Part(4)-وهم الحقيقة-

33 6 2
                                    


لا يوجد إجابة...، فقط تمتمات وهمسات الحاضرين. رفع أحدهم يده ليبدي اقتراحه، فأومأ له الرئيس معطياً إياه الإذن للحديث. تنحنح وقال بصوت شبه واثق:
"بما أن المعلومات المقدمة من سيادتك تقول إن الزوجة تريد أن تكون مع زوجها رغماً عن كل شيء، فاقتراحي المتواضع، أن تتنازل الزوجة عن راحتها الأبدية لترافق زوجها في الجحيم."
بعد أن قال ذلك، جلس مجدداً. صمت الرئيس، ويبدو أنه غير مقتنع بهذا الكلام، فأجاب بهدوء دون تعصب:
"نعم... ممكن... نقطة منطقية، لكن هل يبدو لك هذا عادلاً...، أن تخلد امرأة صالحة ورجل عاصي في نفس المكان؟ وينالا نفس الجزاء؟ لماذا إذن على الناس أن يعملوا من أجل آخرتهم إذا كانوا سيحاسبون جميعاً نفس الحساب؟"
أومأ الجميع بصمت وكأنهم يقرّون بصدق ووجاهة كلماته. لم يلبث أحدهم حتى رفع عضو آخر يده، وتكلم بعد أن أعطاه الرئيس الإذن قائلاً:

"ماذا لو عاد الزوجان معاً إلى الحياة بشكل مؤقت، ليعيشا حياة جديدة يُمنح فيها الزوج فرصة لتصحيح أخطائه والقيام بأعمال صالحة. إذا نجح في ذلك، يمكن أن يُعاد التفكير في مصيرهما النهائي."

رفع الرئيس بصره إليه وقال، والجدية تلمع في عينيه بصوت حازم مغلقاً النقاش:
"هذا ليس عملنا وخارج عن سيطرتنا. نحن نرشد الأرواح إلى مكانها، نحن لا نتوفى ولا نحيي، كلكم تعلمون ذلك... أما بالنسبة للزوجين، فكنت أرجو تفادي هذا الحل، لهذا أجريت هذا الاجتماع، لكننا مضطرون لإجراء محاكمة روحية. إلى ذلك الحين، أنجزوا مهامكم بشكل طبيعي، سأرسل لكم موعد المحاكمة لاحقاً... رفعت الجلسة."

في أثناء هذا النقاش، كانت حاصدة الأرواح تحاول جاهدة الحفاظ على الطابع المهني أمام الحاضرين، وبدت وكأنها تتبنى الصرامة المطلوبة في مثل هذه الاجتماعات. لكن داخلها كانت تتألم بصمت، فقد شعرت بشيء من التعاطف مع الزوجة الصالحة، وتمنت لو أن هناك مجالاً للرحمة أو فرصة أخرى، ولو كانت بسيطة، لهذه الروح التي ترغب في التضحية من أجل زوجها.
حاولت إخفاء مشاعرها العميقة، ونظرت إلى الأرض برهة، كأنها تخشى أن تظهر نظرة الشفقة التي تشعر بها للعيان.

أما حاصد الأرواح، فقد كان مركزاً تماماً على عمله، وكعادته التزم بالبرود في ردة فعله، فلم يظهر عليه أي تعاطف أو اهتمام بمصير الأرواح التي يتم مناقشتها. بالنسبة له، هذه القضية لم تكن تعني شيئاً خاصاً، فقد تعوّد على الفصل بين مشاعره وواجباته؛ لا يهمه إن ذهبت الروح إلى الجحيم أو نعيم الأبدية.
لكن وسط تركزه العميق، شرد للحظة، وتشتت انتباهه بشكل غير متوقع وهو ينظر إلى حاصدة الأرواح، لتمر على رأسه ذكرى غامضة أشبه بومضة خاطفة؛ لم يستطع أن يتبين منها سوى صورة امرأة في الشارع تحمل وردة، تبتسم له بابتسامة حنونة.


سرعان ما استعاد تركيزه، ونفض عن عقله تلك الصورة المفاجئة، وراح يتابع الاجتماع وكأن شيئاً لم يكن، متسائلاً عن سبب هذه الذكرى الغريبة التي ظهرت في ذهنه دون مقدمات.

حب بدأ حين انتهى💔 | 🥀love that began when it endedحيث تعيش القصص. اكتشف الآن