البارت السادس والعشرون

2.5K 102 21
                                    

صعد يزن ودعاء وأسـيل المصعد الكهربائي، وما أن توقف المصعد عند طابقٍ معين وفتح بابه، حتى أحاطت يدٌ دافئة ذراع أسيل بلطف، قادها بحذر للخروج من المصعد. وقفت أمام شقةٍ لا تعرفها، ولكنها امتثلت صامتة، تترقب ما سيحدث.

وفي لحظة غير متوقعة، انطلقت كلمات من غناء رقيق:

"سنة حلوة يا جميل، سنة حلوة يا جميل، سنة حلوة يا إيسو سنة حلوة يا جميل."

وقبل أن تستوعب ما تسمعه، كان يزن قد أزال القماشة من على عينيها، لتفاجأ بوالدتها جالسة أمامها على كرسي متحرك، تحمل كعكة عيد ميلاد مضاءة بالشموع، تغني لها بإبتسامة دافئة لم تفارق وجهها. بدأت الدموع تزرف من عيني أسيل، فقد كانت مشهدًا مؤثرًا للغاية، وحتى قمر والدتها، لم تستطع الثبات على دموعها، لكن استمرت في الغناء مبتسمة.

نظرت أسيل إلى يزن، الذي كان يراقبها بابتسامة تعبر عن فرحته بسعادتها. كانت تشعر بمشاعر عميقة تنبت بداخلها تجاهه؛ يزن يفعل كل شيء ليجعلها سعيدة. انحنت على ركبتيها أمام والدتها، اقتربت من الشموع، ونفختها لتنطفئ. ابتسمت قمر وقالت:

"اتمني حاجة."

همست أسيل في داخلها: "لم يعد هناك شيء أتمنى أكثر مما أملكه الآن."

يزن كان يقف متأملاً، قلبه يضحك لرؤية فرحتها، وقد تمنى أن تبقى سعيدة دائمًا. نظرت إليه أسيل، وتلاقت أعينهما. تلك النظرات حملت في طياتها الكثير من الشكر، فقد جعل هذا اليوم من أسعد أيام حياتها، بفضل ذكرياتها الطيبة مع والدتها.

دخلت دعاء المنزل، وتبعتها أسيل، تضحك مع والدتها. وقبل أن تغلق دعاء الباب، رأت يزن يقف بالخارج، فقالت:

"ادخل يا بني."

ابتسم يزن معتذرًا بوضوح: "لا يا طنط، ما ينفعش أكون معاكم. أنا غريب عنكم، هستأذن."

ابتسمت قمر حين سمعته، زادت مكانته في نظرها أضعافًا. استأذن يزن للمغادرة، وأغلقت دعاء الباب. ولكن بعد لحظات، ركضت أسيل نحو الباب، فتحته بسرعة، نزلت السلالم لتلحق بيزن قبل أن يغادر. حين وصل المصعد إلى الطابق الأرضي وفتح بابه، فوجئ بأسيل تقف أمامه، تتنفس بصعوبة. نظر إليها بقلق:

"أسيل، انتِ كويسة؟ في حاجة حصل..."

وقبل أن يكمل جملته، عانقته أسيل بقوة ودون سابق إنذار. ارتخى جسده واستند على باب المصعد، وحين أدرك ما يحدث، احتضنها بذراعيه بشغف، اشتاق لرائحة شعرها، وشعر بقلبه ينبض بشدة وجسده يرتجف حين أحس بأنفاسها الدافئة على رقبته، مما جعله يشتد في حضنها، وكأنه يريد أن يخفيها بداخله.

كان عناقًا غير عادي، فالشغف تجاه الآخر كان متبادلًا، والإحساسات القلبية كانت متشابهة. كلاهما كان يدرك ما في قلبه، ولكن يخشيان الإفصاح.

لا تخافي عزيزتي(مكتملة) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن