الفصل الخامس و الأربعين :
( هل أنتِ مصممة على المغادرة ؟!! ..... كنتِ قد أعدتيني لأيامِ من زمنٍ فات ... )
خرج صوت كرمة حزينا جميلا .... مترافقا مع ابتسامتها الخلابة ...
فابتسمت وعد و هي تمسح طرف عينيها من دمعةٍ خائنة ... لا تزال تتسلل حارقة كالأسيد من مقائيها ...
ثم قالت بخفوت ساخر
( لم تكن اياما سعيدة تماما ........ )
امالت كرمة رأسها و هي تقول مبتسمة
( اتعلمين ..... للعجب اشعر الآن فقط أنها كانت جميلة للغاية ..... بعد أن ارتاح بنا الزمان ... فذهبت ذكرى الألم و تبقت الذكريات الطريفة ..... )
شردت كرمة قليلا و هي تنظر بعيدا متابعة بحزن
( تلك هي المشكلة ....... حين نرتاح ... ننسى الألم الذي كان , و تبقى فقط الذكريات الجميلة .... و هذه الذكريات تشعرنا بأننا كنا نمتلك السعادة يوما .... فقط لو حاولنا أكثر قليلا .... )
عقدت وعد حاجبيها قليلا ... و هي تسمع صوت كرمة الغريب ....
فاقتربت منها خطوة .... لتهمس بصوت خافت
( كلامك لا يعجبني ...... هل لازلنا نتكلم عن أيام طفولتنا أم أنكِ تطرقتِ لشيء آخر ؟!! ..... )
رمشت كرمة بعينيها عدة مرات قبل أن تهمس مجفلة و عيناها تراقبان باب الغرفة خوفا من دخول حاتم على الرغم من استحالة ذلك ... لكن وجوده بات يشكل لها رعبا من أن تقول أيا مما قد يغضبه ...
( انسي ما قلته و اهتمي بما تمرين به ...... كل ما يهم الآن هو ملك و مشكلتها ..... )
مدت وعد يدها تمسك بذراع كرمة و قالت منعقدة الحاجبين
( هل أمورك بخير مع حاتم ؟!! ....... )
فغرت كرمة شفتيها قليلا و هي تنظر الى عيني وعد ... ثم أسرعت بالإيماء و هي تقول
( نعم .... نعم بخير , لا تشغلي بالك بي .... )
عبست وعد بشدة و هي تقول بصوت خافت كي لا يعلو خارج جدران الغرفة فيسمعه حاتم
( كرمة اياك و افساد الأمور بينكما ......... انه زوج لن تعوضيه ولو بعد مئة عام ... )
مطت كرمة شفتيها وهي تقول بخفوت
( انظري من يتكلم !!! ..........)
قالت وعد بشدة همسا من بين أسنانها
( الم تجدي من هي أكثر خيبة في الحياة كي تتخذين منها قدوة ؟!! ..... بالله حافظي على زوجك هذه المرة , لن نجد لكِ زوجا جديدا كل مرة !! ...... )
صمتت قليلا و هي تنظر الى كرمة بعدم اقتناع .. ثم قالت بوجوم
( لا أعلم ما الذي يمنحه الصبر عليكِ ؟!! ....... )
مطت كرمة شفتيها و هي تقول بامتعاض
( نفس السؤال أسأله لنفسي فيما يخصك أنتِ و سيف !! ......... )
صمتت قليلا ثم قالت بخفوت حزين
( وعد ...... أتظنين أن العيب بنا نحن ؟!! ...... هل نعاني خللا ما ؟!! ...... )
أمالت وعد وجهها و هي تتأمل كرمة جيدا .... ثم قالت بفتور
( نظرا لطبيعة نشأتنا ..... أجدنا بطلات .... لذا يتوجب عليهم أن يتفهموا ..... )
عضت كرمة على شفتها قليلا ... ثم سقطت جالسة على السرير بقنوط
( ماذا لو لم يتفهموا ؟!! ............ ما العمل حينها ؟!! ..... )
كانت وعد تنظر الى كرمة بقلق ... كلامها غريب و شكلها أغرب .... لقد أخذتها المشاكل بعيدا , و اطمئنت الى أن كرمة قد تزوجت ... فسلمت بأنها سعيدة و مستقرة .... و تناست تماما حبها لمحمد ....
لكن هي على الأخص تعرف مدى حب كرمة لمحمد ..... و مع ذلك اختارت تجنب ذكر الموضوع فيما بينهما ....
تركت وعد الحقيبة التي تحمل فستانها الليلي تسقط ارضا .... ثم ارتمت بجوار كرمة و هي تقول بحزم
( ما الأمر ؟!! ........ و لا تهيني ذكائي قائلة بأن كل شيء بخير ......... )
رفعت كرمة وجهها الى وعد و قالت بجدية
( وعد .... هل هذا وقت يسمح لكي تهتمي بمشاكلي النفسية التافهة !! ..... دعكِ مني و لنهتم بملك حاليا ... )
أظلمت عينا وعد و تنفست بصعوبة .... فكل نفسٍ تسحبه كان يبدو كالسكين المشدود بوتر ... ينحر في قلبها ....
اخذت نفسا مؤلما آخر .... ثم قالت بصوتٍ لا حياة به
( ملك ....... ملك ....... ماذا سأفعل ؟!! ..... و كيف سأتصرف ؟!! ...... أنا نفسي لا اعلم ..... لقد قتلتني ...... )
أطرقت بوجهها و رفعت يدها الى صدرها ..... أنه يؤلمها بشدة .... و الأقراص مع سيف ......
رفعت عينين مبللتين بزجاجٍ مغطى بقطراتِ مطر ندية و هي تفكر ....
" بأنها لن تجلب الدواء من نفسها أبدا ..... أبدا ..... فلا شيء يستحق بعد الآن .... "
تحشرج صوتها قليلا و هي تقول بخشونة
( دعي ملك الآن ..... فأنا أشعر باقترابي درجة من الموت كلما تذكرت ما فعلته ...... و أخبريني ... )
حاولت تجلية صوتها ... ثم قالت بخفوت
( اذن ....... مشاكلك النفسية التافهة ...... كنت أعرف أن الخلل يبدأ و ينتهي عندك ...... ما هي تلك المشكلة العويصة في حياتكما ؟! .... )
أخذت كرمة نفسا مرتجفا ... و هي تنظر امامها .... تبتسم بارتجاف لتعود ابتسامتها لتختفي بسرعة بقلق ... ثم قالت أخيرا بخفوت
( أكتشفت أنني ........ أنني أحب حاتم ..... )
ظلت وعد تنظر اليها و كأنها لم تسمع الاعتراف الذي نطقت به كرمة للتو .... بل اكتست ملامحها بالبلادة منتظرة متابعة كرمة وصولا الى لب المشكلة ....
و حين اكتشفت ... انه لا تكملة ..... رفعت حاجبها ببطىء لتقول بوجوم
( تحبين زوجك ؟!! ...... انه انحلال غير مغفور .... كيف استطعت ارتكاب تلك الجريمة الشنيعة ؟!! .... )
نهضت وعد من مكانها و هي تقول هاتفة بحدة
( صحيح انني طلبت منكِ تجنب الحديث عن ملك .... لكن لم اتخيل ان تكون مشاكلك بمثل تلك التفاهة مقارنة بنا ...... اراكِ فيما بعد يا عاشقة ..... انا راحلة , و حين يصفو بالي ... سأفكر لكِ في حل كي نتستر على فضيحة حبك لزوجك ...... )
قفزت كرمة و هي تكمم فم وعد لتقول همسا بحدة من بين اسنانها
( ششششششش ..... اخفضي صوتك , تبا لكِ ...... قد يسمعك حاتم ..... )
رفعت وعد حاجبها بارتياب و هي تنظر الى الباب المغلق .... ثم قالت من تحت كف كرمة بتوتر
( هل هو معتاد على التصنت عليكِ من خلف الأبواب ؟!! ..... ربما مشكلتك اكبر قليلا مما ظننت !! )
رفعت كرمة يدها عن فم وعد ببطىء و هي تهمس مراقبة الاجواء .. ووعد تتبع نظارتها بتوجس
( انه لا يتنصت ابدا ...... لكن لو سمع اسمه بالصدفة و هو يمر .. قد يقتحم الغرفة مطالبا بمعرفة كل ما قلته و كل ما اشعر به ........ )
زفرت كرمة بحدة و هي تقول بغيظ و هي تعود لترتمي جالسة على حافة السرير
( انه متملك لدرجة خانقة ....... و أنا ........ )
زفرت مجددا و هي ترفع يدها لتبعد شعرها عن وجهها و هي تقول بيأس و قنوط ...
( و أنا أحاول التعافي ...... لكن المشكلة انني لست مريضة كي أتعافى ..... )
جلست وعد بجوارها و هي تقول باهتمام
( لماذا لا تشرحين لي مما تعانين ... بدلا من محاولاتي الواهية في فك شفرة كلامك .... )
قالت كرمة بخفوت
( انه يتخلل كل ذرة من حياتي .... يحدد ما آكل .. و ما ألبس .... يسألني عن كل دقيقة أقضيها بغيابه ..... و كأنه يخشى لو أغفل النظر عني للحظة فسوف أتبخر و أتلاشى ....... )
رفعت وعد حاجبها و هي تقول بتعجب
( هل يحدد لكِ مواعيد دخول الحمام كذلك ؟!! ............ )
هزت كرمة رأسها و هي تقول بصدق
( لا أستبعد أن تكون تلك هي خطوته المقبلة ............. )
نظرت الى وعد و هي تقول بيأس
( تخيلي أنه يمنعني من الذهاب الى المطبخ ليلا لو شعرت بالجوع ...... إما ذلك أو أن يأكل معي حتى لو لم يكن جائعا ... حينها اشعر بالخجل و أعود معه الى الغرفة ....... )
عقدت وعد حاجبيها بشدة ... ثم قالت بخفوت
( لا حول و لا قوة الا بالله ..... لا أسوأ من جدي الا جدتي ..... لقد رزقك الله بزوجين كل منهما يسلك طريقا على الطرف الأخر من العالم عكس الآخر ..... )
لوحت كرمة بذراعيها و هي تهتف
( نعم ذلك هو ما أشعر به ........ إنه على النقيض تماما من محمد .... و كأنه يحاول ان يعوضني كل كل يوم قضيته قبل ان اعرفه ...... احيانا .....)
صمتت قليلا و هي تتنهد مبتسمة .. لتتابع شاردة بعبث و دلال
( أحيانا أشعر بكل ذرة من أنوثتي تتوهج لذلك .... و اتعمد ملاعبته و استفزاز عواطفه كي يزيد ..... لكن أحيانا أخرى ....... )
اختفى العبث من صوتها .... و حل تعبير حزين شاحب قليلا على ملامحها و هي تتابع بخفوت
(لكن أحيانا أخرى ....... أشعر بأنني أريد بعض المساحة لنفسي ..... كي احلل مشاعري .... و أحاول تفسير اشتياقي ل ....... )
صمتت و هي تطرق بوجهها .... مشبكة كفيها في حجرها .... حينها عقدت وعد حاجبيها بشدة و هي تهتف
( هل تشتاقين لمحمد ؟!!!!!!! ........ )
انتفضت كرمة و هي تهمس برعب
( هشششششششش ......... اخرسي , انه هنا .... في مكان ما ..... )
نظرت وعد بتوتر الى أرجاء سقف الغرفة ... و قد بدأت تشعر بالجنون في هذا البيت ....
لكنها اعادت وجهها الى كرمة و قالت بحدة هامسة
( انطقي ........ هل تشتاقين لمحمد ؟!!!!! ........ )
نظرت كرمة الى عيني وعد بصمت ..... قبل أن توميء برأسها و هي تشعر بالذنب لمجرد هز راسها ....
فغرت وعد شفتيها و هي تهمس بذهول
( ياللهي يا كرمة !! ...... الازلتِ تحبينه ؟!! ........ )
أبعدت كرمة عينيها عن عيني وعد و هي تقول بابتسامة يائسة
( ليلة أمس ...... أعترفت لحاتم أنني أحبه ..... لاول مرة ........ و حتى الآن لازلت أنتظر مصيري .... أخشى أن يتخلل ما بين جلدي و عروقي نتيجة لإعترافي ....... )
همست وعد عاقدة حاجبيها
( اذن !!!!.................)
تنهدت كرمة و هي تقول بخفوت
( لقد كلمني محمد منذ عدة أيام ....... لم يقل شيئا .... فقط نطق اسمي ....... )
هتفت وعد بهياج و هي تقفز من مكانها
( الوغد ..... الدنيء ....... الحقير .......ماذا يريد منكِ بعد أن أصبحت على ذمة رجل آخر ... الا يكفيه السنوات التي ضيعها وهو يستغل كل لحظة كي يذلك !!! .. )
قفزت كرمة برعب من مكانها و هي تهجم على وعد لتكمم فمها مجددا ... و تقبض على مؤخرة رأسها بيدها الأخرى ... ثم همست برعب و غضب من بين أسنانها
( لو علا صوتك مرة أخرى فسأقطع لكِ لسانك ........ و لو سمعك حاتم فسأقضي المتبقي من عمري في تعذيبك بصورٍ لن تتخيلينها من قبل ...... )
أومأت وعد برأسها دون أن تجد الفرصة كي تتنفس حتى .....
نزعت كرمة يدها بالقوة عن فم وعد ..... التي أخذت نفسها و هي تنظر الى كرمة بنظرة تهديد خطيرة قبل أن تقول بحدة خافتة
( طبعا أهدرتِ كرامته .... و صببتِ عليه كل لعناتك .... اليس كذلك ؟؟ ..... )
ظلت كرمة صامتة ... مطرقة الرأس ... تنظر الى قبضتيها , فرفعت وعد حاجها و هي تعيد مهددة أكثر
( اليس كذلك ؟!! ........ كرمة !!! ..... )
رفعت كرمة عينين محملتين بالذنب ... ثم همست بخفوت
( لم اجد الفرصة ..... ذعرت و أغلقت الخط ........ )
صمتت قليلا ثم همست متابعة بخفوت
( شعرت بالنقمة عليه لأنه عاد لحياتي فأربكها من جديد .... شعرت بالنقمة لأنني ..... لأنني ... في لحظة خائنة .... أردت أن أسأله عن حاله ... اطمئن عليه ..... شعرت بأنني مشتاقة اليه ...... )
تنهدت وعد و هي تقول بيأس
( ياللهي يا كرمة !! ........ هل تدركين ما تقولين ؟! .......... )
رفعت كرمة وجهها بقوةٍ لتقول
( كنت مذعورة من شعوري .... مذعورة و مرتعبة , الى أن تكلمت ذات يوم مع محمد ابن حاتم ..... يومها أخبرني بمنتهى البساطة أن والدته ستظل ذات مكانة غالية بقلب حاتم ....... لن تتغير هذه المكانة قط .....
أنا نفسي أرى و أسمع حاتم يهاتفها و يطمئن عليها ...... و ذلك لأنهما انفصلا بتحضر .... و بقت مكانة كل منهما لدى الآخر .... حينها وقفت أمام نفسي قليلا .... و تسائلت ... لماذا لا يحق لي المثل .... لماذا لا يحق لي الإعتراف بأن ..... بأن محمد سيظل دائما يحتل مكانة بقلبي ؟!!.... لماذا لا يحق لي الإنفصال عنه بنفس التحضر الذي انفصل به حاتم عن طليقته ؟!!..... ما أعانيه الآن ظلم ... ظلم أن أضطر الى انتزاعه و بتره من حياتي بمشرط جراح .... بينما أنا أعيش في بيئة لا تأبه بذلك الإنتزاع القسري المؤلم ..... )
صمتت كرمة أخيرا تلهث قليلا بعد أن رمت دفاعها كله .... و على الرغم من ذلك كانت ملامحها خائفة .. غير واثقة .... فقالت وعد مكتفة ذراعيها بهدوء
( هل انتهيت ؟!!! ................ )
أومأت كرمة برأسها بتردد ... فقالت وعد بقوة و هي تفك ذراعيها لتلوح بهما
( لأنه رجل يا كرمة ...... لأن زوجك رجل .... يحق له ما لا يحق لك ...... يمكنه الإعتراف بأن طليقته ستزال تحتل مكانة بقلبه ..... أما أنتِ فلا يحق لكِ ذلك ..... لا يمكنك التفكير بغير زوجك و الا ستكون خيانة ..... خيانة و قلة أدب ... و انحراف ..... )
تأوهت كرمة و هي تقول بخفوت معذب
( ارجوكِ لا تزيدي من احساسي بالعذاب ............. )
همست وعد بحدة مهاجمة
( بل يجب عليكِ ان تشعري بذلك .... الى ان تتمكني من تطهير نفسك منه تماما ... و تجتزيه من عقلك و تفكيرك ...... )
هتفت كرمة بيأس و عذاب
( لكن هذا مستحيل يا وعد ..... مستحيييييل ....انه جزء من حياتي .... انه بداية حياتي .... كيف اقتلعه كهذا بطرقعة اصبع ؟!! ....... )
رفعت وعد اصبعها الى فمها و هي تهمس حدة
( هشششششش ...... حاتم سيسمعك .... )
شهقت كرمة برعب و هي تكتم فمها بيدها بالقوة ..... لكن وعد ظلت تنظر اليها عاقدة حاجبيها قبل ان تذهب الى هاتفها الملقى على طاولة الزينة .... ثم مدته لها و هي تقول بصرامة
( حسنا ...... تريدين الانفصال المتحضر ؟!! .... خذي .... هاتفيه ... و اطمئني عليه .... و اسمعي صوته الحبيب و ابتسمي لنبرته ..... انتِ امرأة ناضجة ... ماذا يمنعك ؟!! .... )
ظلت كرمة تنظر الى الهاتف الممتد امام وجهها و كأنه أفعى سامة ..... ثم هزت رأسها نفيا ببطىء و صعوبة و هي تهمس بذعر
( لا استطيع ...... لا استطيع ....... لا يمكنني ذلك .... )
رفعت وعد حاجبيها و هي تقول بجدية
( لماذا ؟!! ...... الستِ تطلبين نفس حقوق حاتم ؟!! ..... خذي اذن ....... )
ظلت كرمة تنظر الى الهاتف باختناق ... و هي تهز رأسها بحركةٍ غير مرئية .... ثم همست اخيرا
( يجب ان يوافق حاتم ..... لا اريد فعل شيئا لا يرضاه .....)
اتسعت عينا وعد و هي تقول ببرود
( و تريدين موافقة حاتم أيضا ؟!! ..... أتعرفين ما هي مشكلتك يا كرمة منذ صغرك ؟؟ ..... أنها النقيض من مشكلتي تماما .... دائما كنتِ تريدين كل شيء .... تطمحين لنيل كل شيء ..)
صمتت وعد و هي تعيد هاتف كرمة مكانه ...ثم جلست بجوارها و هي تقول بقنوط
( بينما أنا كنت دائما أركز على شيء واحد ....... أضع حياتي في كفة .. وهدف واحد بكفة ..... لأنسى الباقي دونه ....... كأنني حصان عيناه محجبتان و موجهتان على طريق واحد لا غير ....)
همست كرمة بخفوت
( أنا لست بمثل هذا السوء و الأنانية ..........)
نظرت اليها وعد بطرف عينيها ... ثم همست بصعوبة
( بل أنا من هي التي بمثل هذا السوء و الأنانية ....... على الأقل أنت تريدين ارضاء نفسك و ضميرك و قلبك و من حولك و أحلامك ..... لكن أنا ...... دائما كنت أؤجل الإهتمام بكل شيء في سبيل تحقيق شيء واحد فقط ...... فلو تزوجت سيف نسيت ملك .... و لو أردت تحقيق حلمي نسيت سيف ..... و في النهاية اكتشفت .... أن الأكثر نسيانا في حياتي كانت ملك .....)
مدت كرمة ذراعها لتحيط بها كتفي وعد و تضمها اليها ... الى أن أراحت جبهتها على جبين وعد و قالت باختناق
( الم أحذرك أن مشكلتي تافهة بالمقارنة بمشاكلك .........)
رفعت وعد وجهها و هي تحاول التقاط أنفاسها قبل أن تقول بصرامة
( ليست تافهة ...... لقد كنت شاهدة على كل وجعٍ مررت به يا كرمة ..... فإياكِ و نسيان الألم الآن بعد أن ذقت طعم السعادة ...... فتكون النتيجة أن تتسرب من بين يديك ....... )
رفعت وعد وجهها الى كرمة و قالت بجدية
( ما تطلبينه مستحيل يا كرمة ..... مستحيل و خاطيء و يعد خيانة ..... فلا تنساقي لها ..... )
ارتجفت شفتي كرمة بشدة ..... و قالت بجدية
( أنا أحب حاتم ......... بدأت أشعر بالرعب من فقدان سعادتي معه ..... لكن ...... أشعر بذنب يحرق روحي .... و كأنني استخدمت محمد كدرجة سلم .... صعدت عليها ... ثم انطلقت للأفضل .. و المصيبة أنني أحبتته .... أي أنني تخليت عنه بمنتهى القذارة .... على الرغم من انني كنت أحبه يوما أكثر من نفسي .... )
قالت وعد بشدة
( كنتِ ...... الكلمة المهمة هي "كنتِ تحبينه " .... أنت الآن تحبين زوجك ... و علميا يستحيل أن يتسع قلبك لرجلين ... الا لو كنتِ تعانين من خلل ما في تكوينك العقلي ..... لا تسمحي له ان يدمر حياتك يا كرمة ......
لقد منحتهِ كل الفرص التي يحتاجها ... وهو ضيعها واحدة تلو الأخرى ..... )
أطرقت كرمة بوجهها .... قبل أن تنهض وعد و هي تقول بخفوت
( يجب أن أذهب الآن قبل أن يطردني زوجك ...... أخشى أن يكون ماكثا عند باب الغرفة منتظرا أن يزيحني بمجرفة كي يتحدث معك ........ )
تأوهت كرمة و هي تقول برجاء
( لا تتركيني معه الآن يا وعد ....... سيفترسني .... )
ضحكت وعد بأعجوبة على الرغم من الدموع التي تحرق حدقتيها ..... ثم قالت بخبث
(ربما هذا هو ما تحتاجينه كي تنسي أوهامك المعتوهة ........ )
نهضت كرمة من مكانها و قالت بخفوت
( وعد ..... لم نتكلم فيما يخص ملك ...)
قالت وعد تقاطعها بخفوت
( ليس الآن يا كرمة ..... ليست لي القدرة على ذلك .... ليس قبل أن تعود و أفهم منها ...... )
استدارت تتجه الى الباب فقالت كرمة بخفوت
( سأرافقك .......... كي أمنعه من دحرجتك على السلالم ...... أنه أحيانا يفقد تحضره )
أنت تقرأ
بعينك وعد. 🌺 بقلم تميمة نبيل 🌺
Randomوأقف أمامك بأعين متضرعة الأرنو اليك بنظرة تلتقطها عيناك من فورها توقف فقط توقف وخذ عينيك بعيدا نظراتك تقتلني وأيامي تضنيني والأمل بعيد بعينيك بحر متلاطم الأسرار ...