51

3.3K 76 1
                                    


الفصل الواحد و الخمسين :

كان كلا منهما يجلس على كرسيه بجوار الآخر كتلميذين مذنبين ...
بينما يجلس سيف امامهما بتحفز و شكل من يوشك على القتل .... احدى قبضتيه مضمومة .. تضرب راحته الأخرى بصورةٍ رتيبة ... تزداد قوة وهو يراقبهما كمجرم ....
ثم قال اخيرا بصوت مخيف
( اذن تريد خطبتها ؟!!! ............. )
كان يوسف يجلس كالبؤساء ... و لم ينتبه الى أن السؤال موجهها اليه ... الا أن ورد تنحنحت بعنف كمن يشتم .... فرفع رأسه يقول منتبها
( آآآه أنا ؟!!!! .... أقصد .. نعم أنا ......... )
ظل سيف يضرب قبضته مرة بعد مرة ..... ثم قال أخيرا بلهجة تهديد
( و تريدني أن أصدقك ؟!! ..... بهذه البساطة ؟!! .... )
قال يوسف بهدوء
( و ما هو سبب مجيئي اذن ؟!! .... انظر ... باقة ورد أو المتبقي منها بمعنى أصح .... فما الذي أتيت أفعله بها ؟!!! .... أتأمل جمالك ؟!!! .... )
برقت عينا سيف وهو يقول هادرا
( التزم الأدب فأنا أحاول جاهدا احترام البيت الذي توجد به أمي اكراما لها ...... )
قالت ورد بصوت متوتر ...
( أهدا قليلا يا سيف ... أنت تضخم الأمر أكثر من اللازم ... مجرد عريس ... فلنرفضه و يا دار لم يدخلك شر ..... )
قال يوسف بهمس وكأنما يشجع لاعبا
( أحسنتِ وردات .... تابعي على تلك النغمة .... لا تتخاذلي ... )
هتف سيف بعنف
( بماذا تهمس لها ؟!!!! ....... )
قال يوسف وهو يرفع فنجان القهوة الذي جائت به ورد ...منذ لحظات
( أقول لها سلمت يداك يا سيدة البنات ..... قهوة عرائس فعلا ..... )
صرخ سيف بقوة
( اصمت تماما ...... )
ثم نظر الى ورد ليقول لها بعنف ...
( و أنت يا سيدة البنات .... الأمر ليس بمثل هذه البساطة ..... الا تدرين أنه كان يريد زوجتي ؟!!! ... )
رفع يوسف يده وهو يقول
( اسمع الآن .... أنت تجعل من الأمر قذرا جدا و أنت تعرف ذلك ..... أنا كنت أريد تخليصها منك ... )
صرخ سيف بجنون
( لقد عرضت عليها الزواج و هي لا تزال زوجتى !!! ...... )
هتف يوسف هو الآخر ...
( كنتما منفصلين و بينكما قضة خلع ...... و لم أفعل معها ما يشين أبدا .... )
مالت اليه ورد و هي تهمس من بين أسنانها
( ماذا تفعل تحديدا ؟!!!..... أرجوك دع ذكائك جانبا و دعني أنا أتولى الحوار .... )
التفتت الى سيف تقول بتوتر
( اسمع يا سيف .... موضوع يوسف مع وعد انتهى منذ وقت طويل و قد تأكدت من ذلك بنفسي .... حتى أنني اشطرت عليه أن يحاول الإصلاح بينكما كي أوافق على خطبته ...... )
هز يوسف رأسه كمن يسمع الطرب الأصيل هامسا
( ياسلااااام .... أطربيني و زيدي من الطين ابتلالا ......... )
صرخ سيف فجأة
( اسمع أنت ..... أنا لست مرتاحا لهمسك لها .... تعال و اجلس هنا على المقعد المقابل بعيدا عنها ... )
ارتفع حاجبيه بتوجس ... الا أنه نهض و فنجان القهوة بيده ... قائلا بارتياب
( انتم تعاملون الخاطبين هنا معاملة غريبة الأطوار ....... )
جلس على الكرسي المقابل وهو ينظر اليهما .... بينما التفت سيف الى ورد ليقول بجنون
( هل تريدين إصابتي بالجنون بالله عليكِ ؟!!! ...... الستِ مخطوبة ؟؟!! ..... )
رفع يوسف رأسه ليلتقط الخيط من هنا .... فقال بصوتٍ مصدوم
( مخطوبة ؟!!! ...... ياللهي .... كيفِ استطعتِ التلاعب بهذه الصورة ؟!! ... )
ارتفع حاجبي ورد بذهول و هي تراه ينهض من مكانه بإباء ليقول بصوتٍ باهت
( عذرا ...... أنا أحتاج الى الإبتعاد عن هنا ..... )
ثم ابتعد في اتجاه الباب أمام أعينهما المذهولة ... لكنه اكتشف أنه لا يزال ممسكا بفنجان القهوة , فعاد ووضعه على الطاولة ليقول بصوته الرخيم المصدوم
( شكرا لكِ على القهوة ..... يبدو أنها أقصى ما حصلتِ عليه الليلة .... أتمنى لكِ السعادة ... )
ثم ابتعد أمام أعينهما و تعبيرتهما المصدومة ... بينما همست ورد بداخلها من بين أسنانها
" أيها الجبان !! ......... "
الا أنها انتفضت على صوت سيف يقول بعدم تصديق
( هل تريدين افهامي أنكِ وافقتِ على خطبة رجل و أنتِ مخطوبة لآخر ؟!!! ..... هل يصدر عنكِ أنتِ يا ورد تصرفا بمثل هذه الحقارة ؟!! .... )
كان يوسف قد وصل الى الباب ..... و أوشك على الخروج , الا أنه توقف حين سمع تلك العبارة القاسية ...
فاستدار ينظر الى ورد التي كانت تجلس مكانها مطرقة الوجه ... منكسرة الخاطر ...
زم يوسف شفتيه وهو يستدير مجددا ينوى الخروج وهو يهمس
" هي من تسببت بذلك لنفسها ........ "
الا أن يده توقفت على مقبض الباب .... ثم زفر بقوة وهو يهمس
" لا أستطيع تركها .... ذلك المعتوه قد يضربها .... "
استدار و عاد اليهما ينوى ايقافه عند حده ... الا أن في اللحظة التي أوشك بها على الكلام .. كانت ورد قد نهضت من مكانها تقول بعنف
( أنا لا أسمح لك بمخاطبتي بتلك الطريقة ........ من تظن نفسك ؟!! .... ساعة و أنا أحاول أن أفهمك الموقف و أنت تهينني أمام الغرباء !!! .... )
قال يوسف مبتسما باعجاب
( أحسنتِ وردات ........ تابعي .... )
التفتت اليه متفاجئة و قالت من بين أسنانها ترفع يديها الى ر أسها
( الازلت هنا ؟!!!!!! ...... هل أنت عملي السيء في الحياة !!!! .... )
قال يوسف بغيظ
( أتعلمين ماذا .... أنت محقة , تعاملي مع أخاكِ ...... سلام .... )
الا أن سيف هدر غاضبا
( انتظر هنا ........ أنت شخص مختل , على ما يبدو أنك لا تعجب سوى بمن تخص غيرك و أنا أعرف نوعك تماما ..... )
قال يوسف بنفاذ صبر
( بسم الله ماشاء الله ..... نبيه و يمكنك التقاطها من الهواء و هي تمرق أمامك .... أنا فعلا من هذا النوع .... سلام مرة أخرى .... )
هتفت ورد بقوة
( هذا ما لم أجد الفرصة كي أحدثك عنه ...... لقد قذفته بكوب ماء و أخبرته أن الخطبة لاغية ... فقد تطاول علي ... و أنا أخرجته من هنا يقطر ماءا .... )
ساد صمت طويل .... بينما رفع يوسف حاجبيه , ليستدير محاولا المغادرة
( تعاملى معه هذه المرة بجدية ........ لو انتظرت أكثر سأجد المأذون على الباب ... )
هتف سيف وهو ينظر اليها غير مصدقا
( فسختِ خطبتك .... من تلقاء نفسك , دون حتى تكلف عناء اخباري ؟!! و لا أعرف الا و أنا أرى الخاطب التالي ؟!! تعرفينه و تستقلين معه سيارته دون علمي ؟!! ... من تظنين نفسك ؟!! .. لا كبير لكِ ؟!!.....)
تدخل يوسف بينهما وهو يقول غاضبا هذه المرة ...
( اسمع أنت الآن !! .... بأي عصر تعيش ؟!! ... وبأي حقٍ تهينها أمامي ؟!! .... هل تعرف عمرها ؟!! انها بنتصف الثلاثينات و ربما بظروف أخرى لأصبح لها طفلا مراهقا يقاربها الطول !! ..... )
مطت ورد شفتيها و هي تهمس
( رائع ....... مداخلة ترفع الروح المعنوية حقا ..... هذا ما كنت أحتاجه بتلك اللحظة ....)
الا أن يوسف لم يسمعها .. بل قال بقوة
( شخص و أهانها ... اتريدها أن تنحني له و تنتظر الى أن تمنحك السلطة العليا في أن تفسخ أنت الخطبة ؟!!! ..... و ماذا إن استقلت معي السيارة مرة أو مرتين ؟!!! .... ألم تفعلها مع وعد قبل أن تتزوجا ؟!!!
أتحداك لو أخبرتني أنه لم يحدث ...... )
تشجعت ورد و هي تهتف بقوة
( آآآه نعم ... الآن تذكرت , لقد أوصلني البيت يوم أن أرسلتني أنتى الى وعد بحجة ملك كي اطمئن على زوجتك الغالية ... فوقعت و لويت كاحلي , و الآن تحاسبني ؟!! .... )
ابتسم يوسف وهو ينظر الى سيف متشفيا
( يا له من حرج بالغ !! ...... )
هتفت ورد تقول بغيظ
( لا دخل لك ..... أنا فقط من أكلم أخي .... )
دخلت منيرة اليهم متوترة الوجه و هي تقول
( يا أولاد ماذا يحدث ؟!! ... أصواتكم تصل الى الجيران ... هل هذا منظر يليق بمقابلة لخطبة ؟!!! ... )
ثم التفتت الى سيف تقول
( و أنت يا سيف ... أيا كان سبب الخلاف , لا تعامل أختك أمام خطيبها بتلك الصورة الفظة ... و هو ضيفنا أي مكانه فوق رؤوسنا .... )
وجمت ملامح يوسف وهو يهمس
( خطيبها ؟!! ...... هل وافقتم ؟!! .... )
نظرت منيرة الى سيف تمسك بذراعه و هي تقول مترجية
( من يعلم !! .... اليس من النصيب أن تفسخ خطبتها ليتقدم يوسف لخطبتها ؟!!! ... الرجل دخل البيت من بابه , فلماذا تعامله بتلك الصورة ؟!! ...... وعد الآن مطلقة و لوكان يريدها لكان ذهب اليها ليخطبها .... )
أغمض يوسف عينيه وهو يقول
( كلام كالدرر ..... موزون و منطقي .... فهل لو كنت أريد وعد لكنت أتيت الى هنا ؟!! ... )
نظرت اليه ورد مذهولة و هي غير مصدقة ... بينما همس هو بداخله
" منكِ لله يا وعد .... و أنا الذي كنت أريد اسعادك !! .... ها هي السعادة تهبط على رأسي كالمطرقة .. "
تابعت منيرة تقول بحزم
( أنا لن أسمح لك بأن تفسد سعادة ابنتي يا سيف ... لقد تعرضت للكثير بحياتها و أنا أريد لها الفرح .. فإن كانت هي ويوسف متأكدان من رغبتهما .... فأنا من سيساند هذا الأمر مهما بدا سريعا ....)
هتف سيف بغضب
(أمي !!! .............)
الا أنها التفتت الى يوسف تقول بقوة
( يوسف ..... أتريد ورد ؟!! ..... أريد سماع جوابك الآن ....)
نظر يوسف الى ورد فهمست تقول بيأس
" انسحب الأن .... أنا كفيلة بهما "
ظل ينظر اليها طويلا ... و كانت علامة الإنكسار واضحة عليها ... ما بين أخ أناني يفكر بنفسه فقط ... و بين أم تريد تزويجها بأي طريقة ...
استدار ناظرا الى منيرة يقول بوجوم
( أنا أريدها ...........)
قالت ورد فجأة
( ماذا تفعل ؟!!! ......)
استدار اليها يقول بقوة
( لن أتركك الآن ..... فأنا من تسبب بذلك ....)
لوحت ورد بذراعيها و هي غير مصدقة ... بينما التفتت منيرة الى سيف و قالت تمسك بذراعه
( لنقرأ الفاتحة يا سيف .... و لا تغضب أمك حبيبي .... )
هتف سيف من بين أسنانه
( يا أمي ما تفعلينه هو الجنون بعينه ؟!! ..... إننا نلقيها بالمعنى الحرفي .......)
أطرقت منيرة و هي تهمس بألم
( أنا مجنونة يا سيف ؟!!! .......)
شحبت ملامح سيف وهو يطبق على كفها هامسا
( ياللهي !!!! .... لم اقصد ... أقسم لم اقصد .... أنا آسف يا أمي ..... أنا فقط لا أريد لأختى أن تتزوج لأول شخص غريب بعد فسخ خطبتها ..... ثم أن هذا ال .....)
هتفت منيرة بصرامة
( لقد سامحتك فيما يخصني .... لكن اياك و الخطأ بخطيب أختك .... أرجوك يا ابني لا تفسد الأمر المسكينة لم تحظى بيومٍ سعيد بحياتها ...... )
همست ورد بيأس و انكسار
( ياللهي !!! ..... أمي تتسول بي !! .... أي ذل هذا ؟!! .... )
سمعها يوسف و نظر اليها صامتا .... فقال وهو يخاطب سيف بهدوء
( أنا لست غريبا .... لو كنت بهذا السوء لتناسيت ميراث زوجتك ... و لما وافقت على شراكتى لكل هذه الأشهر ...... أنا لست غريبا ... أنا أقرب لهذه الأسرة من خطيبها السابق .... )
نظر اليه سيف بغل و حقد ..... لكن أمه قالت تقاطع نظراته القاتلة
( استحلفك بالله أن توافق .... لتكن الفاتحة , ثم ندع لهما الفرصة كي يتعرفا الى بعضهما .... )
نظر سيف الى امه غير مصدقا لما يحدث ... كانت الفاتحة ... بينما تجلس ورد مذهولة بينهم ... و يوسف ينظر اليها بصمتٍ ..... يقتلها !!!
.................................................. .................................................. ..................
كانت وعد في سريرها تغمض عينيها بتعب و ارهاق نفسي ... تحاول النوم جاهدة ...
الى أن أتاها الإتصال من يوسف ... أخذت تستمع عدة لحظات قبل أن تستفيق و تقفز جالسة على السرير هاتفة بقوة ضاربة صدرها
( خطبت من ؟!!!! ....... يا مصيبتي !!!!!..... )
أخذت تستمع الى هتافه الغاضب في الهاتف و هي تغمض عينيها و بينما ارتفعت يدها الى أعلى رأسها و هي تميل يمينا و يسارا ....
( أرسلتك تخطبني فخطبت أخته ؟!!! ...... بالله عليك كيف فعلتها ؟!! .... أخشيت أن تخرج بيدك خالية ؟!!! ..... حسنا ..... حسنا ... أغلق الخط الآن , أنا سأتصرف ..... نعم .... أغلق الآن ... )
سقطت يدها بالهاتف الى حجرها و هي تتنهد بيأس
( كلما فكرت بشيء يقربك مني .... يتحد مع غيره ضدي ..... )
سمعت رنين هاتفها في حجرها فرفعته تنظر اليه ..
الا أنها شهقت حين رأت اسم سيف يضيء بشر .... فقفز الهاتف من يدها و هي تهمس بهلع
( سلام قولا من رب رحيم ....... )
ابتلعت ريقها بخوف و هي تستمع الى ذلك الرنين ... ثم دفنت وجهها تحت وسادتها و قلبها ينتفض
و ما أن سكت الهاتف أخيرا ... حتى رفعت أنفها قليلا بتوجس ... لكن صوت رسالة شنجتها ... فمدت يدها المرتجفة و فتحتها ببطىء لتقرأ
" حسابك معي فيما بعد ...... تظاهري بالنوم الأن ..... لنا لقاء "
عقدت حاجبيها و شعرت بالغضب ... و قالت بحنق
( و ما ذنبي أنا ؟!!! ........... أحمق تقدم لهم و حمقى أكثر حمقا منه و قبلو به ....... فما ذنبي أنا ؟!! .... )
رمت هاتفها جانبا و هي تهتف بغضب و يأس
( تبا لذلك ...... لقد عدنا خطواتٍ للوراء بسبب تلك الخطوة المتهورة ...... )
.................................................. .................................................. .................
كانت وعد تعمل باحباط و يأس .....
فاقتربت منها راوية لتقول بفظاظة
( سيدة وعد ..... أي ألوان ستختارها الآنسة ميرال لأقمصة النوم ؟!!! ..... سنتأخر و أنتِ أمرتِ بعدم التأخير ....)
نظرت وعد اليها بطرف عينيها ثم تابعت التقليب بين فساتين الزفاف في المجلة الخاصة بالمعرض ...
و قالت بفتور و بصورةٍ آلية
( الرمادي الفضي .... الذهبي الشاحب .... البنفسجي الداكن ... فصليهم كلهم من هذه الألوان .... )
عقدت راوية حاجبيها و هي تقول بعدم قبول
( و أين الأحمر و الأسود و الفيروزي .... انها بيضاء بياض شاهق و هذه الألوان ستناسبها .... )
أغلقت وعد المجلة بعنف و هي تنظر اليها بنفاذ صبر قائلة
( نفذي الألوان التي اخترتها يا راوية ..... انا المصصمة و أنا لي رؤية خاصة ..... )
مطت راوية شفتيها و هي تقول
( براحتك يا سيدة وعد ...... الغيرة تفعل أكثر من ذلك ..... )
كانت قد ابتعدت الا أن وعد هتفت بقوة
( انت ..... تعال الى هنا ...... ماذا قلتِ للتو ؟؟؟ ... )
عادت راوية اليها و هي تضع يدا فوق أخرى لتقول بنفاذ صبر
( قلت براحتك يا سيدة وعد ........لك القرار و لك النظرة كذلك ... .. )
قالت وعد بغيظ
( حسنا اذهبي الى عملك ...... لكن انتبهي فأنا عيني عليكِ .....)
ابتعدت راوية و هي تهمس متذمرة
( و هل ترين أصلا بدون نظارة ؟!! ....... )
اتسعت عينا وعد و ارتفع حاجبيها ... لكنها أقنعت نفسها بأنها لم تسمع ما سمعته للتو ....
زفرت بقوة و هي تضرب المجلة بغضب ... بينما جائت كوثر تقول بتوتر
( لقد جائت العروس .......... )
عقدت وعد حاجبيها و هي تقول
( أي عروس ؟!! ..... من لدينا اليوم ؟!! ....)
قالت كوثر من بين أسنانها
( الآنسة ميرال ............. )
أغمضت وعد عينيها و هي تقول بيأس
( ليتنا ذكرنا جنيها لكان خيرا لنا .......... ياللهي ليس وقتها أبدا .... )
عادت لتزفر بقوة .... ثم قالت و هي تحك جبهتها ...
( دعيها تدخل الى مكان القياس يا كوثر من فضلك .......... )
بعد وقت طويل .... و مضني ... كانت وعد تلهث تعبا و هي تقف خلف ميرال تلف القماش من حولها و تثبته بدبابيس ... بعد أن اختارت تصميما معينا ....
كان فستانا عاري الصدر و الكتفين .... و بالفعل نفذت وعد منه نموذجا للتجربة و هي تثبته عليها .... تراقب جسدها الأبيض المكتنز بعينين مائلتين من الحزن ....
بينما ميرال تراقب نفسها في المرآه بخيلاء ....
قالت وعد بخفوت و هي تعمل
( لكن علينا العمل على تصميم لإغلاقه من الآن ........ )
عقدت ميرال حاجبيها و هي تقول لعدم فهم
( إغلاقه ؟!! ....... ماذا تقصدين ؟!! ....... )
استقامت وعد من إنحنائتها و هي تقول بهدوء
( فتحة الصدر ..... سنغلقها ..... )
ضحكت ميرال ببرود ... ثم قالت ببطىء
( لا أتذكر أنني طلبت إغلاقها !!! ......... )
عقدت وعد حاجبيها و هي تقول بحيرة
( هل تنوين ارتدائه كما هو ؟!!! .......... )
ردت ميرال ببساطة
( بالطبع .......... )
ظلت وعد تنظر اليها عدة لحظات قبل أن تقول بخفوت
( سيف لن يوافق عليه ........ )
ابتسمت ميرال و هي تعض باطن خدها ... ثم قالت أخيرا بصوت بارد كالصقيع
( آآآه ...... اسمعي يا وعد , لا تقلقي على علاقتي بسيف .... انا أستطيع تدبيرها جيدا ... أما أنت فكوني احترافية بعملك كي يزدهر أكثر ..... )
شعرت وعد بوجهها يمتقع ... و كادت أن تطردها خارجا .... و أوشكت بالفعل ... الا أنها حافظت على السيطرة .... فهذا ما تتمناه ميرال ... أن تفقدها أعصابها ... لكنها لن تمنحها تلك اللذة ...
فابتسمت ببرود هي الأخرى و قالت
( لكِ هذا .......... )
قالت ميرال ببشاشة زائفة ...
( جيد ..... اذن من فضلك أرني كيف سيكون شكل انحراف حافة الفستان .... )
.................................................. .................................................. .................
دخل سيف مندفعا من مدخل البناية و علامات الغضب توشك على إحراق المكان ...
فقفز حار الأمن وهو يهتف مجددا
( سيد سيف ..... سيد سيف .... )
الا أن سيف قال بعنف دون أن يتوقف للحظةٍ واحدة
( يمكنك طلب الشرطة ......... )
دخل المصعد و قبل أن يعترض كان سيف قد أغلق باب المصعد بوجهه !! ....
لم يجد أمامه سوى كوثر فقال بصرامة
( مساء الخير يا كوثر ..... أين السيدة وعد ؟؟ ..... )
قالت كوثر مرتبكة
( إنها في الداخل مع الآنسة ميرال .......... )
تسمر سيف مكانه لعدة لحظات ... قبل أن يقول غير مستوعبا
( مع من ؟!! ..........)
ردت كوثر بخفوت
( مع الآنسة ميرال خطيبتك بحجرة القياس ........ )
رد سيف بصوتٍ جليدي
( و ماذا تفعل ميرال هنا ؟!!! .........)
ردت كوثر بتوتر
( ظننتك تعرف سيد سيف ..... لقد طلبت من السيدة وعد تفصيل فستان زفافها ..... )
شحب وجه سيف و تسمر مكانه وهو يقول بصوتٍ واهي ... خطير
( ماذا ؟!!! .............. )
ترك كوثر ليندفع الى غرفة القياس .... و التي كان بابها مغلقا جزئيا بعد أن انتهت وعد من تثبيت الفستان على ميرال ... و نسيت أن تغلقه , فدفعه سيف ببطىء ليتسمر مكانه وهو يرى وعد تجلس على ركبتيها أرضا .... تقوم بتثبيت طرف الفستان ... بينما ميرال تقف أمامها بخيلاء و يديها في خصرها ....
شعر في تلك اللحظة أن الدماء تفور بصدره و تصعد الى رأسه .... فهتف بقوة
( انهضي من عندك يا وعد ........ )
انتفضت كلا من وعد و ميرال بمكانهما .... و كانت ميرال أول من تكلمت رغم التوتر الذي شعرت به يشل كيانها كله
( سيف !!! ....... ماذا تفعل هنا ؟!!! .... )
نظر اليها ببرود قائلا
( علي أنا أن أسألك نفس السؤال ........ )
ارتبكت أكثر ... لكنها ابتسمت برقة و هي تقول
( كان من المفترض أن تكون هذه مفاجأة .... الفستان سيكون هدية وعد لنا في زواجنا .... )
نظرت اليها وعد ... غير مصدقة كيف أنها تستطيع تجميل موقفها بتلك الصورة ....
ثم قال ميرال متابعة بدلال و ضحكة مغرية
( لم يكن عليك دخول غرفة القياس دون اذن ........ماذا لو لم أكن قد ارتديت ملابسي بعد ؟!!! .... كنت لأموت خجلا ..... لكن عامة سيتحتم علينا الآن تغيير تصميم الفستان بعد أن رأيته
الا أن سيف هدر بقوة أكبر
( أنهضي يا وعد من على الأرض ....... حالا ..... )
قفزت وعد من مكانها بسرعة و قلبها يخفق بعنف .... بينما التفت سيف الى ميرال التي كانت تنظر اليهما ببرود متوتر .... فقال بخشونة
( سأخرج الآن الى أن ترتدين ملابسك ..... ثم تغادرين حالا .... )
رفعت ميرال ذقنها و هي تقول مصدومة
( أتطردني يا سيف ؟!!! ....... )
قال سيف بصوت خطير
( أريد وعد بأمر يخص العائلة ..... أما موضوع الفستان , فهو لن يمر مرور الكرام .... )
كتفت ذراعيها و هي تقول
( ما تلك المعاملة يا سيف ؟!!! ...........أنا لن اسمح ... )
الا أن سيف قاطعها هادرا بقوة
( الآن .......... )
نقلت عينيها بينه و بين وعد التي كانت واقفة مكانها ترتجف بقوة .... ... فخرجت ميرال بقوةٍ مندفعة تتجاوزه ...
بينما رمقها سيف بنظرة ٍ جعلتها تتجمد مكانها للحظة خاطفة .... ثم ابتعدت و هي تقول
( حسنا يا سيف ....... للحديث بقية ... )
انتظر سيف الى أن خرجت ميرال من المعرض .... بينما وقفت وعد مكانها تنظر اليه و قلبها يضرب و يفر كأرنب مذعور ....
أخذ يقترب منها ببطىء ....و عيناه الملتهبتان لا تحيدان عن عينيها بينما همست وعد ترتجف و تتراجع للخلف
( أعلم أنك غاضب بشأن يوسف وورد ...... )
الا أن سيف قاطعها هادرا بقوة زلزلت جدران المكان
( كيف وافقت ؟!!!!!!!!!! .......... )
انتفضت مذعورة ... ففعلت ما تستطيع فعله بتلك اللحظة ....
رفعت يدها الى جبهتها و همست بتعب
( سيف ........ أشعر ب ......... )
ثم سقطت أرضا متظاهرة بالإغماء !!! ....
هتف سيف بهلع وهو يندفع اليها جاثيا على ركبتيه
( وعد .......... )
ثم وضع ذراعيه خلف ظهرها و تحت ركبتيها ليحملها بين ذراعيه بحركة واحدة وهو يهمس بقلق
( وعد ......... وعد ....أفيقي حبيبتي أنا آسف ... لم اقصد ارعابك ..... لم أتمالك نفسي حين رأيتك تجلسين أرضا ....وعد ..... )
و لم يعلم أنها كانت تبتسم متنهدة بحرارة .... بين أضلعه !!! ............

بعينك وعد. 🌺 بقلم تميمة نبيل 🌺حيث تعيش القصص. اكتشف الآن