الفصل العاشر : عودَة.

1.3K 108 99
                                    

نبض قلبه مع صدى الألم العائد، وعرف حينها أن الموت كان الرحمة الوحيدة التي هربت منه.
_______________

➤ Asteria

جلست على الكرسي، أراقب المشهد من حولي. رجال يُسحبون إلى السجن وهم يصرخون بجنون، ووجوه الشرطيين المملة التي لا تظهر أي تعبير. نظراتي انتقلت إلى الشرطي الذي يجلس خلف المكتب أمامي، عيناه باردة، وكأنه ينتظر بفارغ الصبر سماع شكواي.

أمسكت بحقيبتي بحذر، وأخرجت الرسالة التي عثرت عليها ليلة البارحة. تلك الرسالة اللعينة التي سلبتني النوم تمامًا. ليلة كاملة قضيتها محاصرة بين أفكاري الثقيلة، وعقلي الذي رغم تأثير الكحول عليه، لم يستطع تجاهل المكتوب. ظللت جالسة، ممسكة بمسدسي، خائفة من أن يظهر أحدهم ويضع الرسالة بنفسه في غرفتي. أدركت لاحقًا أنه لم يفعل ذلك بالطريقة التقليدية. لا، لقد دُست الرسالة ببراعة تحت الباب.

بدأت الشكوك تتسلل إلى عقلي. إيريك؟ ربما. رايدر؟ لا أستبعده. حتى ليليث قد تكون وراء هذه اللعبة السخيفة. أو ربما أحد المرضى النفسيين يحاول إخافتي. لكن هناك شيء ما... الكلمات، الطريقة التي كتبت بها الرسالة، جعلتني أفكر للحظة أنه قد يكون هو... الرجل ذو العينين الخضراوين. لكن، لم يكن ليزعجني برسالة إذا أراد التحدث، فبإمكانه مواجهتي وجهاً لوجه. أعرفه جيداً، ذلك الرجل لا يعرف الخوف.

تنفست بعمق وحاولت الحفاظ على هدوئي. "تلقيت رسالة البارحة... لا أعرف من أرسلها، ولهذا أود تقديم شكوى للتحقيق في الأمر." وضعت الرسالة على المكتب أمامه، يدي كانت ترتجف قليلاً.

الشرطي أخذ الرسالة ببرود، وبدأ يقرأها بعناية. راقبته بحذر، عيناي لا تفارقان تعابير وجهه. هل سيأخذ الأمر بجدية؟ رفع رأسه لي بلحظة، وابتسم قبل أن يصدر ضحكة قصيرة. "جاك! تعال هنا."

نظرت بدهشة بينما اقترب شرطي آخر، بطنه منتفخة والدونات تتساقط من يده بفوضى. أخذ الرسالة وقرأها هو الآخر، قبل أن ينفجر ضاحكاً. "هذا مسلي للغاية!" قال، وعيناه تلمعان بالضحك، وابتسامة واسعة تملأ وجهه الممتلئ.

رفع رأسه لي مجددًا بينما لا يزال يمضغ بشكل مُقرف للنظر. "يبدو أنه مجرد مقلب، لا تقلقي. هذا شائع هنا."

"لكن..؟" بدأت بالكلام، أحسست بجفاف في حلقي، "أنا لا أملك الكثير من الأصدقاء، لماذا قد يقوم أحدهم بمقلب كهذا؟"

نظر إلي الشرطي بابتسامة فاترة، و بصوت غير مبالٍ، "أنتِ في نيويورك يا آنسة، كل شيء ممكن هنا. نحن لا نستطيع التحرك بناءً على رسالة واحدة فقط، خصوصًا إذا كانت بهذا الأسلوب السخيف والمبتذل."

تحولت ملامحي تدريجيًا من القلق إلى الجمود البارد. حدقت في وجهه للحظات، ثم قلت بنبرة السخرية والغضب المكتوم، "هل الدماء والعنف شيء مضحك بالنسبة لك؟"

in another life.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن