21-صفحة سوداء.. ١

32 3 0
                                    

" عندما تدخل العالم السفلي و تريد الخروج منه، إما أن تبقى داخله على قيد الحياة، و إما أن تدفع حياتك و حياة من تحبهم ثمنا للخروج للأبد..

بالمختصر.. الخروج من هذا العالم مستحيل.."

.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.

وهران..

قبل خمسِ سنوات..

كانَ لايزالُ في التاسعةِ عشرة، شابا طائشًا أخذتهُ قدماهُ إلى الهلاكِ بذاته..

- ستصلُ الأسلحةُ و السلعُ عند الثامنة ..

هذا ما سمعهُ آدم عندمَا كان في شوارعِ وهران، أثارت العبارةُ فضوله، و لم يكن ليفعلَ شيءً سوى الجلوسِ عاقلاً و تجاهلُ الأمر.. و لكن تبا.. ما حدثَ كان العكسَ تماما..

الثامنةُ مساءً أسدلَ الليلُ رداءه، و وصلَ هو إلى المكانِ المقصود، قلت الحركةُ في ذلك الحي و لم يكن هناك صوتٌ صادرٌ من أمامه و هو ينظرُ نحوهم من خلفِ إحدى النخيل بحذر، لحظاتُ صمتٍ ثقيلة واجهت جميعهم في ترقبِ الطريق، لحظات صمت لم تقاطعها سوى صوت شاحناتٍ ضخمة توقفت جانبا، ترجل عنها رجالٌ يرتدون الأسود، كانوا يرتدون الأسود برفقة أسلحتهم ذات الأحجامِ المختلفة، المسدساتِ المعلقة على أحزمتهم و الرشاشاتِ المعلقة على صدورهم..

عقله ما عاد معه حينها، و كأنه تم تنويمه مغناطسيًا فشرد ينظر إلى الأسلحةِ المختلفة في الصناديقِ للحظات، عقله كان لدى الأسلحة التي أصبحت رفيقة له في ما بعد، و هي كانت تذكرة دخوله للعالم الأسود..

عاد إلى رشده فقرر الإنسحاب من المكان بهدوء، تحرك خطوة واحدة و تعثر بحصى على الأرض و كشف أمره..

لم يعلم أساسا ما حدث معه بعدها، لكنه وجد نفسه في مستودع مهجور مقيدة يداه و معلق بسقف المستودع..

من ذلك المكان تحديدا و من تلك الحادثة، بدأت قصته مع المافيا، و عندما تدخل العالم السفلي و تريد الخروج منه، إما أن تبقى داخله على قيد الحياة، و إما أن تدفع حياتك و حياة من تحبهم ثمنا للخروج للأبد..

بالمختصر.. الخروج من هذا العالم مستحيل..

تناثرت دماءه على الأرضية من تلك اللكمة التي كادت تحطم فكه، دفع حينها ثمن بروده الآن، و هو لا ينكر أنه واجه الجحيم بذاته هناك، طرق التعذيب التي ذاقها هناك لن تفارق ذاكرته ما دام حيا..

"أنا أستحق أكثر من ذلك لأني أخذت نفسي بنفسي إلى ما لا دخل لي به و تدخلت بشؤونهم و دفعت. الثمن"

هكذا حدث نفسه و هو يبزق الدماء عن فمه، أنفاسه متسارعة و صدره يرتفع و ينخفظ بعنف..

- من أرسلكَ أيها الفتى!؟

 the only witness /الشاهدُ الوحيد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن