30

2.6K 74 1
                                    

الفصل الثلاثون :
في اليوم التالي بمكتب سيف ...
حتى الصغيرة ملك تخونه .... تغدر به ....
فبعد أن كان ينال كل دعمها ... اليوم صرخ بها غاضبا كالمجنون في الهاتف حتى انفجرت باكية
فصرخ بغضب أعلى
( لماذا تبكين الآن ؟!!! ....... )
لكنه لم يسمع سوى نشيجها الناعم , فصرخ بها
( توقفي عن البكاء يا ملك .......... )
لكن بكائها الرقيق زادعلوا .... فزفر بجنون وهو يشعر بقلبه يتألم من أجلها ... فقال بصوتٍ أهدأ قليلا
( ملك صغيرتي .... ضعي نفسك محلي , أنا احترق يا ملك و أنتِ ترفضين مساعدتي .... )
لم ترد و لم يتوقف بكائها فصرخ مجددا وهو يضرب حائط مكتبه بقوة صارخا
( أنا أموت ..... و أنتِ تبكين .....اسمعي لو حدث شيء لوعد سيكون الذنب ذنبك .... أفهمتِ , كيف ستتعايشين مع نفسك بعدها ... .. )
كان صوت بكائها أعلى .... فتنهد بقوة , ليقول بعدها
( حسنا توقفي عن البكاء ...... ملك ..... ملك ..... أنا آسف .... أنا آسف )
هدأت قليلا ... لكن نشيجها استمر مرا في أذنيه ... ثم قالت باختناق بين شهقاتها
( لقد طمأنتك عليها ...... هي بخير و سالمة تماما ..... لكني لا أستطيع خيانتها .... )
صرخ وهو يضرب الحائط مرة أخرى حتى تورمت قبضته
( خيانتها !!! ...... خيانتها !!! ...... أنا زوجها ...... زوجها يا ملك ...... )
هتفت ببكاء
( أعلم يا سيف ..... أقسم بالله أنني في صفك أنت , لكن في النهاية هي انسانة ناضجة و أرادت الإبتعاد ... فبأي حق أخبرك عن مكانها دون علمها ..... )
صرخ سيف بغضب أسود
( بل قولي الحقيقة ...... ان ذكر كلمة ميراث جعلت عيناكِ تبرقان مثلها فأغلقت قلبك و ضميرك بعد أن تعهدتِ بمساعدتي .....فأنتِ أختها في النهاية و ابنة صفا حتى و إن لم تكوني ابنة عبد الحميد .. )
سمع صوت شهقتها واضحا .... ثم لم تلبث أن انفجرت في البكاء بعنف دون أن ترد على هذا الإتهام الباطل
حينها سقط سيف جالسا على كرسيه ..... لم يبعد الهاتف عن أذنه , بل أبقاه بقوة حتى ابيضت مفاصل أصابعه .... سماعها و هي تبكي كان أفضل عقاب له .....
قالت ملك بإختناق شديد من بين بكاء عنيف
( أنا ...... يجب أن ...... أذهب ....لكن قبلا ....... أمي توفيت .. و أنت لا يحق لك ...... )
صمتت تختنق ببكائها الا أن سيف قال بخفوت
( أنا أحبها .............. )
سكن صوت بكاء ملك قليلا دون التوقف عن النشيج , فتابع سيف بصوت ميت
( أنا أحبها ......... أنتِ صغيرة جدا يا ملك , قد .... قد تعرفين الحب الوردي ..... لكن هناك حب أسود , يجرح فيه الأشخاص بعضهم بشدة ... من شدة حبهم و في نفس الوقت يموتون يأسا مما جنته أيديهم ....
لقد آلمتها كثيرا ..... تماما كما فعلت معك الآن , و قد يكون بدرجةٍ أشد وطأة ....... لكن هي أيضا آلمتني و كل ما أريده أن تكون بين يدي ..... في بيتي ..... أطمئن الى وجودها ...... و بعدها أقسم أن أكسر عظامها واحدة تلو الأخرى ..... )
صمتت ملك بصدمة و هي لم تتوقع العبارة الأخيرة , بل ظنته سيقول أنه سيبكي عند قدميها ....
لكنها ضحكت فجأة من بين بكائها
فابتسم سيف بحزن لصوت ضحكتها .... ثم قال بخفوت
( هذا أفضل ............. )
ساد الصمت بينهما قليلا ... فقال سيف بحنان و خفوت
( أنتِ طيبة جدا يا ملك ......... )
همست ملك بعد عدة لحظات
( و أنت كذلك ........ أحيانا .........)
قال سيف بلهجة بريئة و هالة ملائكية تعلو رأسه و لا ينقصه سوى بروز جناحين له مثل الأفلام الكارتونية
( حسنا ........ هلا أخبرتني بمكانها الآن ...... )
قالت ملك بكل تهذيب
( لا ................ )
أظلمت عينا سيف بشدة و صرخ كالمجنون
( ملك !!!! ............. )
الا أنها قالت بخفوت
( الآن زاد اصراري يا سيف ..... أعلم أنك تتعذب قلقا و خوفا عليها , لكن غضبك يفوق قدرتك على السيطرة , لذا الإجبار لن ينفع ...... امنحها الفرصة كي تعود وحدها ..... صدقني .... )
صرخ سيف وهو يضرب سطح مكتبه بقوة
( كم عمرك كي تنصحينني !!!! ............. ماذا تعرفين في الحياة أصلا ... )
قالت ملك بخفوت
( و كم عمرك كي تتصرف مثل تلك التصرفات !!! ....... و التي كانت السبب الأساسي في هروب زوجتك ) صرخ سيف و قبضته تضرب المكتب بجنون
( أقسم أنني على وشكِ القدوم اليكِ و قصف عنقك يا ملك ......... )
همست ملك بتعاطف حقيقي
( لا بأس ...لن أغضب منك , أنا مقدرة حالتك .......... خذ نفسا عميقا و عد حتى العشر )
نهض سيف من مكانه كالمجنون وهو يصرخ
( يا فتاة أنا على وشكِ قتل أحدهم الآن ....... تكلمي بالله عليكِ ..... )
قالت ملك بخفوت
( اذن هذا سبب أدعى كي لا أخبرك ........ أنتما الإثنان تحتاجان فترة من الإبتعاد كي تقيمان مشاعركما بعيدا عن العنف و الغضب .... وكل تاريخكما الغير مشرف .... ماذا تركتما للأطفال!!! ..... لقد مللت حقا ..... صدقني لقد حاولت معها طويلا ..... لكنها تتصرف بنفس تصرفاتك ..... )
كان سيف أثناء استماعه لها يضغط على أسنانه و يهمس بكل الشتائم النابية التي يعرفها دون صوت ويده تمزق ورق نباتٍ بمكتبه بمنتهى الشراسة و الجنون شر تمزيق .....
أغمض عينيه ما أن صمتت ..... يحاول السيطرة بكل قوته على عنفه ووحشيته في تلك اللحظة ....
ثم قال أخيرا
( هل هي حقا بخير ؟؟ .......... )
صمتت ملك عدة لحظات تستوعب السؤال ..... ثم قالت بكل رقة ووضوح
( إنها بكل الخير ......... صوتها حزين , لكن به نبرة قوة جديدة ...... نبرة ثقة .... لا أعلم تحديدا , لكنه شيئا يخبرني أنها بخير ....... )
أظلمت عينا سيف ... و لسبب ما لم يشعر بالرضا لما سمعه منها ..... فقال بخفوت
( أريد أن أسمع صوتها ............ )
صمتت ملك قليلا , ثم قالت بخفوت
( لن تقبل ....... لقد حاولت .... )
قال سيف بهدوء بينما عيناه الحمراوان تترجيان نظرة من عينيها الشتويتين و كأنها هي التي يترجاها و ليست ملك
( أرجوكِ يا ملك .......... )
صمتت ملك قليلا .... ثم همست أخيرا
( إنها تهاتفني في وقت متأخر من الليل ...... فكيف ستأتي وقتها ؟!! ..... )
قال سيف بقوة و أمل .....
( سآتي ولو قبيل الفجر ......... )
تلجلجت ملك بتحرج ... ثم همست
( ليست تلك هي المشكلة ........... )
قاطعها سيف بخشونة
( نعم نعم فهمت ........ آسف , لم ألحظ مسألة سكنك بمفردك )
قال بخشونة
( ملك ....... أنا لا أفهم سبب بقائك وحدك ..... لقد عرضت عليكِ أكثر من مرة أن تأتي للسكن ببيتي ... أمي سترحب بك جدا .... )
توترت ملك بشدة ..... بقائها وحدها بات مسألة أيام محدودة و بعدها !! ........
فقالت بارتباك
( لن نفتح الأمر أكثر يا سيف ...... تعلم أنه وضع مستحيل , حيث أنني لا أملك صفة للإقامة لديكم .... كما أنني ...... لا أرتاح سوى بالبقاء وحدي بجوار محل عملي ..... لا أريد قلب حياتي ... و الا لكنت سافرت الى وعد كما طلبت مني ..... )
هتف سيف بقوة
( سافري اليها يا ملك ......... أرجوكِ .... )
تنهدت ملك بقوة وهي تهمس
( يالله من شدة الحاحك ........ الآن فقط قدرت موقفها ....... سيف , أنا لن أسافر و لن أمكنك من الذهاب اليها بالقوة ..... يجب أن تقتنع هي أولا .......لقد أقسمت على ذلك )
تأفف سيف بغضب , ثم قال أخيرا
( أريد سماع صوتها يا ملك ...... بأي طريقة , أرجوكِ ..... )
صمتت ملك قليلا بكبت ..... ثم قالت بخفوت
( حسنا فليكن بعد غد ....... سأقنعها غدا أن تهاتفني في وقت مبكر بأي حجة ..... لكن أتمنى أن تصدقني )
قال سيف متنهدا بثقل رهيب بينما صدره ينبض بعنف من تخيل سماع صوتها بعد ساعات .....
( شكرا لكِ يا ملك ......... شكرا لكِ ..... )
أغلق الهاتف ثم جلس الى كرسي مكتبه .... مسندا رأسه الى كفيه , .......
" يالله !! ..... كم يحتاج الآن الى فنجان قهوة من يديها الجميلتين ..... لكن قبلا , يرتوي برحيق شفتيها و يتدثر بشتاء عينيها .......و يخفيها بصدره "
.................................................. .................................................. .................
جلست وعد بجوار والدها ..... ترسم بصمت رسما سريعا ....... فقال لها بصوت ذااهب الأنفاس
( صفا ........ )
مالت اليه وهو نصف مستلقٍ في سريره و قالت
( ماذا تريد يا أبي ........ )
مد يده قليلا ... فأمسكت بها تهمس
( أتريد شيئا ؟؟؟ ........ ماذا ؟؟ ........ )
قال لها بخفوت متقطع ...
( أريد ..... وعد ......... )
ارتفع حاجبيها قليلا فمالت اليه أكثر لتهمس
( أنا وعد يا أبي ....... انا هنا بجوارك .......... )
رد عبد الحميد بصوته الخشن
( ابقي هنا يا فتاة و لا ..... ترحلي كعادتك ...... )
شددت وعد على كفه لتقول بهدوء
( أنا هنا يا ابي ...... أنا لا اغادر الا لدرس التصميم و اعود سريعا ...... )
لم يبدو انه قد فهم معنى عبارة درس التصميم ....
فمنذ فترة وجيزة و حين لمحها يوسف ترسم رسما مبدئيا لفستان ... اشترت قماشه مسبقا ... فأبدا اعجابه ليقول لها بلكنته اللطيفة
( أنتِ تجيدين الرسم ..... هل يمكنك بالفعل تنفيذ ما رسمتِ ؟!! ..... )
أومأت وعد برأسها و هي تقول مبتهجة
( كل ملابسي رسمتها و نفذتها ..... ربما ليست رائعة , لكنني عملت لفترة بالخياطة ..... و صممت فساتين اجمل و قد اعجبت بها شابات من كل المستويات .... )
نظر يوسف اليها باعجاب وهو يسير بجوارها في حديقة منزله
( أنا لا أفهم في التصميم كثيرا ..... لكنى لاحظت أن رسمك ليس مدروسا , بل هو أقرب للعفوية ... )
أومأت برأسها ثم قالت
( لم أدرس تصميم أبدا ..... لم يكن لدي الوقت لذلك , كما أن عملي لم يزدهر الى تلك الدرجة .... )
استدار اليها يوسف يوقفها .... ثم قال بهدوء
( و الآن لديك كل الوقت ...... و الحال هنا أفضل بكثير من حيث مدارس التصميم .... لما لا تبدأي بأخذ درس ..... و بعدها لتبدأي بالتنفيذ ..... و يمكنك بيع القطعة الواحدة بمبلغ مجزي ..... )
برقت عيناها قليلا من ذلك الحلم الوردي ..... لكنها عادت و انطفأت من جديد ,
ان كانت لم تفلح في بلدها ..... هل تنجح نكرة مثلها هنا !!!
هزت رأسها نفيا لتقول ...
( لا أعتقد أنني بمثل ذلك المستوى الذي تتخيله ............ )
نظر اليها مليا ..... يتسائل عن ذلك البريق الذي يلمحه في عينيها لحظات .... ثم سرعان ما يختفي بعدم ثقة !!
فقال لها بقوة
( أنتِ لديكِ يدٍ ماهرة ..... و عقلٍ مبتكر .... استطاعا تنفيذ بضع قطع نالت اعجاب من اشتراها و هذا دون أي دراسة أو تخطيط ........ لذا فانت خامة جيدة للنجاح بإبهار تحت الظروف المناسبة ..... )
عضت على شفتيها بقوة و هي تخشى الأمل من جديد .....
أحيانا كل ما يطوف بفكرها هو أن تأخذ ميراثها في سيولةٍ مالية و تضعه في أي مصرف و ليكن عند كرمة ... لتستفيد من أرباحه !!! ... فليس هناك من عقل راجح يقول ان تجازف بعمل مشروع قد يتسبب في خسارتها للمال الوحيد الذي ستناله في حياتها
( وعد ........... )
رفعت رأسها تنظر الي يوسف الذي كان يتأملها ..... ثم قال بثقة وهو يبتسم لها بوسامةٍ و جمال
( هل أحجز لكِ في دورة تصميم ؟؟؟ ....... )
ارتبكت قليلا .... ثم قالت بخفوت
( أنا لن أستقر هنا طويلا ...... لدي العديد من المشاكل في بلدي يجب علي تخطيها )
فقال بإهتمام
( ما فهمته هو أنكِ ليس لديكِ سوى أختك ........ لماذا لا ترسلين اليها كي تستقر معكِ هنا ؟.... )
ارتبكت وعد و هي تتلاعب بدفتر رسومها ... ثم قالت أخيرا و هي تبعد شعرها عن وجهها
( أولا لأنها مستقرة هناك و لديها خطط و آمال عريضة ....... )
صمتت قليلا .... تنظر الى البعيد , فحثها يوسف ليقول باهتمام
( و ثانيا !! ............. )
رفعت وجهها اليه بعد فترة لتقول بحزم
( ثانيا أنني أريد الحصول على الطلاق ........ و ذلك سيكون بعد معركةٍ طويلةٍ على ما يبدو ..... )
لا زالت تتذكر الصدمة التي ارتسمت على وجهه حينها .... و سؤاله من كلمةٍ واحدة
( متزوجة ؟!!!! ......... )
لينال ردا منها و من كلمةٍ واحدةٍ كذلك
( كنت ..................... )
عادت وعد من تلك الذكرى الى النظر لوالدها الشارد بعيدا بعقله المتداخل الأفكار و الذكريات ......
ثم تذكرت وعدها لملك بأن تهاتفها مبكرا .... مراعية فروق التوقيت .....
لذا أمسكت هاتفها دون أن تترك يد والدها .... و طلبت رقم ملك .....
استمر الرنين طويلا .... الى أن فتح الخط أخيرا فقالت وعد مبتسمة
( صباح الخير يا ملك .......... )
ساد صمت طويل ...... لا ليس صمتا أبدا ..... بل صوت نفس هادر تعرفه حق المعرفة .....
صوت لم و لن تخطئه ابدا ......
أغمضت عينيها و اطبقت على هاتفها و هي تهمس بداخلها بجنون
" لماذا يا ملك ؟؟ ....... لماذا .... "
ارتجفت شفتيها و هي تزفر بخفوت مرتعش ... و فتحت جفنيها المسبلين قليلا .....
كل هذا دون أن يصدر صوت بينهما .....
و على الجهة الأخرى .... كان سيف مبتسما ......
لقد عرفته من مجرد صوت نفسه ..... و لم تغلق الخط حتى .......
ربما كان في أشد حالات غضبه منها ..... لكن هذه اللحظة سيستمتع بها للنهاية .... وهو يكاد يسمع دقات قلبها العنيفة .....
الى أن تكلمت ..... كانت هي من بدأت فقالت بهدوء
( سيف ............... )
اظلمت عيناه ... و انتفض قلبه , فأغمضهما .......... لحظة مجرد لحظة ....
قبل أن يفتحهما مجددا و يقول بصوتٍ خطير
( جيد أنكِ لا زلتِ تتذكرين اسمي ........ )
قالت وعد بهدوء بعد فترة صمت
( كيف لا أتذكرك يا سيف !! .............. ... أنا لن أنساك في عمري كله )
عقد حاجبيه بشدة و نبض قلبه بجنون ..... مجرد كلماتها الهادئة توشك على أن تطيح بقلبه بكل وحشية .....
للحظات شعر بأنه قد نسي كل الحوار الذي بقى لليلةٍ كاملةٍ يحفظه .....
لقد هزه هدوءها ..... فأخذ نفسا عميقا محاولا السيطرة على غضبه المتنامي بسرعة البرق ..... لكنه لم يفلح فصرخ عاليا في لحظةٍ واحدة
( أتجرؤين على الرد بمثل هذا الهدوء !!! ..... بعد كل ما تسببتِ به من مصائب !!! .... )
أبعدت وعد الهاتف عن أإذنها قليلا كي لا يخرق طبلة أذنها بصوته الجهوري و ما أن صمت قليلا ... حتى أعادت الهاتف لتجده يقول
( اسمعيني جيدا يا وعد ........و دون مقدمات ..... أريد معلوماتٍ محددة عن مكان تواجدك بكل تهذيب , و الا فقسما بالله يا وعد .... سترين مني معاملة .... لا تقارن بكل ما أغضبك يوما .... )
صمت يأخذ نفسه بارتجاف الغضب المشتعل ثم أضاف بعنف بينما كانت ملك تضرب على رأسها بيديها من شدة غيظها منه
( لم يجرؤ احد مطلقا .... ابدا .... على التصرف معي بشاكلة تصرفاتك ..... لا أدب و لا تربية و لا تقدير للمسؤولية !!! ...... )
كان يصرخ بالكلمة الأخيرة بجنون ..... ثم أضاف هادرا
( وعد غضبت ..... وعد شعرت بالإهانة ...... وعد استاءت لكسر ماكينتها الصدئة!!!!! .... فماذا تفعل !!!!!
تخطط و تسافر هربا .... ليلا كاللصوص و المجرمين ..... دون أي شرف في التعامل ....... )
كانت وعد تستمع اليه بهدوء ... تتنهد بصمت و هي تطرق برأسها .....
الى أن صمت تماما .... و ما أن فتحت شفتيها لترد , حتى صرخ بجنون قبلا
( أقسم لو أغلقت الخط فأنتزعك عبر الخطوط من حلقك حتى تخرج حنجرتك في يدي ...... )
ابتسمت وعد رغما عنها ...... و تسائلت بداخلها
" هل كانت أيامهما معا هي الأسعد في حياتها ؟؟!!! .......حتى لو كانت قد امتهنت من كرامتها و اعتزازها بنفسها كانسانة محترمة ! ..... "
بهتت ابتسامتها .... ثم ابتلعت ريقها بصمت , فقال لها فجأة
( هل أنت ِ حامل ؟؟؟ ...........)
اتسعت عيناها بذهول !!! ..... سبحن الله أحمق مثل أخته تماما ..... فقالت وعد بصوت جليدي
( هل ملك بجوارك ؟!!! ....... هل تسأل هذا السؤال أمامها !! )
هتف صارخا
( و ماذا به السؤال ؟!!! ....... هل هو خادش للحياء ام سؤال فاضح ؟!!! ...... أو ربما أسأله لسيدةٍ ليست زوجتي لا سمح الله !!!! )
أغمضت عينيها بصدمة و هي ترفع حاجبيها !! ...... ثم أخذت نفسا عميقا و قالت بهدوء
( لا لست حامل ......... )
هتف بنوعٍ من الوجوم الغبي
( هل أنتِ متأكدة ؟!!! .......)
لم تستطع منع ضحكة من الإفلات من بين شفتيها .... و لم تدري أن شبه التواءة زينت زاوية شفتيه ... فهمس بخشونة
( وعد ........ أين أنتِ ؟؟ ......هل بهذه البساطة تتركيني ؟؟ .... )
أغمضت وعد عينيها و لم تدرك أنها تشدد قبضتها على يد والدها تلتمس منه التشجيع للمرة الأولى
ثم قالت بهدوء بعد فترة صمت
( ليس بهذه البساطة أبدا يا سيف ...... لكن زواجنا انتهى ..... )
التمعت عيناه بوحشية وهو يصرخ
( انتهى !!! ....... أنتِ قررتِ ذلك !!! ..... هل تظنين نفسك محور الكون و الجميع يدور من حولك ..... )
صمت يلتقط أنفاسه وهو على وشكِ الإصابة بنوبةٍ قلبية من فرط غضبه ...
ثم قال بعنف لكن أقل صراخا
( هل كل ذلك لأنني كسرت ماكينتك ؟!! ............... أم لأنني منعتك من العمل , أم لأنني أردت أن أنفذ طلبك في الحصول على طفل !! ....... )
قالت وعد بصوت خافت
( هل ملك بجوارك حقا و أنت تنطق هذا الكلام !!! ........ )
صرخ سيف بجنون
( وعد ........ انسي ملك الآن قبل أن أقتلكما معا ....و أجيبيني ... )
قالت وعد بعد فترة
( ألم تصلك رسالتي ؟؟ .......... )
ضحك عاليا و بقساوة .... حتى أنها ارتجفت رغما عنها , ثم قال بوحشية
( نعم ...... رسالتك , قصاصة ورق لم تتعدى بضعة أسطر ........ كلها انتقام و سواد قلب ... )
قالت وعد و هي تقوي قلبها بداخل صدرها المنتفض
( ليس انتقاما ...... بل فقصدت كل كلمةٍ قلتها يا سيف , أنا سأظل ممتنة لك حياتي كلها ..... أنت الرجل الأول بحياتي و الذي ساعدني ووقف بجواري في أحلك أوقاتي ...... و أنت الوحيد الذي شعرت معه أنني أمرأة .... و شعرت ..... شعرت ....... )
صمتت قليلا .تتنهد بعمق بينما سيف يغمض عينيه بألم .... ثم تابعت
( لقد أمضيت معك أجمل وقت بحياتي دون مبالغة ...... لكنك آلمتني , ..... أعلم أنك لم تقصد ذلك بالفعل , لكن كان ذلك هو التطور المنطقي لعلاقتنا ..... أن نجرح بعضنا .....
أنا لست من عالمك يا سيف .... مهما حاولت أن تجذبني اليه , الا أنك كنت تشعر في قرارة نفسك بالخزي من الزواج مني ..... من خادمتك و ساعيتك .... و كنت تشعر بالغضب لأرتباطك بابنة أكثر رجل كرهته في هذا العالم ......
أنا متفهمة كل ذلك يا سيف و لست ألومك ....... لقد فعلت لي أكثر من أن أحاول لومك ....
لكن زواجنا كان مجرد مرحلة قصيرة في حياتنا و أنت تعلم ذلك ... فلا تدعي غيره ......
من المستحيل أن أبقى في تلك المرحلة الدنيا بجوار الرجل الذي يرفعني ليلا الى سحب من المشاعر الجياشة .....أنا ....... )
صمتت قليلا ... ثم تابعت بصوت أكثر خفوتا
( أنا لا أحترم نفسي و أنا معك يا سيف ...... لقد حولتني الى إنسانة وضيعة مخزية ...... و هذا الوضع تحملته حين لم يكن لدي البديل ..... )
عادت لتصمت قليلا تلتقط أنفاسها المجهدة ..... ثم تابعت بهدوء
( لكن الآن وضعي اختلف ..... لقد بدأت بالتخطيط لعملي الخاص , و أنا أدرس التصميم حاليا .... لي مالي الخاص ... و ما أن أعود حتى أبحث عن بيت مناسب لي ولملك ...... )
أطرقت برأسها .... بينما هو الجانب الآخر كان لا يزال مغمضا عينيه ألما وهو يسمعها تشرح تفاصيل رسالتها المختصرة بوضوح أكبر و أشد وجعا .....
ثم تابعت وعد بخفوت
( أنا لم أعد أحتاجك يا سيف ....... و حين اختفت حاجتي اليك , اكتشفت أنني لم أعد أقبل بالوضع المتدني الذي كنت فيه و أنا معك ....... أنا أستحق أفضل من ذلك .... لأن حالي أصبح افضل ..... )
فتح سيف عينيه بصدمة ..... لا يصدق مدى قساوتها .... مدى سمك القشرة الجليدية من حولها ... ليسمعها تتابع أخيرا
( أنا أريد الطلاق يا سيف ...... و مصرة عليه ..... سأنحك فترة عدة أشهر حتى أعود , و إن لم يحدث سأضطر الى طلب الطلاق عن طريق المحاكم ....... لكن رجاءا لا تضطرني الى ذلك .... )
صمتت تلهث .... و لم تجد ردا .... فأغمضت عينيها , بينما كان سيف صامتا يسمع عبارتها تتردد بداخله بكل عنف
" أنا لم أعد أحتاجك يا سيف ...... أنا لم أعد أحتاجك يا سيف .... "
نطقت وعد بخفوت و هي ترتجف قليلا
؛( سيف ..... سأرد لك كل قرش أخذته منك , ليس نكرانا للجميل ..... لكن لأنني امتلك بالفعل ما يكفي .... )
عادت لتصمت .... و الصمت ينتشر بين الموجات الفاصلة بينهما .... فعقدت حاجبيها تهمس بألم
( سيف ............... )
همس أخيرا بصوتٍ أجوف قاسٍ
( لقد منحتك حبي !!........... )
صمتت وعد تغمض عينيها بوجع حقيقي .... لكنها قالت مغمضة العينين
( و أنا منحتك نفسي ........ لكنني أخبرتك بأنني لا أمتلك القدرة على قطع الوعود ......آسفة إن كان ما قد نلته مني لا يوازي ما منحتني إياه ........... )
عاد الصمت ليسود بينهما ...... فتنهدت و هي ترفع يدها الي صدرها المتألم ....
و حين تكلم سيف قال أخيراٍ بصوته العميق الذي ينفذ الى أعماقها مرسلا الرجفة الى جسدها كله
( لن أطلقك قبل أن أراكِ ............ )
فتحت عينيها بصدمة ..... هذا ما كانت تخشاه !! .... الكلام في الهاتف أسهل جدا ......
همست وعد بارتباك
( لن آتي قبل عدة أشهر ...... أرجوك انهي الآمر الآن و لا تجعلنا نعاني في متاهاتٍ أطول من ذلك .... )
قال سيف بجفاء
( أتبخلين علي بمرةٍ واحدةٍ أرى فيها عينيكِ و هما لا تزالان ملكي ؟!! ........ )
تأوهت وعد دون صوت .... لكنها قالت بعد لحظة بحدة
( إن ظننت انك تستطيع أن تخضعني كما تفعل كل مرة فأنت مخطىء يا سيف ....... )
ضحك سيف بمرارة ... ثم قال بهدوء
( أخضعك يا وعد !! ...... ...... ظننت علاقتنا أفضل من ذلك ! ...... )
أغمضت عينيها و هي تهمس بداخلها
" بالفعل كانت أفضل ... كانت أفضل كثيرا ...... كان تواصل روحينا في تناغم لا يكاد يوصف من روعته "
قال سيف بنبرةٍ أجفلتها بقوة
( لن أطلقك قبل أن أراكِ ......... و بيدك أنتِ أن تطيلي الأمر كما تحبين ..... )
هتفت وعد بيأس
( سيف ما تفعله ليس من المنطق ب............ )
لكنها كانت تخاطب نفسها حين أغلق الخط في وجهها بقوة جعلتها تنظر الى الهاتف بذهول و صدمة !!!
و نفسها تحدثها أنه ...... وافق ...... لقد وافق سيف على طلاقها ..... لكن ليس قبل أن يذلها أولا ....
مد سيف يده بالهاتف الى ملك ..... فالتقطته بصمت , و ما أن رفع وجهه اليها حتى وجد وجهها مغرق بالدموع و شفتيها ترتجفان بشدة ....
ظل سيف ينظر اليها طويلا ...... ثم ابتسم لها بألم دون مرح ..... ابتسامة رجل مجروح ......
ليربت على وجنتها فجأة قائلا
( لا تحزني كل هذا الحزن .............. )
همست ملك برقة من بين دموعها
( ستتطلقان ! ......... أخبرتك أن تتركها تهدأ قليلا فلم تسمع كلامي ...... )
قست ابتسامته قليلا .... لكنه قال بهدوء
( ألم تسمعيني آمرها أن تأتي أولا !! ........... ليس هناك من ينتزع مني ما هو لي ..... لقد فعلها عبد الحميد من قبل , لكنني لن أسمح لأبنته بأن تعيدها ..... )
ظلت ملك تنظر اليه دون فهم ..... لكنه ربت على وجنتها مجددا ليغادر .... بقوة ..... لكن ظهره كان محنى انحناءة رجل هزمت قلبه امرأة ......
.................................................. .................................................. ......................
تمددت ميساء بإغراء على سريرها الفخم المذهب بعظمة ...... تدخن سيجارة من سجائرها الرفيعة الذهبية ...
لا تترك للمخيلة شيء و هي تكشف جسدها كله أمام ناظريه المشغولين بحاسبه أثناء عقده لربطة عنقه أمام المرآة في نفس الوقت ......
كان لا يزال وسيما رغم السنوات المتلاحقة في سرعة الريح .....
نفثت سيجارتها ببطىء و هي تراقبه بتعبير لا معنى له ..... رفعت ساقا فوق أخرى و هي مستلقية على السرير ... الا أنه لم ينظر اليها حتى ولو لنظرةٍ في المرآة أمامه .....
ابتسمت بسخرية و هي تتذكر أن ذلك الرجل يوما كان قادرا على ازهاق روحها بعنف عاطفته .....
كان غرامهما مشتعلا حد الجنون ....
و مهما ارتدت أو لم ترتدي ..... فقد كانت تشعل جنون رغبته باستمرار .....
عادت لتمط شفتيها و هي تنظر الى جمود ملامحه المنحنية الى الحاسب المفتوح فوق طاولة الزينة أمامه ....
تساءلت من باب الفضول فقط ترى اي عشيقة له ستشبع حاجته في سفرته تلك ؟!!!
سمراء .... بيضاء .... حمراء الشعر ....
ضحكت بصوت و هي تتذكر أن بعضهن إن لم يكن معظمهن .... أقل منها جمالا بدرجة مخزية ......
لكنه حتى لم ينتبه الى صوت ضحكتها الساخرة .....
عادت لتنفث دخان سيجارتها بصمت و هي تراقبه دون أن ترفع عينيها عنه ....
ثم مدت يدها تلتقط الكأس الموضوع على الطاولة الصغيرة بجوار السرير .... و رشفت منه رشفة متمهلة ...
ثم تلاعبت بسطحه الذهبي المتألق .... لتقول من فوق حافته بتأمل
( متى ستعود ؟؟ ............ )
تكرم حينها و رفع عينيه اليها في المرآة ...... ثم قال بهدوء وهو يرتدي سترته الثمينة
( شهر على الأكثر .......... )
عادت لتسحب نفسا متمهلا من سيجارته وهي تنظر اليه بسكون ثم قالت برقة و دلال
( هل ستصطحب ... ابنك .... معك ..... )
نظر الي عينيها الساخرتين في المرآة ملاحظا تشديدها على كلمة " ابنك " ..... لكنه عاد ليهتم بعطره الذي ملأ المكان بقوة خانقة قائلا بهدوء
( لا ...... كريم سيظل هنا ..... اطمئني ..... )
ضحكت برقة .... ثم همست بدلال زائف
( يبدو أنها ستكون احدى سفراتك الأكثر انشغالا ...... تلك التي لا تصطحب فيها ابنك الغالي .... )
زفر أكرم بملل وهو ينحني لإغلاق حاسبه بقوة .... ثم قال بجفاء
( ليس الآن يا ميساء من فضلك ..... أمامي رحلة من ست ساعات كاملة ..... فلا تبدأي الآن )
نفثت دخان سيجارتها و هي تستقيم ببطء ليسقط شريط قميص نومها القصير عن كتفها بإغراء دون أن يلقى منه اثارة .... فقالت ضاحكة ببساطة
( لست أنوى البدء بشيء يا أكرم ...... فقط اخبرني , كم امرأة ستعاشر بهذا الشهر ..... اثنتين ؟؟ .... ثلاثة ؟؟؟ ..... )
نظر اليها بقسوة جليدية بينما رفعت حاجبها و هي تتابع مبتسمة بميوعة .... هامسة بلهجة قطة نهمة
( ام واحدة فقط ؟؟ ...... واحدة تشبع كل جوعك لمدة ثلاثين يوما ...... اممممم واحدة متميزة تبدو لي اكثر اثارة ....... )
هدر أكرم بغضب
(؛ يبدو أنكِ مخمورة ........ و أنا ليس لدي الوقت للإستماع لجنونك و غباء سكرك ..... )
التقط حاسبه و حقيبته و اندفع في اتجاه الباب .... الا أن كيانها المحبط ثار فجأة و كرامتها المراقة اشتعلت .... و أنوثتها المهدورة تحت حذائيه الغاليين ثمنا صرخت بهياج .....
فاندفعت تقفز خلفه حتى وصلت اليه ما أن فتح باب غرفة نومهما .... فأمسكت بسترته الثمينة تديره اليها بجنون و هي تصرخ مجلجلة و قد فقدت سيطرتها على روحها المهدورة
( أنا مجنونة !!! ...... أنا مجنونة يا خائن ..... يا حقير ....... يا قذر !!! )
مد أكرم كلتا كفيه ليقبض على يديها المتشبثتين بسترته ينزعهما بغضب مهول وهو يهدر بقوة
( اخرسي ايتها المخمورة البائسة .......... احترمي مقامك كسيدة البيت لمرة واحدة و انظري لنفسك ..... )
ابتعد عنها متجها الى السلم .....لكنها جرت خلف و امسكت بذراعه بأظافرها و هي تصرخ كالمجانين ....
( و هل تعرف الإحترام يا عديم الإحترام ...... هل واتتك الجرأة لتهينني أنا بينما أنت ذاهب لإحدى قاذوراتك المنتظرات في كل مكان !!! ..... )
خرج الخدم من غرفهم على صوت صراخ السيد و السيدة ...... ينظرون برهبة لما يحدث أعلى السلم
بينما قبض اكرم على كتفي ميساء وهو يهزها بعنف صارخا
( توقفي عن تصرفاتك الى تشبه تصرفات بنات الشوارع و احترمي نفسك ...... )
صرخت و هي تضربه بقبضتيها على صدره بجنون ....
( بنات الشوارع هن من تعاشرهن في الفنادق في كل سفرة من سفراتك ايها القذر .. السافل .... الحقير .... )
كان كريم قد خرج من غرفته على صوت تلك المهذلة ليراقب ما يحدث بصمت ....
فرأى والده يرفع يده ليصفع ميساء بكل قوةٍ اسقطتها أرضا بعد أن ترنحت قليلا ...... ثم صرخ بجنون
( اقسم ان لم تحترمي نفسك لأضعكِ في مصحٍ للأبد ........ و حينها سنرتاح جميعا )
استدار بعدها ليهبط السلم مندفعا ..... بينما مكثت ميساء مكانها أرضا تحت انظار الخدم المذهولين و هي تشهق بجنون وتركل الأرض بساقيها و قبضتيها .... صارخة بهذيان ...
حينها تقدم منها كريم ببطىء .... الى أن وصل اليها فجثا بجوارها وأمسك بذراعها ليقول بهدوء
( انهضي يا أمي ........ تعالي معي ..... )
رفعت وجهها المتورم تنظر اليه بجنون ثم صرخت وهي تصفعه بكل قوتها فجأة
( ابتعد عني أيها اللقيط ........... )
تجمدت عينا كريم و تصلبت ملامحه بشكل مخيف وهو يتسمر مكانه بعينين مخيفتين لم تلحظهما .... ثم نظر الى الخدم الأجانب و اللذين على الأرجح لم يفهم أحدهم معنى الكلمة ......
عاد ليلتفت اليها ببطىء شديد ... ثم أمسك بذراعيها بقوة لينهض و يجذبها معه كي تقف وهو يقول بهدوء
( هيا يا ميساء الى غرفتك ....... كفى فضائح )
كانت أضعف من أن تقاومه خاصة و أن الخمر قد فعل مفعوله معها .... فتركته يجرها الى غرفتها ....
دخل كريم الى غرفة ميساء و أكرم .. ثم أسندها حتى أوصلها الى السرير ... فتركها تسقط عليه و هي تشهق باكية بعنف لتستدير على جانبها دافنة وجهها في الوسادة الحريرية لتنفث بها كل هستيريتها ....
بينما وقف كريم مشرفا عليها ..... ينظر اليها بنظراتٍ قاتمة لا تحمل أثرا للعطف .....
لكنه استدار ليمسك بقنينة الخمر الشبه فارغة ينظر اليها .... ثم قال بهدوء
( لقد أسرفت في الشرب الليلة ......... )
لكنها لم ترد عليه و هي تتابع بكائها العنيف .... حينها انحنى ليجلس بجوارها , ثم جذبها اليه بقوة كي تستقيم جالسة ..... قبل أن يضمها الى صدره هامسا بخفوت وهو يتلاعب بشعرها
( شششش ...... كفى بكاءا ...... )
هتفت ميساء دون ان تقاومه بجدية
( ابتعد عني ............ )
لكنه همس وهو يربت على شعرها و ظهرها
( هششششش ........... )
أغمضت ميساء عينيها على صدره و ارتجفت شهقاتها قليلا ..... بينما تحول جسدها الى انتفاضات مؤلمة ..
و كلما زاد ارتجافها كان يزيد من ضمها اليه .......
فغرت ميساء شفتيها بنفسٍ مرتجف و ملامحها تتأوه دون صوت .... بينما كانت قبضتها تنقبض بقوة على حافة قميص نومها القصير ....
رفع كريم وجهه ليقبل جبهتها بقبلةٍ طوية جعلتها تهمس بكلمةٍ غير مسموعة ذاهبة الأنفاس دون أن تفتح عينيها ......
ثم أبعده عنه فجأة بقوة ..... لينظر الى وجهها المتورم و عينيها المصدومتين وهو يقول مبتسما
( الآن أنتِ أفضل ......... )
اخفضت ميساء عينيها و هي تلهث قليلا بعذاب ..... تبتلع ريقها بتشج ..... ثم قالت بصوتٍ ميت
( أين رائف ؟؟ ........... أريده ..... )
ابتسم كريم دون مرح وهو يستقيم واقفا ليقول ببساطة
( لم يأتِ بعد ......... للأسف حظك أنني أنا الموجود .....نامي الآن ... )
ثم تركها ليخرج مختالا بجسده الشاب مفتول العضلات .... سامحا لها بتأمل ظهره بحرية ..... قبل أن يغلق الباب بقوة جعلتها تنتفض في مكانها .... ظلت تنظر الي الباب المغلق طويلا و هي تلهث بتعب لترفع يديها الى رأسها فجأة صارخة و هي تغمض عينيها بقوة
( يالهي انقذنيييييي ............... )
.................................................. .................................................. .....................
دخل رائف الى مكتبة عاطف بهدوء ..... ثم ابتسم وهو يراه جالسا مكانه ينظر من النافذة بصمت .... فقال بصوتٍ هادىء
( علمت أنني سأجدك مستيقظا حتى الآن ......... )
نظر اليه عاطف مبتسما .... ثم قال بخفوت
( الوحدة سلاح قاتل موجه للنوم .........حينها يتقلب الفكر في كل الطرقات الغير مرغوب بها .... )
اقترب منه رائف مبتسما ليسحب كرسيا و يجلس أمامه ثم قال
( آآآآه ........ الكلام موجه بلومٍ لي شخصيا )
قال عاطف عابسا
( اسكت يا ولد و كفاك دور جليسة الأطفال ذاك ........ أحيانا وجودك يخنقنى من كثرته )
ضحك رائف وهو يميل قليلا ليعدل من وضع صورة " رؤى " ... ثم نظر الي عاطف ليقول بخفوت
( ما رأيك بدور شطرنج قبل النوم ......... )
عبس عاطف ليقول بجفاء
( لا .............. الدور معها لم ينتهي بعد )
اظلمت ملامح رائف ليسأل على الرغم من معرفته بالجواب مسبقا
( الدور مع من ؟؟ .......... )
نظر اليه عاطف رافعا حاجبيه ليقول باستهزاء
( العجب أنك فاشل في الكذب فشل السمكة للطيران .... و مع ذلك لا تيأس من المحاولة منذ أن كنت طفلا صغيرا )
تنهد رائف بغضب وهو يميل ليستند بمرفقه الى ركبته دون رد ...... فقال عاطف متأملا
( لقد غزت بعض الشعيرات الفضية رأسك يا ولد ........ )
رفع رائف وجهه الى عاطف ينظر اليه بصمت ثم قال بفتور
( و لما لا ؟؟ ....... العمر يمر سريعا ... )
نظر رائف الى صورة رؤى تلقائيا و شرد بها .... فلاحق عاطف نظرته بحزن .....ثم قال بابتهاج زائف و بلهجته المعروفة
( لما لا تأتني بها يا ولد ........ ذلك الفتى النذل عاد لطبيعته أخيرا الحمد لله .... لم أصدق كرمه و إهتمامه للحظةٍ واحدة ... )
عقد رائف حاجبيه وهو يهز رأسه قليلا ليجلي أفكاره ثم قال
( لحظة لحظة ....... آتيك بمن ؟؟ .... و من هو النذل ؟؟!! ..... )
تأفف عاطف بصوتٍ عالٍ ثم قال بنفاذ صبر
( النذل هو ابن ميساء و من غيره ....... لقد انتهت مسرحية كرمه أخيرا و توقفت باقاته ....و التي لم أعرف هدفها حتى الآن ....... )
ضغط رائف شفتيه بقوة .... ثم تنهد دون صوت بينما سأله عاطف بهدوء يتأمله مليا
( لم تسألني بمن ستأتيني ؟؟ ........... )
رفع رائف عينيه باستسلام اليه ثم قال بهدوء
( بمن سآتيك ؟؟ ........ )
هز عاطف رأسه يأسا ..... ثم قال ببساطة
( فتاة الورد ........ لن نتمكن أنا و أنت من لعب الشطرنج مجددا إن لم أنهي دوري معها .... )
أظلمت عينا رائف .... لكنه تدبر هدوء ملامحه ليقول بهدوء
( الباقات انتهى طلبها يا خالي ....... فبأي حجةٍ سآتي اليك ...... بفتاة الورد !! .... )
لوح عاطف بكفه بقوة وهو يهتف
( لا اهتم بالحجة ......... فقد تعال بها الى هنا ..... اذهب و احضر وردا لأي مناسبةٍ لهذا البيت الكئيب الذي تخلو منه المناسبات و لا يأتيه الورد الا كواجب لرجلٍ مريضٍ مثلي ....... )
نظر اليه رائف بصمتٍ قليلا .... ثم قال أخيرا
(اذن فقد اشتريت جمالها و بعتني ....... شكرا يا خالي , كان هذا هو العشم ..... )
هتف عاطف بنفاذ صبر
(انظر الى نفسك و انظر اليها ... ثم ضع نفسك مكاني .... من منكما ستختار لتلعب معه ..... )
ضحك رائف قليلا .... لكنه همس دون تفكير
( ذات الضفيرة طبعا .............. )
لم يلحظ انه دعاها بلقبٍ آخر ......لكن خاله لاحظ جيدا .... فقال بخفوت
( و الآن اذهب من هنا و اتركني وحدي ...... لكن لا تنسى أن تحضرها لي غدا .... )
نهض رائف من مكانه وهو يقول بخففوت ( تصبح على خير ...... )
لكن عاطف ناداه قبل أن يخرج و قال
( لقد سافر زوج اختك اليوم ........ و ودعته بفضيحةٍ كالمعتاد ...... اهتم بأختك في غياب زوجها و لا تتركها بمفردها يا رائف ........ )
عقد رائف حاجبيه قليلا و القلق يغمره ..... لكنه قال بجفاء
( تصبح عل خير يا خالي ............. )
خرج رائف من المكتبة وعيناه تتطلعان لأعلى بشرود حيث يقبع جناح ميساء ... و كريم ....
ثم توقف مفكرا .... ربما آن الأوان لكي يتزوج الصغير , خير حل له
ابنة احد اصحاب المصالح الكبرى ستكون كماسةٍ نفيسة في عيني أكرم و لن يستطيع كريم الرفض
بدلا من جرحه و طلب الرحيل منه كالمرة السابقة .....
اتجه رائف الى جناحه بعزم ..... لا يقلقه سوى أنه مضطرا الى الإنتظار شهرا ...... حتى يعود أكرم .....
" فتاة الورد ...... "
أوقفه اللفظ قليلا وهو يتردد بداخل رأسه ...... أيحضرها .... أم يبعدها ...... ولماذا يهتم أصلا ......
تأفف بصوتٍ عالٍ ثم صعد الى غرفته كل درجتين معا ...... ابعادها افضل ......
.................................................. .................................................. ......................
وقفت ملك مكانها تنسق بضع وردات بهدوء .... بينما داخلها ابعد ما يكون عن الهدوء .....
بعد ثلاث ايام ...... فقط ثلاث أيام .....
سيتزوجا .......
ابتسمت بارتجاف و هي تتذكر وجه شادي وعيناه المشعتان وهو يتفق معها على الموعد .......
فأغمضت عينيها بترقب ...... ثلاث أيام فقط و بعدها سيأخذها الي بيته كي يضعهم أمام الأمر الواقع
فإما أن يطردوهما ..... و إما أن يتقبلوهما .... و هي ستكون معه في كل الأحوال
و كان هذا هو شرطها الوحيد على القبول بالزواج .....
لن يتم الزواج بينهما فعليا الا بعد اعلام أهله .....و قبل شادي بعد أن علم أنها لن تتزوجه الا وفقا لهذا الشرط
حتى لو اضطرا للإنتظار أشهر ..... لن تسمح له بأن يكون زوجها فعليا الا بمعرفة الجميع
المهم أن يكون لديهما عقد زواج كي يضغطان به على عائلة القاضي ....
رفعت ملك يدها الى صدرها الخافق و همست
( يا رب ....... يا رب اجعله قرارا صائبا ......)
سمعت صوتا رجوليا من خلفها يقول بهدوء
(حكمي عقلك جيدا ............. )
استدارت شاهقة و يدها لا تزال على صدرها لتجد نفسها أمام المدعو رائف ..... خال شادي ... بل خال كريم .... بهيئته الرجولية الضخمة البنيان ... ينظر اليها بصمت واضعا يديهفي جيبي بنطاله
حتى أنها شكت في أنه تكلم من الأساس
ارتجفت ملك أكثر و أخذت تعصر تفكيرها لتتذكر ان كانت قد همست باسم كريم أو عائلة القاضي أو أي مما يخص أمر زواجها المقبل ......
ثم همست اخيرا بقلق و توتر
( ماذا تفعل هنا سيد رائف ؟؟ ........ هل جئت كي تحدد مجال عملي هنا أيضا ؟؟ ..... )
ظل ينظر اليها واقفة بين الورود ..... ثم قال أخيرا بهدوء
( بل جئت ببساطة طالبا لباقة ورد ........ )
أسرعت ملك بالقول
( لا أصدقك ........... )
رفع رائف حاجبيه ليقول باهتمام
( على الأقل أنتِ صادقة .............. )
قالت ملك بقوة
( لا شيء يدفعني لألا أكون صادقة ........ )
قال رائف بملامح جامدة
( هل أنتِ متأكدة من ذلك ؟؟ ............... )
هتفت ملك بقوة
( سيد رائف من فضلك هذا محل عمل ....... أخرج من هنا , أنا لست مجبرة على سماع اهاناتك )
كانت عيناها تبرقان بغضب و شجاعة و هي تواجهه ..... فتألقت عيناه اعجابا لحظة خاطفة وهو يتأمل البريق القوي في عينيها العسليتين .....لكن لم يبث بريق عينيه أن خبا قبل أن يقول بهدوء
( لست هنا لإهانتك ........أنا هنا لطلب باقة ورد كي تأتين بها بنفسك ...... صدقي أو لا ...... )
قالت مجددا بقوة
( لا أصدقك ............ )
لكن رائف لم يهتز وهو ينظر اليها بثبات .... ثم قال بهدوء
( باختصار ....... هناك لعبة يجب أن تنهيها ....... )
عقدت حاجبيها و أوشكت على الهتاف غضبا كي توقفه عند حده .... الا أنه رفع يده يوقفها بإشارة منه قبل أن تتهور كسيدٍ آمر .....
فأغلقت فمها تنظر اليه وهي ترتجف قليلا من القلق ليتابع هو بهدوء
( خالي يريدك أن تكملي معه دور الشطرنج ......... )
اتسعت عيناها بدهشة حقيقية ....... لم يكن ذلك ما توقعت سماعه مطلقا .....
ظلت على صمتها ..... و لم يبد على عجلةٍ من أمره وهو يتأمل أفكارها المتعاقبة على وجهها ..... الى أن قالت أخيرا بخفوت
( لقد أمرتني بالإبتعاد المرة السابقة ........ )
هز كتفيه دون اهتمام ..... ثم قال
( و لازلت آمل في ابتعادك ..... لكن خالي هو من طلبك بالإسم ...... )
ارتبكت قليلا و هي تنظر الي عينيه الجامدتين و فكه الصلب .... بدا و كأنه تمثالٍ ضخم قد من حجر ....
همست ملك بخفوت
( لكنها ليست ظيفتي سيد رائف ........... )
قال بجفاء
( اذن لماذا بدأت اللعبة طالما أن لا نية لديكِ في إنهائها ؟؟ ........)
ارتبكت أكثر و هي لا تصدق أنها تقف في موقف اتهام ... في موضوعٍ تافه كهذا
لكنها شعرت بتأنيب الضمير و هي تصف اللعب بينها و بين عاطف بموضوعٍ تافه ..... لقد كان بالفعل وقتا مميزا لها كما كان مميزا له .....
أطرقت ملك برأسها قليلا ....ثم همست
( لن أتمكن من الحضور ....... قبل ثلاث أيام ...... )
نظر الى رأسها المحنى و ضفيرتها المستريحة على الحاجز الرخامي أمامها .... ثم قال أخيرا بخفوت
( فليكن اذن ....... بعد ثلاث أيام ....... )
خرج بعدها دون اضافة كلمة أخرى و كأنه انتهى لتوه من واجب ثقيل ..... بينما وقفت ملك مكانها تشع بانقباض في صدرها بعد أن كانت مترقبة انقضاء الثلاث أيام ...
.................................................. .................................................. ...................
بعد ثلاث أيام ....
نظرت ملك الى شادي أمامها الذي كان يبدو كمن استرد روحه ..... لقد عقدا قرانهما للتو ....
في مكتب مأذون شرعي ...و كما وعدها فانه تزوجها ببطاقة بدل فاقد باسمه الحقيقي .... و صورة من شهادة ميلاده المستخرجة من الدار ....
رفع كريم وجهه اليها ليهمس بذهول
( مبارك يا مليكة .......... )
ضحكت بخجل و هي تطرق برأسها ثم همست
( بارك الله بك ........... )
كان ينظر اليها مذهولا ..... لا يصدق هذا الجمال الخيالي .....و هي ترتدي فستان وردي حريري
و شعرها مزين في ضفيرة متشابكة كالسنبلة على كتفها .... تزينها ورود وردية و صفراء ...
" لقد أصبحت مليكة ملكه ..... مليكته .... "
برقت عيناه بنشوة جامحة و العبارة تقتص من جسده الثائر ......
كل أيام الدار طافت بذهنه في تلك اللحظة .... كل ذكرياتهما معا ...... كل قبلات طفولتهما .... و جنونه الغير مفسر بها
و ها هي قد استوت أمامه أميرة ..... مليكة .....
لقد ملك الماضي و الحاضر و المستقبل ......شعر في تلك اللحظة بجنون عظمة كاد أن يودي بعقله
فمد يده اليها وهو يتنفس بعوبة ...... ابتسمت ملك بجمال لا يوصف و هي تمد يدها لتضعها في يده الممدودة ....
ثم خرجا معا ...... جلست ملك بجواره في احدى سياراته .... و نظرت اليه بقلق لتقول
( هل سنذهب اليهم الآن ؟؟ ......... )
لم يرد كريم على الفور .... بل ظل ينظر أمامه بوجه غامض الملامح .... فهمست بقلق
( شادي !!! ............ )
نظر الى عينيها .... ثم ابتسم بعمق , ليقول بخفوت
( سنذهب ....... لكن ليس قبل أن أقبلك )
احمر وجهها بشدة و قالت بتوتر بينما قلبها يخفق بعنف
( شادي لقد عقدنا اتفاقا!!! ............ )
ضحك كريم عاليا ...... ثم قال بعبث و عيناه تبرقان بجنون
( اتفقنا على أن نؤجل فعلية زواجنا ...... فهل هذا ما تظنينه يحدث بعد الزفاف ... مجرد قبلة قد تحملين منها ؟!!! )
هتفت ملك بغضب و قد احمر وجهها حتى اصبح بلون الطماطم
(شادي ....... اخرس و احترم نفسك )
نظر اليها بجموح يلتهمها بنظراته غازيا كل اسرار جسدها البريء ..... ثم قال بلهجةٍ أخافتها قليلا
( لم يعد هناك مجال للإحترام بيننا يا ملك ...... سنفذ اتفاقنا , لكنني سأقبلك كيفما أشاء و لا سأنفجر .... )
ارتبكت ملك و هي تطرق برأسها و تفرك أصابعها بتوتر
أن تمنعه من التقبيل بعد زواجهما ...... فهذا أمر مخالف للعقل و المنطق .....
لذا ظلت صامتة طويلا ...... فانطلق كريم بسيارته بجنون محدثا صريرا عاليا .....
ملامح وجهه ثائرة بالرغبة ....... و عضلات صدره و ذراعيه متشنجة في قيادة متهورة .... عائدا الى غرفتها
.................................................. .................................................. ...............
فتح كريم باب غرفتها ثم دعاها للدخول أولا ..... فسبقته للدخول بتوتر بعد أن تسللا جريا على السلالم وهما يضحكان بجنون و بصمت دون أن يلحظهما احد
و ما أن أغلق الباب خلفهما .....
حتى استدار اليها في ضوء المغيب القاتم و المنبعث من ستائرها البرتقالية ....
كانت خلابة بين الألوان الحمراء و البرتقالية و الوردية .... و شعاع المغيب يحيط بها فيجعلها داكنه .... غامضة .....
فهمس كريم بذهول
( أخيرا يا مليكة !!! ....... )
ابتلعت ملك ريقها بخوف مفاجىء و هي ترى جوعا غير مروض مرتسما بوضوح فوق ملامحه
همس كريم بقساوة ملتهبة
( تعالي الي مليكة ........ أرجوك )
اقتربت منه ملك بتعثر في حرير فستانها الوردي ...... حتى وقفت أمامه مطرقة برأسها و قلبها يكاد يتوقف من شدة جنونه
ثم همست بخجل قاتل
( قبلة واحدة يا شادي .,............. )
جذبها من خصرها اليه بيدين ترتجفان لملمس جسدها الغض تحت القماش الحريري
ثم اقترب منها ليلامس عنقها بأنفه مغمضا عينيه ....... فهمست ملك بخوف مجددا
( قبلة واحدة يا شادي .......... )
الا أنه فتح عينيه فجأة بشراسة ليهجم على شفتيها بجنون جعلها تشهق صارخة بين انفاسه الكاتمة لها
حاولت ملك التلوي بين ذراعيه .... لكن قوته كانت عنيفة بدرجة لم تتخيلها من قبل .....
أغمضت عينيها و سكنت ربما يقبلها ثم يتركها كما وعدها ...... لكن قبلاته ازدادت بجنون و يديه طافتا على جسدها كالمحموم ......
حينها تحول خوفها الى هلع و هي تهتف متجنبة فمه قدر الإمكان
( كفى ........ كفى يا شادي لا أريد ...... )
الا أنه كان كمن أفلتت كل أحصنته الجامحة .... فهمس بذهنٍ غير واعي وهو ينهل من فمها و عنقها و وجنتيها
( كفى!!! ...... لن اكتفي منك العمر كله يا مليكة )
كان رعب ملك قد وصل لأقصى حدوده وهي تصرخ دون جدوى أن يسمعها أحد خاصة و أن صراخها كان مكتوما بفمه الهمجي
فجأة انحنى كريم ليحملها بين ذراعيه .... فاتسعت عيناها رعبا و هي تصرخ
( ماذا تفعل ...... شادي ماذا تفعل ..... اتركني ...... رد علي لا تصمت هكذا ..... أنت ترعبني )
رماها دون كلام فوق سريرها و جثا فوقها بملامح مرعبة هائجة .... بينما كانت هي تتلوى صارخة
( ابتعد عني يا شادي ...... لا أريد ...... ابتعد عني ...... )
لكنها كانت كمن تصرخ بمجنون هائج .... رفع يديها فوق رأسها بقبضةٍ واحدة بينما هبط برأسه اليها لينهل من كل مكانٍ بجسدها بقوةٍ آلمتها ....
و سرعان ما سمعت صوت تمزق فستانها الحريري مختلطا بصوت صراخها ....
أم هو فقد تحول الى فاقد السمع لصراخها ..... أعمى عن كل شيء الا جسدها الغض و الذي كشفه كله بحيوانية مجنونة ..... فاقدا الإحساس بالعالم من حوله , الا الرغبة في امتلاكها ....
و استمرت حرب الرعب بينهما .... الى أن صرخت فجأة بشدة .... لتفقد الوعي بعدها بعقلٍ تمنى الموت قبل جسدها الممزق

بعينك وعد. 🌺 بقلم تميمة نبيل 🌺حيث تعيش القصص. اكتشف الآن