58 والاخيره

5.3K 109 24
                                    


الفصل الثامن و الخمسين و الختام :

( لا أصدق أن الأمر استغرق معك ثلاثة أيام يا سيف ...... )
أبعد نظره على الطريق كي يرمقها بطرف عينيه .. و هي تجلس بجواره في السيارة , تفرك أصابعها
بينما ضفيرتها الطويلة تتأرجح مع الهواء يمينا و يسارا بجنون يناسب تنفسها السريع ...
و كأنها تسحب هواء الطريق و تبعثر به البقية الباقية من سيطرتها على نفسها .....
ثم قال بخشونة
( لقد انجزنا الأمر بأعجوبة ..... احمدي الله أنها سياحة , الا لما كنت استطعت مساعدتك الا بعد أن يقضي رائف ستة أشهر عسل بمفرده ..... )
زفرت ملك بقوة و هي تنظر من نافذتها المفتوحة الى الطريق السريع و الذي بدا و كأنه يسبقها اليه .....
حتى الآن و بعد مرور ثلاث أيام ... لا تصدق أنه قد تركها و سافر بالفعل ... و أغلق هاتفه أيضا !! ....
ثلاث أيام من القسوة و الجفاء ... فأي حبٍ هذا ؟!! .... هذا إن كان قد أحبها يوما !! .....
شعرت برغبة عنيفةِ في البكاء ... الا أنها منعتها بكل قوةٍ , فلا وقت للبكاء الآن .... و هذا ليس مكانه ...
ربما الليلة ستبكي على صدر رائف أخيرا !!
هذا التخيل بحد ذاته جعلتها تبتسم رغما عنها ... ووجهها يتورد كالورود المتفتحة .....
قالت وعد و التي كانت تجلس في المقعد الخلفي مكتفة ذراعيها برفض
( لا أصدق حتى الآن أنكِ طاوعتها على هذا الجنون ؟!! ..... كيف تسافر بمفردها ؟!! ... و كيف أصلا تلحق رجلا تركها و سافر الى شهر العسل بمفرده ؟!! ..... كان عليها البقاء هنا و ليشرب من البحر .... و سيأتي في النهاية رغم عنه ...... )
مط سيف شفتيه وهو يقول مخاطبا ملك ... متجاهلا وعد تماما ...
( هذا الفاصل كان رأي أختك الكبرى ... العاقلة .... الرزينة .... الآن و كأنك لم تسمعي منه شيئا , أدخليه من أذنك اليسرى ثم اخرجيه من اليمنى و ألقي به من النافذة مباشرة قبل أن يلوث عقلك ..... )
ابتسمت ملك رغم عنها و هي تنظر اليه .. بينما قالت وعد بحنق
( لا تهزأ بي يا سيف .... كان المفترض أن يكون رأيك أنت أيضا !! .. لقد تركها و سافر بالله عليك !! .... )
نظر سيف على عينيها الغاضبتين بمرآة السيارة ... ثم قال ببرود
( أعرف زوجة قامت بذلك ..... سافرت ليلا كاللصوص دون اذن زوجها .... و مع ذلك فقد سامحها .... )
اتسعت عينا وعد قليلا و هي تواجهه في المرآة قائلة بقوة
( هل كلما دخلت بينكما في نقاش ... تذلني بكل ما فات ؟!! ...... تلك كانت حالة مختلفة تماما ... و أنت تعرف ذلك ..... )
تدخلت ملك لتقول
( اقسم بالله لو تشاجرتما الآن فسأنزل من السيارة و أستقل سيارة أجرة كي أتابع طريقي للمطار ... أنا أعصابي متوترة دون الحاجة لسماع شجاركما .....و المزيد من ذكرياتكما البائسة , فهي ليست فأل خير بالنسبة لي الآن ...... )
زفرت وعد بقوة ... و هي تنظر من نافذتها بحنق ... بينما التفت سيف الى ملك يقول بهدوء
( الآن اسمعيني جيدا .. ستجدين سيارة من الفندق تنتظرك ما أن تصلين , ستوصلك الى رائف مباشرة .... )
هتفت وعد بقوة من المقعد الخلفي
( و لن ينتظرها أيضا ؟!!!!! ......... ماذا ترك لإذلالها بعد ؟!!! .... )
زفر سيف بقوةٍ و هو يسأل ملك بنفاذ صبر
( لا اله الا الله .... لماذا أحضرناها معنا ؟!! ... و هي تجلس بيننا كالعمل السيء في الحياة !! .... )
همست ملك بخفوت
( هي أصرت على المجيء ..... و إن كنت أعلم أنها فعلت ذلك كي تتمكن من أن تثنيني عن السفر في اللحظة الأخيرة ...... )
قال سيف بجفاء
( لا تسمعي منها شيئا ...... كوني قوية و قادرة على الإعتذار ....... )
هتفت وعد بقسوة
( و لا تنسي أن تغسلي قدميه بالماء الساخن أيضا ما أن تصلي اليه عله يعفو عنكِ ...... الا يكفي أننا تقبلناه بسنه ؟!! ........ )
قال سيف وهو ينظر لأعلى
( يا الله يا ولي الصابرين ............ )
بينما التفتت ملك و هي تنظر الي وعد قائلة
( هل تحبين أن أتكلم على سيف بنفس الاسلوب ؟!! ..... ها ؟!! .... أتحبين ذلك ؟!! ....... و لدي الكثير من كلامك أنتِ نفسك ..... )
ثم استدارت تنظر الى سيف و هي تقول
( عفوا لا أقصد اهانة يا سيف ............... )
ارتفع حاجبي سيف وهو يقول
( و لما الإعتذار !! .... هذا ما يناله المرء حين يتزوج من أختك و يبتلى بأسرتها ....... )
قالت وعد من بين أسنانها
( سيف !! ....... )
الا أنه رد قائلا بقوة
( الا يمكنني الكلام مع ملك دقيقة واحدة دون أن تقحمي نفسك بحوار لا يخصك ؟!! ..... رجاءا !! )
زمت شفتيها بحنق ثم هتفت بحدة
( و هل أمسكت فمك ... أم سددت أذنها ؟!!! ..... تكلم ... خذا راحتيكما و اعتبراني غير موجودة معكما )
هتف سيف بصراحة
( الحمد لله ..............)
زفر بقوةٍ ثم لم يبلث أن قال لملك بخفوت
( لا أعلم تفاصيل ما حدث ..... لكن حين هاتفني رائف , علمت أنكِ قد أوجعته ..... ضربته في مقتل ....)
شعرت ملك بغصةٍ كادت أن تحرق حلقها .... فعضت على شفتيها كي لا تبكي , ثم همست بإختناق
( نعم .... أوجعته بشدة , حاسبته دون مبرر ... بينما هو لم يحاسبني من قبل و كان الأولى به أن يفعل ... طالبته أن يكون انسانا منزها بقسوة ... و نسيت أنني أبعد ما يكون عن هذا ...... لكنني فعلت ذلك لأنه آلمني دون أن يشعر ...... )
نظر سيف اليها للحظة .... ثم أعاد نظره للطريق قائلا بهدوء
( اذا جرحتهِ كلما آلمك سهوا ..... فمن الأفضل أن نعود الآن و نحن لا نزال في بداية الطريق , خيرا لكِ و له ......... )
مسحت ملك عينها بظاهر يدها بقوةٍ و هي تقول بكل اصرار
( بل سألحق بزوجي يا سيف ...... وعدته مرة أنني لن أتراجع .... و أنا أفي بوعدي دائما ..... )
نظر سيف الى وعد بمرآة السيارة مجددا نظرة شاردة .... كانت عيناها قد فقدتا بعضا من قسوتهما و هي تستمع الى صوت ملك القوي بحبها ..... و كأنما شعرت بنظراته فالتقت أعينهما ...
حوارا غريبا دار بينهما صمتا دون الحاجة للنطق
" أتذكرين مرة صرختِ بها ... أن لا وعود بيننا ؟؟ ..... "
ابتسمت وعد و هي تراقب عيناه في المرآة و كأنها تجيبه
" طبعا أذكر ......... "
لو تسمع همسه الصامت الآن وهو يقول لها وحدها
" كان هذا وعدا .... لكنني كنت أعمى القلب وقتها ...... "
أبعد عينيه عن عيني محبوبته بالقوة كي لا يتسبب بحادثٍ غير محمود العواقب ... ثم قال بصوتٍ مازح خشن
( ثلاث أيام يقضيها عريس حديث الزواج في شهر عسله وحيدا دون عروسه !!! ..... السؤال هنا أي نوع من الشقراوات سيلقي الشباك حولها بدعوى طلب المواساة ..... )
انتفضت ملك و هي تنظر اليه دون أن تشاركه روح المزحة ....
بينما قالت وعد بقسوةٍ متولية الرد و هي تشدد على حروفها عمدا ... ناظرة الى عينيه
( ليس كل الرجال معدومي الوفاء ... يركضون خلف المواساة المتوفرة عند أول زاوية الطريق تحت عمود الإنارة ...... )
رفع سيف عينيه الى عينيها في المرآة مجددا .... بنظرة جعلتها تصمت و ألا تتطرق لهذه المسألة مجددا ....
أطرقت بوجهها بعيدا عن نظراته التي أخبرتها بوضوح عما ينتويه .... ثم التفت الى ملك يقول
( ما بالك يا صغيرة ؟!! ....... كنت أمزح معك , أتظنين بأنني قد أرحمه لو نظر لغيرك ؟!! .... )
نظرت اليه ملك بصمت و همست بداخلها دون ان تنطق
" أتستطيع انتزاعها من قلبه يا سيف ؟!! ......لا تهمني أين ذهبت عيناه .. لا يهمني سوى قلبه , أريد ان أكون الوحيدة به ..... "

بعينك وعد. 🌺 بقلم تميمة نبيل 🌺حيث تعيش القصص. اكتشف الآن