الفصل الثاني و الخمسين :
مددها على الأريكة البيضاء الأنيقة وهو يهمس بقلق مبعدا شعرها عن وجهها
( وعد ..... وعدي حبيبتي ردي علي ...... )
تأوهت ببطىء ... بينما اقتحمت كوثر المكان و هي تقول بهلع
( ها هو العطر يا سيد سيف ....... )
تناوله سيف منها و أفرغ بعضا منه على يده قبل أن يربت بها على وجنتيها قائلا بقلق حقيقي جعل صوته يهتز
( وعد ...... وعدي ,إن لم تردي أقسم أن أحملك للمشفى حالا .... )
حينها اقتربت كوثر و هي تقول بقلق
( ابتعد قليلا سيد سيف لأكبر في أذنها .... )
ابتعد سيف بالفعل وهو ينهض واقفا ناظرا اليهما بقلق ... بينما انحنت كوثر لتهمس في اذنها
( لملمي الدور و أفيقي بدلا من ان يفتضح أمرك ... تنفسك يتسارع .... و لولا رعبه عليكِ للاحظ ... )
تأوهت وعد بصوتٍ مسموع وهي تهمس
( سيف !!! .........)
اقترب مسرعا ليجثو على ركبتيه فابتعدت كوثر مبتسمة بينما قال سيف بقلق وهو يبعد خصلات شعرها عن وجهها
( أنا حبيبتي ......... ماذا بكِ , نبضك طبيعي لكن وجهك شاحب تماما ,,, )
شكرت الحظ الذي جعلها تفقد الشهية ليومين متتاليين ... حتى بدت شاحبة فاقدة التورد ...
همست كي تلم الدور فعلا
( انا بخير الآن ....... مجرد إغماءة بسيطة .... )
مدت يدها تبحث عن كفه فالتقطها بسرعة وهو يغطيها بيده الأخرى ...قائلا بخشونة
( هل هي متكررة ؟!! .... هل حدثت من قبل و أنتِ وحدك ؟!! .... )
فتحت عينيها الرماديتين اليه أخيرا و هي تتأمل بهاء منظره ... ووجهه الغير حليق و القريب من وجهها بقلق و بعينين تنطقان بالكثير ....
همست أخيرا بخفوت
( لا ......نعم ..... أقصد مرة أو مرتين ...... )
قال بعنف مكبوت
( متى حدث هذا ؟!! ..... و لماذا لم تخبريني لنستشير الطبيب ؟!! ... )
همست قائلة بخفوت
( لم يكن هناك داع لكل ذلك .... أنت تعرف انني مصابة بفقر الدم و هذا عارض معتاد .... على الأقل لم أصب رأسي حين سقطت في الحمام و أنا استحم وحدي .... )
فغر سيف شفتيه و شحب وجهه .. بينما شتم هامسا وهو يكاد يعتصر كفها بين يديه لدرجة أن تألمت بقوة ..
لكنها كانت في غاية السعادة في تلك اللحظة ... و كم تمنت لو ان تطول لآخر العمر ....
قال سيف بخشونة و جفاء
( لا يمكنك البقاء وحدك أبدا ..... لن أسمح بذلك ... )
همست وعد بمسكنة و حزن
( ملك معي ....... لا تخف يا سيف .... )
هتف غاضبا وهو يضرب الأريكة بقبضته حتى انتفضت كالريشة ثم عادت لتستلقي عليها مرتجفة
( ملك ستتزوج يوما ما ليس ببعيد أيتها الغبية ....... و أنت لا يمكنك البقاء وحدك , أنت تحتاجين الى من يرعاكِ ..... )
رمشت بعينيها الحزينتين وهي تهمس برقة
( لهذا السبب كنت أخبرك عن احتمال زواجي مجددا ..... ليست رغبة في رجلٍ آخر من بعدك ... و انما احتاج الى من يمسك بيدي لو شعرت بالدوار و الوحدة ..... أنا أخاف الموت وحيدة يا سيف ... )
انتزعت يدها من كفيه ... لتستدير على جانبها ... تدس وجهها في زاوية الأريكة الوثيرة التي كادت أن تبتلعها ... الا أن سيف لم يكن ليتركها ... بل انتزعها انتزاعا حتى أجلسها ليهتف أمام وجهها بخشونة ولوعة
( لا تنطقي بتلك الكلمة مجددا ..... أنت تقتليني ...أنت لن تموتي وحيدة .... و أنت بالتأكيد لن تتزوجي أي رجلٍ آخر من بعدي ... )
رفعت يدها و كأنها تريد أن تلامس فكه ... الا أنها أنزلتها سريعا و هي تهمس
( أنا لآسفة ... لقد كنت حمل ثقيل عليك لفترة طويلة ... )
عاد ليشتم هامسا وهو يهزها قليلا ... ثم قال بصرامة هامسة أمام وجهها القريب من وجهه
( وعد ستنتقلين لبيتنا ..... و هذا أمر ..... )
الا أنه عا ليناقض صرامته الفظة وهو يهمس
( هذا رجاء يا وعد ..... تعالي الى بيتنا ....... سأرعاكِ و أهتم بكِ .... و سنكون عائلتك بحق .... )
همست وعد و قلبها يخفق بشدة لدرجة انها رفعت يدها الى صدرها كي تهدىء من جنونه
( أنت تعلم استحالة هذا .... خاصة و أنك مقبل على الزواج ..... )
ابتلع ريقه و برقت عيناه برفض و نفور .... قبل أن يقول بلهجة خطيرة
( اتركي امر زواجي جانبا ....... كيف امكنك أن تخيطي فستان الزفاف بنفسك ؟؟؟ .... كيف تجرأتِ على ايلام نفسك بهذا الشكل ؟!! .... )
همست وعد تقول
( اذن أنت تعترف بأنني أتألم ........ )
قال سيف بجنون وهو يهزها
( و انت تعرفين بأنني أتألم منذ اللحظة التي تركتك بها ..... لكن لم اتخيل أن يصل بكِ حب تعذيب الذات الى هذه الدرجة ؟!! ..... )
قالت وعد بخفوت
( لم أستطع رفض طلب عروسك ...... لقد فعلت من أجلي الكثير يا سيف .... و أردت أن قدم لك القليل .. )
ضحك سيف قائلا بسخرية مريرة
( بتنفيذ فستان عروسي ؟!!!! ...... امرأة أخرى تحتل مكانك !! ... كم أنتِ متفانية لدركة كدت الا اتعرف عليك ....... )
رمشت بعينيها و هي تهمس
( أرجوك الا تفسد اعدادات الزواج بسببي ....... هي من المؤكد لم تقصد ايلامي ..... )
زفر سيف بقوة وهو يقول بلهجة مختصرة مخيفة
( ما سيدور بيني و بين ميرال لا دخل لكِ به ........ )
زفر بقوة و بينما كانت روحها تزغرد كأم عروسٍ في فرح شعبي ...
ثم قال أخيرا بصرامة وهو يتحسس كتفيها النحيلتين بأصابعه قائلا
( اهتمي أنت بصحتك ..... لا تشغلي نفسك بشيء آخر .... اتفقنا ؟؟ .... )
اومأت برأسها بصمت .... و هي تنظر الى عينيه مباشرة ... تقتحم اسوارهما المنيعة بعينيها الرماديتين .... فلم يملك سوى أن يهمس رغم عنه
( ابعدي عينيكِ يا جارة القمر ........... )
أسبلت جفنيها بالفعل و هي تهمس بقلبٍ خافق سعيد مذعور
( آسفة ......... )
ابتسم رغم عنه وهو يقول بخفوت
( تأسفين دون جدال ؟!!! ... و كأنكِ قد سلمت بسحرهما علي أخيرا !!! .... )
همست دون أن تمتلك الجرأة على رفع عينيها اليه مجددا
( سلمت يا سيف ......... )
زفر نفسا لاهبا وهو ينظر اليها ... محرقا بشرتها الشفافة بهدير زفرته ... ثم قال أخيرا بهدوء
( أنا ........ يجب أن أغادر الآن , بقائي هنا ليس .... سليما ... )
ثم نهض من فوره و تركها نصف مستلقية تنظر اليه بقلب يصرخ باسمه مناديا أن يعود ....
لكنه لم يغادر كما قال ... بل وقف يويلها ظهره و يداه في خصره ... يحاول تنظيم أنفاسه الهادرة ...
بينما هي تتأمله و كأنما ترسمه بعينيها .. و قلبها يهمس
" أنتِ تعشقين هذا الرجل ...... و لن يكون لسواكِ "
قال سيف بخفوت صلب أخيرا
( آسف لإقتحامي المكان بهذا الشكل ..... موضوع الحقير و خطبته لورد كان يجعلني كالمجنون .. )
همست وعد بخفوت
( ماذا ستفعل ؟!!! ....... )
زفر بقوة وهو يقول بعنف
( المشكلة ان أمي دخلت في الأمر بكل قوتها ... و هي تصر على اتمام تلك الخطبة .... )
قالت وعد بخفوت
( بعيدا عن حكمك عليه .... إنه شخص ممتاز ...... و رجل مميز بحق ... )
انتفض يستدير اليها كأسدٍ كاسر .... و عيناه تطقانِ بالشرر .... فتداركت نفسها و هي تقول
( كخطيب لورد ... أنا أثق به ... كما أنه سيبتعد ما أن يجد العروس المناسبة و يعود لحياته في الخارج .... )
لم يتظاهر بالغباء ... بل هدر قائلا
( أنا لن ألقي بأختي لأي كان لمجرد أن أبعده عنكِ .... أنا أكثر من قادر على طرده من حياتك نهائيا دون التضحية بأختي ......)
ابتسمت رغم عنها و هي تراه يعترف بحبه في كل كلمة ينطق بها ....
بينما زفر هو بنفاذ صبر ... قبل أن يقول
( أنا أتعبك أكثر ..... و أرفع من ضغطك .... )
قالت وعد برقة
( جيد .... فلقد كان منخفضا ..... )
قال من بين أسنانه
( كفى تخلفا يا وعد ..... لست في مزاج يسمح الآن .... )
قالت بوداعة و رقة
( حاضر ..... آسفة .... )
عقد حاجبيه وهو ينظر اليها مرتابا ثم قال بشك
( أنت مختلفة جدا في الآونة الأخيرة !!! ..... )
رفعت حاجبيها و هي تقول ببراءة
( أنا .!!! ..... لماذا ؟!!! ...... )
ظل ينظر اليها طويلا محاولا تفسير تغيرها ... فقال بخفوت
( أصبحت أكثر رقة ووداعة ..... )
زمت شفتيها و هي تشعر بطاقتها الداخلية تود لو أن تشتمه بكل قوتها ... الا أنها تمسكت بأنوثتها و هي تقول
( أنا فقط أريدك سعيدا ........ )
ازداد انعقاد حاجبيه بشدة وهو ينظر اليها مرتابا ... ثم تنهد أخيرا وهو يقول بخفوت
( بمناسبة كوني سعيدا و أنها أصبحت حالة نادرة هذه الأيام ..... )
رفع عينيه اليها و ابتسم قائلا
( مهرة تنتظر طفلا .............. )
فغرت وعد شفتيها و هي تهتف
( بهذه السرعة !!! ...... بسم الله ماشاء الله !!! ... ياللهي !!! ..... )
كانت تضحك بانبهار ... مما جعل الإبتسامة تبهت و تموت من على شفتي سيف ... وهو يتذكر محادثات حملها القديمة فيما بينهما ... و كم كانت كئيبة و خالية من الود و السعادة ...
كتلك السعادة المتألقة على وجهها الآن .... شعر بقبضة باردة تعتصر صدره بقوة .... بينما قفزت من مكانها بلهفة فقال سريعا
( على مهلك .... قد تصابين بالدوار ... )
الا أنها تقدمت اليه وهي تهتف
( كم هو خبر سعيد !! ....... أنا أتوق لحمله من الآن .... ليس في وسعي الإنتظار , أتصدق بأنني لم أعايش أي طفل رضيع من قبل !! ...)
مد يده فجأة ليقبض على جانب وجهها بحنان ... بينما ينظر اليها صامتا .... بعيدا عنها مئات الاميال ,,,,
بينما همست وعد بقلق
( ماذا بك يا سيف ؟!!! ...... لماذا فقدت عينيك الفرحة ؟!! .... )
قال سيف بخفوت قاسٍ
( أنا يجب أن أغادر الآن ............ )
ثم ابتعد عنها سريعا متجها الى الباب ... بينما هتفت هي بقوة من خلفه
( سيف !!! ......... )
توقف بمكانه للحظة ... لكنه عاد و اندفع خارجا دون أن يضعف نفسه بمجرد الرد !! ... بينما بقت وعد واقفة مكانها تنظر الى الباب الذي خرج منه للتو ... فهمست بألم
( حتى تلك اللحظة القصيرة حرمتني منها يا سيف ؟!!! ........ )
.................................................. .................................................. ...............
جلس مكانه في المقهى الأنيق .. واضعا يده على فكه الصلب منتظرا ... بينما أصابعه تربت على سطح الطاولة ببطىء رتيب ينتظر قدومها ... ... و الغضب بداخله يتفاقم ... و يتزايد ...
الى أن أبصرها تدخل المكان بخيلاء واضحة .... رافعة ذقنها و هي تنفض شعرها الأشقر بينما بدت عيناها كقطعتي جليد شديدتي البرود ....
وصلت الى طاولته أخيرا و جلست دون حتى أن يكلف نفسه عناء النهوض من مكانه ... بينما ظلت هي جالسة أمامه تتحداه بعينيها ... قبل أن تفرد كفيها قائلة بهدوء
( حسنا ..... أسمعني المزيد من الإهانة يا سيف ..... )
لكن سيف قال بجفاء
( سؤال واحد فقط ...... ما كان هدفك من تلك الخطوة ؟!! .... )
قالت ميرال ببرود
( الا ترى أنك تعطي الأمر أكبر من حجمه ؟!! ........ )
قال سيف بصوت جمد الدم بعروقها
( أريد ردا واضحا ....... )
ظلت تنظر اليه لعدة لحظات قبل أن تقول أخيرا
( أردت أن أبدأ معها ببادرة صلح كي نصبح عائلة واحدة ...... )
قال سيف وهو يواجه عينيها
( ألم تصلح بادرة الصلح الا بان تخيط لكِ فستان زفافك بي ؟!! ......ألم تكفي باقة ورد و فنجان قهوة مثلا ؟!! .. )
رفعت ميرال ذقنها و هي تقول
( آآآه ..... اذن فقد سارعت تشكو اليك و تدعي الألم ؟!!! ...... كان يجب أن أعلم ...)
قال سيف بقوة
( أنت من ذهبتِ اليها ... لا العكس ..... لم تحتك هي بكِ مطلقا كي تتصرفي ذلك التصرف الغريب ... )
قالت ميرال بغضب و قد بدأ صبرها ينفذ
( ما المشكلة ؟!! .... ذلك هو عملها ... سواء خاطت الفستان لي أو لغيري ..... )
مال سيف الى الأمام مندفعا وهو يهتف بغضب
( أردتِ ايلامها بدرجة أكثر قسوة مما ظننتك .... دون أن تحسبي حسابا لصحتها أو مرضها !! .... )
هتفت بملل و نفاذ صبر
( آآآه توقف عن تلك الاسطوانة يا سيف ...... أنت تجعل من نفسك مثيرا للشفقة و تجعل منها نفس الشيء ... )
تسمر مكانه وهو ينظر اليها مليا .... قبل أن تقول متابعة بقسوةٍ جليدية
( عامة لقد أدركت خطأي ..... و أنا اوافقك الرأي بأن الإختلاط بها كان أكبر تهور .... وعد تشكل عائقا بزواجنا .... لذا اختار بيني و بين وجودها في حياتنا ..... الآن ...)
ظل ينظر اليها طويلا .... بملامح رخامية باردة .... و دون كلمة واحدة كان قد نزع خاتم الخطبة من اصبعه ووضعه أمامها على الطاولة قبل أن يقول بجفاء خافت
( إن كانت دائي ... فاقتلاعها سيكون بموتي و أنا اريد الحياة ..... )
ثم ابتعد عنها امام عينيها المصدومتين المحدقتين بخاتم الخطبة و هي تدرك بأنها فقزت لنهاية الطريق قبل أن تعبره ... و لأول مرة في حياتها جانبها التوفيق و تخلت عنها الإرادة و قوة التخطيط .... ......
أنت تقرأ
بعينك وعد. 🌺 بقلم تميمة نبيل 🌺
Randomوأقف أمامك بأعين متضرعة الأرنو اليك بنظرة تلتقطها عيناك من فورها توقف فقط توقف وخذ عينيك بعيدا نظراتك تقتلني وأيامي تضنيني والأمل بعيد بعينيك بحر متلاطم الأسرار ...