الفصل الرابع و الأربعين :
لا يهمه اي شيء الآن سوى انه ممس بها الآن بين قبضته القوية .... تركض خلفه لتلاحق خطواته ...
و كأنه يريد التحليق و الإبتعاد بها الى العالم الآخر ... الذي ترتسم خطوطه كل يومٍ أكثر أمام عينيه ....
شعر بيدها الصغيرة تجذب يده قليلا و تشده ليقف ... بضعف شديد , الا أنه توقف على الفور و بقلبه خيبة من أن تطلب العودة لأختها بعد ان فكرت في الأمر ....
استدار ينظر اليها .... و كم كانت صورة عشوائية من الجمال و المأساة
بفستان الزفاف الأبيض ... و الخمار المتطاير .... بينما شعرها مشعث برقةٍ من تحته ... ووجهها مغطى بأصباغ الزينة و كأنها أبت أن تلوث برائتها فانسابت على وجنتيها ....
قال بخفوت
( ماذا تريدين يا ملك ؟!! ....... أتريدين العودة ؟! ..... )
شعر بالراحة حين رآها تهز رأسها نفيا ببطىء .... لكن بإصرار ... و كأنها سلمته أمرها بالفعل ...
لكنها قالت بصوتٍ خافت هامس يتذبذب
( انه هنا ....... أشعر به يلحقني ....... أنا خائفة ....... )
ظل ينظر اليها و عيناه على عينيها بنظرةٍ قويةٍ غريبة .... بينما صفير الليل يطوف من حولهما بعد أن ابتعدا عن الصخب قليلا ...
لكنه حين تكلم قال بصوتٍ ثابت
( لا تخافي ........ اتفقنا ؟!! ..... لا .. تخافي ....... )
رفعت يدها الحرة الي صدرها و هي تنظر جانبه قليلا ... ثم همست
( بل أنا خائفة جدا ...... أنت لا تعرف ما يمكنه فعله ..... لقد وثقت به مرتين ... و في المرتين نهايتهما كانت ......... )
ارتجفت بشدةٍ دون ان تكمل و انتهى ارتجافها بانتفاضة عنيفة ....و هي تشرد بعيدا ... حينها جذب رائف يدها اليه قليلا .. فساقها اليه خطوة وهو يقول
( أعرف مرة منهما ... حين ...... أجهض الطفل ...... اما الثانية , فهل تقصدين عقد الزواج ؟! ..... )
كانت حدقتاها تدوران و كأنها تنتظران ظهوره في الليل كمصاص الدماء .......
لكنها هزت رأسها قليلا قبل أن ترفع عينين متوسلتين الى رائف لتقول بإختناق ما أخفته طويلا
( كان من المفترض أن يكون عقد قران فقط ............ )
عقد حاجبيه قليلا ...... وهو يسأل بصوتٍ مهتز قليلا
( لا أفهم ...... ماذا تعنين ؟!! ......... )
اقتربت منه أكثر وصوتها يخفت أكثر و كأنها تهمس سرا بعينيها الواسعتين المترجيتين
( كان المفترض أن ....... أن ننتظر الى أن يوافق والده .... لكنه ......... لكنه .... لقد كانت مرة واحدة .... لا أستطيع أن أنسى تفاصيلها حتى الآن ...... )
فغر شفتيه قليلا ...... وحاجبيه ينعقدان أكثر و اكثر بينما عيناه تتوحشان الى أن قال بصدمة لا تنتهي مما حدث لها و لا زال يحدث
( هل ........ لا ....... لا ...... لا تخبريني أنه ........ )
ترك يدها فجأة ليقبض على وجنتيها بكلتا يديه يرفع وجهها اليه لتقابل عيناه الماردتين وهو يسأل مباشرة بصوتٍ يرتجف
( هل اغتصبك ؟!! .......... )
لم ترد ..... حدقتاها المهتزتان و شفتيها المرتجفتين أخبراه بالجواب .... لكنها همست بعدها بفتور غريب
( أريد أن اقتله ....... الرغبة في قتله تتزايد بداخلي يوما بعد يوم ..ماذا أفعل يا رائف ؟!! .. )
كان اسمه الذي خرج من بين شفتيها المرتجفتين بنغمةٍ ترج صدره رجا ... هو الشيء الوحيد الذي جعله يستفيق من هول الصدمة الجديدة و هو يترك وجهها لتسقط ذراعاه الى جانبه وهو يرفع وجهه عاليا الى الفضاء الأسود من حوله ... مغمضا عينيه بينما ملامح وجهه بدت مخيفة و هو يهتف بصوتٍ خافت محاولا التقاط نفسا باردا يهدىء من النار المشتعلة بداخله ...
( ياللهي !!! ............... )
كان يقف مغمض العينين ..... يتنفس بصوتٍ أجش , بينما جسده الرجولي يرتجف من هول الغضب و المحاولة الواهية للسيطرة على انفعاله حاليا ....
بينما قبضتاه كانتا منقبضتين بشدة ... حتى ابيضت مفاصل اصابعه ....
كان يبدو كمنظر رجلٍ ينوى ارتكاب جريمة .....
و كانت ملك تراقبه بعينين منحنيتين .... و بداخل قلبها الميت ... نقطة وحيدة حية تنبض ... لا لشيء سوى لتشعر بالشفقة عليه !!!!!
اليس هذا غريبا ؟!! ..... بل ضربا من الجنون ؟!!!
جزء كبير من خوفها تحول الى شفقة على هذا الرجل الغريب !! .... بدلا من ان تهتم بحالها المأسوي ... الا انها تقف هنا لتعطف عليه هو من شيء ...... لا تستطيع تحديده تماما .....
فهمست باختناق
( أنا .......آسفة ............ )
فتح عيناه و ارتجفت من هولِ النظرة بهما ..... فقال بصرامةٍ مخيفة
( لماذا تعتذرين ؟!! ............. )
فغرت شفتيها المرتجفتين .... و شعرت بنسيم الليل يطوف حولها فيطير خمارها .. و يتخخل جسدها مرسلا خيط من الصقيع بداخلها .....
فلفت ذراعيها حول جسدها النحيف ...... و همست بخوف
( لا ........ لا أعرف ....... )
استدار اليها بكليته .... ينظر لها باندفاع ليقول بعدها بصوتٍ رجولي مخيف على الرغم من ارتجافه ...
( ربما لأنك أخبرتني للتو بأنك تعرضت لإغتصاب ...... و ها أنا أقف عاجزا لا أدري ما أفعل ؟ !!! ...)
تشوشت الرؤية امام عينيها المبللتين بالدموع ....و هي عاجزة عن النطق .... الالم بداخلها كان كالذبح دون الموت .....همست أخيرا بصوت مختنق
( لا استطيع ادعاء أنني كنت ضحية كأي فتاة مغتصبة ........ لقد قبلت بزواجه و استحققت كل ما حدث لي لذا ليس لي حق الشكوى ........ لكن الرغبة في قتله بداخلي تتزايد ...و تخنقني .. )
صمتت قليلا و هي تبتلع غصة في حلقها ... بينما التوى فكه بصعوبةٍ و جنون
ثم همست مجددا
( أبقى وحدي طويلا ...... لأتفنن و أتخيل طرقا مختلفة في قتله و تعذيبه قبلها ....... )
يستطيع فهمها جيدا ..... ان كان هو حاليا بدا يرسم في خياله صورة دمه المدنس على يداه ....
فساد صمت قاتم بينهما ..... و كل منهما يعيش جنونه المؤلم ....
سمعا صوت نفير سيارةٍ فجأة .شق صمت الليل .. فشهقت ملك و هي تقفز لترتمي على صدره و دون وعي منه رفع يديه الى ظهرها ....
كانت السيارة قد مرت مسرعة ..... الا انه اغمض عينيه و يداه تشعران بنبض قلبها الذي يرف متخللا جسدها و صولا الى ظهرها تحت كفيه ......
انخفضت ببطىء مبتعدة عنه ..... و هي ترفع وجهها اليه .. بينما ترك يداه تسقطان عنها لينظر اليها بنظرةٍ صرعتها ..... و استمر الصمت بينهما طويلا قبل أن تهمس بخفوت
( إنه هنا .......... أستطيع الشعور بوجوده ..... )
رفعت يدها الى الصدرها اللاهث و هي تهمس
( إنه هنا ............. )
ساد صمت قصير بينهما ... بينما نظر رائف نظرة حولهما ... قبل أن ينظر الى عينيها و يقول بغموض
( أنتِ تتوهمين ....... إنه ليس هنا ....... لا تخافي ... )
كلمة تتوهمين ضربتها في مقتل .... فهزت رأسها نفيا و عيناها تغرورقان بالدموع ....و همست باختناق
( لست أتوهم ............. أنه خطير ... صدقني ... )
ظل صامتا قليلا .... وهو ينظر اليها نظرة غريبة .... فهمست بذعر
( أنت لا تصدقني يا رائف ؟!! ..... ما أخبرتك به للتو .... هل تظنها مجرد قصة أتوهمها كذلك ؟!! )
لم يرد عليها مما زاد من ألمها .... فضمت شفتيها بألم لتهمس بعدها بإختناق
( ربما كنت أتوهم ذلك أيضا ....... لم أعد واثقة من شيء .... )
أطرقت برأسها بألم .... حينها دس رائف يده في جيب بنطاله , و أخرج سلسلة مفاتيحه ... و قال بصوتٍ صلب لا يحمل اي مشاعر
( خذي ....... أنتِ تعرفين أين أوقفت السيارة ..... اذهبي اليها و اجلسي بها , سأذهب لاحضر شيئا ثم أعود اليك ...... )
رفعت وجهها المذعور اليه و هي تهتف دون أن تاخذ منه المفتاح
( لا تتركني بمفردي في الظلام أرجوك ...... سأتي معك ... )
قال رائف بصلابةٍ أشد .... و صوتٍ لا يقبل الجدل
( ربما لو رآك زوج أختك مجددا لافتعل فضيحة و أصر على أخذك بالقوة ..... انتظريني في السيارة )
قالت ملك بارتجاف
( لن يستطيع , لا يملك الجق لذلك ...... أرجوك لا تتركني .... لم أعد أملك القوة على مقاومته ... )
اقترب منها رائف ليمسك بكتفيها حتى رفعت و جهها اليه ... فقال بصوتٍ صلب
( هل تثقين بي ؟؟.............. )
أومأت برأسها تلقائيا دون أن ترد ..... فقال ناظرا الى عينيها
( اذن اذهبي الى السيارة و لا تخافي ....... أنا هنا ...... )
لم ترد و هي تنظر اليه مستجدية .... لكنه أمسك بكفها و فتحه ... ليضع به سلسلة المفاتيح و اطبق أصابعها عليها جيدا وهو يقول آمرا
( هيا اذهبي .......... )
ظلت تنظر اليه بصمت .... الا أنه أغلق قلبه بقوةٍ دون ان يستسلم لرجاء عينيها الطفلتين ....
سارت ملك تتجاوزه و هي ترفع حافتي الفستان بيديها ... تسير متعثرة و هي ترفع رأسها كل خطوةٍ لتنظر هنا و هناك خوفا .....
بينما وقف رائف مكانه ينظر اليها و كأنه ينظر الى طفلته تسير وحدها بين غابةٍ موحشة ..... و ذئابٍ ضالة ...
وصلت ملك الى السيارة .... و هي ترتجف بشدة , تكاد تقسم انه خلفها .... مدت يدها تلامس زجاج النافذة و هي ترتجف قليلا و يدها على سلسلة المفاتيح .. تبحث عن زر الفتح بأصابع مرتجفة ...
لكن همسة بصوتٍ أجش من خلفها جعلتها تتسمر مكانها بذعر
( مليكة ........ )
لهثت نفسا مرتجفا .... و أغمضت عينيها محاولة التماسك و الثبات ....
" حسنا اهدئي ...... انه شادي .... مهما كان ما ارتكبه , فهذا هو اقصى ما يستطيعه ... لا يملك شيئا اكبر ليؤذيك به ..... اهدئي و تماسكي ..... "
لم تكن قد رأته منذ هجومه الأخير عليها .... تقييده لها ... و اجهاض جنينها بالقوة , ثم محاولة اعتدائه عليها ....
لقد تحملت منه كثيرا من قبل .... و كانت تعرف أن به مس من الجنون .... و كانت من الغباء بحيث ارتضت بأن تقبله بكل اختلاله ...
لكن منذ آخر حادثة بينهما .... و هي تتلوى بين ذراعيه مستجدية بينما يقتل جنينهما بدمٍ بارد ...
جعلها هذا ترتعب منه و تدرك أنه مجرم ... و قد يفعل أي شيء في سبيل نيل رغباته ...
لقد أفزعها اجهاضه لها أكثر من اغتصابه ....
كانت من الممكن أن تمنحه اي تبرير لفقدانه السيطرة بناء على رغبته بها ....
لكن اهنتهاكها عن طريق الإجهاض ... كان شيئا آخر ... جعله في نظرها سفاحا ... ترتعب ما أن تسمع صوته ... تشعر بالغثيان ما أن ترى عينيه ...
تكلم مجددا من خلفها حين وجدها متسمرة مكانها مستندة الى باب السيارة ... غير قادرة على الإستدارة اليه
فقال بصوتٍ خافت أثار الرجفة في أوصالها
( الا ترغبين حتي في النظر اليّ ؟!! ....... إنه أنا .... حبيبك و زوجك ....... )
شعرت بغثيان شديد .. و رعب متزايد .... بينما همست في داخلها دون أن تفتح عينيها
" أين أنت يا رائف ؟!! .....أرجوك تعال .... أرجوك ..... "
تكلم كريم مجددا بخفوت ملح .... متوسل
( انظري الي فقط .... و ستغفري كل خطايايا .... انظري الى عيني و ستعرفين الجواب بنفسك , ... أقسم أنني ما فعلت ما فعلته الا خوفا من أن افقدك مجددا ..... أنا لست ملكا لنفسي ..... )
ابتلعت مرارة الكره التي ما عرفتها الا على يديه ... مقترنة بحبه الذي كان ....
قال مجددا وهي تسمع صوت خطواته وهو يقترب منها على الأسفلت القاسي ...
( وجودك في حياتي كان أهم من ألف طفل ..... و كان الإختيار بينه و بينك ..... )
هزت رأسها نفيا بصورة غير ملحوظة ... على الرغم من ارتجافها , و كأنها تقول
" لا ..... كان الإختيار بينه و بين هويتك ..... التي بعت نفسك من أجلها "
رفعت وجهها قليلا و هي تستنشق المزيد من هواء الليل البارد كي تقاوم الغثيان و الدوار ...
لكنها تشنجت أكثر و هي تشعر به خلفها تماما .. ثم توقف ... حينها نبض قلبها بعنف ... و توترت عضالاتها استعدادا للدفاع عن نفسها ما أن يحاول لمسها ...
الا أنه لم يحاول حتى هذه اللحظة و قال بخفوت و صوت يرتجف من فرض انفعاله برؤيتها بعد ايامٍ طويلة
( حين رأيتك بفستان الزفاف .... شعرت بصدري يتضخم و صورتك تملأ عيني بوهجٍ ساطع .... تخيلتك و أنت تمشين نحوي ....و أنا أنتظرك .... بعد كل تلك السنوات .... أخيرا )
نشجت بنفسٍ رافض ... دائخ .... و غضبٍ مكبوت ,
بينما تابع بخفوتٍ لاهث
( ارجعي لي مليكتي .... ارجعي لي و أقسم أن أقضي المتبقي من عمري في اسعادك و جعلك تنسين كل ما فات ..... )
سحبت ملك نفسا مرتجفا آخر و هي تهمس لنفسها بذات السؤال
" أين أنت يا رائف ؟!! .......... "
و فجأة شعرت بأصابعه فوق كتفيها وهو يهمس بشفتيه اللتين انخفضتا لتلامسان الفاصل بين عنقها و كتفها
( أنت الجمال نفسه ..... التفتي الي , لقد اشتقت اليك ِ بدرجةٍ جعلتني مجنونا ...... مجنونا يا مليكة .... )
حينها اندفع الادرنالين في عروقها فانتفضت صارخة بجنون و هي تستدير اليه كموجةٍ حريرية عنيفة
( ابتعد عني ...... اياك و أن تلمسني مجددا ..... أنت تقرفني ... )
اشتعلت عيناه بنظرته التي تعرفها و تخافها .... الا أنه أطبق بكفيه على خصرها بمخالبٍ شرسة وهو يتقدم بها الى أن ارتطمت بباب السيارة وهو يقول بنبرةٍ مهووسة
( تكونين مخبولة تماما ... لو تخيلتي للحظةٍ أنني قد أتركك ...... أنتِ ملكي منذ سنواتٍ طويلة و أنتِ ملكي )
أبعدت وجهها بقوةٍ أقصى اليمين و هي تتخبط محاولا التحرر من شفتيه اللتين كانتا تجولان على عنقها بلزوجةٍ قبل أن يرفع رأسه ليقول
( تعالي معي ...... هيا .... )
أمسك بذراعها و هو يكبل الأخرى محاولا اقتيادها الى سيارته ... الا أنها كانت تتلوى و تقاوم بساقيها صارخة
( أبتعد عني ...... سأصرخ ...... )
الا أنه كان خلفها يدفعها الى الأمام وهو يهمس بنعومةٍ
( لن يسمعك أحد هنا ...... لم يكن يجدر بحارسك أن يوقف سيارته في مكانٍ بعيدٍ كهذا .... )
اخذت ترفسه بقدمها في ساقه دون جدوى ... بينما كانت شفتيه تلامسان صدغها وهو يهمس دافعا ايها
( اهدئي يا ملك ..... لم أعتدك فرسا غير مروضة .... )
لكن فجأة شعرت بثقله يجذبها معه .... حين انتزعته قوةٍ هائلة مما جعله يشدها معه ... الا أن ذراعي رائف تلقتها قبل أن تسقط معه أرضا ... ليوقفها على قدميها و يبعدها خلفه .... صرخت ملك بقوةٍ
( أين كنت ؟؟؟ ........ )
لهث رائف بعينين تقدحان شررا وهو يقف متحفزا ناظرا الى كريم الذي وقع أرضا مثيرا الغبار من حوله
( كنت أنتظره ........... )
تشبثت ملك بظهره و هي تهتف برعبٍ مرتجفة
( أبعدني من هنا قبل أن ينهض ,....... أرجوك ..... إنه مجنون و قد يفعل أي شيء ....)
الا أن رائف وقف مكانه بقوةٍ نبضت سخونتها خلال كفي ملك و هو ينظر الى كريم الذي قفز واقفا بعينين مجنونتين .... ثم قال بهدوء
( ابتعدي يا ملك ........... )
الا أن ملك نشبت أظافرها في ظهره و هي تهتف بذعر ...
( لن أتركك ...... هيا لنغادر أرجوك ..... )
الا أن رائف هدر بصرامة
( ابتعدى يا ملك ........... )
زلزلتها صيحته فابتعدت تلقائيا و هي تنظر اليهما بخوف ... بينما كان كريم يقترب من رائف ببطء و هو يهز رأسه ضاحكا ضحكةٍ مهتزة
( آآه الحارس الشهم ..... الذي تولى على عاتقه أمر رعاية زوجتي ...... )
رفع عينيه الى عيني رائف الصلبتين بنيرانٍ باردة ..... ثم قال بصوتٍ كالفحيح
( لقد ضحيت بالكثير من أجلها يا خالي ..... لذا لن تمنعني قوة على الأرض من أخذها .... )
قال رائف بصوتٍ قاطع كالسيف
( على جثتي ............ )
حينها قال كريم بصوتٍ عالٍ بعد أن فقد قدرته على السيطرة على نفسه
( كما تشاء .......... )
ثم اندفع هاجما على رائف الذي ابتعد عنه في اللحظة الأخيرة .... مترافقا مع صرخة ملك ..
و ما أن تجاوزه حتى رفسه في ساقه .. و ما أن شهق كريم ألما حتى عاجله رائف بضربةٍ من ركبته بين ساقيه ....
حينها تأوه كريم بشدة و احمر وجهه بفظاعةٍ و هو يسقط على ركبتيه أرضا ....
بينما سارع رائف الى خلع حزام بنطاله الجلدي ... و قبل أن يتمكن كريم من النهوض كان رائف قد انحنى اليه .... ضاغطا بركبته على صدر كريم بشدةٍ جعلت عينيه تجحظان ألما ....
ممسكا برسغيه و ربطهما معا بحزامه ثم قال بقوةٍ
( ملك ....... هناك حبل في مؤخرة السيارة .... أحضريه حالا .... )
كانت ملك تنظر اليه فاغرة شفتيها بذهول و هي غير قادرة على استيعاب ما يقوم به فهدر بقوةٍ
( الآن يا ملك .................... )
لم تستطع ملك الا أن تجر ساقيها و هي تحضر الحبل متعثرة في حواف فستان الزفاف .. و ما أن ناولته لرائف حتى سارع الى ربط ساقي كريم معا ....
فغرت ملك شفتيها و كانها تشاهد فيلما غريبا ... ثم هتفت بذهول و هي ترى رائف يسحب كريم الذي كان يتلوى بجنون ... الى أن ألقاه على مقعد السيارة الخلفي .... ليصفق الباب بعنفٍ وهو يلهث
( ماذا ستفعل به يا رائف ؟!!! ....... )
ابتسم رائف بوحشية وهو يلهث قليلا ... ثم قال ببساطة
( سأحقق لكِ أمنيتك ........ سنقتله و نتخلص منه .... )
اتسع فم ملك المفتوح .... و اتسعت عيناها بذهول ... بينما دار رائف حول السيارة وهو يقول آمرا
( اركبي ............. )
ظلت تنظر اليه بذهول وهو يفتح لها الباب الأمامي منتظرا .... و ما أن رآها متسمرة مكانها حتى قال بهدوء
( هل تثقين بي ؟؟ ....... )
عادت لتوميء برأسها تلقائيا .... فقال بلهجةٍ آمرة لا تقبل الجدل
( اذن اركبي .......... )
جلست ملك في المقعد الأمامي و هي تلملم حواف فستان الزفاف .. الى أن أدخلته .. فأغلق رائف الباب خلفها .... ليدور حول مقدمة السيارة و سرعان ما انطلق بها ....
كانت عينا ملك تنظران الى الطريق الممتد المظلم أمامها ... و كأنها منفصلة عن الواقع ...
بينما كريم ملقى على المقعد خلفها و هو يصرخ بجنون ... شاتما و لاعنا ... مهددا بأقذع الألفاظ ...
كان صوت صراخه يبعث رجفة طفيفةٍ في جسدها
فأرجعت رأسها لتنظر اليه بجمود .... فالتقت أعينهما و برقت عيناه جنونا وهو يصرخ
( لن أحررك يا مليكة ..... أقسم بالله لن تتحرري مني ..... )
حينها قال رائف بصوتٍ آمر
( انظري أمامك يا ملك ............ )
فأطاعت أمره مباشرة و هي تعود بعينيها الى الطريق الممتد أمامهما .... بداخلها رضا سادي و هي تشعر بتلويه خلفها .... ضاربا ظهر مقعدها بركبتيه ....
فتمنت ان يطول الطريق .... كي تشعر بالمزيد من تلويه .... مقيدا بحزامٍ جلدي و حبل ....
شاهدت رائف ينعطف بالسيارة الى مكانٍ مهجور .... خارج الطريق السريع ....
و ما أن أوقف السيارة حتى نظر اليها و نظرت اليه بصمت في الظلام و كأن بينهما تواصل غريب .... فقالت في النهاية و هي ترتجف بشدة
( هل ستقتله حقا ؟!! .......رائف لا تتهور أرجوك لقد كنت أهذي ... لا تستمع لكلامي .... )
ظل ينظر الي عينيها طويلا قبل أن يقول بهدوء مشيع بصراخ كريم المجنون
( انزلي ........... )
نزلت ملك تنوي منعه من ارتكاب جريمة .... لم تكن قد وصلت بعد الى الحد الذي يجعلها مجرمة ..
صحيح أنها تخيلت طرق عديدة لموته ... الا أنها كانت مجرد تخيلات لتهدىء من مرارة انتهاكها ...
فتح رائف الباب الخلفي .. ثم سحب كريم من ساقيه الى أن رماه ارضا ...
تأوه كريم صارخا و هو يتلوى في قيده كثورٍ مذبوح ....
( سأقتلك ...... سأقتلك ....... )
الا أن رائف كان يدور حوله و هو ينظر اليه ... ثم قال بهدوء شق صمت الليل المهيب
( اذن يا حبيب خالك ... سنفعل ذلك بالطريق السهل .... و إما الصعب ... أيهما تختار ... )
صمت للحظة وهو ينظر الى تلويه الشرس ... ثم لم يلبث أن قال آمرا بصوتٍ مزلزل
( طلقها ........... )
نظرت ملك فاغرة الفم الى رائف الذي عرفته هادئا وقورا و قد تحول الي شخصٍ آخر وقت الحاجة ...
بينما صرخ كريم بجنون
( لن يحدث ..... حتى لو قطعت من لحمي ... لن يحدث .... )
حينها أومأ رائف برأسه بهدوء ... قبل أن يرفع قدمه ويرفسه في جانبه بقوةٍ ... مما جعل كريم يشهق بقوةٍ و عيناه تتسعان أكثر ...
ثم أعاد رائف بهدوء
( طلقها ................ )
صرخ كريم وهو يتلوى يمينا و يسارا
( لن افعل ..... انها زوجتي .... لا يحق لك ...... )
رفسه رائف مرة اخرى بشكلٍ اقوى ... مما جعله يصرخ عاليا , بينما صرخت ملك ايضا و هي ترفع يديها الى فمها ....
بينما قال رائف بهدوء
( هذه من اجل ايهامك لها بأن زواجكما كان رسميا ........ )
ثم ضربه مجددا فصرخ كريم اعلى .... و صرخت ملك مرة اخرى , و رائف يقول بصوتٍ مشتد
( وهذه من أجل اجهاضك للجنين الذي كانت تحمله ....... )
كان كريم يلهث بعذاب بينما صرخت ملك و هي ترفع يديها الى اذنيها و هي تتشنج و تبكي
( كفى يا رائف ......... كفى .... )
الا أن رائف لم يسمعها .... بل قال بصوتٍ جليدي أكثر
( و هذه ........ لإغتصابك لها ...... )
ثم ضربه ضربةٍ أقوى من سابقتها .... فصرخ كريم بألم ... و صرخت ملك هي الأخرى بجزع
( كفي يا رائف أرجوك ..... لم أعد أتحمل ...... )
الا أن رائف قال آمرا
( طلقها ............. )
لكن كريم بصق تعبا و ألما ..... و أخذ يلهث من شدة الألم , ثم قال بصوتٍ مختنق
( لن يحدث ...... لقد ضحيت بابني من أجلها )
هزت ملك رأسها يأسا و هي تغمض عينيها بوجع ....
انه يعيش في حالة نكران عجيب للواقع ... و لا يزال يظن انه قتل جنينهما في سبيل الاحتفاظ بها ...
دون ان تفتح عينيها سمعت صوت ضربة مجددا مترافقة مع شهقته ...
حينها لم تستطع ان تمنع نفسها من الصراخ بشدة
( كفى ارجووووك ..... لم اعد اريد الطلاق ... كفى )
الا ان رائف هدر بقوةٍ
( اخرسي يا ملك ........... )
ثم التفت الى كريم قائلا بصوتٍ آمر
( طلقها ............ )
لهث كريم بعنف وهو يهمس بشراسة
( لا ........ سأتركها معلقة الى أن تعود الي .... لقد دمغتها باسمي .... وشمت جسدها باسمي )
رفعت ملك يديها لتغطي بهما أذنيها بقوةٍ و هي تشعر بالخزي ممتزجا بالرعب ...
ثم صرخ كريم بألم حين ضربه رائف مجددا بقوةٍ أكبر وهو يبصق عليه .....
و بعد عدة لحظات من التأوه تمكن كريم من الهمس بلهاث مختنق
( حتى لو نطقتها ....... لن تقع , فقد نطقتها تحت تأثير الألم ..... أيها الجبااااان )
ارتجفت شفتي ملك بشدة ... و أطبقت عينيها برعب .....
كريم معه حق .... أي كلمة طلاق سينطقها الآن لن تقع ... فهو تحت تأثير الضرب و التعذيب ..
انتظرت سماع صوت مزيدا من الضربات ....
الا أنها لم تسمع ... فتجرأت على فتح عينيها المهتزتان ... لتجد رائف يتجه الي السيارة .. و يفتح الجارور الأمامي ليحضر منه شيئا ...
فشهقت برعب و هي تفكر فيما ينتويه ؟! ....
هل سيحضر سلاحا ؟!!
هل سيمزقه قطعا صغيرة واحدة تلو الأخرى الى أن يطلقها ... فرفعت يدها الى صدرها المرتعب دون أن تجرؤ على النطق بكلمة ...
الا أنها رأته يعود حاملا في يده مظروفا كبيرا ....
ثم جثا القرفصاء بجوار كريم المسجا أرضا ... ثم قال مبتسما دون مرح
( اذن الطلاق لن يقع لأنك مرغم عليه .... اليس كذلك ؟!.... اذن لما لا أرمي الكرة بملعبك .... و أترك لك الخيار ..... )
صمت قليلا وهو يلوح له بالمظروف قائلا بهدوء
( أتعلم ما هذا ؟!! ....... انه مظروف سري للغاية .... هل يمكنك تخمين ما به ؟!! ..... )
نسى كريم ألمه مؤقتا وهو يطالع المظروف الملوح فوق رأسه بشك .... فلهث بشكٍ قائلا
( ماذا يمكن أن يكون ؟! ........... )
ابتسم رائف بشراسة وهو يقول بتأني ....
( تحليل dna ..... من بضعة شعرات من فرشاة شعرك ..... هل يمكنك أن تتوقع ما هي النتيجة المذكرة به ؟!! ....... )
اتسعت عينا كريم بذعر وهو ينظر الى المظروف الملوح و كأنه سيف مسلط على عنقه ....
بينما تابع رائف ببساطة قائلا
( لذا يا حبيب خالك ..... فالخيار الآن لك , ..... إما أن تطلقها بملء ارادتك .... و إما أن تكون تلك الوثيقة الصغيرة موجهة غدا صباحا لكل الجهات المعنية ...... )
شحب وجه كريم حتى حاكى وجوه الموتى .... بينما اتسعت عيناه بمنظر مثير للشفقة ...
ثم همس بصوتٍ واهي ضائع ..
( لن تجرؤ ...... أختك ستتهم بالنصب و الإحتيال ....... )
ضحك رائف ضحكة خشنة ... جوفاء , ثم قال بخفوت
( حين يريد الرجل امرأة ..... بشدة .... فمن يختار , .... هي أم أخته ؟!! ..... )
فغرت ملك شفتيها بشهقةٍ صامتة ... و هي لا تصدق ما سمعته للتو .....
هل أصيب رائف بالجنون تماما ؟!!
بينما ازداد شحوب كريم بعنف ... و همس بضياع
( اخرس ..... إنها زوجتي ....... انها زوجتي ....... )
ابتسم رائف بشراسةٍ أكبر ... لعله يحمل ذرة من الرجولة تجعله يتألم لكل كلمة ينطقها
عقابا له على تجاوزه السافر تجاه ميساء ....
لطالما كان ينظر بعين الخطر الى لمساته لها .... نظراته ..... استغلاله المستمر لإنهيارها ...
و كان يكذب نفسه ..... لكن بعد ما حدث لملك أدرك أي قذر مختل النفس هو ....
ثم تكلم أخيرا فقال بهدوء جليدي
( بخلاف أن ميساء لن يمسها سوء ..... فهي لم توقع ورقة واحدة تخص الأمر ..... أي أن لا دليل مادي ضدها ...... لقد استفسرت جيدا ... لذا يمكنك القول بأنني و اسرتي في أمان .... بينما أنت ووالدك الغالي ... ستخوضان أهوالا ما أن أفتح عليكما النيران ...... )
صمت رائف قليلا ... وهو ينظر الىى رعبه .... ثم نظر الى ساعة معصمه ليقول هادئا
( أمامك خمس دقائق لتقرر بها مصيرك ............. )
ظل رائف على وضعه ... ينظر الى ساعة معصمه ... بينما التوت رأس كريم لينظر الى ملك مستجديا
بينما كانت هي تبادله النظر بعينين مغطاتين بغلالةٍ من دموع باردة .... جليدية ... و هي تنتظر لتسمع قراره ...
قد يكون سماع قراره بالنسبة لها حاليا أهم عندها من سماع كلمة الطلاق .....
فحينها ستتأكد .... من مدى اختلاله في قتل جنينهما بدمٍ بارد ....
قال كريم هاتفا .... مترجيا
( مليكة ...... ارجوكِ ....... )
ظلت صامتة بشفتين ترتجفان قليلا ... قبل ان تقول بجمود ميت خافت
( القرار ليس بيدي .... كما ان المظروف ايضا ليس بيدي انا ....... لا مفر من الاختيار هذه المرة يا كريم )
اخذ رائف دفة الحوار منها فقال بصرامةٍ
( بقى لك ثلاث دقائق ........... )
ظل كريم ينظر الي ملك مترجيا ..... بينما قال بيأس
( ابي لن يسمح بما تفعله ........... )
لوى رائف شفتيه بسخرية قاسية , ثم قال بهدوء
( دع والدك العزيز لي ....... انا كفيل بمواجهته ...... بعد ان اكون قد وضعته خلف القضبان , فلقد آذى اختي كثيرا ..... و انا ممتن جدا لهذه الفرصة كي انال منه ..... )
تأكد كريم ان رائف صادقا ..... و ان لديه مئات المبررات كي ينال منهما معا ....
و حين انقضت الخمس دقائق ... رفع رائف يده الاخرى ليقبض على ذقن كريم وهو يقول بصوتٍ خافت لكن مخيف وهو ينظر اليه
( طلقها ............. و حينها قد افكر في تركك لحالك القذر .... )
ساد صمت طويل ... و كريم ينازع كحيوانٍ شرس في لحظاته الأخيرة ....
بينما هدر رائف بقوةٍ عنيفة
( طلقهااااااا ............ )
حينها فغر كريم شفتيه فنظرت ملك الى شفتيه منتظرة قراره ..... و اطلاق سراحها ....
فهمس باختناق
( انتِ طا ......... طالق ......... )
اغمضت ملك عينيها بشدة .... بينما خرج نفسا مرتجفا من بين شفتيها الزرقاوين المرتعشتين
يخالجها شعور قوي بتدني الذات ... لهذه الدرجة كانت رخيصة الثمن مرة بعد مرة !!
بينما يغلف ذلك الشعور ... موجةٍ عاتية من الراحة و التحرر أخيرا ....
دفع رائف وجه كريم بقوةٍ ... ثم نهض واقفا وهو يرمقه بإزدراء ... قبل أن يقول من بين أسنانه
( قذر ........... )
توجه الى ملك التي كانت تقف في العراء وسط الليل .... الهواء يطير فستانها و خمارها ... بينما هي رافعة رأسها مغمضة عينيها تستنشق بعض الهواء بارتجاف ...
قال رائف بخفوت
( هل أنت ِ بخير ؟!! ........ )
هزت رأسها ايجابا .... بينما كان شكلها أبعد ما يكون عن الخير ... فقال رائف بخفوت أكبر و حنان اختفى في اللحظات السابقة
( لقد انتهى الأمر يا ملك .......... يمكنك الصراخ الآن ... )
ازداد ارتجافها و هي تنتحب بصمت ... دون أي صوت .... فقال بصلابة حانية
( ألم أعدك بذلك ؟!! ........ يمكنك الصراخ قدر ما تشائين .... )
ازداد نحيبها الصامت و هي مطبقة جفنيها .... بينما انحنت للأمام و هي تنتفض شاهقة ببكاء مرير ... تلف خصرها بذراعيها ... و سرعان ما تحول النحيب الصامت الى شهقات بكاء واضحة .... ثم تحولت الى عويلٍِ عالي الصوت .... أخذ يتعالى و يتعالى ... الى أن تحول الى صراخٍ هادر شق سكون الليل و هي تنحني على نفسها أكثر .....
حينها اقترب منها رائف .. و بحركةٍ مندفعة , جذبها بين ذراعيه بقوةٍ كادت ان تطبعها على صدره .... بينما ارتفعت يده من تحت خمارها و هي تملس شعرها المنهار من ربطته ...
و يده الأخرى تضمها اليه ضاعطة ظهرها بحنانٍ قوي ... شديد البأس
وهو يريح ذقنه اعلى خمارها .... فأغمض عينيه هامسا
( لقد انتهى الأمر .............. )
استمر صراخها عاليا فوق نبضات قلبه الثائرة ..... طويلا , بينما صراخ كريم من خلفهما يهدر بعنف
( اتركها ........ اتركها ....... )
الا ان ملك لم تسمعه هذه المرة ...... و كأن صوته قد تلاشى من وجودها للأبد ......
فأخذت وقتها في الصراخ ... الى أن تهدمت قواها في النهاية و انهارت على صدر رائف كغريقٍ انهار على بر الأمان أخيرا ... بعد أمواجٍ عاتية ... ضربته مرارا ...
ما أن سكن صراخها و تحول الى شهقاتٍ باكيةٍ خافتة .... حتى أبعدها عنه قليلا وهو ينظر الى عينيها المتورمتين ... قبل أن يقول بصلابةٍ و عيناه تحملانِ انفعال لم تستطع احتماله ..
( هيا بنا لنرحل عن هذا المكان ..... )
عاد ليجذبها من يده خلفه الى أن أجلسها في السيارة .... ثم أغلق الباب خلفها بعد أن انحنى على عقبيه ليلملم حواف الفستان بنفسه....
عاد الى كريم ... ووقف بحذائه بجوار رأسه قبل أن ينحني ... ليخلع الحزام الجلدي عن يديه و يرميه بعيدا على أقصى قوته ....
ثم استقام واقفا ليقول بصوتٍ مشمئز
( سأتركك لتحل وثاق قدميك ...... ربما في تلك اللحظات خلال فعلك لهذا , تتمكن من حل وثاق روحك ....... لتصبح ما يقترب من آدمي .....)
تركه و ابتعد الى السيارة بينما كريم يصرخ من خلفه
( ابي لم يمرر لك ما فعلته ...... لم ينتهى الأمر بعد ..... أقسم أن أمزقك ما أن تقع بيدي ....)
الا أن رائف رماه بنظرةٍ ساخرةٍ ملتوية ...
قبل ان يدخل سيارته و ينطلق بها تاركا كريم يحارب بعذاب مع قيوده .....
بعد مسافةٍ طويلة .... كان ينظر خلالها الى ملك بين لحظةٍ و اخرى .....
قالت ملك بخفوت دون ان تنظر اليه ....
( كيف استطعت اجراء التحليل بمثل تلك السرعة ؟!!...... )
نظر اليها طويلا , قبل ان يبتسم ابتسامة قاسية .... قبل ان يقول ببساطة
( لم افعل ........ )
ثم تناول المظروف عن الرف الامامي للسيارة .. لينظر اليه طويلا قبل ان يقول بهدوء
( انه اقراري الضريبي ............ )
فغرت ملك شفتيها بذهول و هي تراه يرمي المظروف على المقعد الخلفي بإهمال ..... قبل أن يعاود القيادة بهدوء ....
بينما ظلت ملك تنظر اليه مفتوحة الفم و العينين ... لا تصدق أنه حصل على يمين الطلاق بمظروف يحوي الإقرار الضريبي ....
و ما أن شعر بصدمتها ... نظر اليها مبتسما ليقول ببساطة
( منتهى الذكاء .......... اليس كذلك ؟!! ...... )
لم تستطع الرد على الفور ..... ثم لم تلبث ان قالت بخفوت
( أنا منبهرة ............ )
عاد رائف لينظر الى الطريق أمامه مبتسما .... على الرغم من أن روحه أبعد ما يكون عن الإبتسام ...
فمجرد كلمةٍ بسيطة ... قليلة الأحرف , لن تجعلها تنسى ما حدث لها ....
لقد تدمرت تماما ..... وهو يدرك ذلك .....
و ذلك يملأ نفسه بغيامةٍ داكنة .... و كأنها من لحمه ... و دمه ......
كان الصمت هو رفيق رحلتهما للمتبقي من الطريق ..... الى أن وصل الى مكانه البعيد و الأحب على قلبه ... فأوقف السيارة في جنح الظلام ثم بقى ناظرا أمامه لفترةٍ طويلة .... قبل أن يلتفت اليها قائلا بخفوت
( لقد وصلنا ............ )
نظرت ملك الى البيت الصغير الذي وقف أمامه .... بينما قال رائف بتردد
( ملك ..... لو أردتِ العودة الى أختك ..... ما عليكِ سوى الطلب ..... )
نظرت اليه طويلا قبل أن تقول بصوتٍ مرهق باهت
( لتضربني ؟!! ...... و تسمعني المزيد من قصائد الإحتقار التي أشعر بها دون الحاجة الى سماعها ؟!! ..... اليوم تحديدا ... لم أشعر بأنني كنت قبلا أبعد ما يكون عن وعد ....... لا أرغب في مساعدتها .... أو بمعنى أصح لا أستطيع تحمل تلك المساعدة ..... لقد أتت متأخرة جدا ......)
قال رائف بحذر ....
( لقد كنتِ قاسية معها قليلا الليلة .......... )
رفعت ملك عينيها الضائعتين اليه قبل أن تهمس بإجهاد
( يحق لي أن أكون قاسية قليلا الليلة .......... اليس كذلك ؟!! ..... )
صمت قليلا , قبل أن يقول بصدقٍ لم يستطع مداراته
( نعم يا صغيرة ........ يحق لكِ أن تكوني قاسية الليلة ....... )
صمت للحظة قبل ان يقول بهدوء
؛( هيا انزلي ............... )
نزلت ملك و هي ترفع حواف فستانها بينما كانت تنظر الى البيت .... بينما سارع شخص ما يرتدي جلباب صعيدي نحوهما وهو يقول بذهول غير مستوعبا المنظر أمامه ...
( مبارك ..... مبارك يا سيد رائف ...... لو كنت أخبرتنا لكنا جهزنا البيت لك و لعروسك ..... )
اتسعت عينا ملك بذهول و هي تنظر مستجدية الى رائف الذي وقف ينظر اليها بنظرةٍ غريبة ...
قبل أن يقول بهدوء
( ادخل أنت يا سيد ............ سأتولى الأمر أنا ..... )
أومأ الرجل برأسه وهو ينظر الى رائف و الذي كان يقتاد ملك الى البيت بينما ملامح الذهول الغبي لا تزال ظاهرة على وجهها .....
ثم قال بذهول
( حتى يوم عرسه لا يسمح لأحدٍ بدخول المكان لتنظيفه !!! ...... )
أنت تقرأ
بعينك وعد. 🌺 بقلم تميمة نبيل 🌺
Randomوأقف أمامك بأعين متضرعة الأرنو اليك بنظرة تلتقطها عيناك من فورها توقف فقط توقف وخذ عينيك بعيدا نظراتك تقتلني وأيامي تضنيني والأمل بعيد بعينيك بحر متلاطم الأسرار ...