-رقصة الظلال في ضوء القمر-

20 0 1
                                    

وقفت قدماها النحيلتان التي تبدوان كتحفة من تحف فنان شغوف في الهواء، تشاهد تهدم بيت الزوجين بسبب زلزال عنيف، توفي فيه اكثر من 200شخص و نجى 36 شخص باصابات بليغة...


-"اذن مارأيك؟" قال حاصد الارواح الذي كان يقف الى يسارها...

-"في ماذا؟" قالت وهي تبدو شاردة الذهن

-"في كلام الزوجة"

-"لا اعلم... كان ذلك غريباً" لبثت قليلا ثم اردفت "هذا ليس عملنا، عملنا مرافقة الارواح الى مكانها وليس اخذها الى اين تريد"

-"ادري... "

-"بالمناسبة، لماذا عاملته بقسوة، لم يكن فاسدا لهذه الدرجة؟ "
ظل صامتا لبرهة وركز نظره على السماء المظلمة وبعد ثوان اطلق تنهيدة

"لقد كان ذلك ضروريا. فكلما كان اقل تقبلا، كلما كان من الصعب انتزاع روحه"

صمتت كانت تفكر في امر ما، وتشاور نفسها في امكانية فعله من عدمها... "تبدو صارما وقويا... احب هذا النوع من الرجال"
حين قالت ذلك بنبرة مازحة، ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتيه، لكنها تلاشت على الفور.. "قد يكون المظهر خادعا، فالمظاهر غالبا ماتكون مجرد واجهة، يجب ان تعلمي ذلك افضل من اي شخص اخر، اليس كذلك؟"

-"نعم"

كانت على وشك الذهاب القى عليها نظرة خاطفة درس فيها تعابير وجهها في الضوء الخافت... لسبب ما اراد ان تطول هذه الدردشة العرضية اكثر من ذلك؛

"ليس لديك اسم، ولا حلم ولاهدف... كل ماتفعله كل يوم هو نقل الناس الى حياتهم التالية، لديك لعنة فريدة، لكنها تبقى لعنة على اي حال، الا توافقني الرأي؟"


لقد نجح في جذبها الى الحديث فقد توقفت مكانها رغم انها لم تستدر له لكنها اجابت بهدوء "لكن نحن من صنع هذه اللعنة لأنفسنا، انها ليست ظلما، انها تكفير عن اخطاءنا"

لم يعجبه كلامها... اوربما لم يرد الاعتراف بصوابه، هز رأسه ببطء، اجاب ولمحة من الفهم في صوته؛

"الخطيئة و الخطأ... شيئان نسبيان، بعض الافعال تبدو خاطئة لشخص ولكنها صالحة لشخص اخر؛ لا يوجد مقياس مطلق للخير والشر، فقط وجهات نظر وتفسيرات"

لقد كان كلامه نصف مصيب ونصف خاطء كان كلاهما يعلم ذلك...
صمتت للحظة وكأنها تزن كلامها قبل ان تتحدث اخيرا... كان صوتها الواثق الحنون مهزوزا قليلا وهي تعيد فتح جرحها القديم...

"كل ما اتذكر عن حياتي قبلة حبيبي حين توفيت بين يديه في محاولتي للانتحار... لقد كنت حاملا لكنه لم يكن يعلم بذلك... هذا مثير للشفقة.. ماذا عنك ماذا كانت خطيئتك؟"

"خطيئتي؟" قال ونظرته ثابتة على الافق البعيد، اردف وهو يطأطأ رأسه وينظر الى سيارات الاسعاف والاطفاء والمنقذين الذين يتهافتون على انقاذ من بقي على قيد الحياة "لا اذكر... لكني استطيع ان اقول انني كنت متغطرسا وانانيا، لقد فشلت في تقدير الخير في حياتي... فشلت في تقدير الحب الذي كان امامي مباشرة، وفي غطرستي وكبريائي، تركت كل هذا يفلت من بين اصابعي، ولم ادرك الا بعد فوات الاوان ثقل افعالي ولم اتمكن من التراجع عنها حتى"

استمعت لكلامه للنهاية... لم تحاول مقاطعته...حين اكمل ابتسمت، وقالت بدون تردد "هذا محزن... لابد انك كنت رجلا مرغوبا، هل تعلم ان هناك نساء يحببن اشخاصا مثلك؟" قالت بنبرة نصف جدية ونصف مازحة، لم تفشل ابدا في الابداء عن ذوقها الغريب في الرجال... اما هو فتعبير وجهه اصبح قاتما.. استهزء بتعليقها قائلا...:

"مرغوب؟... لابد انك تمزحين، من العاقل الذي سيحب وحشا باردا ومتغطرسا وانانيا مثلي؟"

-"ربما شخص حنون ودافئ يستطيع اعطاء هذا الوحش فرصة؟"

لقد ضحك بمرارة وصوته اجش يحمله هواء الليل البارد "اه يا للسخرية، انت تتحدث عن اللطف والمودة وهي الصفات التي افتقر اليها بشدة"

"حسنا سررت بلقاءك"، شاهدها وهي تتحول الى فراشة سوداء رشيقة ترفرف في الهواء مثل حلم عابر، بينما تتجه نحو القمر، ويصبح شكلها مجرد صورة ظلية في سماء الليل، لايسعه الا ان يشعر ببعض الغيرة، او ربما كان شيئا اخر...

" الى اين؟ "تمكن من الصراخ بينما تبتعد اكثر فأكثر...

-" اكتشف بنفسك "كان صوت ضحكاتها العذبة همسا تحمله رياح الليل... لقد وجد نفسه مترددا، فكرة اتباعها، وترك رتابة واجباته التي لا تنتهي ولو للحظة وجيزة،اغرته...

-" وماذا ان تبعتك؟ "

-"ساستمر في الابتعاد عنك~"

اطلق زفيرا من الانزعاج من ردها المرح ونبرتها التي تسخر منه، اشتعلت طبيعته التنافسية التي لطالما كبتها وردا على تحديها قال وابتسامة ماكرة تسحب زوايا شفتيه، "هل تعقتدين انني لا استطيع الامساك بك؟" تقدم خطوة في الهواء وقفز وهو يطير بسرعة يضرب جناحيه بخفة للحاق فراشته المشاغبة... "لن تفلتِي من العقاب بسهولة"

...

_no one is just-

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

_no one is just-

حب بدأ حين انتهى💔 | 🥀love that began when it endedحيث تعيش القصص. اكتشف الآن