الفصل الثلاثون : لستُ جُثة.

948 91 23
                                    

يعودون ليكتبوا النهاية بأيديهم.
_______________

➤ Luca ☆

قبل 9 سنوات

روسيا.

تردد صوت الأجهزة في الأجواء كما لو كانت خطوات بعيدة، ثقيلة، تقترب ببطء. كنت عالقًا بين الحلم واليقظة، صوت غريب يتردد في أذني. قريب، لكنه بعيد في نفس الوقت. لم أكن متأكدًا إذا ما كنت قادرًا على فتح عيني، هناك ثقلًا غير عادي يسحب جفوني نحو الظلام.

أول إحساس اجتاحني كان البرد، بارد لدرجة مزعجة وكأنه خدر يسري في كل جسدي. أين أنا؟ ما هذا المكان؟ هل جسدي موجود حقًا؟ حاولت أن أجمع شتات ذاكرتي، لكن كل شيء كان مشوشًا، ضبابيًا. أصوات مشوشة، وجوه عابرة، وذاكرة الألم الحاد في صدري—الألم الذي كان آخر شيء شعرت به.

بعد جهد جهيد، جمعت ما تبقى لي من قوة، وحاولت أن أفتح عيني. الضوء خافت لكنه قاسٍ، كأن عيني لم تعتادا عليه بعد. ببطء، عادت حواسي. صوت الأجهزة الهادئ، الرائحة المعقمة للمكان، وخفقات قلبي البطيئة تشق صدري كأنها إشارة حياة واهية.

"أين أنا؟" همست، بصوت ثقيل، أشعر بأن جسدي مشلول، حاولت تحريك أطرافي لكن بلا فائدة.

"لقد عدت." جاءني صوت أجش من أمامي. رفعت رأسي ببطء باتجاه الصوت. كان هناك رجل يجلس بهدوء، نظارات سوداء تغطي عينيه، شعره الشائب يوحي بالسنين الثقيلة التي مرت عليه. أبي...

نظرت إليه لدقائق، لم أستطع التعرف عليه في البداية. لكن تدريجيًا، عادت الذكريات. اجتاحني سيل من الذكريات والألم، زوي... نجمتي. اندفعت من السرير في محاولة يائسة للنهوض، لكن...

"ابقَ مكانك." قالها بهدوء، وضع يده الثقيلة على كتفي. رمقته بنظرة مشتعلة بالغضب، ثم تجاهلته، كل ما يشغلني هو باب الغرفة، لدي مهمة واحدة، العثور على زوي.

"لقد ماتت." نطقها بصوت خافت، لكن تلك الكلمات اخترقتني كسهم مسموم. توقفت قدماي، وشعرت أن العالم انهار من حولي. الصدمة... زوي... ماتت؟

التفت إليه، أنفاسي تتسارع وكأنني أختنق. "أنت تكذب..." همست، ثم صرخت: "أنت تكذب!!"

"لا أكذب!" قال بغضب، وضرب عصاه بالأرض. "لقد ماتت. لقد مرت خمس سنوات، لوكا."

خمس سنوات؟ خمس سنوات وأنا نائم؟ نظرت إلى السرير بصمت، غير مصدق. كل خلية في جسدي ارتجفت، وصدرى انقبض بشعور هستيري. دموعي انهمرت دون إرادتي، في حالة صدمة، غير قادر على استيعاب الواقع.

تمنيت حينها...

تمنيت بشدة...

أنني متّ معها.

ما معنى حياتي الآن؟

"زوي..." همست باسمها، وجلست على الكرسي القريب، ويدي تحاصر رأسي. جسدي كله يرتعش. كيف؟

in another life.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن