فقال واحد منهم:
"لو أنهيتها لن تجده، إنه ليس بمقرات كالفن التي تعرفونها، يتم نقله حاليًا لمكان آخر"
قطب كريستوفر حاجبيه فقالت نوريس ببرود:
"قودونا لهم ولنصل قبل وصولهم لوجهتهم وإلا فستنالون شيئًا لا يعجبكم"
التفت ثلاثتهم بدراجاتهم وقادوها بأسرع ما لديهم يتبعهم رجال كريستوفر، حتى وصلوا الميناء.
كان فارغًا عدا باخرة واحدة انطلقت للتو فسأل إلياس:
"أهو على متنها؟!"
أومأ ثلاثتهم ليقول أحدهم:
"انطلقت على أية حال، يبدو أن الحظ لم يحالفكم"
لم يعرهم أي أحد أي اهتمام ليسرعوا بدراجاتهم للجسر ثم قفزوا بها على متن الباخرة تحت نظرات رجال الياكوزا المصعوقة.
"لم أتوقع ما هو أقل من هذا، أخي العزيز"
تنهد كريستوفر بملل وقال:
"لا تضمني لذاتك أيها المسخ، أحضره وإلا…"
"وإلا ماذا؟!"
سأله مقاطعًا بينما يحيط رجاله بستتهم، فأخرجوا أسلحتهم على الفور لينطلق كريستوفر من فوره ناحية كالفن فبدأت الحرب بينهم.
نفذ سلاح كالفن من الطلق، فرماه على يد الآخر فسقط سلاحه منه هو الآخر ليخرج كلاهما سكاكين في كلتا أيديهما وينطلقان كالمجانين يقاتلان بعضهما دون رحمة.
تقطعت ثيابهم وجلودهم، الدم يقطر من كل مكان ولا يسمع صوت شيء عدا خبطات أقدامها وأصوات تنفسهما بعد أن وقف الجميع بدهشة يشاهدون قتالهما، يبدو أنه قد تقرر فوز العصابة التي يفوز قائدها.
ركل كريستوفر بغتة قدم الآخر مسقطًا إياه أرضًا واضعًا جسده فوقه والسكين تحت عنقه بينما يقول:
"أين هو؟!"
فسأله كالفن باستنكار:
"وإن لم أخبرك؟!"
جرحه كريستوفر بعنقه وهو يقول:
"لن أقصّر في قطع رقبتك ببطؤ بهذه السكين"
انفجر الآخر ضاحكًا تحت نظرات الجميع المتسائلة فصرخ:
"أنت حتمًا ابنه أيضًا، كيف لنا أن نفكر بالطريقة ذاتها؟!"
فهم كريستوفر مقصده فغرس السكين بكتفه ووقف من هناك راكضًا لأسفل السفينة ليمسك آندرو بكالفن بسرعة مهددًا إياه يحيط به بقية رجال كريستوفر بعدم اقتراب أي من رجاله. لحقت نوريس بكريستوفر بسرعة وروبينا ليبحثوا عن الصغير دون اعتراض أي من رجال كالفن، يبدو أنه قد وجّه أوامره لهم بالعدول عن هذا، ولربما أمرهم بالإنسحاب أيضًا لأنهم يغادرون بهدوء مخيف.
أغلبيتهم يخرجون من ذات الغرفة فأسرع ثلاثتهم لها لتضع روبينا يديها على عينيها ونوريس على فمها بصدمة بينما كريستوفر تصنّم في مكانه بعض الوقت. اقترب بخطوات مرتجفة من جسد الصغير المغطى بالدماء والكدمات واضعًا رأسه على قدميه. حرّكه قليلًا بينما يناديه:
"دارون! أتسمعني؟!"
شهق حين رأى عيني الصغير فتحت قليلًا وهمس بتعب:
"أبي؟! علمت أنك ستأتي، لم أتفوه لأي كلمة عمّا أعرف وأنكرت الأمر للنهاية، هل أحسنت صنعًا؟!"
احتضنه الأكبر بقوة وقال من بين دموعه:
"ما الذي فعلته؟ فلتذهب أسرارنا للجحيم، إفهم أنك أغلى ما أملك"
ابتسم الصغير بهدوء ثم فقد وعيه ليصرخ كريستوفر:
"إلياس"
حاملًا الصغير ركض به للأعلى ليجد أن رجال كالفن قد هربوا بقوارب أخفوها ليتحكم إلياس بالباخرة ويعيدها للشاطئ.
"إلياس"
لم يكن كريستوفر مركزًا بكل هذه التفاصيل وصرخ باسم الآخر ليلتفت بفزع ناحيته فتفاجأ من حاله التي يرثى له فأشار لآندرو ليتولى القيادة ثم ركض للصغير الذي وضعه كريستوفر أرضًا متفحصًا إياه وقال:
"اصاباته ليست بالعميقة لكنها سببت ضررًا بليغًا، لقد نزف الكثير، علينا الإسراع لأقرب مشفى، لن يتمكن من الصمود لو اتجهنا للمقر"
فقال الأقوى بارتجاف:
"افعل ما تريد، فقط …"
تنهد إلياس بملل وقال:
"توقف، حالك هذا لا يعجبني، سأنقذه مهما كلّف الأمر، ولو فشلت، اقتلني، لكن توقف عن اظهار ضعفك هكذا، سنصل لليابسة وسيرانا الجميع"
تمالك الآخر نفسه بصعوبة فقالت نوريس:
"لا أصدق أن هذا كريستوفر الذي أعرفه، لطالما ما أخبرت دارون أن والده سيفعل المستحيل لأجله، لكن، أن أراه بهذا الضعف.."
أخفضت روبينا رأسها للأسفل وقال:
"لربما يفكر في خسارته الأولى، بالطبع لا ينوي خسارته هذه أيضًا، خصوصًا أنه يتعرض للكثير مؤخرًا ولم يستطع كريستوفر فعل شيء"
وجهّت نوريس نظرها لدراون وقالت:
"متى حدث الاختطاف؟ وكيف؟!"
فكّرت الأخرى ليجيب آندرو بعد أن سمع حديثهما مقتربًا منهما لألّا يسمعهم كريستوفر:
"لا أظن أنه من فعل خونة، تخلصنا منهم من الأساس، وبعد ما فعله كريستوفر بهم لن يجرؤ أحد آخر على خيانته، لذا، أظن أنه بفعل جاسوس محترف"
فقالت روبينا:
"وولف؟!"
نظر لها آندرو وأومأ لتسأل نوريس:
"ومن هذا؟!"
فأجابها الآخر:
"إنه أخطر جاسوس عرفته المافيا"
فقالت بدهشة:
"لدى كالفن ورقة رابحة كهذه؟ لم أخفاها للآن؟!"
أجابتها نوريس:
"لا أظنه نوى إخفاءها حقًا، كان مخططه محكمًا منذ البداية، تلاعب بنا كلعب المارينيت بسلاسة"
تنهدت نوريس بثقل ليكونوا قد وصلوا لليابسة فحمل كالفن الفتى وقال:
"سأسبقكم، آندرو، أحضر كريستوفر معك، لا تجعله يقود دراجته بحالته هذه"
أومأ آندرو موافقًا ثم وضع قبعة على رأس الآخر وأعطاه معطفه ليخفي نفسه بها ثم انطلقوا خلف إلياس الذي ما عاد يظهر أمامهم.
"هذا مدهش، يجيد إلياس قيادة الدراجة بهذه الطريقة؟!"
فقالت نوريس:
"صحيح، رغم أنه لا يملك قدرات قتالية عالية، لكنه الأفضل في القنص وقيادة الدراجات بسرعة جنونية، حتى كريستوفر خسر أمامه"
حدقّت الأخرى بكريستوفر بدهشة وقالت:
"هذا لا يصدق"
لكنه لم يبدِ أية ردة فعل حتى وصلوا المشفى. أوقفوا دراجاتهم خلف دراجة إلياس بعد أن أدركوها وأسرعوا للداخل تحت أنظار الجميع المرعوبة من مناظرهم.
سأل آندرو عن مكان تواجد دارون ثم ركض لهناك يتبعه البقية.
وجدوا إلياس يقف خارجًا فسألوه عن حاله لكنه حرّك رأسه يمنة ويسرى وقال:
"ذلك الطبيب اللعين لم يسمح لي بمعالجته، طردني وأصرّ على فحصه بنفسه"
اقتحم كريستوفر الغرفة ثم أمسك الطبيب من ياقته تحت نظرات البقية المصدومة ورماه خارجًا بينما يقول:
"من سمح لك بلمس ابني؟ ألم يخبرك إلياس أنه سيتولى الأمر؟ من أنت لتمنعه؟! ابقى هنا ولا تتدخل"
محولًا نظره لإلياس الذي انصاع لأوامره الصامته ودخل الغرفة، فخرجت الممرضات لتلحق به روبينا وتسانده في علاج الصغير.
"من تخالون أنفسكم لتحدثوا الفوضى هنا؟"
نظر الجميع للمتكلم فما كان إلا رئيس المشفى فقال آندرو:
"الكوبرا، سنعطيك ما تريد مقابل استعارتنا للغرفة، فقط لا تتدخلوا"
فقال الآخر بعد أن لم يعجبه الأمر:
"ومن قال أنك ستقوم برشوتي هكذا؟"
اقترب فيكتور منه محذرًا إياه:
"زعيمنا ليس في مزاج جيد، أتريد أن ينهي أمر مشفاك بغمضة عين؟!"
حول الرجل نظره لكريستوفر بعد أن أدرك أنه المقصود ليرى تعابيره المتجمدة تحدق به بنية القتل فقال بتوتر:
"سنتحدث في هذا لاحقًا"
ثم هرب من هناك وذيله بين قدميه. اقتربت نوريس من كريستوفر وطلبت منه الجلوس ليرتاح ليتما ينهي إلياس عمله فاستجاب لها بهدوء.
خرج إلياس أخيرًا بينما يزيل قناعه وقفازاته، ليجد كريستوفر قد غط بالنوم على كتف نوريس فقال:
"لم لم تنقلوه للمقر؟!"
فقالت نوريس:
"لا أجرؤ على الحركة حتى، تريد أن يقتلنا هنا؟!"
ضحك الآخر على قولها وقال:
"على أية حال…"
وكزت نوريس كريستوفر ليستجيب بسرعة فسمع إلياس يقول:
"الفتى بخير"
اتسعت عيناه وركض للداخل فقالت روبينا التي خرجت فورًا:
"ليبقى أحدنا فقط وليغادر البقية، ما عاد هناك لزوم لبقائنا هنا كلنا"
أومأوا لها فقال فيكتور:
"نوريس، أتمانعين لو بقيتِ أنتِ؟!"
نظرت له الأخرى باستغراب، لم أنا؟ فقال:
"أظنه أفضل خيار ليبقى جوارهما الآن، نراكِ لاحقًا"
خارجين من هناك تركوها مع علامات استفهام فوق رأسها فتنهدت بتعب ودخلت الغرفة.
كانت تحدق بالاثنين بصمت حتى انتبه لها الآخر فسألها:
"ماذا بكِ؟!"
فأجابت بهدوء:
"هل ناديت كالفن بأخي خلال المواجهة أم أنني اخطأت السمع؟"
حدّق بها بعض الوقت ثم قال:
"أجل، نحن إخوة من نفس الأب"
تعابير غبية ظهرت على محياها وقالت:
"ها؟ كيف؟ أعني .. الاسم الأول لكليكما مختلف، ولا تشبهان بعضكما في شيء .."
اعتدل بجلسته واضعًا رأسه على الجدار خلفه وقال:
"صحيح، لأنه رفض اسم أبي حين عهد بميراثه لي"
قطبت حاجبيها بعض الشيء وسألت:
"ميراث؟!"
نظر لها بهدوء وأجاب:
"أتحققين معي؟!"
أطبقت فاهها بقوة فضحك ساخرًا وتابع:
"أعني المافيا نفسها، لست من أسسها، كان والدي. حين تدهورت صحته، عهد بها لي، حيث أن كالفن ليس ابنه الشرعي على أية حال، ثم إنه أعتقد أنني أكثر وعيًا منه، خصوصًا أنني ترعرت وسط هذا منذ نعومة أظافري، عكس كالفن، الذي دخله فجأة وسبب له صدمة بعض الوقت. وهناك، اتبع قسم من الرجال كالفن، ثم بدأوا بتقوية أنفسهم بعقد العقود للتحالف مع العصابات الأخرى حتى وقعوا لهم تحت اسم "الياكوزا". وفي ذلك الوقت، كنت قد تعرفت على رين وتزوجنا، لكن لكالفن كان رأي آخر، فلم يتمنى لنا السعادة ولا القوة، وكما أخبرتك سابقًا، كنت خارج المنزل آنذاك حين اقتحم المكان فجأة وقتلها بكل برود، ظن أن لفعلته سأضعف أمامه وأسلمه كل ما أملك مقابل حياة ابني، الذي اتخذه رهينة فجأة، حين داهم المكان قبل وصولي لجثتها وجسد دارون. لكني ما كنت واعيًا بما يجري وانصب تركيزي على جسدها الهامد هناك، سمعته يقول أنني أفشلت خطته وأنه كان ينوي تزوير الأدلة ليخلصني مما يشتتني ونوحّد قوانا، أو ربما شيء كهذا، لم أكن واعيًا على أية حال وبدأت باطلاق النار في المكان كالمجنون حتى غرز أحد الرجال ابرة مهدئة بجسدي بعد هروب كالفن وتركه للصغير"
فسمع صوت دارون يقول:
"إنها المرة الأولى التي أسمع القصة بالتفصيل"
نظر الاثنين له بدهشة فابتسم ليمسك الأكبر بيده بينما يسأله بقلق:
"أنت بخير؟! كيف تشعر؟!"
ابتسم باتساع وقال بهدوء:
"لا يزال مؤلمًا، لكن سماعك تتحدث خفف الألم، شكرًا لك أبي، صدقًا، على كل شيء"
قبله الأكبر على جبينه لينظر الصغير ناحية نوريس ويقول:
"هل ازددت نحافة كعجوز أم يهيء لي؟!"
نظرت الأخرى لنفسها والتفت كريستوفر لها وقالت:
"هل أبدو كعجوز شمطاء؟!"
أومأ الصغير ساخرًا فعبست وقالت:
"لن أقبل بالمهام حتى الشهر القادم"
فقال دارون ممازحًا:
"ستقضين وقتك في الأكل؟ ستصبحين كالبطيخة"
ضحك كريستوفر بينما الأخرى غير مستوعبة لم يقول الصغير فاقتربت منه ووضعت يدها على رأسه وقالت:
"لا حمى، أنت بخير؟!"
فضحك وقال:
"بخير، أردتك أن تقتربي فقط لا أكثر"
عبست بوجهه وقالت:
"كان بإمكانك طلبي دون اهانات، أتأخذ خصال والدك؟!"
فقاطعها الاثنان بقولهما:
"وما عيب والده/ي؟!"
انفجرت ضاحكة ليضحك معها الصغير بينما كريستوفر اكتفى بالتحديق بهما بهدوء.
تم تحرير الصغير من المشفى بعد أيام، بإذن إلياس طبعًا وليس الأطباء، وها هو في طريقه إلى المقر.
تفاجأ ثلاثتهم بالرجال يصطفون كالعسكر وأسلحتهم بيدهم. وقف دارون خلف والده ليرفع الرجال أسلحتهم للأعلى ويبدأوا بالتصفير واطلاق النار ترحيبًا به. حمله كريستوفر بينما يحادثه ليضحك الصغير من أعماقه على هذه الأجواء الحارة ثم احتضن والده وقال:
"أحبك أبي"
بعثر له الأكبر شعره وقال:
"لندخل"
فدخل الاثنين يتبعهم الستة الباقون.
"تبدو بصحة جيدة، أنت قوي يا فتى، فقط صلب كوالدك"
كانت هذه روبينا فضحك دارون معها ولعب حتى سأل آندرو:
"أصحيح ما سمعناه عن علاقتك بكالفن؟ لطالما ظننت أن علاقتك به بدأت مذ مقتل رين، لم يهيأ لي أنه سيكون شقيقك"
تنهد كريستوفر بثقل وقال:
"لا نعتبر أنفسنا كذلك على أية حال، لذا، ما المهم في هذا؟!"
فقال آندرو بدرامية:
"هذا كريستوفر الذي أعرفه، أشكرك يا صغير"
مصافحًا دارون تحت علامات استفهام منه فقال كريستوفر:
"أأزين جبينك برصاصة؟! ستكون تحفة فنية"
أومأت روبينا ونوريس من خلفه موافقتين فقال:
"أتتخدون ضدي اليوم؟ سيكون دارون معي إذًا"
سرقه من على الأريكة وحمله فقال دارون بتململ:
"ها؟ ومنذ متى وأنا بصفك؟ أخبرتك أنني دائمًا بصف نوريس وروبينا، لا يهمني إن ازداد عددنا واحد ضدك، على أية حال، لم يبقى سوى إلياس وفيكتور ليقررا مع من سيكونان"
ثم نزل من بين يديه واتجها لوالده فحمله. التفت إلياس بسرعة وقال بينما يخرج بعض الأدوية من كيس وقال:
"بصف كريستوفر بالتأكيد"
وضع آندرو يده بتمثيلية على قلبه وقال لفيكتور:
"خونة حطموا قلبي، ليس لي إلا أنت يا صديقي"
احتضنه الآخر وربت على ظهره بينما يقول:
"للأسف يا صديقي، أنت وحيد"
ابتعد عنه الآخر بصدمة وقال:
"ماذا؟!"
فأجابه:
"ولم أتخذ فريقًا خاسرًا؟ كنا رجلين مقابل فتاتين وطفل، والآن قائد أقوى المافيا وقناصه معهم، لم سأبقى معك؟ بالطبع سأتخذ الجانب الأقوى"
فقال دارون ساخرًا:
"هذه هي الحياة يا صديقي، هل ستكف عن ازعاجنا أم نتفق عليك؟!"
فانحنى معتذرًا وقال:
"آسف، سأخرس حتى مماتي"
عاد دارون للضحك مجددًا فقال إلياس:
"على أية حال، لنوقف هذا، علينا تبديل الشاش، انتظرني في غرفة العلاج"
أومأ له دارون ثم ركض لهناك فأخذ إلياس ما يحتاج من أدوية ولحق به.
جلست نوريس بتعب على الأريكة فقالت لها روبينا:
"تبدين شاحبة، اذهبي لترتاحي"
نفت الأخرى بابتسامة صفراء وقالت:
"كلا لا بأس"
اقترب آندرو منها بخبث وابتسامة عريضة على وجهه ثم قال:
"لم لا تنوين العودة ها؟!"
صفعته بقوة على وجهه ثم وقفت وقالت:
"أنا مغادرة"
خارجة من هناك بينما تضرب الأرض بسخط وتشتمه.
التفت كريستوفر له بنظرة ماكرة وقال:
"أتظنني أعمى وأطرش هنا؟ فهمت كل كلمة وجهتها لها مذ انضمامها، ألا تنوي أن تخرس فاهك اللعين هذا؟ أم أخيطه لك دون مخدر حتى؟!"
نفى الآخر برأسه مرعوبًا، فلا يبدو أن هذا الشخص يمزح، ليقول كريستوفر بذات الابتسامة:
"طفل مطيع، لا ترني وجهك بعضًا من الوقت، اعتقني منه"
ثم خرج من هناك فعبس آندرو بينما يقول:
"لم أعاقب اليوم؟!"
قالت روبينا ساخرةً:
"وتظن أنك تستطيع التمادي بأفعالك؟ جزاؤك"
ثم خرجت هي الأخرى فضحك فيكتور وقال:
"آسف يا صديقي، تخلى عن سذاجتك وكن في فريقنا"
ليتبع البقية.
"انتهينا"
كان هذا إلياس الذي بدّل الشاش للصغير وابتسم فقال دارون:
"شكرًا لك إلياس"
"دارون، لنذهب"
كان هذا كريستوفر الذي أمسك يده وأخذه من هناك فقال إلياس:
"لا تنسى مواعيد الدواء"
رفع له كريستوفر يده الأخرى دلالة على أنه سمعه وغادر.
ارتمت نوريس بثقل جسدها على السرير ثم راحت تغط في نوم عميق.
استيقظت منتصف الليل ففتحت هاتفها تلقي نظرة على الساعة. وقفت من مكانها ثم خرجت تتجول في الأرجاء فالتقت بدارون لتسأله:
"ما الذي تفعله في هذا الوقت؟!"
أشار لها بالهدوء ثم اقترب بسرعة وقال:
"كنت أنوي الخروج للسطح، سمعت أن الشهب ستتساقط الليلة، لم لا تأتين معي؟!"
ابتسمت بسرعة وقالت:
"أهذا صحيح؟ لنسرع إذًا"
ممسكة يده، صعد الاثنان للسطح منتظران تساقط الشهب.
انتظرا بعضًا من الوقت فسقط شهابين وراء بعضهما مباشرة، ليغمض كل منهما عينيه واضعًا يديه قرب قلبه ويتمنيان أمانيهما.
انتهت نوريس أولًا فنظرت للصغير لتجده ما زال يتمنى وهو يشد ملامح وجهه ويديه كأنه يرجو الإله أن يحقق أمنيته. فتح عينيه أخيرًا فقالت:
"ترى، ما هي تلك الأمنية التي تريدها بشدة هكذا؟!"
نفى برأسه وقال:
"لن أنخدع ولن أخبرك، أخبريني أنتِ أولًا"
رفعت حاجبيها وقالت:
"مستحيل، إنها سر"
عبس دارون وقال:
"أهي شيء لا يسعدني؟!"
نفت برأسها يمنة ويسرى ثم قالت:
"يستحيل أن أتمنى شيئًا كهذا، لا تقلق"
ابتسم لها فتابعت:
"لندخل الآن قبل استيقاظ البقية، سيقلقون إن لم يجدونا هناك"
أومأ لها وكانوا على وشك الالتفات للدخول، فانتبها لكريستوفر الذي يخرج من الباب الرئيسي بينما ينظر حوله بغرابة.
"يبدو أنه يبحث عنك، لنسرع له"
أومأ لها ثم ركضا للأسفل.
كان كريستوفر على وشك الدخول بينما يتنهد فالتقى بهما عند الباب وسأل:
"ما الذي تفعلانه بحق الجحيم؟!"
فأجابه دارون:
"خرجنا لمشاهدة الشهب وتمني الأماني"
نظر للكبرى وقال:
"أتصدقين مثل هذه الخرافات؟"
أومأت بدهشة فتابع:
"ممتاز، كان لي طفل وأصبحا اثنين"
متجاهلًا كلاهما عاد لغرفته فصرخت الأخرى بعد أن استوعبت ما قاله وصرخت:
"هاااااااا؟!"
لكنه ضحك ساخرًا وأكمل طريقه.
أظنني سأتدخل قليلًا وأخبركم بأمنية كلٍّ منهما. تمنت نوريس أن يحقق كريستوفر هدفه ويحصل على سلامه ليتسنى له الوقت للبقاء مع دارون وقتًا أطول فيسعده، أما ما تمناه دارون بشدة، كانت بقاء نوريس معه ومع أبيه للأبد، فقد لاحظ تغير والده مذ قابلها بيد أنه هو الآخر تعلق بها.
خلال اليوم التالي، كان كريستوفر مشغولًا مع بعض رجال مافيا أخرى، طلب من رجاله تركه وحيدًا معهم فنفذوا طلبه واتجهوا لغرفة اجتماعاتهم رفقة دارون، وخلال حديثهم:
"أيهاب الناس الكوبرا من وشمها واسمها أم من نفوذها؟!"
كان هذا دارون الذي سأل وتابع:
"فعن نفسي، لو قلت لي مافيا العاصمة لن يكون وقعها مرعبًا كالكوبرا، من أطلق عليها هذا الاسم؟ أكان والدي؟!"
فكّر فيكتور قليلًا وأجاب:
"على حد علمي، أجل، لم يكن هذا اسمها السابق وكريستوفر من أطلق عليها هذا لأنها تتبع له الآن، فأراد شيئًا يمثله هو. أما عن تصميم الوشم، فأظنه تصميمك صحيح؟!"
موجهًا سؤاله لآندرو الذي كان يتناول شرابه فقال:
"صحيح، لكني صممته قبلًا مليون مرة حتى اقتنع به كريستوفر أخيرًا"
فقال دارون:
"متى ستضعه لي؟!"
قاطع إجابة آندرو قبل نطقه بها حتى دخول كريستوفر وهو يقول:
"من الذي ينوي وضع الوشم؟! انسى الأمر"
فسأله دارون بخيبة أما:
"ولما لا؟ الجميع يضعه"
فقالت نوريس:
"بالتفكير بالأمر، أنا لا أملكه أيضًا"
°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°
انتهى🖤✨
أنت تقرأ
كوبرا | Copra
Actionوضع حاجزًا مهولًا بينه وبين معنى الحياة منذ زمن طويل، لا يهوى أو يسعى إلا للانتقام. فهل سيكون هناك من يكسر هذا الجدار؟ أم سيبقى حبيس الماضي والذكريات؟