارج، صدّهم الجرف العالي بعد محاصرة كالفن ورجاله للمخارج الأخرى.
اقتربت نوريس منه بحذر ثم التفتت لكالفن الذي يقول:
"ماذا ارى هنا؟ ألم يكن بيننا هدنة؟!"
فأجابه كريستوفر ساخرًا:
"ألم تكن أول من تخلى عنها؟! تحمل العواقب"
قهقه كالفن بشدة وقال:
"أتحمل العواقب؟! ألا تدرك وضعك؟! لن ينجو أحدكم لو قفز من هنا، لا مخرج لكم، كنت أود رؤية نهاية المسرحية، لكن لدي موعد مهم، أراكم في الجحيم"
مستديرًا للخلف يقهقه بقوة.
أعادت نوريس النظر للجرف ثم قفزت، لكن رصاصات عدة تتبعتها لم يعلم أحد إن كانت قد أصابتها أم خابت بسبب الظلام الدامس.
تصنّم رجال الكوبرا بأرضهم دون استيعاب لما حصل.
"هاه؟؟"
كان هذا كل ما خرج من فاه كريستوفر المصعوق مما رأى. تحرك جسده تلقائيًا يخطف الرشّاش من يدي آندرو مطلقًا بلا وعي على الأعداد الهائلة من أعدائه أمامه، بينما رجاله انبطحوا أرضًا بسرعة. فرغ السلاح فسرق سلاح فيكتور المشابه وأطلق مجددًا قبل أن يتمكن رجال العدو من العودة والإتزان. ظل على هذه الحال حتى أنهاهم جميعًا بالفعل، ثم سقط أرضًا متعبًا بينما دماغه خارج نطاق التغطية.
كانت روبينا قد نزلت في وقت سابق في محاولة لإنقاذ نوريس، لكنها لم تعد حتى بعد انتهاء المجزرة.
سُمِعَ صوت صراخ أحدهم:
"سحقًا لكم جميعًا"
وبعد عدة لحظات، ظهر جسدها المملوء بالخدوش يصعد أمامهم بمساندة إلياس وروبينا.
"ما الذي جرى بحق؟! كل هذا في دقيقة!!"
تنهد البقية براحة، فوقع نظرها على كريستوفر الذي لا يسمع شيئًا مديرًا ظهره لها وقالت:
"أكانت فعلتك؟! أنت تبالغ"
لكن ما من استجابة، فقال آندرو بقلق:
"كريستوفر؟! أتسمعنا؟!"
ابتعدت عن إلياس وروبينا وأسرعت تجاهه تتلوى. وقفت أمامه فرفع نظره أخيرًا لها لتجلس بابتسامة وتقول:
"ما بالك شارد هكذا؟! لم أنت مستاء؟! ألم ننتصر؟!"
ودون سابق إنذار، قام باحتضانها بينما الدموع لم تتوقف أن تنساب من عينيه كطفل تائه بينما يهمس:
"لا تفعليها، لا تتركيني، فقط لا تفعليها، لن أحتمل .. "
جسدها تحرك بسرعة و احتضنه بينما دماغها لم يستوعب الأمر بسرعة حتى تمكنت من النطق أخيرًا:
"يستحيل أن أفعل هذا، ألم أعدك؟!"
فقال بتعب بينما تتراخى عضلات جسده بالكامل:
"أنا لن أحتمل فقدان شخص أحبه مرة أخرى"
ثم سقط فاقدًا للوعي نتيجة لتعبه المتراكم.
حمله آندرو على ظهره بمساعدة فيكتور، ففجر إلياس المكان مبيدًا إياه عن بكرة أبيه، مستخدمًا سلاحًا جديدًا طوره نوى تجربته بمكان آخر لكن الفرصة واتته، ليخرجوا من هناك عائدين لمقرهم.
صعق دارون حين رأى والده بتلك الحال فأسرع بعيون دامعة نحوهم متسائلًا:
"ماذا جرى؟! لم هو بهذه الحال؟!"
ربّتت نوريس على رأسه وقالت:
"لا عليك، هذا نتيجة التعب، انه بخير، لندعه يأخذ قسطًا من الراحة فقط"
أومأ الصغير مبتسمًا براحة متتبعًا آندرو لغرفة والده.
ارتمت نوريس بثقل جسدها على سريرها بعد استحمامها، ولم تشعر بذاتها إلا وقد غلبها النعاس.
استيقظت صباح اليوم التالي فزعة على اقتحام أحدهم لغرفتها تمسك سلاحها بسرعة توجهه للباب. هدأت حين رأته كريستوفر الذي تبخرت علامات القلق عن وجهه وارتسمت ملامح أكثر راحة.
أغلق الباب خلفه قائلًا:
"صباح الخير"
فقالت بملل:
"أهذه طريقة تدخل بها غرفة نوم أحدهم؟! صباح الخير"
ابتسم بهدوء محدقًا بها مقتربًا منها. جلس قربها فوضعت يدها على جبهته فسألها متعجبًا:
"ما خطبك؟!"
فقالت بينما تفكر بجدية:
"لا حرارة، أأنت بخير؟! لم يصب دماغك صحيح؟!"
نظر لها ببرود وقال:
"كلا، أنتِ من تعرض للإصابة ليلة أمس، أم نسيتِ؟! أتيت للتأكد من أنك لا تزالين حية على الأقل"
تذكرت كلامه قبل فقدانه للوعي فضحكت ليسألها:
"ما خطبك؟!"
نفت برأسها يمنة ويسرى دلالة على أنه لا شيء فسألها مجددًا:
"متأكد من أنني رأيت الجرف قبل دخولنا، كان شاهقًا، كيف نجوت؟!"
تحمحمت وقالت:
"أنت حقًا لا تريد أن تعرف هذا"
"بل أريد"
"فور وصولنا، أخبرني إلياس بأمر الجرف، ووضع خطته لنستغله في حال تم حصارنا، حيث أن الأمر كان قفزي من هناك والالتفاف لينضم لي من خلف العدو فنكون نحن من نحاصرهم، وقد أحضرنا معنا سلاحًا طورناه مسبقًا أردنا تجربتهه. بالطبع، الأمر لم يجري كما خططنا، فعندما قفزت، علقت ثيابي بغصن شجرة تقبع تحته، وغصونها تسببت لي بهذه الجروح. حين قدمت روبينا وإلياس حاولا مساندتي على النزول، لكنني سقطت أرضًا والتوت ساقي، فصرخت .. "
ربّت على رأسها مفاجئًا إياها وقال:
"في المرات القادمة، لا تخططا من وراء ظهري، أعلماني بكل ما هو جديد وإلا تكررت هذه المجزرة"
مبعدًا يده قالت:
"كنت مستمتعًا بها إذًا"
رفع رأسه للأعلى يفكر ثم قال بهدوء:
"تساءلت إن كان شعوري سيكون مماثلًا حين أقتل كالفن، أم أنني سأكون مستمتعًا حقًا وقتها"
فسألته:
"وكيف كان شعورك البارحة إذًا؟!"
حدق بعينيها بعض الوقت وأجاب:
"لن تحبي أن تعرفي. على أية حال، كنت قد وعدت دارون أننا سنأخذ إجازة بعد هذا، سنتخفى عن الأنظار بعض الوقت"
أومأت له متفهمة فتركها خارجًا من هناك.
قامت بروتينها الصباحي المعتاد، ثم همّت بالخروج من غرفتها. التقت بدارون الذي استيقظ لتوه ملقية التحية عليه فردها بنعاس لتسأل:
"أتتناول وجبة الفطور معي؟!"
أومأ الصغير بسرعة ليتجه كليهما للمطبخ. أعدت وجبة لهما وباشرا تناولها بهدوء.
أتاهما كريستوفر بعد أن كانا قد أنهيا وجبتهما ويتبادلان أطراف الحديث متسائلًا:
"ما الذي جعلكما تستيقظان بوقت باكر كهذا في عطلتنا؟!"
فقال دارون:
"لربما ذات السبب الذي جعلك تفعل؟"
أومأت نوريس باعجاب فقال كريستوفر:
"لا تؤيديه على قول كل ما بخطر بباله"
فسألت مستنكرة ساخرة:
"أولست أنت من يفعلها؟! إنها عادة موروثة منك"
تمتم الآخر بضعة كلمات غير مفهومة ليسمعهما يتفقان على التدريب، فقرر الإنضمام لهما بعد أن أوكل مهامه كلها للبقية، خصوصًا إلياس.
"إذًا، كيف يسير تدريبكما؟!"
فقال دارون متململًا:
"لا يزال آندرو يعطيني ذات الدروس باستعمال الأسلحة ويرفض اعطائي غيرها رغم أنني أتقنتها كلها"
فكر كريستوفر بعض الوقت ثم قال:
"لست واثقًا من السبب، لكن بالتأكيد عليه أن يتطور معك في هذا، أرني ما لديك"
انقض الصغير بحركة فجائية لم يتوقعها الأكبر قافزًا يضرب رأسه بقدمه، تحديدًا أذنه، ثم التف حول نفسه ضاربًا إياه على أذنه الأخرى، وبحركة سريعة أخرى ضرب قدمه لكن هذا لم يؤثر على والده فتساءل:
"لم؟!"
قهقه كريستوفر بقوة وقال:
"حركة ممتازة وتوقيت لا تشوبه شائبة"
فسأله دارون مستفسرًا:
"كيف لم تؤثر بك إذًا؟!"
أجابه الأكبر متبخترًا:
"من تظنني حتى تنطلي علي هذه الحيلة؟! جرب غيرها، ما رأيك أن تتعاون ونوريس علي؟!"
وقفت نوريس جوار الصغير مخرجةً سلاحها فسأل كريستوفر:
"هذه طريقتك باللعب إذًا، لا بأس، أعطِ دارون سكينًا"
قطب الاثنين حاجبيهما بتعجب لكنها فعلت بينما تقول:
"لا تتهاون كثيرًا"
ابتسم باتساع وقال:
"أنا مدرك لقدراتك وحدك، فما بالك وهو جوارك؟"
ابتسمت هي الأخرى ثم قالت:
"حذرتك"
فانطلق دارون يهاجم والده من جديد بذات الحركة فقهقه الأكبر قائلًا:
"لم تحاول مجددًا؟! أخبرتك أنك لن تفلح"
لكن الصغير أعطاه ابتسامة نصر ليشعر بالأخرى تقترب بسرعة وحذر خلفه فالتفت مسرعًا يضرب يدها في محاولة لإسقاط سلاحها منها، فنجح. انقض الصغير عليه بسلاحه محاولًا اصابته بعد أن شتت نوريس تركيزه، لكن كريستوفر ركله بقوة مسقطًا إياه أرضًا ثم ضرب الأخرى في معدتها فسقطت هي الأخرى.
"تفكير ممتاز، لكن لم يحن وقت خسارتي بعد"
فقالت نوريس مستفسرة:
"إن كانت لك هذه القدرات القتالية، لم لا تستعملها بمهامك؟! لم تعتمد على الأسلحة بالكامل؟!"
فأجابها باختصار:
"لأن عدوي يستعمل الأسلحة بعيدة المدى، ثم إن هذا ليس بأسلوبي"
فسأله دارون مستفسرًا هو الآخر:
"إن لم تكن لتفيدنا، لم تصر علينا أن نتقنها؟!"
"ببساطة، لأنها ستفيد تركيزك وحركتك بسرعة مع إمكانية تحليل حركات العدو قبل أن يقوم بها حتى"
حدق الإثنان باعجاب بالفكرة فسألت نوريس:
"وكيف نفعل ذلك بالضبط؟!"
فكر الآخر بعض الوقت ثم أجاب:
"لست واثقًا، ربما ببعض التدريب ستدركان الإجابة دون شرح وستترسخ بتصرفاتكما قبل أن تدركا ذلك، حاولي صد هجماتي .."
موجهًا كلامه للكبرى فابتعد دارون قليلًا عنهما ليشن الأكبر هجومه عليها. حدقت بتركيز بأذرعه فأوهمها بلكمها بيده اليمنى لكنها سقطت أرضًا قبل أن تصيبها ذراعه حتى، بعد أن ضرب قدمه بقدمها مفقدًا إياها توازنها.
"هذا يؤلم، لم أتوقع ذلك، رغم أني راقبتك بتركيز"
نفى برأسه يمنة ويسرى قائلًا:
"أنت فعلت العكس تمامًا، لقد شتت تركيزك. كنت تركزين على لكمتي فقط متجاهلة أية طرق هجوم أخرى، في حالٍ أخرى بإمكاني ببساطة أيضًا أن أوهمك ضربتي باليد اليمنى ثم أضرب باليسرى، راقبي"
وقفت مستعدة فانقض عليها مجددًا ناويًا ضربها باليمنى فركزت على اليسرى بعد أن خمنت أنه سينفذ ما سيقول، لكنه ضربها باليمنى فصرخت:
"خدعتني!!"
ضحك ساخرًا وسأل مستنكرًا:
"متى قلت أنني سأضرب باليسرى؟ أرأيتِ كيف تشتت تركيزك ببضعة كلمات تفوهت بها؟! رغم اتقانك للقتال، لم تركزي على هذا الجانب، لا ألومك، فأنت تتعلمين على يد شخص لا يبالي بما يواجه ويضرب كالوحش"
اقترب دارون متسائلًا:
"كيف سنتمكن من تخمين خدعة العدو؟!"
°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°
انتهى🖤✨

كوبرا | Copraحيث تعيش القصص. اكتشف الآن