56

3.2K 74 2
                                    

الفصل السادس و الخمسين :

حين استيقظت للمرة الثانية ... أدركت على التو انه قد تبخر مجددا ....
فحين فتحت عينيها ... كان شعاع المغيب هو المتسلل من بين الستائر الداكنة ....
انتفضت جالسة في السرير ... تنظر حولها متمنية أن يكون بالجناح .... لكن من الواضح أنه لم يكن كذلك ...
فقد كان الصمت يحيط بها .... بجوٍ من الرهبة ... و الحميمية المتخلفة من ساعةِ حبٍ وحيدة ....
تراجعت بشرى الى مستندة الى ظهر السرير و هي تتنهد بحزن ... ثم لم تلبث أن همست مخاطبة الفراغ من حولها
( لماذا تركتني يا وليد ؟!! .... لقد رجوتك ...... )
كانت عيناها تتحركان من حولها تراقب جمال الجناح المظلم جزئيا الا من الاشعة الحمراء المتسللة من بين الستائر
كم نامت ؟!!! .... منذ الصباح و حتى الغروب !!!
ألهذه الدرجة كانت متعبة ؟!!! .... أم انها ببساطة لجأت للراحة مرحبة بعد الضياع المجنون الذي عاشته مع وليد ....
رفعت بشرى يديها لتتلاعب بخصلة من شعرها شاردة وهي تهمس
( هل شعر بنفس ما شعرت أنا به ؟!! ........ أم أنه كان يتظاهر كما كنت أتظاهر أنا من قبل !! ... )
أرجعت راسها للخلف تحدق بالسقف و هي تزفر بقوة .... ثم لم تلبث أن همست بخفوت
( لو تركتني سأموت .... فهذا ليس عدلا ..... ليس عدلا أن أجرب حياتك ثم تجبرني على العودة لحياتي بعدها ...... ليس عدلا ..... )
أسبلت جفنيها و هي تخفض نظرها الى بطنها .... ففغرت شفتيها قليلا و هي تهمس بغباء
( أنا أحمل طفلا !!!! ..... أي كارثة تلك !! .... )
رفعت يدها لتتلمس بطنها برفق ....
كانت نفس البطن التي إعتادتها ... لم يزدد حجمها .... لكنها تشعر في هذه اللحظة بالفرق مهولا ...
انها تكاد أن تشعر به يتحرك بداخلها ....
رفعت بشرى عينيها لأعلى و هي عاقدة حاجبيها ... ثم همست بحيرة
( ترى بأي شهرٍ من الحمل أنا ؟!!! ....... لقد نسيت كل مواعيدي الشهرية الهامة ...... )
ازاحت الغطاء جانبا و نهضت ببطىء ... للوهلة الأولى شعرت بالدوار ... الا أنها تماسكت و ثبتت قدميها لتغمض عينيها عدة لحظات ... و ما ان شعرت بالدنيا تهدأ من حولها حتى فتحت عينيها ببطىء و اتجهت الى المرآة المعتمة ...
نظرت الى نفسها و هالها شكل المرأة التي تراها !! ...
في الواقع ليس إنصافا أن تقلب بإمرأة ... فقد كان شكلها يوحي على افضل الأحوال بأنها فتاة مشردة بلا مأوى ...
جسدها النحيف ... محمرا للغاية .. و شعرها مشعث حول وجهها كهالة عسلية اللون ... شفتاها متورمتان و مكدومتان
بينما عيناها خضراوان عميقتان للغاية ....
عضت بشرى على شفتها ,تتذكر تلك الساعة المجنونة .. و احمر وجهها و هي تتسائل بعدم تصديق ,
" كيف وصلت الى مثل هذا العمر ... و لم تعرف يوما مشاعر مشابهة ؟!!! ... "
استدارت قليلا و هي تقف لتنظر الى منظرها الجانبي علها ترى أي بروز ظاهر ببطنها ....
لكن بطنها كانت تقريبا مسطحة ... فرفعت يدها لتتحسسها مجددا , عاقدة حاجبيها بتركيز ....
و استمر وقوفها عدة لحظات قبل أن تقول بخفوت .. محادثة صورة بطنها في المرآة
( مرحبا ...... كيف حالك ؟!! ....... )
صمتت قليلا و هي تشعر بالغباء الرهيب ... فزمت شفتيها , الا أنها قاومت احساسها بالحرج .. و عاودت التمليس على بطنها بحركةٍ دائرية ثم قالت بخفوت
( أنا أمك ..... على الأرجح أنك تدرك ذلك الآن ...... )
ابتلعت بشرى ريقها قليلا , ثم لم تلبث أن ضحكت ضحكة قصيرة متوترة
( يبدو أننا سنلتصق معا لفترةٍ طويلة قادمة ...... فوالدك يبدو متمسكا بك .... أما أنا فلم أتوقع قدومك بصراحة , و معرفتي بك كانت صدمة ..... )
صمتت قليلا و ضحكتها تتلاشى من وجهها و تتركه باهتا و هي تقول بخفوت
( آنا آسفة لأنني لست مثال الأم التي قد تفخر بها ..... لم يكن هذا بيدي , لكن انظر الى الجانب المشرق ... فأنت لم ترث الخزي مني حرفيا .... حسنا ربما معنويا ... لكنك واقعا ابن حلال ..... )
عادت لتصمت قليلا ... ثم تابعت متأوهة بصوتٍ أكثر خفوتا
( آآآه .. ابن حلال .... لو تعلم كم كان هذا اللقب عزيزا في طفولتي ... الحلم مستحيل المنال ... لم أتطلع يوما الى فستان أو دمية .... إنما كنت أتمنى هذا اللقب بشدة .... فأولاد الحلال كانو من الدرجة الأولى و لهم معاملة مختلفة عنا .... كان هذا اللقب هو الشارة الذهبية التي تجعلك أفضل حالا في ذلك المكان القميء ... أما نحن .... فكنا الدرجة المتندية من الأطفال .... )
أخذت بشرى نفسا مرتجفا ... ثم قالت بعبوس
( قد تلومني حين تصبح شابا .... و تتهرب مني ... تخجل من قربي ... تتنكر لوجودي بحياتك ... و تكتفي بوالدك الرائع و الذي يفخر به أي طفل .... لكنك حين تنضج اكثر , ستعرف بأنك رغم كل شيء ... ابن حلال ..... لك اسم ثلاثي كامل ... تضعه في عين أي شخص يحاول أن ينتقص من قدرك .... لديك والد و عائلة ..... حينها قد تكون ممتنا لإحتفاظي بك .... )
ظلت صامتة طويلا ... تتنفس بسرعة , قبل أن ترفع وجهها و تتابع بانفعال مبتسم
( أنا سأحتفظ بك ........ نعم , سنحاول أن ننجو معا ..... و لو تركني والدك , لن أتركك أنا له ... سأتمسك بحقي فيك , الى أن تنضج و تختار الذهاب الى والدك بنفسك ..... )
حين أنهت آخر حروف كلماتها ... كان وجهها قد تحول الى شمسٍ مشرقة الإبتسام ..... لم تلبث أن تطورت لضحكة براقة و هي تخفض وجهها بتصميم رائع ... تدس شعرها خلف أذنها بأصابع مرتجفة .. بينما يدها الأخرى تلامس بطنها و تربت عليها برقة ...
قالت أخيرا متنهدة بقوة
( حسنا .... بما أن والدك قد هرب مجددا .... ليس علينا الآن سوى انتظاره , فربما تمالك نفسه سريعا هذه المرة ..... )
ضحكت بخفة و هي تقول
( أنا أشفق عليه حقا ..... أتعلم ذلك .... يهرب و يعود .... يهرب و يعود .... أتعلم لماذا ؟!! ... لأنه ابن أصول , ضميره لا يسمح له بتركي ..... )
تنهدت بيأس و هي تهمس
( لكن الى متى سيقوى ضميره على مقاومة ما هو محتم ؟!! ..... شهر .... شهرين .... عام ..... عامين من الولادة ؟!!! ... )
أخفضت وجهها ثم قالت بقنوط
( لما لا نؤجل التفكير في هذا الأمر مؤقتا .... و نركز على الإهتمام بمظهرنا , فقد يعود كثورة جنون معتادة سريعا ..... )
لكن الساعات مرت و لم يعد وليد ... كان الليل قد أرخى ستاره الأسود في الخارج .. و بقت بشرى جالسة بأحد المقعدين بجوار النافذة الضخم بعرض الحائط ....
عيناها جامدتان ... و ملامحها باهتة ....
ترتدي فستانا ملونا جميلا ... بدرجات البرتقالي و الأحمر .... و شعرها عملت على تصفيفه حتى بات يلمع و ينسدل حتى كتفيها بفوضوية رقيقة مهذبة ...
كان كل زفيرٍ منها يبدو كتنهيدة غاضبة .... و أصابعها تربت على ذراع المقعد بلحنٍ رتيب ....
كانت تظنه سيعود سريعا بعد الوقت المميز الذي قضياه سويا ....
حسنا ....من المؤكد أنه حاليا في حاليا يمر بإحدى نوباته الغاضبة ... و ربما يكون قد رمى نفسه في البحر مجددا .... هي مقدرة ذلك تماما ....
لكن كل هذا العدد من الساعات !!! ...... إنها تستحق معاملة أفضل من ذلك ....
لا ان يفرغ بها رغبته و يرميها وحيدة بهذا الشكل البائس !!!
كانت ساقها قد بدأت تهتز بعصبية ... و أنفاسها تتسارع .... بينما عيناها تضيقان بألمٍ ناري أخضر ....
و بعد مرور عدة دقائق إضافية من الصمت المخيف الذي يطبق على صدرها ....
نهضت فجأة قافزة من مكانها و هي تقول بهياج
( حسنا هذا يكفي ....... ليس من حقه أن يحضرني هنا كأداة للمتعة ثم يرميني كمنديلٍ قذر .... )
و دون أي لحظة تردد أخرى .... خرجت من الغرفة مندفعة و عيناها تقدحان شررا ...
نزلت الى البهو و هي تنظر يمينا و يسارا بحثا عنه , .. المكان يعج بالبشر من مختلف الجنسيات .. لهم أشكال مختلفة .... بعضهم يتحدث بلغاتٍ لم تفقه منها شيئا ... و البعض الآخر من أبناء البلد ..
لكل منهم من يرافقه .. يستمتع معه ... يرى ابتسامته ....
بينما كانت هي تنظر الى الجميع بشعور غريب من الوحدة و الوجوم ....
تابعت سيرها على غير هدى ....
فخرجت عبر البوابة الداخلية الى حدائق الفندق فداهمها برد الليل .. مطيرا شعرها الفوضوي ...
كتفت ذراعيها لتدلكهما قليلا و هي تبحث عنه بعينيها دون جدوى ....
ثم رفعت عينيها الى امتداد نظرها ... حيث البحر الأسود من بعيد يبدو كفجوة مخيفة في هذا الوقت ..
توقفت لحظة و هي تشعر بخوف مفاجىء
" ماذا لو كان في البحر حتى هذا الوقت ؟!! ..... ماذا لو كان الظلام و إنحسار الأمواج قد سحباه الى نقطةٍ ابعد مما ظنها !!! .... "
تشنجت بشرى من شدة الرعب الذي شعرت به في تلك اللحظة ....
فرفعت يدها الى فمها المرتجف و هي تهمس
( وليد !! ........... )
لو أصابه مكروه , فستكون هي السبب .... هي التي جعلته يتصرف بجنون في الآونة الأخيرة بسبب صدماته المتوالية عنها
تحولت همستها فجاة الى هتاف مرتعب
( وليد !! ......... )
ثم انطلقت تجري في الممر الصخري الأنيق بين الحدائق و الموصل الى البحر ......
ستموت .... ستموت لو أصابه مكروه .... ستموت من بعده .....
في لحظة واحدة اكتشفت انها تستطيع تركه بنفسها و عن طيب خاطر ... على أن يكون بخير ..... فقط يكون بخير .... و هذا هو ما لم تشعر به يوما تجاه أي رجل ....
كانت لا تزال تجري و فستانها يطير من حول ساقيها اللتين اطلقتهما للريح ...
الى أن لمحته فجأة !!! .......
استغرق ادراكها لحظتين كاملتين و هي تبطىء من جريها ... كي تستوعب أخيرا بأنها تراه بالفعل ....
توقفت أخيرا و هي تلهث بعنف ...
تتأكد من أنه كان واقفا بالفعل في نهاية الممر الصخري .... ممسكا بحاجزه الخشبي ... احدى ساقيه مرفوعة على الدرجة العليا من عدة درجات سلمٍ قصير ....
يتحدث بطلاقةِ .... وهو مبتسم بانشراح ....
و امامه كانت هناك فتاة شابة ... تستمع اليه و هي تستند بظهرها الى الحاجز الخشبي .....
كانت تلك الفتاة ترتدي الزي الرسمي للمدراء في الفندق حيث الشعار الصغير مثبت على صدر هذا الزي ... طاقما كلاسيكيا اسود اللون تظهر تنورته القصيرة نوعا ... ساقيها الطويلتين ...
شعرها البني الطويل كان يتطاير حول وجهها و هي تعود و ترجعه خلف اذنها بعفويةٍ ... مبتسمة و هي تومىء لوليد ببساطة ..... بينما كان هو يتحدث معها كالأبله .......
لا تعلم بشرى كم مكثت مكانها بالتحديد ....
كانت كمن تحول الى تمثالٍ فاقد للحياة ..... و هي واقفة مكانها بعيدا عنهما ... تشبك أصابع يديها بينما شعرها يغطي وجهها تماما .... تلهث بعنفٍ أوجع صدرها ....
كانت تظنه ميتا بسببها في تلك اللحظة !!! ........
كانت تظنه تائها يفكر بحياتهما معا !!!! ......
كانت تظنه يفكر في ذلك الوقت الغريب الذي قضياه معا صباحا بكل جنون مشاعره .....
الا انه أخلف كل ظنونها ... وها هو يقف بكل هيبة شبابه النابض بالقوة أمام شابة أنيقة ... تكاد ان تطيرها أنفاسه لو نفخ بها قليلا ... تستمع اليه و كأنه الرجل الوحيد على سطح الأرض ...
لم تعلم بشرى أن قدميها قد بدأتها في التحرك نحوهما تلقائيا ببطىء و عيناها لا تتزحزحان عنهما ....
بدت المسافة القصيرة التي تفصلها عنهما و كأنها طريق سفر طويل لا ينتهي ... الى أن اقتربت منهما في النهاية فبات من المستحيل الا يلحظها ...
رفع وليد رأسه و قد صدمه وجودها المفاجىء .... و هي تقف أمامه بفستانها الملون المجنون و المتطاير من حول ساقيها ... تماما كشعرها المتطاير كشعر الأطفال ....
عقد حاجبيه فجأة و تلبدت ملامحه وهو يقول بصوت غريب
( بشرى !!! ............ )
لم ترد عليه و هي تبادله النظر بصمت ......
بينما نظرت اليها الفتاة الشابة باستفسار دون أن تفقد ابتسامتها ....
قال وليد مجددا بصوتٍ متشدد وهو يخفض ساقه
( ماذا تفعلين هنا ؟!! ...... هل أنتِ متعبة ؟!! ...... )
رفعت بشرى ذقنها و هي تشعر ببوادر الخطر من جنونٍ بدأ في السيطرة عليها .... ثم قالت رافعةٍ احد حاجبيها
( خرجت أبحث عنك .......... )
ظل وليد ينظر اليها عدة لحظات قبل ان يقول بصوتٍ لا يحمل أي تعبير
( لماذا ؟!! ........... )
تلك الكلمة المختصرة أشعلت غضبها بجنون اكبر .... فقالت بلهجة حادة
( لماذا تظن ؟!! ...... سئمت البقاء وحيدة ...... )
تنحنحت الفتاة الشابة و هي تقول بحرج
( مرحبا ....... أنا جيهان , مديرة بالعلاقات العامة هنا ..... )
قاطعتها بشرى و هي تقيمها بنظرة احتقار شملت الفتاة من رأسها حتى حذائها الأنيق
( أنا زوجته .............. )
ارتفع حاجبي الفتاة بدهشة و هي تنظر الى وليد قائلة
( هل تزوجت يا وليد ؟!! ...... متى كان هذا ؟!! ....... )
قبل أن يستطيع الرد قالت بشرى بلهجة مهينة و هي تضع يديها في خصرها بينما الشرر بعينيها الخضراوين يكاد أن يحرق قلاعا ...
( لم أكن أعلم أن عليه أخذ الإذن أولا!! .........لكن و بما أن في غاية البؤس كي تعرفي الجواب , فنحن هنا بشهر العسل ..... هل هناك مانع ؟!! ....)
هتف وليد بصرامة مخيفة
( بشرى ................. )
أخرج من جيب بنطاله بطاقة دخول الغرفة و مدها اليها وهو يقول بلهجةٍ خافتة منذرة بالشر .. و عيناه ترلان لها علامات التهديد
( خذي هذه و اصعدي للجناح ........ ... و لا تخرجي منه ... )
الا أن الوقت كان قد فات على التعقل و هي تهتف بجنون
( لماذا ؟!!! ...... ربما لتتمكن من أخذ المزيد من وقتك في الضحك مع الأستاذة !!..... )
صرخ بها بقوة
( بشرى توقفي عن ذلك ........... )
بينما قالت جيهان بصوت جليدي
( إنها لطيفة يا وليد ...... تشبه دمية من راقصات إحدى الجزر كنت أمتلكها قديما .... )
صرخت بشرى و هي تقول منحنية لتخلع احدى حذائيها
( تلك الدمية ستعلمك معنى الرقص ...... )
ارتاع وليد وهو يدرك نيتها في اللحظة الأخيرة , فهجم عليها و هو يلتقط حذائها من يدها قبل أن يمسك بكتفيها يهزها صارخا
( احترمي نفسك ....... هل جننتِ ؟!! ....... )
نظرت اليه بجنون و هي تنفض شعرها بعيدا عن وجهها صارخة
( طبعا جننت من الساعات الطويلة التي تركتني بها وحيدة و أنا حامل .... أتقيأ وأصاب بالغثيان بينما أنت هنا تضاحك مع تلك الغريبة الأطوار ....... )
لم تتحرك جيهان من استنادها للحاجز ... بينما تقيم بشرى ببطى , قبل أن تقول بهدوء
( حامل !! ........ بهذه السرعة !! ..... ربما هذا هو السبب في حالتك العصبية , لما لا تصعدي الى غرفتك و تحاولين الراحة قليلا .... فأنتِ تهينين نفسك و زوجك ..... )
استدارت اليها بشرى بجنون و هي تصرخ تنوي الهجوم عليها
( و ما دخلك أنتِ ؟!! ,........ ما دخلك يا متجمدة الوجه ... ايتها الشبيهة بالبيضة الفاسدة ؟!! ......... )
الا أن وليد اعتقل خصرها بذراعه بقوةٍ قبل أن تلمس جيهان و تقريبا رفعها من على الأرض و دفعها الى الجهة المقابلة هادرا بعنف جعل جيهان نفسها تنتفض
( أخرسي .... اخرسي يا بشرى .... )
الا أنها نفضت ذراعه و هي تحاول تجاوزه مجددا و هي تصرخ
( لن أخرس ....... بل سأريها الإهانة بحق ...... تلك العلقة الطفيلية القميئة .... )
قالت جيهان بصوتٍ متجمد
( هل أنتِ مخمورة ؟!! ....... هذا ضار بالطفل !! ...... )
كانت بشرى تلهث من شدة الغضب و الجنون و قد فقدت السيطرة على أي منطق تتحلى به فباتت تتصرف بهيستيرية و هي تصرخ بصوتٍ بح من شدة جنونه
( أنا أستطيع تمييز مثيلاتك جيدا ..... أيعجبك زوجي ؟!! ..... أيعجبك ؟!!! ..... و ربما سيعجبك أكثر لو علمت أنه خرج من فراشي مباشرة قبل أن يأتي اليكِ ...... )
رفعت جيهان يدها الى فمها مصدومة .... بينما ذهل وليد مما انتابها ... و قبل ان تستطيع النطق مجددا , كان قد رفع يده و صفعها على وجنتها بسرعةٍ لم تستطع تداركها ....
عم صمت مخيف حولهم .. بينما تراجعت بشرى للخلف خطوة و هي تنظر اليه لاهثة بصمت .....
فصرخ وليد بقوة
( هل افقتِ الآن ؟!! ......... )
لم ترد عليه بشرى , بينما أمسكت جيهان بذراعه و هي تقول بخفوت
( اهدأ يا وليد ..... من الواضح انها ليست في حالتها الطبيعية .......... )
مد وليد يده ببطاقة الجناح صارخا
( خذيها و اصعدي الى الجناح و إياك أن تخرجي منه مجددا ...... الآن .... )
استمر الصمت لحظة واحدة و بشرى تنقل عينيها بينهما قبل أن تنتزع البطاقة منه بيد .... و حذائها باليد الأخرى ... ثم انطلقت تجري مبتعدة , غير آبهة حتى بارتداءه ....
وقف وليد مكانه يتابع جريها كجنية مهووسة حمراء مبتعدة .... و صدره يغلي و يبرد في آنٍ واحد ... بينما عفاريت الغضب كلها تتقافز من حوله مطبقة على رئتيه ...
تبا لقد هرب منها ... من احساسه بها , و من السعادة البدائية بداخله تجاهها .... و لم يتخيل أن تخرج كالمجنونة بحثا عنه ......

بعينك وعد. 🌺 بقلم تميمة نبيل 🌺حيث تعيش القصص. اكتشف الآن