الفصل الثامن و العشرون : سهُو.

1.1K 99 6
                                    

بينما تتساقط الأوراق كأسرار قديمة، تستمع الرياح إلى همسات الأرواح التي تجوب الزمان، تبحث عن وطن لم يكتمل بعد.
____________

➤ Asteria

العرق يتصبب على وجهي وقلبي يكاد ينفجر من شدة الخفقان. الشمس المتدلية نحو الأفق ترسم ظلالًا طويلة على الرمال المتوهجة، بينما الرياح المحملة برائحة البحر المالح تلفح وجهي. أصوات الأمواج المتلاطمة تتردد في الأجواء، لكن كل ذلك بدا بعيدًا وأنا ونيكولا واقفتان وجهاً لوجه. عيناها الباردتان تخترقانني، تحاول استفزازي.

"هيا، أستريا، ركزي" صوتها كان حادًا وثابتًا، بينما غضبي يتزايد. مرات عديدة طرحتني أرضاً، وكأنها تلهو بي. مع كل هجوم، كانت تتفادى ضرباتي بسهولة، وترد علي في نقاط ضعفي، فتدفعني أرضاً وكأني لعبة بيدها.

وقفت مرة أخرى، متجاهلة الألم الذي يغزو جسدي، ويداي ترتجفان من الجهد والإحباط. هذه المرة لن أدعها تتفوق علي.

انطلقت نحوها بسرعة، قبضتا يدي مشدودتان. تحركت نيكولا بخفة، كما توقعت. أطلقت ضربة قوية باتجاه رأسها، لكنها تفادت الضربة كعادتها. وفي لحظة، شعرت بها تقترب مني. ضربتني في جانبي، والوجع اشتعل في جسدي كالنار. سقطت على ركبتي مجددًا.

"أستريا، إن لم تتحكمي بغضبك، لن تنتصري أبداً." قالتها ببرود، مما أشعل شرارة الغضب بداخلي. لم يعد الأمر مجرد تدريب، لم تعد نيكولا مجرد مدربة. كانت خصماً، و عليّ هزيمتها.

انطلقت نحوها مجددًا، لكن هذه المرة كنت ممتلئة بالغضب، لم أحاول أن أكون دقيقة. كنت أضرب بعنف وبكل ما أملك من قوة. قبضتي اصطدمت بذراعها، ثم بكتفها، وهي تحاول التفادي بصعوبة.

أمسكت بمعصمها وألقيتها على الرمال، صوت اصطدامها بالأرض جاء عاليًا. جلست فوقها، ضاغطة ركبتي على صدرها. كانت تقاوم، لكنني كنت أثقل.

فجأة، سمعت صوتاً رجولياً من خلفي، "أستريا." لم أعره أي انتباه. ذراع قوية تحيط بخصري وتبعدني عنها بسهولة. أنفاسي كانت متلاحقة، كنت أنظر حولي باضطراب. لا أدري ما الذي أصابني.

"هل أنت بخير، نيكولا؟" اقترب أكسيل منها، مساعداً إياها على الوقوف. رفعت نظراتي نحوه، رأيت نظراته تتقابل مع نظراتي. اللعنة، ماذا فعلت؟ يبدو أنني آذيتها. مسحت وجهي بسرعة وهمست: "آسفة."

"لا بأس، دعينا نأخذ استراحة." قالتها نيكولا وهي تنفض الرمال عن ملابسها، ثم اتجهت نحو المجموعة التي كانت تتأهب لعملية الغد.

تنفست بعمق، واضعة يدي على خصري. رفعت نظري نحو أكسيل. كان قد خرج لتوه من البحر بعد أن كان يركب الأمواج. شعرت بتوتر غريب يجتاحني، فتراجعت خطوة للخلف. "لقد... انفعلت."

"ليس مبررًا." قالها أكسيل ببرود.

أغمضت عيني ونفيت برأسي، "لا تلمني، لقد فقدت أعصابي منذ البارحة."

in another life.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن