الخَاتمة.

1.7K 157 74
                                    

➤ Asteria

بعد أربعة أشهر

وقفت أمام المرآة، أراقب انعكاسي بتوتر. عقدت يديّ أمام صدري في محاولة يائسة لوقف الارتجاف الذي سيطر عليهما. الفستان الأبيض الطويل ينساب حول جسدي كما تخيلته دومًا، لكنه الآن يبدو وكأنه يثقلني أكثر مما يحتضنني. كل لمسة من القماش البارد على جلدي تذكرني بقيد غير مرئي، وكل حركة تبدو وكأنها تستنزف طاقتي.

نظرت إلى نفسي، ارتباك واضح في عينيّ. "أنا متزوجة بالفعل، ما الذي يخيفني الآن؟ يا لغباوتي!" رغم كل شيء. اليوم هو يومي الذي كنت أنتظره منذ وقت طويل، لكن مجرد فكرة أنني سأصبح زوجة دينية لأكسيل جعلت كل خطوة في هذا الفستان تزداد ثقلاً. ابتسمت لنفسي ابتسامة مرتبكة، أحاول إقناع نفسي بأن كل شيء بخير.

في تلك اللحظة، فُتح الباب ببطء خلفي. صوت أمي اللطيف اخترق الصمت الذي يحيط بي. "أستريا، تبدين جميلة جدًا." تقدمت بخطوات هادئة نحو المرآة ووقفت بجانبي، عيناها تلتقيان بعينيّ من خلال الانعكاس. في نظرتها مزيج من السعادة والقلق. كانت أمي قد تحسنت بشكل ملحوظ خلال الأشهر الماضية؛ بدأت تتفاعل مع العالم الخارجي من جديد. تلك الصدمة التي سلبتها الكثير بدأت تتلاشى تدريجيًا. لم تعد محصورة في دائرة أكسيل، أبي وأنا. صارت قادرة على التواصل من جديد. نوباتها أصبحت أقل، وشعرها الكستنائي الذي تأثر بعوامل الزمن ظل يحيط بوجهها الجميل.

"أمي..." همست بالكاد، كأن الكلمة تخرج من أعماق قلبي. للحظة شعرت وكأنني طفلة من جديد، أحتاج إلى حضنها الذي كان ملجأ لي من كل خوف.

"حبيبتي، كل شيء سيكون على ما يرام. هذا يومك، لا تدعي القلق يُفسد فرحتك. ولا تنسي أنكِ متزوجة بالفعل، هذا مجرد احتفال."

وفي تلك اللحظة دخلت إيشاني بخفة، ابتسامتها الواسعة أشعرتني بشيء من الراحة. "دعيني أساعدكِ، يا عزيزتي." همست وهي تبدأ بترتيب الطرحة فوق رأسي، بحذر.

نظرت إليهما، القلق يطغى على قلبي. "لكن... أين هو؟" تساءلت في داخلي، بينما عينيّ تبحثان في كل زاوية من الغرفة. أبي... لوكا. وحده كان القادر على تهدئة العاصفة التي تشتعل بداخلي.

تنفست بعمق، محاولة تهدئة نبضات قلبي المتسارعة. كنت بحاجة لرؤيته الآن أكثر من أي وقت مضى. وكأن القدر استجاب لمناجاتي، سمعت صوت الباب يُفتح بهدوء. وعندما التفتّ، كان هو. أبي.

كان يقف هناك، طويل القامة، عريض الكتفين، بعينيه السوداوين اللامعتين، ينبعث منهما دفء لا يمكن إخفاؤه. كان ينظر إليّ بمزيج من الفخر والحنان، وكأن كل التوتر الذي شعرت به طوال اليوم بدأ يتلاشى ببطء. شعرت بغصة في حلقي، تلك الغصة التي تجعلني أدرك أنني أمام الشخص الوحيد الذي يُشعرني بالأمان الكامل.

in another life.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن