(17)
لحياتنا فصولٌ تشبه تعاقب المواسم الأربع
طاولة صغيرة تستقبل أشعة الشمس الدافئة، ترتكن أسفل الجدار العريض الذي يعبق بأصائص الريحان والزهور الصغيرة مع مذياع عتيق يشدو بخلفية للست أم كلثوم بطبقة صوت مميزة تقول فيها "غلبني الشوق وغلّبني"
فتشاركها الهمس بشجن اللحظة وأناملها تخط خطاب جديد
"وعدت سنة.. سنة على قد ما شفت فيها حستها بطول عمري كله بس الحمد لله على كل حال.. طمني عليك؟ يارب تكون بخير.. أنا وسماح أمورنا تمام، مدام مارجريت مبسوطة من شغلي معاها وأنا كمان مرتاحه، أقولك على سر؟ أنا حبيت الشغل ده عشان بحس بروح ماما الله يرحمها حواليا، لدرجة بتخيل صوتها يرن في وداني ساعات.
على فكرة إمبارح كان عيد جوازنا.. "كل سنة وأنت طيب".. بتضحك!.. ماشي.. بس ده مش جنان على فكرة أنا حقيقي برتاح لما أتكلم معاك وأحكي لك عن يومي وحياتي، بحس أنك جنبي وسامعني.
تنهدت وهي تتكأ برأسها فوق قبضتها المكورة بينما بصرها يتنقل فيما حولها في رضا، لها قرابة العام وهي تمكث هنا وحدها، أصلحت و غيرت الكثير في ملامح الغرفة حتى باتت لا تشبه تلك التي وجدت بها حالها أول مرة، طلت الجدران بلوني الأزرق والأصفر وأبدلت أثاثها القديم المتهالك بآخر حديث بألوان فاتحة كما علقت بعض الصور المبهجة فوق الحوائط، ولم تنس الإهتمام بالمساحة الفارغة أمام الغرفة فنظفتها جيدًا وأقامت بها مطبخًا صغيرًا في أحد الزوايا بعد ما ركنت آللاته الرياضية عند جانب مظلل وقامت بتغطيتهم حمايةً من أشعة الشمس الحارة، نشرت من حولها فوق السور العريض وأسفله المزروعات النضره فكان لذلك الأثر الطيب في نفسها، بينما تعمير المنطقة من حولها بإنشاء الأبنية الحديثة وإقبال السكان عليها مع إقامة بعض المتاجر والأسواق الصغيرة جعل ذلك أكثر أنسًا عن ذي قبل، عادت تميل فوق ورقتها تستكمل خطابها بثغرٍ ضاحكٍ..
ضحكة تشبه حلاوة الربيع..
"غيرت كتير في شكل الأوضة، هتعجبك أول ما تشوفها أنا متأكدة، بس أقدرأقولك أنها دلوقتي بس بقت تصلح للإستخدام الآدمي ومتخافش على حاجتك في الحفظ والصون..
وكانت تقصد بذلك أدوات الحلاقة خاصته وبضع أشياء أخرى مع قطع الملابس التي تقوم كل فترة على تنظيفها وتطيبيها ثم رصها داخل الصوان الصغير الذي ابتاعته مؤخرًا، تابعت الكتابة وهي تلون كلماتها بثوب الفكاهة علها تخفف من وطأة ترددها في السؤال
" هو أنت بتقرأ جواباتي يا حسن؟ أوعى يكون العسكري بينصب عليّ ومش بيوصل حاجة!.. طيب هسألك سؤال تاني.. هو أنا وحشتك زي ما أنت وحشتني؟!"
نسمة.
ظلت ترمش عدة مرات وهي ترمق آخر كلمات خطتها يدها باندهاش..
- ده تأثير الست يا هبلة.
قالتها لنفسها بهمسٍ مغتاظٍ وشفاه ممطوطة، وامتدت كفها تجذب الخطاب تنوي تمزيعه وإعادة واحد آخر لا يحتوي على هذا الهراء لولا تلك النبرة التي قاطعتها بلهاثٍ إثر صعود درجات السلم:
- يا رااااايقة.
قابلتها نسمة ببهجة حقيقية ونهضت لإستقبالها مهللةً بقدومها في مملكتها الصغيرة.. البسيطة:
- غِنى!.. وحشتيني، ماقولتيش ليه أنك جاية؟
عانقتها ثم ابتعدت لتهتف من بين أنفاسها:
- قلت أفاجئك بس ماكنتش أعرف روحي هتطلع كده.
ضحكت وهدأت من روعها وهي تتحرك لتحضر لها كوب ماء بارد من داخل الثلاجة الصغيرة القابعة بداخل الغرفة:
- طيب خدي نفسك هجيب لك مية ساقعة.
تجرعت نصف الكوب دفعة واحدة، ثم أنزلته و أشارت بكفها ناحية الدرج في استفهام:
- صحيح في ست غريبة وقفتتي وأنا طالعة وعملت معايا تحقيق، طالعه لمين وعايزاها ليه وأسئلة عجيبة كده.. تعرفيها دي!
تناولت منها الكوب وهي تخبرها بصوت خفيض:
- دي الست ميساء، مرات صاحب البيت، ست غريبة فعلًا، بس أنا بحاول اتجنبها قدر المستطاع.
شهقت غنى بفزع وسألت بجدية وهي تقترب منها برأسها في توجس:
- مش دي اللي كنت قلت لي مرة أنك بتشوفيها تنزل بالليل متأخر من عربيات رجالة!
زجرتها:
- شششش بس يا فضيحة مالناش دعوة.
أغلقت فمها بسحاب وهي تضحك لتزجرها من جديد بعينيها فتصمت، دارت في المكان من حولها وهي تطلق صفير خفيض تعلن به إعجابها:
- المكان بقى حلو قوي يا نسمة بجد.
التقطت عيناها مايرفرف فوق المنضدة الصغيرة فاستنبطت مافيه، أسرعت تخطف الخطاب وتلوح به ناحية الأخرى التي تعالى وجيب قلبها:
- هممم قفشتك.. بتعملي إيه يا هانم!
ومررت بصرها فوق سطوره سريعًا فالتقطت على الفور آخر كلمة فيه، رفعت لها وجهها شاهقه بنبرة خبيثة وهي تضحك بقوة:
- وحشتني! نسمة ووحشتني طب أزاي؟
وانخرطت في ضحكاتها حتى غصت بينما نسمة تخلص خطابها من بين أصابعها وتعنفها بضيق:
- أنتِ رخمة على فكرة..
طوت الخطاب وضمت عليه قبضتها بينما تحرك كتفيها تفتعل اللامبالاة تداري بذلك حرجها:
- وأصلًا كنت هقطعه.
تركتها ودخلت الغرفة فلحقت بها الأخرى بصخبها المتعال:
- عادي على فكرة ده جوزك يعني الطبيعي تقولي له وحشتني.. بحبك..
وألقت بحالها فوق الفراش المرتب وهي تستطرد بتنهيده ونبرة وردية:
- أرجعلي بقى.. أنا زهقت!
ختمت جملتها بانفعال لترميها الأخرى بوسادة الأريكة الصغيرة:
- بطلي تريأه يا سخيفه.
اعتدلت غِنى جالسة تربع ساقيها وتتحدث تلك المرة بجدية:
- على فكرة مش بتريأ، أنا بتكلم جد.
رفعت لها حاجبًا وتركتها تصطنع التشاغل بترتيب بعض الأشياء من حولها وحين حل الصمت دارت لها وسألتها بخفوت وقسمات مقتضبة:
- يعني هو عادي بجد!
أمسكت غِنى رأسها بين يديها وتصيح فيها باغتياظ:
- أنتِ هتجننيني يا بنتي، أصلًا بتتكلمي في إيه!.. مش البيه يبقى جوزك بردو ولا أنا غلطانة؟
قاطعتها بزمجرة:
- اسمه حسن.
- ماشي يا ستي سي حسن حلو كده؟.. وبعدين مش كفاية سايبك عايشة هنا لوحدك ومسافر كل ده، مش فاهمة بصراحة إزاي موافقة على الوضع ده أصلاً ولا هو متجوزك عشان يركنك في بيته؟
دارت لعثمة حروفها المختنقة ببسمة صغيرة وهي تستدير عنها:
- ما أنا قلت لك قبل كده مش بمزاجه ينزل وقت ما يحب، الكفيل بتاعه صعب والأجازات مش بالسهولة دي، ده له زميل مانزلش مصر يجي من خمس سنين كده..
وسريعًا غيرت دفة الحوار:
- تحبي تشربي أيه؟
نهضت غنى تضمها برفق، تعتذر بلطف حين شعرت بضيق نبرتها محاولةً بذلك تلطيف الجو:
- مقصدتش اضايقك.. وبعدين فكرة الجوابات دي فكرة عظيمة أصلًا.
قابلت لطفها بآخر بينما تربت فوق ظهرها:
- عادي يابنتي محصلش حاجة.
ابتعدت قليلاً ترمقها بعين تشع حيوية وحماس:
- طيب يلا غيري هدومك وننزل نتغدى بره، أظن مالكيش حجة النهاردة أجازة من الشغل؟
فكرت لثوان ثم رفعت كتفيها في استسلام:
- موافقة.
أثرت كلتاهما في حياة الأخرى، فبعد لقاء وآخر من نسمة لها ولشقيقها الصغير نجحت في إعادتها وجذبها للحياة من جديد، فأصبح اليوم لا يكتمل من غير لقاء هاتفي أو شخصي يجمع بينهما، وكان لما مرت به كل منها صدى كبير في نفسيهما لتتمكن أكثر بالسعي نحوالأيام الخوالي حيث الطفولة ولم شمل انفرط عقده مع الزمن.
***
ولنسيم الربيع سحره الخاص حين يمتزج مع هواء البحر المنعش، وذلك أكثر من مناسب لحفل الليلة الخاص، فالسيد يجهز مفاجأة لامرأته إحتفالًا بعيد زواجهم الخامس والذي تهتم هي بكل تفاصيله.. وبكل حزم:
- مش كده يا مروة رجعيها لوراء شوية!
نفخت في سأم وهي ترى الفتاة تعجز عن ضبط وضع طاولة! تحركت تساعدها وتضبط من وضعها بنفسها حتى نالت مايرضيها ثم تابعت في إصدار أمر جديد:
- روحي شوفي بتاع الإضاءة وصل ولا لسه وأنا هشوف المطبخ.
بدأت في تنفيذ ما طلبت منها على الفور ودارت هي تنوي تفقد المطبخ بدورها حين رأته يقترب منها وعلى ثغره تلوح إبتسامة رضا:
- برافو يا سماح، اللي زيك الواحد يعتمد عليه وهو مغمض عينيه، وللحق مش بس في المطبخ؛ في أي مكان دايمًا قدها.
- العفو يا أستاذ شريف ده شغلي.
قالتها باسمة ليشيد بتواضعها ضاحكًا:
- ربنا يكتر من أمثالك يابنتي.
قابلت مزاحه وهي تتحرك:
- اتفضل بقى أرجع للمدام مش عايزين المفاجأة تبوظ وأنا هكمل شغلي.
أشار لها بإبهامه موافقاً فتحركت بالفعل، بعد حينٍ كان يهتف أحد العاملين بها، يقطع عنها تركيزها في الطبق الذي كانت تعده:
- آنسة سماح في واحد بره عايزك.
صمتت لثوان تفكر، من قد يطلب رؤيتها! لم تطل حيرتها كثيرًا إذ أشارت لإحداهن حتى تكمل عنها واتبعته متوجسة حتى قابلته في وقفته..
أبوها!
رؤيته أبداً كانت غير متوقعة، في اللحظة كان يجتر عليها الماضي بكل مافيه، عام مضى منذ أن نسجت لحالها عالم جديد، عالم كانت فيه سماح أخرى لا تشبه تلك الفتاة التي ضيعت نصف عمرها في ملاحقة مشاعر زائفة والنصف الآخر قضته تتجول من بيت لآخر تلهث خلف لقمة العيش..
عام نالت فيه على احترام الجميع وعرفت به شغف الطهي الذي لم تكن لتدركه سابقًا فأصبحت_ملكة المطبخ_ كما لقبها زميلاتها اللائي ربطها بهن جميعًا علاقة طيبة.
اقتربت بصدمتها منه في حين كان يعاجلها هو بهتاف مشتاق:
- إزيك يا سماح؟
لم تستطع منع حالها من سؤالها المتعجب فهي اعتادت على مكالماته التي دأب عليها منذ فترة طويلة لكن تلك الزيارة كانت مفاجأة بحق:
- أنت جاي مخصوص عشاني!
جاءها الجواب في إيماءة صامتة جعلتها تتفرس في ملامحه المرهقة، رجحتها على الفور لتعب الطريق، عاجلته بدعوة كان لها الصدى المبتهج في نفسه:
- تعالى نقعد هناك، اتفضل..
إختارت طاولة بعيدة عن الأنظار قليلًا، تقابلا في جلستهما و طالت النظرات المتبادلة في صمت، قطعها بعد ما تشبع من صورتها بسؤال وإن كان يرى جوابه فوق ملامحها:
- مرتاحة يا بنتي؟
"الرجل فيه شيءٌ من قهر!"
قالتها لنفسها في شفقةٍ وهي تراقب قسماته وتجاعيد وجهه التي باتت محفورة بقسوة، تكفلت ببسمةٍ هادئةٍ قائلةً في رضا حقيقي:
- الحمدلله، بتعامل كأني صاحبة مكان مش بشتغل فيه.. أنا يمكن ماكنتش مرتاحة قبل كده قد الفترة دي.
تفهم حديثها بهزة رأس صامتة لينكس برأسه بعدها محتفظًا بذات الصمت، تلك الغصة التي تمنع عنه متابعة حديث جاء من أجله، وصلتها بعثرة أفكاره المرهقة، وهي مؤخرًا بالفعل ماعادت تنظر للوراء، لم تعد تلك الذكريات تؤلمها كما السابق، هي نجحت في حجبها أسفل ركام النسيان، فالحياة بحلوها ومرها كلا سيمضي في طريقه..
لِمَ إذًا نختار الوقوف فوق حافة المشقة!
هي تبغض ذلك، ولأجل هذا سوف تأخذ نصيبها كاملًا من اسمها في هذه اللحظة وتودعه لذلك الرجل الجالس قبالتها علّه يتخلص من بواطنه المعذبة، فتلك الحياة المارقة لا تستحق أبدًا ذلك الكم الهائل من الوجع..
تركت لكفها حرية الربت فوق كفه الأيمن الراقد أمامه فوق المائدة وحين رفع بصره قابلته بسمتها الحانية.. كانت تشبه أمها الراحلة إلى حد كبير، حد أنه تخيلها.. خرجت نبرتها مواسية بحنوٍ حقيقيٍ يستشعره منها لأول مرة:
- ماتحملش نفسك فوق طاقتها.
حنو لم يبهج الكهل بداخله بقدر ما زاد من غصته، باكيًا على العمر المسكوب في ضياع.. ومع ذلك تبسم لمبسمها الحاني وهو يمد يسراه يحتوي بها كفها القابع فوق يمناه بدفء يناسب اللحظة والكلمات:
- ربنا يجبر بخاطرك يا بنتي.
هربت من حرقة تناوش الأجفان بتغيير دفة الحوار وهي تسحب كفيها لتغوص بهما داخل حجرها:
- حسن عامل إيه؟
وكانت تعلم أنه أكثر من يعلم عن حاله، ولم يخيب ظنها:
- على حاله رافض يقابل أي حد.. بس هو كويس ماتقلقيش.
هزت رأسها في صمت ليعاجلها من جديد بصدمة جديدة:
- عاوزك تكوني جنبه لما يخرج بالسلامة يا سماح.
- وهتفرق في إيه؟
قالتها بلمحة سخرية بينما تبتعد ببصرها عن مرماه بنصف استدارة ليدمدم على الفور:
- تفرق أنه هيكون محتاج لك.
- متشلش هم مراته مستنياه.
- مراته حاجة وأنتِ حاجة.
- حسن مش بيحتاج لحد، أنتَ ماتعرفوش.
- لأ، هيكون محتاج ياقوت، ومش هيلاقيها غير فيكِ.
عادت له سريعًا ورعشة شفتيها ردعت كل حرف وليد في زمة قاسية ليتابع تتمة ماجاء لأجله:
- مش حسن بس اللي محتاج وجودك.. أنس أخوكي كمان.
واستطرد بنظرة نفذت لوجدانها:
- مش عايزه يكبر مايعرفش مين أخواته.
صمتت عن الحديث، هي في الأصل لا تملك جوابًا.. وما يطلب منها فوق قدرتها.. وطلبه ليس بتلك البساطة أبدًا، هي تعجز عن التعامل مع شقيقها ربيب طفولتها فما باله يوصيها بآخر لا تعرف عنه شيء سوى اسمه وذكرى مشوشة لصورته حين وقع بصرها عليه وقت قامت بزيارته في المشفى آنذاك..
ومع إلحاح نظراته وإنتظاره لجواب صريح لم تملك سوى أن تنهي الحوار بكلمات حكيمة لم تعهدها بها من قبل لكنها بثت شيء من راحة في نفس الجالس قبالتها:
- سيب كل حاجة للزمن، هو كفيل بيها.
تبادلا بعدها الحديث الهادىء دون التطرق لأي شيء أو ذكرى تخص الأمس، بل تشاركا وصنعا ذكرى تخص اليوم، وعند الرحيل طوقها بذراعيه وترك لها قبلة فوق الجبين والدمعة الثقيلة حبسها خلف الأجفان وعنها؛ قد حررت خاصتها حين كانت تتبعه بعينيها إلى أن اختفى عن ناظريها.. قطع عليها خلوة الشعور الصخب القائم معلنًا عن اقتراب موعد الحفل المنتظر، فمحت سريعاً ماعلق فوق أهدابها وصاحت بصرامة وعدم رضا في رجل الإضاءة الذي جاء يكمل ما بدأ من عمل على مقربة منها:
- ارفع شوية من جهة اليمين ياريس!
***
ويحدث عقب زخير الربيع أن تجتاحك موجة صيفية حارة تحيلك وما كنت يومًا إلى نضوب مقفر..
وكانت رسائلها التي داومت عليها طيلة العامين المنصرمين كقطرة مطر وسط أرض مقفرة، رسائل قابلها في البداية ببلادة ودون اهتمام حقيقي لينتهى به الحال ينتظرها في لهفة!.. كأنها متنفس يسحبه بعيدًا عن تلك القضبان، عالم آخر لايرى فيه غيرها ولا يسمع غير صوتها حد أنَّ خياله كان له الدور الأعظم في تصوير ما تقرأه عيناه، يستطيع تخيلها كيف تبدأ صباحها بتكاسل تتبعه بشريحة خبز وكأس حليب يعقبه رحيل سريع إلى الجامعة لتنهي يومها الدراسي وتبدأ وقت العمل بمتجر "الكعك" والذي تعود ملكيته لسيدة مسنة تدعى مارجريت، من ثم تلاحق ساعات الليل في استذكار دروسها حتى تسقط في النهاية صريعة للنعاس وفي الصباح تبدأ دورة جديدة بذات الروتين الممل.. القاتل.
قصت عليه تفاصيل حياتها كما لم تخبر أحدًا من قبل، حكت عن أبيها وأمها الراحلين حتى عمها الحقير لم تنسه!..
شاركته كل لحظة فرح سبق وعاصرتها وكل حزن صاحبها، حتى قلقها كانت تبثه إياه، مع مرور الوقت نجحت في صنع عالمٍ خاص بهما، وحدها تقوده متخذة فيه دور الفاعل و لم تنتظر منه أي رد.. كأنها على يقين أنه لن يفعل!..
وعلى مايبدو زهدت الإنتظار فغابت قطرته تلك المرة عن موعدها المعتاد بثلاث أسابيع كاملة، ولم يكن يدري أنه سيفتقدها بل ويثيره القلق حيال تأخرها..
هل حدث مكروه!
تقلب في فراشه ينفخ أنفاسه في ضيق وسأم ليعتدل بعدها جالسا تاركاً لرأسه حرية الغوص بين كفيه يضغط براحتيه من كلا الجانبين عله يحجم ذلك الصداع الذي يفتك به دون هوادة.. ولم يجد غيرها، لفافته رفيقة أناملة التي تؤنس وحدته وتطرد وحشة أفكاره.. وصوت رجولي بحت يقتحم الصورة:
- كل تأخيرة وفيها خيره ماتقلقش.
طالعه بصمت لثوان، فـ سيد زميل زنزانة في منتصف الثلاثينيات حكم عليه بست سنوات حبس جراء واقعة حدثت أمام ورشته بعد ما تطاول أحدهم على بنت منطقته فهب فيه عرق النخوة ليدافع ويقتص للفتاة عقب ما استنجدت به فنشب عراكٌ بين الطرفين وأسفر دون قصدٍ منه عن عاهة مستديمة لعديم الشرف فجاء الحكم العادل بالقصاص منه والحكم فيه..
سمع قصته عن لسانه، فمنذ أن دأب على تقديم كأس شاي له كل ليلة كان يجالسه ويثرثر معه لبعض الوقت بينما في المقابل كان يتخذ دور المستمع.. كأنما مدار حياته تعطل عن الدوران ولم يتبق له غير دور المشاهد لحياة الآخرين.
هرب من تربص نظراته رغم الظلام وهو ينفث دخانه في بطءٍ مدعي عدم الفهم:
- وأنا هقلق من إيه؟ مش فاهم!
اقترب وجلس على مقربة منه ودنا بعض الشيء محافظًا بذلك على سره:
- أقصد الجوابات اللي بتوصلك كل فترة وتأخرت المرة دي عن ميعادها.
وتابع سيد يستطرد سريعًا بنبرة جادة:
- متخافش سرك في بير.
عاد برأسه للخلف يحط بها فوق الجدار نافثًا دخانه تلك المرة بقوة أكبر وهو يطبق أجفانه دون جواب فأتاه سؤال لم يكن في انتظاره من ذلك الودود:
- دول أخواتك اللي بيكتبوا لك؟
وهو ليس متاح لعرض حكاياه الخاصة مع أيٍّ كان، أغضبه سؤاله لكنه حافظ على هدوئه لأنه فقط يدرك نية صاحبه، أجابه بهزة رأسٍ صامتة تعنى: لا..
ليردف سيد بضحكة وغمزة المكتشف للأمور:
- يبقى الجماعة.
تغضنت ملامحه وناور تلك المرة بسؤال كان من لدنه:
- هتخرج الشهر الجاي، خلاص هانت.
استبشرت قسمات سيد بفرحة الإنتظار ولهفة اللقاء:
- مش مصدق أن هشوف الواد عمر وأشبع منه، سبته وعمره شهرين، دلوقت داخل المدرسة..
ثم ربت فوق ساقه مردفًا:
- عقبالك يا صاحبي.
لا ينكر أن عفوية الرجل وتبسيطه لكافة الأمور تجبره في كثير من الأحيان على كسر قوقعة الصمت والإنخراط معه بالحديث:
- لسه بدري يا سيد..
وسحب شهيقَ المتعب وهو يكمل بيأس بينما بصره يتبع الشبه نافذة الصغيرة القابعة على مقربة من السقف وبالكاد ينفذ منها شعاع القمر:
- والجاي شكله أتقل من اللي فات.
أخذ يواسيه متلحفًا بذريعة الصبر:
- ولا أتقل ولا حاجة كلها كام شهر وهيعدوا صدقني، كله بيعدي بس الصبر.
هز رأسه في صمت وشاح بها جانبًا ليجذب أنظاره من جديد وهو يقترب من وجهه يدمدم أمامه بهمس بالكاد وصله:
- في واحد اسمه فرج معاه محمول بيقلب به عيشه بين المساجين، لو بالك مشغول قوي تقدر تخطف لك دقيقتين، بعد المعلوم طبعاً.
ألقى بجملته الهامسة وعاد إلى فراشه، ليعيث بأفكاره الفوضى على طول الليل.. في اليوم التالي أثناء فترة الغذاء كان ينزوي بالقرب من أحد المراحيض داخل دورة المياة وفوق أذنه يقبع هاتف محمول تعجب أنه يعمل حينما رآه، لكنه بالفعل يعمل والرنين المنبعث عبر أذنه خير دليل، لم يكن متأكدًا من صحة الأرقام التي قام بطلبها لكنه في النهاية لا يملك سوى الاعتماد على ذاكرته، انتهى الرنين أول مرة دون رد فأعاد الكرة سريعاً بيقين لم يعد يثق فيه من الأساس وحينما أوشك الاتصال الثاني على الانقطاع جاءته نبرتها التي لم تخطئها أذناه، بل كانت تصله بوضوح بالرغم من تهتك مايحمل بين راحته من جهاز:
- أنتو كويسين؟
همس بها بعد دقيقة صمت كادت أن تغلق فيها الخط، لكن نبرته كانت كافية لتيبس جسدها في وقفته وتتعثر أنفاسها:
"حسن؟!"
وهي لن تخطئ صوته لكن اللحظة تحتاج إلى يقين، ولم يكن ليتأخر، فالوقت ليس متاحًا له بتلك الرفاهية:
- أيوه حسن.. مردتيش عليّ أنتِ وسماح كويسين؟
ردت والدمع ينحر الأجفان مع رجفة تملكت من جميع الأطراف:
"بخير ماتقلقش، أنت عامل إيه؟ وبتكلمني منين وإزاي!!"
- كويس.. وبكلمك من السجن.
قالها بخفوت ليتابع بعد برهة بصوت أجش:
- قلقت وافتكرت حصل معاكم حاجة!
فهمت أنه يرمي إلى غياب خطابها، بل يعلنها صراحةً أنه افتقدها، ولم تطل عليه الإنتظار وهو تدمدم له بشيءٍ من يأس وكأنها كانت في انتظاره:
"مضغوطة في الكلية بسبب الامتحانات ومحبتش أكتب لك وأنا في حالتي دي"
- أيًا كانت حالتك اكتبي، ماتبطليش يا نسمة!
قالها بنبرة مخنوقة مزمجرة في شبه أمر، لتأتيه على الفور نبرتها المتهدجة بأسف:
"مش هتأخر عليك تاني"
واردفت سريعًا برجاء أقرب لتوسل:
"خليني أزورك؟"
- لأ!..
جاءت قاطعة، باتره لأي أمل، محملة بالخيبة.. فرك جبهته في توتر مقررًا انهاء تلك المهاتفة المرهقة:
- لازم أقفل دلوقت..
"حسن.."
عاجلته بنبرتها الملهوفة ليصمت إلا من حشرجة أنفاس لتعاوده الهمس بشوق لامس شغاف قلبه:
"أنا مستنياك.. لا الله إلا الله"
تعالت وتيرة أنفاسه للحظات همس بعدها بخفوت مقتضب:
- محمد رسول الله.
لم ينتظر وأغلق الهاتف على الفور زافرًا بقوةٍ محاولًا بذلك ضبط خلجاته المضطربة.
بينما هي كانت تجلس فوق فراشها وتضم بالهاتف لصدرها، تهطل دمعاتها بينما ثغرها يرتجف بابتسامة المشتاق، وهي بالفعل كانت مشتاقة حد الظمأ، أعادها صوته لأسبوعها الأول برفقته، أول أيام زواجهما، ضحكته وكلماته الغزلية، رائحة جسده التي حفظتها كل خلية فيها وبالرغم من سنوات الفرآق إلا أنها بغمضة عين وتفتيش من قبل عقلها الباطن يمكنها استحضارها..
ظلت طيلة اليوم تتبسم في وجه كل من تراه حتى للأغراب رواد المتجر وصوته لايفارقها.. وفي النهاية؛ نامت ليلتها وفي قلبها عطب من عشق!
***
نسائم الخريف..
تشبه إلى حد كبير مشاعرنا المتقلبة!
داخل إحدى دور العرض السينمائية الكبيرة كان برفقة زوجته، دعاها لمشاهدة فيلم نزل حديثًا فقبلت دعوته على الفور، وهل يمكنها الرفض!
فبعد زواجٍ دام لعامين ويزيد ببضع شهور هدأت مشاعرها الجياشة لكنها لم تنقص أبدًا، وربما الأمر يعود لنضوج العمر فأصبح عشقها أكثر اتزانًا وتعقلًا عن ذي قبل، على عكس مشاعره الهادئة التي ظلت على عهدها منذ أن ربط بينهما رباط مقدس وحتى هذه اللحظة التي ترمي فيها برأسها فوق كتفه وتطوق ذراعه الأيسر بكلا ذراعيها مستمتعة بما ترى.. أبعد قليلًا منظاره ثلاثي الأبعاد وأخرج هاتفه ثم مال يسترق نظرة من زوجته فوجدها تصب جل تركيزها على ماتشاهد فعاد لهاتفه ينقر فوق شاشته عدة نقرات، يبتسم في مكر وهو يراها على بعد عدة مقاعد منه تخرج هاتفها بدورها لتصعق وهي تبعد منظارها وتقرأ ما وردها من كلمات..
" دايمًا اللون البني يليق بيك"
دارت برأسها من فورها يمنةً ويسرة تبحث عنه لتقابلها عيناه المتربصة.. كان برفقة زوجته! إلى أي مدى سوف يصل بأفعاله؟
قطع تشوشها إعادته لمنظاره وهو يرجع برأسه للخلف ليتابع الشاشة العملاقة أمامه بعد ما نجح وباقتدار في إفساد متعتها..
وفي الحقيقة كان بدوره أبعد ما يكون عن الإستمتاع، لكن هل نفذ صبره؟.. لا لم ينفذ بعد، هو فقط يستهلكه ببطءٍ، فمنذ ذلك اللقاء العاصف داخل مكتبها والذي قام به في ذروة جنون حقيقي تملك منه آنذاك ولم يلق من ورائه صدى، قرر بعدها مجاراتها والتخفي خلف جدار العمل الذي يجمع بينهما متسلحًا بالوقت، فوحده كفيل بإذابة مابينهما من عوائق وإن كان يفقد السيطرة على بعض من أفعاله كدعوته لزوجته الليلة في هذا المكان لأنه فقط يعلم أنها من رواده الدائمين، ولعبت الصدفة دورها بكل براعةٍ إذ جدها أمامه دون سابق موعدٍ، ليفلت زمام النبضات من جديد رغمًا عن أنفه.
حينما انتهت الليلة وعاد بزوجته لفراشهما الدافئ كانت تضم نفسها لصدره وهي تهمس له في امتنان:
- ميرسي على الليلة الجميلة يانديم.
لثم جبينها في رقة فكان جوابًا كافيًا لتقبل وجنته بدورها هامسةً بتثاؤب:
- بون وي يا حبيبي.
خلدت للنوم وبقي مع حاله عالقًا بين أشباح عشقه اللامتاح وبين ما تقدمه له زوجته من دعم وعطاء، هو لا يكره عشقها بل على العكس بفضلها تكتمل الصورة المنقوصة، ولا ينكر أنه يرتوي من حبها وعشقها اللامحدود لكن ماذا إن كان قلبه ليس ملك يمينه ليطوعه كيفما يريد!
وإن كان هل كان ليقدمه لها.. هي زوجته؟
تنهد وهو يخرج حاله قسرًا من تلك الحالة ليجد نفسه قد انخرط في الحساب الإلكتروني الخاص بالأخرى، معذبته..
حين وجدها في وضع الإتصال لم يستطع منع حاله من النقر فوق لوحته من جديد، يبعث برسالة أخرى وإن كانت لا تشبه الأولى
" تصبحي على خير"
ولم يكن لينتظر ردًا فهي ستقرأها كالعادة ولن يجد شيئًا في المقابل فقد قالتها له يومًا أن آخر حدودها العمل.. العمل وفقط.
ولم يكن يدري أنها في المقابل كانت تعض فوق شفتها السفلى في غيظٍ وحنقٍ بل تلعن نفسها يوم سلمت له قلبها، لكن هذا لم يعد مهمًا الآن فهو مقابل كل فعلٍ مخزٍ في نظرها كان يسقط حجراً من جدار عشقه القائم في حجرات قلبها والحق يقال فقد نجح في هدمه وبجدارة، والمتبقي ماهو غير شيء ضئيل من فتات ستتخلص منه حين تنهي مابينهما من عمل فور انتهاء مدة العقد المحددة والتي لم يتبق عليها الكثير وحينها ستلفظه بعيدًا عن حياتها وليبقى هائمًا مع جنونه وحده.. فقط الصبر.
تحركت عن فراشها في تكاسل فهاهو ينجح في طرد نعاسها كما أفسد عليها وقتها منذ ساعات، أحضرت كوب حليب دافئ وفي طريق العودة وصلتها همهمات خفيضة آتية من خلف باب غرفة شقيقها، فالصغير قد شب عن طوق الطفولة وها قد أوشك على إنهاء مرحلة جديدة..
فتحت الباب دون سابق إنذار لتصدمها رؤيته متلحفًا بالشرشف الخفيف فوق الفراش في نصف جلوس وقد عبق الغرفة بالدخان، ما إن رآها حتى أنزل الهاتف العالق فوق أذنه منذ ساعات وأسرع بإطفاء لفافته في المرمدة القريبة صائحًا في ارتباك:
- يابنتي مش تخبطي؟ افرض قالع!
في حدة وغضب كانت تهتف من بين ضروسها، فتلاعبه بالكلمات لن يجدي معها الآن:
- أنتَ بتهبب إيه؟
نفخ في سأم وقبل ما يتكلم كانت تستطرد بغضب أكبر:
- وبعدين مش اتفقنا مفيش زفت سجاير تاني ولا هو كان كلام عيال؟
ثم تخصرت بذراع وفردت الآخر في أمر لا يقبل جدال:
- هات.. ولا تحب تيجي ماما تتصرف؟
تأفف بصوت مسموع وهو يضع العلبة داخل راحتها مدمدمًا بحنق:
- عارف مش هخلص منك.
رفعت حاجبًا في سخرية وانتقلت من فورها لموضوع آخر:
- دلوقتِ ممكن أفهم بتعمل إيه في السرير؟
سخر بدوره:
- أكيد هنام، مش محتاجة ذكاء يعني.
- يابني أنت في ثانوية عامة، أحشر المعلومة العظيمة دي في دماغك أزاي؟ لا بجد إيه برود الأعصاب اللي أنت فيه ده؟
- ييييي هو بالنهار ماما ودلوقت أنتِ.. ميسون يا حبيبتي أنا عارف بعمل إيه كويس، ممكن تهوينا بقى؟
- أنا مابهرجش يا أنس، السنة بتجري وأنت يا نايم يا مع صحابك الفاشلين.. وبعدين؟
- حاضر، أوعدك ياستي من بكره هذاكر.. حلو كده؟
حركت رأسها في عدم رضا وغادرته دون رد، لا فائدة ترجو منه وهي ليست في وضع يسمح بجدال.. ما إن أغلقت الباب من خلفها أخذ يبحث عن هاتفه المختبىء أسفل طيات الشرشف، وضعه فوق أذنه لتصلته في الحال الضحكات الأنثوية، قطعها بعبث وهو يندس لداخل الفراش:
- ها يا مزة كنا بنقول إيه؟
لكن الضحكات لم تنقطع إذ وصلته نبرتها من بينهن قائلة بغنج مصطنع:
- نفختك.. يااااحرام.
رفع حاجبيه كأنما تراه مدافعاً:
- دي سوسو يابنتي يعني عادي، المهم مش هتجيبي نمرة صاحبتك بقى؟
- ياااربي أنت مابتزهقش!
ولم تنتظر منه رد إذ قطعت في وجهه الخط لينظر بدوره للهاتف بين راحته في بلاهة ماطًا شفتيه في سخط من فعلتها المخالفة لشريعة الذوق، ثم سريعاً كان يواسي حاله بكلمات توازت مع سحبه للشرشف فوق رأسه:
- مالهاش نصيب.. يلا في داهية.
***
أما عن سيد الفصول فهو يقتلع كل أخضر فيك كان أو يابس، يتركك مكشوفًا للعراء، تضربك عواصفه دون هوادةٍ، وكلما ظننت أنه مر ورحل يفاجئك بضربة جديدة..
وهو تلقى للتو ضربة جديدة..
خائنة..
وما أقواها من ضربة!
سعل بقوةٍ مرة وأخرى وكبح الثالثة بكفه بينما عيناه تجري فوق السطور في عدم تصديقٍ.. وحين أدرك حقيقة ما يمسك بين أصابعه تكورت قبضته تجعد خطابه الأخير، أو هكذا ظن قبل ما تقع عيناه على ما يحوي سطور..
فما يحمله المظروف تلك المرة ليست كلماتها، بل صك أمان كان قد تملكه بالخداع، حين زور خطها ببضع كلمات أقل ما يقال عنها.. فاسقة!
لأجل أن يحمي حاله من الوقوع في الشرك، ليدرك الآن أنه ساقطٌ فيه لا محالة..
خبط جبهته بقوة في الجدار والخيوط جميعها تظهر تباعاً، ومن غيره يعرف بأمر تلك الشقة؟ بل من غيره يمكنه الوصول لمخبئه هناك وتأتيه الجرأة ليستخرج مافيه ويزج به في يد امرأته بكل فسوقٍ، لتختم هي مشوار رسائلها وتبعث به إليه كخطابٍ أخيرٍ منها مع علامة استفهام كبيرة تحتل واجهة الظرف من الخارج..
كأنما تسأله دون حديث.. لماذا!
ومن غير أيوب يعري ستره و يطعن بغدر؟..
من غيره يفتح مقبرة الماضي ويبعثر مافيها حتى يرد له الصفعة وعلى الملأ؛ مستقبلًا بذلك عودته القريبة.. القريبة جداً!
أنت تقرأ
الغنيمة
Romansa"حسن صبري" ابن الحارة الشعبية واللص ذو الأيدي الخفية توكل له مهمة اختطاف ابنة رجل الأعمال الثري تحت مسمى تصفية حسابات.. ترى إلى أي حد تتشابك المصائر وتختلط الأقدار حين تقع ابنة الخادمة ضحية في مصيدة اللص؟!🕳️👀 - رواية الغنيمة للكاتبة "بثينة عثمان"...