الفصل السادس : بين الأضواء و الظَلام.

1.2K 116 60
                                    

في أعماق الشتاء، اكتشفت أخيرًا أنني أملك صيفًا لا يمكن سلبه مني، ولكن الحب لا يأتي دائمًا في وضح النهار؛ أحيانًا يجب أن نمر عبر الظلام لنكتشف مدى إشراقه
- ألبير كامو، من رواية "الغريب".
_______________________

➤ Asteria

استيقظت اليوم باكرًا رغم الإرهاق الذي يسكن عظامي من تمارين البارحة. المباراة في الظهيرة، وما زال الألم يمتد في عضلاتي، لكنني قررت أنني لن أسمح له بالوقوف في طريقي. كل ما سأفعله هو الوقوف في الصفوف الخلفية، تحريك الشراشف بيدي بعشوائية، والركض للتسخينات... لكنني هنا لأثبت نفسي، حتى لو لم أكن في المقدمة.

الفتيات الأخريات كنَّ مستعدات، على عكسي. كوني "الجديدة" يعني دائمًا ما عليك بذل جهد إضافي.

حملت هاتفي وأغراضي، ألقيت نظرة على نفسي في المرآة. وضعت القليل من أحمر الشفاه الذي كنت أملكه. اللون كان فاقعًا جدًا، وملفتًا للانتباه. لا أجيد استخدام المكياج، لكن أحمر الشفاه؟ كان سهلًا بما يكفي. حدّدت شفتيّ الممتلئتين بعناية، ثم رفعت نظري إلى انعكاس شريكتي في الغرفة.

كايلا، الشريكة المجنونة، كانت منشغلة بلعبتها كالمعتاد. أصابعها تتحرك بسرعة على لوحة المفاتيح، وتصرخ في سماعاتها. يوم عطلة؟ بالنسبة لها، هو يوم آخر للصراخ على أحدهم عبر الإنترنت.

عرفت من مكالمتها البارحة أنها أكبر مني بعام واحد، لكنها رسبت وأعادت السنة. لست بحاجة للكثير من الذكاء لمعرفة سبب ذلك.

أعدت شعري إلى الخلف، أسدلته بحرية ليمنحني شعورًا بالراحة. الملابس التي أعطونا إياها البارحة لا تزال واسعة عليّ. كانت تخص إحدى المشجعات الغائبات. أخذت إبرة وخيطًا وقمت بتعديلها حتى تناسبني تمامًا. التنورة البنفسجية والقميص بلا أكمام، بخطوط بيضاء تحمل اسم فريق المشجعات "Cheersleader" واسم الفريق "فلاش" على الظهر. الحذاء الرياضي أكمل المظهر، وأنا الآن جاهزة تقريبًا.

أوه، الشراشف.

سحبت شراشف اليد من الدرج-باللون البنفسجي والأبيض-وضعتها في حقيبتي كي لا أنساها. أخذت نفسًا عميقًا، شعرت بنفسي ممتلئة بالطاقة. أغلقت الباب خلفي وبدأت المشي في الرواق الهادئ. لا شيء أفضل من هدوء المبنى في أيام العطلة. الأمر أشبه بالتجول في مدينة مهجورة، وهذا بالضبط ما كنت أحتاجه قبل المباراة.

لكن، وكالعادة، لم يدُم الهدوء طويلًا. عند الدرج، رفعت نظري لأصادف ثلاثة شُبان. كانوا يتحدثون بصوت منخفض، بينهم كان يقف "إيريك" - العاهر، حبيب تلك الفتاة... ليلي؟ أو ربما ليليث؟ لا أتذكر اسمها حتى.

تلك اللحظة، علمت أن وجه النحس لن يجعل اليوم يكون عاديًا.

وضعت ملامح جامدة بينما مررت بجانبهم، متجاهلة صفيرهم والكلمات التي خرجت من أفواههم. لم أكلف نفسي عناء سماع ما يقولون. كل ما فعلته هو إخراج سماعاتي القديمة، ذات الخيوط المتشابكة، وأدخلت الكابل في الهاتف. بمجرد تشغيل أغنية "Fetish" لسيلينا غوميز، الأنغام تغلغلت في مسامعي وأخذتني بعيدًا عن الواقع. ركضت بخفة عندما لمحت الحافلة على وشك المغادرة، ونجحت في الوصول إليها في اللحظة الأخيرة.

in another life.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن